الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الأحد، 6 مايو 2012

التكنولوجية للتربية الخاصة ( صرخة هاني خليفة )


سعادة الدكتور (محمد) يحمل شهادة التعليم العام المتقدم من كلية (شاوثبورت) التكنولوجية في (المملكة المتحدة)، وأيضاً حاصل على شهادة البكالوريوس في الهندسية الميكانيكية من جامعة (لانكستر) في (المملكة المتحدة) أيضاً، وحاصل على شهادة الدكتوراه في هندسة تقويم الأعضاء والتأهيل من جامعة (سالفورد) (المملكة المتحدة)، وحاصل أيضاً على الشهادة العليا في الأجهزة التعويضية كلية طب جامعة (نورث وستيرن) (شيكاغو) (الولايات المتحدة الأمريكية) وأيضاً الشهادة العالية في الأطراف الاصطناعية كلية طب جامعة (نورث وستيرن) في (شيكاغو) في (الولايات المتحدة الأمريكية).

والدكتور (الطريقي) له مساهمات كثيرة، نذكر منها على سبيل المثال:

 أستاذ هندسة تقويم الأعضاء والتأهيل المشارك.
 رئيس قسم التكنولوجيا الطبية الحيوية - كلية العلوم الطبية التطبيقية بجامعة الملك سعود.
 استشاري هندسة تقويم الأعضاء والتأهيل - كلية الطب ومستشفى الملك خالد الجامعي جامعة الملك سعود بالرياض.
 أستاذ باحث مساعد ومشرف على مشروعات البحوث الطبية الحيوية بإدارة البحث العلمي بمدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية.
 الباحث الرئيسي والمشرف العام على المركز المشترك لبحوث الأطراف الاصطناعية والأجهزة التعويضية وبرامج تأهيل المعوقين بالرياض.
 يشرف على نشرة (الإعاقة والتأهيل) التي يصدرها المركز المشترك، وهو رئيس تحرير النشرة العلمية التي يصدرها المركز المشترك باللغة الإنجليزية والتي توزع محلياً وإقليمياً ودولياً.

يقدم استشارات في مجالات عدة نذكر منها على سبيل المثال أنه:

 مستشار الأطراف الصناعية والأجهزة التعويضية وتأهيل المعوقين بوزارة الصحة.
 مستشار التأهيل بمركز الأمير سلمان الاجتماعي بالرياض.
 مستشار التأهيل بمدينة الأمير سلطان بن عبد العزيز للخدمات الإنسانية.
 المستشار الفني لمشروع مركز الأمير (محمد بن فهد) لتكنولوجيا التأهيل بالدمام.
 عضو لجنة البحوث في الجمعية الخيرية السعودية لرعاية وتأهيل الأطفال المعوقين بالرياض.
 عضو لجنة إعداد المواصفات للأجهزة الطبية في الهيئة العربية السعودية للمواصفات والمقاييس بالرياض.

له إنجازات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال أنه له أكثر من 45 بحثاً منشوراً أو مقبولاً للنشر في الدوريات العلمية الدولية وله مشاركات في فعاليات مؤتمرات دولية كثيرة:

 عضو في الجمعية العالمية للأطراف الاصطناعية والأجهزة التعويضية في (الدنمارك).
 عضو جمعية الهندسة الحيوية (بالمملكة المتحدة).
 عضو معهد المهندسين الميكانيكيين في (المملكة المتحدة) أيضاً.
 عضو الجمعية الأمريكية للوسائل التكنولوجية المساعدة للمعوقين.

من ابتكاراته: له اختراعان في مجال رعاية وتأهيل المعوقين مسجلان ببراءة اختراعات دولية:

 أحدهما سجل في (أوروبا).
 والآخر سجل في (الولايات المتحدة الأمريكية).

هذا جزء مختصر عن سيرة ومساهمات ضيفنا في هذه الليلة سعادة الدكتور (محمد الطريقي) والآن أترك المجال للدكتور ليتحدث عن موضوع محاضرة هذه الليلة.

الأستاذ الدكتور: محمد الطريقي:

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أحييكم بتحية الإسلام السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يطيب لي في هذه الليلة المباركة أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لمعالي وزير المعارف الدكتور (عبد العزيز الخويطر)، وسعادة أمين عام التعليم الخاص بالوزارة الدكتور (زيد المسلط)، وسعادة مدير المكتبة المركزية الناطقة الأستاذ (عبد الرحمن الخلف)، وكذلك أخي وزميلي سعادة الدكتور (طارش الشمري) عضو هيئة التدريس بجامعة الملك سعود لإتاحة هذه الفرصة الطيبة والمباركة للالتقاء بكم، وإنه لمن دواعي سروري أن أتحدث إليكم عن موضوع حيوي هام لكل مواطن وإنسان في هذا البلد الكريم الذي شرفه الله بالإسلام وولي عليه من يطبقون شريعته والحمد لله.

