الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

السبت، 14 أبريل 2012

صرخة هاني خليفة ..إرشاد أسر ذوي الإعاقات المعرفية

يتطلع  جميع أفراد الأسرة وخصوصاً الوالدين عندما ينتظرون مولوداً جديداً, أن يكون هذا الطفل القادم جميلاً وذكيًا وسليمًا من جميع الجوانب, ولكن تكون الصدمة الكبرى عندما يخبرهم الطبيب بأن طفلهم الجديد معاق عقليا. ويقضي الآباء والأمهات الوقت الطويل في التفكير حول مستقبل طفلهم المعاق وما سيحملون من همه ومن سيرعاه بعدهم إلى غير ذلك من استفسارات تشغيل تفكيرهم.

ويلاحظ من تعريفات الإعاقة العقلية أنها تتضمن :-

* انخفــاض مستوى الأداء العقلي الوظيفي للفرد دون المتوسط بصفة عامة وأن نسبة ذكاء الفرد المتخلف عقلياً أقل من (70) على أحد مقاييس الذكاء المقننة .
* يصاحب هذا الانخفاض قصور في مستوى السلوك التكيفي للفرد وتكون ملازمة معه .
* أن هذا الانخفاض في مستوى الأداء العقلي دون المتوسط والقصور في مستوى السلوك التكيفي للفرد تظهر أثناء فترة النمو الأولى أي قبل سن الثامنة عشرة من العمر .

إرشاد أسر الأفراد المعاقين عقلياً

يعتبر التعامل مع الإعاقة العقلية أمراً مربكاً وصعباً. ويعبر عن هذا بقوله: يستطيع الشخص المبصر أن يتخيل كونه كفيفًا أو أن يعيش تلك التجربة بأن يعصب عينيه ويتحرك في مكان جديد بالنسبة له, وكذلك الحال مع الصمم وبقية الإعاقات الجسمية ولكن لا يمكن للإنسان أن يلغي العمليات العقلية العليا لديه أو أن يتناسى مؤقتاً كل ما تعلمه لذلك فمن الصعب جداً التعامل مع الإعاقة العقلية.
ردود فعل الوالدين واتجاهاتهم:
بناء على الوضع النفسي والجسدي المرهق الذي تعيشه الأسرة يمكن تلخيص ردود فعل الأسرة أو اتجاهاتهم نحو الطفل المعاق عقليا كما يلي:
1- الاتجاه السلبي: نلاحظ أن بعض الأسر لم تكن تتوقع أن يكون لديها طفل معاق ولذلك فهي لا تتقبل هذا الوضع المؤلم وتتهرب منه و ترفضه بأشكال شتى كأن يتبادل الزوجان التهم حول السبب في وجود الطفل المعاق وقد يستمر ذلك طويلاً وتتحول البيئة الأسرية إلى جحيم لا يطاق.

2- عدم الاكتراث والإهمال:
لوحظ أن بعض الأسر يتكون لديهم اتجاهات سلبية نحو طفلهم المعاق. فلا يتقبلونه إطلاقاً وهذا الاتجاه يؤدي إلى إهمالهم له بدرجة كبيرة, فلا يكترثون لمظهره وملابسه وطعامه ولا يوفرون له العناية الصحية الكافية ويحاولون إخفاءه من حياتهم اليومية. كوضعه في مؤسسة داخلية للمعاقين أو إبعاده عن أنشطة الأسرة وخصوصًا الاجتماعية منها. مما يؤدي إلي زيادة درجة إعاقته. لذا كان لا بدّ من وجود البرامج الإعلامية والتثقيفية المستمرة لأهالي المعاقين.