وحديثنا اليوم عن:

العوق: وتقنيات التأهيل.. آفاق البحث العلمي

عن مشكلة العوق بالمملكة، وإنه من بين (13) مواطن من شعب المملكة العربية السعودية مواطناً واحداً على الأقل مصاباً بنوع من العجز أو العوق، وهذه النسبة للأسف في تزايد مستمر، يضاف إلى ذلك أن متوسط العمر بين سكان المملكة في ارتفاع مطرد، وذلك نظراً لتحسن الرعاية الصحية والحمد لله، ووجود عدد كبير من المواطنين المعوقين والمسنين في المملكة يعني أن هناك حاجة لزيادة الدراسات الخاصة بالتقنيات التي تيسر لهؤلاء الأشخاص التكيف مع ظروفهم الجديدة الناجمة عن حدوث العوق أو التقدم في السن، وإلى إقناع الأفراد على الانخراط في مهمة هندسة وتكنولوجيا التأهيل، لخدمة هاتين الفئتين من المواطنين.

وهندسة التأهيل هي التخصص المنوط بتطوير وتطبيق تقنيات التكيف تطبيقاً سليماً للتغلب على المشكلات التي يعاني منها المعوقون وكبار السن، وقد استفادت هاتان الفئتان في السنوات الأخيرة استفادة هائلة مما حدث من تحسن واسع المدى في تقنيات التكيف، فبفضل الله أولاً ثم بفضل التطوير والتطبيق السليم لتقنيات التكيف المناسبة يستطيع المعوقون أن يعيشوا حياة نشطة وأكثر إنتاجية، والهدف النهائي هو التوصل إلى التكيفات التقنية المناسبة وتطبيقها تطبيقاً سليماً من أجل تحسين قدرة المعوقين على مواجهة المشكلات التي تواجههم وتمكينهم من المشاركة الكاملة في كل مجال من مجالات حياة المجتمع، وذلك فإن كل ابتكار يساعد المعوقين على العودة في الانخراط في صفوف القوى العاملة، والمشاركة الكاملة في المناشط التربوية يعتبر ابتكاراً هاماً.

ومما يجدر بالملاحظة أنه قد تحقق تقدم في هذا الميدان، بالرغم من القلة النسبية لعدد العاملين في الهندسة التأهيلية، بيد أنه مازالت هناك مشكلات كثيرة في حاجة للمعالجة.

والمعوقون والمسنون يستحقون منا الاهتمام بتوفير تقنيات تكيفية أفضل وأكثر، لكي نحسن نوعية الحياة التي يعيشونها، وكثير من الناس يعتمدون في تحركهم وتنقلهم وفي التمتع بنعمة الحياة على تقنيات التكيف، فتقنيات التكيف ضرورية من أجل ممارسة الأنشطة الترويجية ومن أجل القيام بعمل يرتزق منه، وتقريباً لكل نشاط منتظم يقوم به الشخص الذي يعاني من نوع من القصور الجسماني.

وبالمملكة العربية السعودية عشرات الآلاف من الأشخاص في حاجة إلى الاستفادة من تقنيات التكيف، وأغلب هؤلاء لهم احتياجات لم تستوف بصورة تامة حتى الآن، ولنضرب مثلاً على ذلك، أولئك الأشخاص الذين يبتلون بـ(أعطاب الحبل الشوكي) بسبب حوادث السيارات غالباً، والذين يقدر عددهم بأكثر من عشرة آلاف مواطن ومواطنة، ويتزايد عددهم بمعدل يفوق الألف حالة سنوياً، ومن الواضح أن هذا معناه وجود عدد كبير ومتزايد من الأفراد الذين يحتاجون إلى تقنيات التكيف، لكي يحيوا حياة أفضل من حياة العجز والسلبية والاعتمادية التي تفرضها عليهم إصابتهم.

والبحوث التي تجرى في مجال تقنيات التكيف ذات أهمية حيوية لهؤلاء الأشخاص المعوقين، لأنها تمكنهم من ممارسة حياة طبيعية يرضونها، وذلك يتوقف على وجود العلاقة التبادلية الصحيحة بين المعوق وما تقدمه له تقنيات التكيف من وسائل تعينه على التكيف.