3-الاهتمام الزائد بالطفل المعاق: 
يتكون لدى بعض الأسر اتجاهات مغايرة للاتجاهات حيث أن أحد الوالدين أو كلاهما يبدي اهتمامًا زائداً في الرعاية والعناية بطفله المعاق؛ مما يعيق برامجه التعليمية والتدريبية وتنشئته السليمة ويعود ذلك لشعور الوالدين بالإثم والذنب حيث يعتقد أحد الوالدين أو كلاهما بأنه السبب في وجود الإعاقة عند الطفل. وبصورة خاصة عندما تنجب الأم طفلاً معاقاً وهي في سن الأربعين أو أكثر أو لاعتقادها بأنها تناولت دواءً في مرحلة الحمل أو كانت تكثر من المشروبات أو التدخين أو أنها تعرضت لأشعة اكس خلال الحمل إلى غير ذلك من الاعتقادات التي تسيطر على الأم وإذا سيطرت مثل هذه الاتجاهات على الوالدين أو كلاهما (الريحاني ورفاقه، 2010).

مرحلة التشخيص:
تعتبر أصعب المراحل بالنسبة للأهل هي عندما يتم تشخيص الطفل لأول مرة على أنه معاق عقلياً بحيث لا يمكنهم تقبل الأمر بسهولة وواقعية حيث يحتاج الأهل في هذه المرحلة إلى الدعم والتشجيع النفسي والمساعدة في التخطيط للتغييرات المصاحبة لوضعهم واتخاذ القرار المناسب فيما يتعلق بالتوجه الذي سيتخذونه.

مستويات وعي الأهل:
تختلف طبيعة وأسلوب الإرشاد حسب وعي الأهل فهناك ثلاثة مستويات لوعي الأهل ويمكن تحديد هذه المستويات من خلال عدة خصائص هي:
أ-الوعي الكامل:
1-يصرح الأهل بأن الطفل معاق عقلياً.
2-يدرك الأهل أن أي طرق للمعالجة ستكون محددة.
3- يطلب الأهل معلومات حول طرق الرعاية الملائمة والتدريب أو إدخال الطفل إلى مؤسسة للرعاية الخاصة.
ب-الوعي الجزئي:
1-يدرك الأهل أعراض الإعاقة مع تساؤل عن أسبابها.
2-يأمل الأهل بتحسن الحالة ولكن يخافون عدم جدوى العلاج .
3- الأهل هنا غير متأكدين من كونهم قادرين على التعامل مع المشكلة .
4-يرى المختص أن الأهل لديهم وعي غير كامل من ناحية إدراكهم لمشكلة طفلهم .

ج-الوعي الأدنى:
1-يرفض الأهل اعتبار بعض الخصائص والصفات أنها غير طبيعية
2-يعزو الأهل الأعراض إلي أسبابها وليس إلي وجود الإعاقة .
3-يعتقد الأهل أن العلاج سيجعل الطفل طبيعيا.

الخدمات الإرشادية والدعم لأسر الأطفال المعاقين عقليًا:
يستطيع المرشدون استخدام نوعين من الإرشاد الفردي أو الجمعي في عملية الإرشاد لأسر المعاقين عقليا ويعتمد اختيار الأسلوب على طبيعة وخصائص الأسر وحاجاتهم.
1 – الإرشاد الفردي:
يستخدم مع الوالدين ذوي الحاجات الفردية الواضحة وهم يتميزون بخصائص نفسية وسلوكية تستدعي الانتباه والمعالجة الفردية. حيث يستفيد منه الوالدان الذين يبدون ميلا للاعتماد العاطفي أو يتميزون بوجود نزعات عصبية أو ذهنية أو عدوانية . حيث أن وجودهم مع الجماعة في حالة الإرشاد الجمعي قد يؤدي إلى تفكك الجماعة بسبب إصرارهم على لفت الانتباه لحاجاتهم الشخصية لذلك فالإرشاد الفردي يسمح للمرشد بان يكيف العملية الإرشادية لتناسب حاجات المسترشد وتمكنه من السيطرة وضبط إشباع حاجاته الخاصة.