وعلى مر السنين قام المبدعون من العاملين على تقديم الرعاية الصحية وكذلك بعض المعوقين أنفسهم باختيار وتعديل وتطوير مبتكرات تقنية، لتلبية احتياجات المعوقين، ومازال أمثال هؤلاء الأشخاص لا غنى عنهم في عملية التأهيل، إلا أنه مع التعقد المتزايد في التقنيات، والفوائد المرجوة التي يمكن تحققها للمعوقين، فقد نشأت حاجة متنامية لوجود دراسة نظامية لتقنيات التكيف والتأهيل، إذ أنه لكي يكون الابتكار التكيفي محققاً لوظيفته لا بد أن يكون مناسباً بدقة لمن سوف يستعمله ولاحتياجاته، ومن ثم نشأت الحاجة لقيام نوع من الدراسة النظامية الجادة لتقنيات التكيف تستند إلى أسلوب منهجي قوي.

وعدد الناس الذين يستفيدون من تقنيات التكيف يتنامى باستمرار، وهذا يرجع إلى عدة أسباب أهمها:
أولاً: أن الناس صاروا يعيشون عمراً أطول والحمد لله، وكثير منهم يحتاجون إلى الاستفادة من تقنيات التكيف في سنوات عمرهم المتأخرة.
ثانياً: أن التقنيات الطبية قد تحسنت تحسناً ملحوظاً، ومن ثم فإن أعداداً أكبر من الناس يفوزون بالنجاة والبقاء على قيد الحياة أمداً طويلاً عقب تعرضهم لحوادث خطيرة تسبب العجز البدني.
ثالثاً: استطاعت التقنيات الطبية أن تزيد من فرص امتداد أعمار ذوي حالات العوق، ولذلك فإن أعداداً أكبر من الناس يستفيدون من تقنيات التكيف ولعدد أكبر من السنين،ونحن الآن في وقت يحتاج فيه العلماء والمهندسون إلى توفير قدر أكبر من خدماتهم لهؤلاء المواطنين.

أما فيما يخص الأوضاع الحالية للمعوقين فإن الشائع بين المعوقين أن يصادفوا تمييزاً ضدهم، فكثير من الناس على ما يبدو يعتقدون أنهم يعرفون أوجه القصور التي تحد من قدرات شخص معوق، ولكن الحق أن الوضع كثير ما يكون على غير ذلك، بل أن الأشخاص المعوقين أنفسهم قد بدؤوا لتوهم يدركون أن لديهم إمكانات كاملة، ولذلك فإن هناك حاجة لإيجاد فرص لهؤلاء المعوقين ليستفيدوا من هذه القدرات الكامنة.

والأمر الذي يشغل المعوقين بالدرجة الأولى هو الحاجة الملحة إلى إزالة الحوائل التي تمنعهم أو تعوقهم عن الحصول على عمل يتكسبون منه، وإفساح الطريق أمامهم للتدريب والترقي في وظائفهم، وللحصول على الرعاية الصحية وعلى الاستفادة من تقنيات التكيف والاستمتاع بوسائل الترويح والأنشطة الاجتماعية، وأهم من ذلك كله إتاحة السبل والوسائل التي تحقق لهم الشعور بالكرامة والاعتزاز بأنفسهم.

والتحدي الذي يواجه المجتمع هو أنه يستطيع فتح الأبواب الموصدة ليتيح لذوي حالات العوق أن يحققوا أقصى استفادة مما لديهم من قدرات، أما التحدي الذي يواجه المهندسين فهو أن يتوصلوا إلى تقنيات للتكيف تسهل للمعوقين إدراك هذه الغاية.

والجانب الأكبر من مشكلة المجتمع في هذا الصدد يعود إلى الجهل وإلى الخوف، جهل باحتياجات ورغبات أصحاب حالات العوق، وخوف من ضخامة الاستثمارات اللازمة لتوفير الأجهزة المطلوبة للمعوقين، كما أن المهندسين في حاجة لأن يتعلموا كيف يعملون مع هؤلاء المعوقين، فالتقنيات التكيفية غالباً ما تدمج مكوناتها دون مراعاة لتناسقها وتوفقها مع بعضها البعض، حتى لا يتعرض المعوقون الذين يستخدمونها لسيل كاسح منها يغزو أبدانهم ويجعل حياتهم شديدة الارتباط بها والاعتماد عليها، لدرجة تجردهم من الإحساس بكرامتهم والاعتداد بأنفسهم.

وفي أماكن العمل كثيراً ما يصعب استقطاب المعوقين المؤهلين والاحتفاظ بهم في العمل، في حين أنه من المهم للمؤسسة أن تحتفظ بالأفراد ذوي الكفاءة، كما أنه من المهم لها أن تحتفظ باستمرارية العمل في المواضع الحيوية، وأن تخفض تكاليف التدريب، وإمكانية الاحتفاظ بالمعوقين في مجال العمل تتأثر بجوانب عدة منها:
 الترغيب الذي يجتذب المعوق من خارج جهة العمل.
 الظروف الداخلية التي تدفع العامل لترك العمل.
 المواقف والتصرفات الشخصية إزاء العامل المعوق.