2 – الإرشاد الجمعي:
يهدف إلى إعادة تكامل الشخصية وتكيفها مع الواقع والحقيقة ويستخدم كذلك لتقديم المعلومات. فيعمل المرشد على استخدام الأساليب والعمليات الإرشادية والتربوية الجماعية من اجل العمل على خفض التوتر وفهم سلوك الطفل المعاق والمساعدة في التعرف على الأساليب المناسبة لمعالجة القضايا والمشاكل المحددة للطفل.
ومن القضايا التي يعالجها الإرشاد الجمعي قبول الوالدين للطفل المعاق والتحرر من مشاعر الذنب والخجل والعار وتعديل طموحاتهم الخاصة بالطفل المعاق بشكل يتناسب وقدراته الحقيقية وتجنب تدليل الطفل وإعطائه مزيدا من الرعاية التي قد تؤثر في اتجاهات الإخوة نحوه وتؤثر في علاقاتهم معه . (يحيى، 2010).
التدخلات الإرشادية مع المعاقين عقلياً
تعتمد فاعلية الخدمات الإرشادية المقدمة للأفراد المعاقين عقليا على دقة التقييم ودقة تعرف المشكلة ولذلك فإنه وقبل تقديم الخدمات لا بد من توافر معلومات كافية حتى نضمن فرصة تحقيق النجاح. يلعب الكشف والتشخيص المبكر للإعاقة العقلية وتحديد آثارها على المظاهر النمائية المختلفة دورا مهما في زيادة فاعلية الخدمات الإرشادية . وفي واقع الأمر فان الخدمات الإرشادية تأخذ أشكالا مختلفة ونشير فيما يلي إلى بعض تلك الخدمات التي يمكن الاستفادة منها في مجال إرشاد المعاقين عقليا وأسرهم:

1 -خدمات الإرشاد النفسي :
تهدف خدمات الإرشاد النفسي للأفراد المعاقين عقليا إلى مساعدتهم على كسب المهارات التكيفية وتنمية مظاهر الشخصية المختلفة 
المتأثرة بطبيعة الإعاقة العقلية.
2- التدريب على مهارات الحياة:
لكي يتم التدريب على مهارات الحياة, فإن هذا يتطلب تقييما لمستوى أداء المهارات من جهة, والتأكد من دافعية الطفل المعاق عقليا من جهة أخرى.
3 - التدريب على المهارات الاجتماعية :
إذا كان الهدف من تعليم المعاق عقليا هو إعداده للعيش في المجتمع, فإن هذا الهدف يتطلب إدخال وتعليم المهارات الاجتماعية ضمن المنهج واعتبارها جزءا لا يتجزأ منه.
4- تدريب الرفاق:
لا يوجد تدخل يساعد الأفراد المعاقين عقليا في الدمج مع المجتمع إذا لم يتقبلهم المجتمع نفسه, وهذا يتحقق في الأوضاع التربوية من خلال تعريض كافة الأفراد المعاقين عقليا إلى بيئات الدمج الاجتماعي. 
5- الإرشاد والتوجيه المهني :
تهدف خدمات التوجيه والإرشاد المهني إلى مساعدة الأفراد المعاقين عقليا على اختيار مهنه مناسبة لطبيعة قدراتهم كما ويهدف إلى مساعدتهم على التكيف مع متطلبات المهنة وإتقان مهاراتها. 
6- التدخلات التربوية الخاصة :
هنالك العديد من التدخلات النفسية والاجتماعية التي يمكن أن تقدم في الأوضاع التربوية, فالتعليم الصفي غالبا ما يستند إلى مناهج المهارات الوظيفية المصممة للتعليم الفردي والعيش في المجتمع الموحد. وتصميم التدخلات التربوية الخاصة واعتمادا على نتائج التقييم التربوي والنفسي للطفل المعاق عقليا.
7- الإرشاد الأسري:
يؤدي وجود طفل معاق عقليا في الأسرة إلى الاضطراب النفسي وإرباك نظام الأسرة والخطط المستقبلية لأعضائها. فعندما يشعر الآباء بأن طفلهم يعاني من صعوبات فإن هذا يدفع بهم إلى اللجوء إلى الأطباء لتحديد الحالة الصحية لطفلهم. وإذا كان الآباء لا توجد لديهم الخبرة في التعامل مع مثل هذه الحالات فإن هذا يؤدي إلى الشعور بالأذى. وفي العموم, فإن عملية فهم أن الطفل معاق عقليا تتطلب الوقت والجهد وهذا في النهاية يعكس مدى حاجة الآباء إلى خدمات إرشادية ومعلوماتية توعوية بطبيعتها حول خصائص الطفل وأسباب الإعاقة والخدمات التي يمكن أن يحصلوا عليها, وحقوق الطفل وحقوق الأسرة. ***
مع تحيات هاني خليفة 
hany.moaz@yahoo.com

صرخة هاني خليفة ...مناجاة طفل و صرخة أم


الانقطاع عن العمل .... صرخة هاني خليفة


صرخة هاني خليفة...كيف تعامل الإسلام مع المعاقين ؟


الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما أما بعد : 
بداية لابد من التعرف على لفظ إعاقة ، ورد في القاموس المحيط العَوْقُ : الحبس والصرف والتثبيط ، ويقول صاحب مختار الصحاح : عوق ( عاقة) عن كذا ، حبسه عنه وصرفه ، وكانوا فيما مضى يسمون بالمقعدين ثم أطلقوا عليهم لفظ ذوي العاهات ثم مسمى العاجزين، ولما تطورت النظرة إليهم على أنهم ليسوا عاجزين لأن المجتمع هو الذي عجز عن استيعابهم وعجز عن تقبلهم وعجز عن الاستفادة منهم مما قد يزيد هوة عدم التعرف على مميزات أو مواهب أو صفات أو قدرات لديهم يمكن تنميتها وتدريبها بحيث يتكيفون مع مجتمعهم رغم عاهاتهم ، بل ربما يفوقون غيرهم ممن نطلق عليهم تجاوزاً الأسوياء ، أي عندما أدرك المجتمع أنه هو الذي يحوي تلك العوائق التي تمنع المعاقين من التكيف معه غيّر المجتمع نظرته تجاه المعاقين ، عندئذ أصبحت المراجع العلمية والهيئات المتخصصة تسميهم المعاقون بمعنى وجود عائق يعوقهم عن التكيف مع المجتمع ، وبهذا أصبحت كلمة معوق لا يقتصر مفهوماً على المعاقين عن الكسب والعمل فقط أيضاً عن التكيف نفسياً واجتماعياً مع البيئة ، ولا شك أن التسميات السلبية مثل المكفوفون ، الصم ، المشلولون ، المتلفون في أدمغتهم ، والمتخلفون عقلياً وغيرها تترك أثراً سلبياً يلصق بالطفل حتى يكبر ووصمة تؤثر على علاقته الاجتماعية تأثيراً بالغاً، ولكن التسميات الإيجابية مثل ذوو الاحتياجات الخاصة أو ذو الصعوبات تعطي انطباعاًً وتفاعلاً جيداً لمثل هؤلاء مع المجتمع وهذه المسميات أيدتها دراسات وتقارير وتقديرات أفادت العاملين مع هؤلاء وكذلك المجتمع بكامله ، والإسلام قد حثنا على اختيار الأسماء والكنى الجميلة والجيدة ومناداة الإنسان بأحب الأسماء إليه فالمسلم لا يحب لأخيه المسلم إلا ما يحب لنفسه كما أوضح أن إدخال السرور على المسلم مما يؤجر عليه . 

وعندما نتتبع أحوال هؤلاء المعاقين عبر العصور نجد في التاريخ القديم أنه في الدولة الرومانية التي تميزت بالصبغة الحربية عملت على التخلص من المعوقين حيث وصف القانون الروماني الأصم بالعته والبلاهة ، وقديماً كان الفراعنة يتخلصون من الأطفال المعاقين ولكنهم مع مرور الزمن اصطبغت قوانينهم بالروح الإنسانية فنجحوا في استخدام بعض العقاقير الطبية التي تستخدم في علاج بعض حالات ضعف السمع ، وكان الفيلسوف آرسطو يرى أن أصحاب الإعاقة السمعية لا يمكن تعليمهم وكذلك أفلاطون يرى إخراج المعاقين من مدينته الفاضلة لأنهم لا يؤدون المطلوب منهم لنجاح هذه المدينة ، وكان القانون الإنجليزي القديم يحرم بعض فئات المعاقين من الحقوق والواجبات التي لهم. 

أما في العهد الإسلامي فقد اهتم الإسلام اهتماماً كبيراً بكل فئات المجتمع وحرص المسلمون على الرعاية الكاملة للضعفاء وذوو الاحتياجات الخاصة فلو افترضنا أن في المجتمع فئة قليلة من الناس ذوو احتياجات خاصة تكاد لا تذكر فإن هذه القلة تحت نظام الإسلام وحمايته ستجد من يقف جانبها ويساعدها ، وعليه جاءت الآيات الكريمة في كتاب الله تعالى لتؤكد للجميع أن الله تعالى يحث على نصرة الضعيف وإعانته قدر الاستطاعة . 

والمتأمل في آيات الله تعالى يجد نفسه أمام آيات كثيرة توحي بهذا المعنى قال تعالى : {ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج إذا نصحوا لله ورسوله ما على المحسنين من سبيل والله غفور رحيم } التوبة :91 تدل الآية دلالة واضحة على أن الضعفاء والمرضى ليس عليهم أية مشقة إذا لم يقاتلوا مع إخوانهم الأصحاء. 

وقد تكرر في القرآن لفظ :{ ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج}، ففي الموضع الأول في آية 61 من سورة النور ، يعني عدم الحرج في مسألة الأكل والشرب في بيوت الأقارب ، والموضع الثاني في آية 17 من سورة الفتح ويقصد عدم الحرج عندما يتخلفون عن المعارك فإن لهم العذر المقبول عند الله ، ففي زمن صدر الإسلام نجد أنفسنا أمام منزلة كبيرة وضعها الله سبحانه لهؤلاء الضعفاء ولعله من المناسب أن نذكر مكانة هؤلاء عند الله بعد أن آمنوا به وبرسوله ونصروا الدعوة الإسلامية منذ بدايتها وتحملوا في سبيلها الكثير ، إن المتأمل في القرآن الكريم يجد أمامه مثلاً إيجابياً من أمثلة الاهتمام والرعاية ، وهذا المثل القائم والخالد بخلود كتاب الله تعالى وهو عتاب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم في قصة عبد الله بن أم مكتوم ذلك الأعمى الذي حضر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليجلس معه كما تعود فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعدم فراغه وانشغاله بدعوة كفار مكة وسادتها ومحاولة جذبهم إلى توحيد الله وأدار وجهه عنه والتفت إليهم ، وبالطبع لم يرى ابن أم مكتوم ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه أعمى ، فجاء عتاب الله لنبيه:{عبس وتولى ، أن جاءه الأعمى ....}الآيات، وبهذه الآيات البينات أوضح الله تعالى لنبيه ولأمته أن المؤمن الضرير الكفيف هو أطيب عند الله من هؤلاء الصناديد الكفرة ، فكان صلى الله عليه وسلم كلما رآه هش له ورحب وقال :[ أهلاً بمن عاتبني فيه ربي... ] ، ورغم فقر ابن أم مكتوم وثراء هؤلاء القوم إلا أنه عند الله أثقل ميزاناً وأحسن حالاً وأفضل مقاماً وربما يكون ابن أم مكتوم نبراساً لهؤلاء الضعفاء وكذلك الأغنياء . 

ولا نبالغ إذا قلنا أن الخليفة عمر بن عبد العزيز قد حث على إحصاء عدد المعوقين في الدولة الإسلامية ، ووضع الإمام أبو حنيفة تشريعاً يقضي بأن بيت مال المسلمين مسئول عن النفقة على المعوقين ، أما الخليفة الوليد بن عبد الملك فقد بنى أول مستشفى للمجذومين عام 88 هـ وأعطى كل مقعد خادماً وكل أعمى قائداً ولما ولى الوليد إسحاق بن قبيصة الخزاعي ديوان الزمنى بدمشق قال : لأدعن الزّمِن أحب إلى أهله من الصحيح ، وكان يؤتى بالزمِن حتى يوضع في يده الصدقة ، والأمويون عامة أنشئوا مستشفيات للمجانين والبلهاء فأنشأ الخليفة المأمون مآوٍ للعميان والنساء العاجزات في بغداد والمدن الكبيرة ،وقام السلطان قلاوون ببناء بيمارستان لرعاية المعوقين ، بل وكتب كثير من علماء المسلمين عن المعاقين مما يدل على اهتمامهم بهم مثل : الرازي الذي صنف ( درجات فقدان السمع ) وشرح ابن سينا أسباب حدوث الصمم . 

بل إن من العلماء المسلمين من كان يعاني من إعاقة ومع هذا لم يؤثر ذلك عليهم بل أصبحوا أعلاماً ينصرون هذا الدين بالقول والفعل فمنهم : 
1. أبان بن عثمان ، كان لديه ضعف في السمع ومع هذا كان عالماً فقيهاً 
2. محمد بن سيرين ، كان ذو صعوبة سمع شديدة ومع هذا كان راوياً للحديث ومعبراً للرؤى . 
3. دعبل الخزاعي . 
4. القاضي عبده السليماني . 
5. عبد الرحمن بن هرمز الأعرج . 
6. حاتم الأصم . 
7. سليمان بن مهران الأعمش . 
8. أبو العباس الأصم . 
وفي هذا الزمان نجد أمثلة كثيرة ومنهم : سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله مع أنه كان فاقداً للبصر إلا أنه كان إماماً زاهداً ورعاً ناصراً للدين . 

دمج المعاق في المجتمع كيف قرره القران الكريم والسنة النبوية ؟ 

وقد أعطى الإسلام لهؤلاء المعاقين حقوقهم فحرص على دمج المعاق في مجتمعه ، فقد ولى الرسول صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم على المدينة عندما خرج لإحدى غزواته ، كما يتجه الإسلام إلى المجتمع والمحيط الذي يعيش فيه المعاق فيعلمهم ويربيهم على السلوك الذي يجب عليهم أن يسلكوه في معاملتهم لإخوانهم وأهليهم من ذوي العاهات فهو يعلن بصريح العبارة أن ما حل بإخوانهم من بلاء لا ينقص قدرهم ولا ينال من قيمتهم في المجتمع فهم جميعاً سواء لا تفاضل بينهم إلا بالتقوى فقد يكون صاحب العاهة أفضل وأكرم عند الله من ألف صحيح معافى فقال تعالى :{ إن أكرمكم عند الله أتقاكم } فالميزان الحقيقي هو التقوى وليس المال أو الجاه أو الصحة أو الصورة الخارجية أو غير ذلك لأنه لا يمكن أن تتحقق الغاية السامية من هذه الحياة إلا إذا تحقق ميزان التقوى ، هذا الميزان الذي له وقع أخّاذ في ضمير المسلم بما يحويه من الخير والاستقامة والصلاح والإصلاح للفرد والمجتمع وللإنسانية جمعاء ، فالتقوى جماع لكل فضيلة . 
وقد أكد الرسول صلى الله عليه وسلم هذه القيمة في أكثر من حديث ففي حجة الوداع التي حوت جوامع الكلم وأخطر قواعد الإسلام قال صلى الله عليه وسلم : [ أيها الناس ، إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ، ألا لا فضل لعربي على عجمي ولا لأسود على أحمر إلا بالتقوى، خيركم عند الله أتقاكم ]ولكي ينزع من النفوس بقايا القيم الأرضية قال صلى الله عليه وسلم : [ إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم ، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم ] . 

ومن حقوقهم عدم السخرية منهم قال تعالى : [ يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم ..الآية ] فالمجتمع الذي يزدري الأصحاء فيه أهل البلاء يكون مصدر شقاء وألم لهؤلاء قد يفوق ألم المصيبة وربما فاقها فعلاً ، فكم من ذوي البلاء من حمل عاهته ورضي بواقعه إلا 

أنه لا يمكن أن ينسى نظرة احتقار من أحد الناس ، بل إننا جميعاً قد ننسى كل متاعب الحياة ومصاعبها ولا ننسى بسمة سخرية أو كلمة استخفاف تلقيناها من الآخرين ، ألم يقل أبو الطيب : 
جراحات السنان لها التئام ولا يلتام ما جرح اللسان 
وليعلم هؤلاء الأصحاء أن ما يرفلون به من صحة ومن ضروب النعم والخير ليس إلا من فضل الله وجوده وكرمه ، قال تعالى : { وما بكم من نعمة فمن الله }، وأن الذي وهبهم هذه النعم لقادر على سلبها منهم ، وقادر أيضاً على إعطائها لمن كانت أعين أهل النعمة تزدريهم، فقد قال تعالى : { قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء بيدك الخير إنك على كل شيء قدير } 
كما أن لأهل البلاء مكانة في المجتمع بمساهمتهم في خيره وإسعاده فقد رأى سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن له فضلاً على من دونه ، فقال صلى الله عليه وسلم : [ هل تنصرون ، وترزقون إلا بضعفائكم ]رواه البخاري ، وعند النسائي :[ إنما نصر الله هذه الأمة بضعفتهم بدعواتهم وصلا تهم وإخلاصهم ] قال ابن بطال :( تأويل الحديث أن الضعفاء أشد إخلاصاً في الدعاء وأكثر خشوعاً في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعلق بزخرف الدنيا )، وقال الحافظ المهلب : ( أراد صلى الله عليه وسلم بذلك حض سعد على التواضع ونفي الزهو على غيره وترك احتقار المسلم في كل حاله )، وقد نهى الإسلام عن الغيبة وذكر المسلم أخيه بما يكره ، فبذلك يكون المجتمع ميدان رحب أنشأه الإسلام للحياة السعيدة الكريمة فيكون مجتمع لا يستخف بهؤلاء الضعفاء والمعاقين ولا يزدريهم . 
وفي مقابل ذلك يتوجه الإسلام إلى خير علاج وأصلحه لنفس المعاق ليجتث منه القلق والشعور بالنقص ويحل مكانه الرضى والثقة والسعادة حيث يرشده إلى أن ما يعانيه من شدة العاهة لا ينقص من كرامته كما لا يحط من قيمته في الحياة ، لأن العاهة الحقيقية هي تللك التي تصيب الدين والخلق للمسلم وبمعادلة بسيطة يقارن الإنسان بين فقد البصر مثلاً وفقد الشرف ويقارن بين بتر اليد أو الرجل وبتر الكرامة والأخلاق و تشوه الدين والضمير، إن تلك المقارنة لتحمل على الحمد والرضى بسلامة ذي العاهة الجسدية من الإصابة بعاهة النفس على النحو الذي ذكر في قوله تعالى : { فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور }. 

ومع هذا فإن الإسلام لم يهمل العاهة والإعاقة ولم ينكر وجودها ولم يتجاهل أثرها على صاحبها لذلك وجه الإنسان إلى الصبر على ما يواجهه من نكبات وكوارث تحل في جسمه أو ماله أو أهله ، وليرجع كل منا إلى نفسه فإنه لا شك يجد في سيرته أو في سيرة من يعرف شدائد صنعت نعماً ومصائب صنعت رجالاً قال تعالى : { ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها إن ذلك على الله يسير ، لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم والله لا يحب كل مختال فخور}فالآية الأولى تعلن حقيقة أزلية وهي أن كل ما يجري في هذا الكون وما يتعرض له الإنسان في حياته إنما هو بقضاء الله وقدره وقيمة هذه الحياة أنها تسكب في النفس البشرية السكون والطمأنينة عند إستقبال الحوادث والمتاعب بيقينها أن كل ذلك كان بقضاء وقدر، وتأتي الآية الثانية لتوجه النفس البشرية إلى ما يجب أن تكون عليه عند المصيبة وعند النعمة فلا يأس في الأولى ولا افتخار في الثانية ، وقد قررت السنة هذا المعنى فقال صلى الله عليه وسلم : [ عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن ، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيراً له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له ]وأحاديث أخرى تحث على الصبر منه قوله صلى الله عليه وسلم : إن الله تعالى قال [ إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة ]. 

ماهي الأمور التي جعلها الإسلام للوقاية من الإعاقة بإذن الله ؟ 

الإسلام أرشد إلى الوقاية من الإعاقة ونلخص ذلك فيما يلي : 
1. الحد من أثر الوراثة فحض على انتقاء المرأة ذات الأصل الجيد من حديث : [ تخيروا لنطفكم فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن وأخواتهن ] رواه ابن عدي وابن عساكر،وكذلك اختيارها صالحة ذات شرف ليست صاحبة فاحشة ، فإن ذلك يحمي بإذن الله من كثير من الأمراض والعاهات. 
2. أجازت قواعد الفقه الإسلامي التعقيم والتطعيم ضد الأمراض المنتشرة التي قد تسبب الإعاقات ، ويرى الدكتور مصطفى السباعي استناداً إلى القواعد الشرعية جواز التعقيم للأشخاص المصابين بأمراض وراثية بثلاثة شروط: 
• تحقق انتقال هذه الأمراض . 
• أن لا يكون هناك أمل للشفاء عن طريق العلاج الطبي. 
• أن لا يكون هناك وسيلة لمنع انتقال هذه الأمراض إلى الورثة إلا بتعقيم الشخص المصاب به . 
3. تحريم الزنى والخمر لأن الفوضى الأخلاقية والجنسية تنتج ذرية سيئة ينتقل من خلالها الأمراض المعدية الخطيرة ومن ذلك الزهري الذي يسبب الشلل والعمى والتشوهات الجسمية وسرطان اللسان قال تعالى:{ ولا تقربوا الزنى....}
ولذلك حرم الإختلاط والتبرج والسفور والأسباب الداعية إليه ، أما الخمر فيجمع الأطباء على أنه يسبب الجنون وتخلف العقل والإعاقات العصبية والهزل والضعف الجنسي والصرع . 
4. تحريم الدخان قال تعالى : { ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة }. فعلى الأم أن تجتنب ذلك وغيره من المواد الضارة ، فقد ثبت علمياً تسببها في حصول الإعاقة للجنين وخصوصاً في مراحل الحمل الأولى أو أثناء الولادة . 
وما ذكرنا من أسباب للوقاية من الإعاقات من منظور إسلامي على سبيل المثال وليس الحصر . ونسأل الله أن ينفع بهذه الكلمات .وصلى الله على نبينا وآله وصحبه 

مع تحيات هاني خليفة 
hany.moaz@yahoo.com
0096560736474