ويمكن تحسين إمكانية الاحتفاظ بالمعوقين في العمل بإعطائهم نصيباً أكبر من سلطة اتخاذ القرارات، وبتوفير فرص الاستمرار في التعليم لهم، وبالحرص في كل وقت على مكافأة المجيد منهم، كذلك من المهم أن يحظى المتفوقون منهم بالترقي في وظائفهم، ثم إن حث المعوقين على الاحتراف والبراعة في عملهم يساعد المؤسسة على الاحتفاظ بهم واجتذاب غيرهم من المؤهلين للعمل، وعلى المؤسسة أن تضع للعمل بها دستوراً من القيم السلوكية التي يحترمها ويعمل بها جميع المنتسبين إليها، وأن تعلم العاملين بها المعارف المتخصصة، وتعقد لهم الاختبارات في الإلمام بها، وبهذا توفر لهم فرص النمو والتفوق، وتزكي لديهم الشعور بعواطف الزمالة والرغبة في التشارك في الأفكار والتساند والتعاون لحل المشكلات، بل ينبغي أن يوضع الأفراد في موضع التحدي لقدراتهم وذكائهم ومهاراتهم، وأن يكون للإجادة مفهوم محدد في أذهان الجميع، وأن تحظى بالاعتراف العام، يوجب أن يسود جو العمل الإحساس بضغط المتطلبات، ولكن في الحدود الصحية، وبالاختصار فإننا لا نستطيع أن نزعم أن المستويات المطلوبة لظروف عمل المعوقين التي فصلناها تختلف اختلافاً كبيراً عن ظروف عمل الأسوياء.

والأشخاص المعوقون يستقيلون من أعمالهم لأسباب متنوعة، ومن الأسباب الشائعة لذلك استهلاك طاقتهم، فكثيراً ما يطلب منهم القيام بأدوار تزيد عن الحد المعقول، وخيبة الأمل والإحباط عندهم يدفعانهم إلى ترك العمل، فالأشخاص المعوقون يحتاجون إلى الوسائل التي تعينهم على أداء ما يكلفون به من مهام، كما أن فرصهم في الترقي تكون محدودة، ومن الواجب أن تتاح لهم فرص الفوز بمراكز ذات مسؤولية، وأن يشقوا طريقهم إلى المناصب الإدارية العليا.

وهناك أيضاً حكم الرأي العام، فكثيراً ما يستقيل المعوقون من أعمالهم أو لا يتقدمون للعمل أصلاً بسبب الإحساس العام بعدم الثقة في قدراتهم على أداء مهام العمل، وخلاصة القول إن المعوقين في حاجة إلى الإنصاف والعدل في معاملتهم.

وعندما نتحدث عن:

البحث العلمي فيما يخص المعوقين

فإننا لا نستطيع أن نزعم أنه من الواجب أن يقتصر البحث العلمي في مجال تقنيات التكيف والتأهيل على باحثين من المعوقين، إلا أنني أدعو إلى عدم استبعاد المعوقين من أعمال البحث والاستنتاج في هذا المجال، ويجب عندئذ أن توضع الأولويات على ضوء النظرة البعيدة، كما أن احتياجات ورغبات المعوقين تحتاج إلى الدراسة الدقيقة، التي نتأملها عن كثب، ابتغاء التوصل إلى منتجات وتقنيات أفضل، ووضع معايير لمدى جدوى وفعالية البرامج التي تنفذ في هذا المجال.

بعض الناس يعملون بالبحوث الخاصة بالمعوقين لأسباب بعيدة عن الصواب، فقد اكتشف الكثيرون قريباً هذا المجال، واعتبروه فرصة للصعود في مدارج النجاح من أدنى درجات السلم، وهذا ليس شيئاً سيئاً في حد ذاته غير أن بعض الناس يكون دافعهم إلى ذلك توفر التمويل للبحث أو وجود فرصة لنشر أعمالهم، ولكن البحث المتعلق بالمعوقين ليس المجال المناسب لباحثين من هذا النوع، فهذا المجال لا يرضى من الباحث بأقل من الإخلاص والتجرد المنزه عن الأغراض، وهما عماد النجاح فيه، وهندسة التأهيل تحتاج إلى أناس موهوبين يكرسون أنفسهم ويعملون في دأب واجتهاد لكي تتأكد مكانتها كتخصص معترف به.

والبحث العلمي له وظيفة قيادية فلا بد أن تكون للباحث رؤية مستقبلية، وأن يكون قادراً على كسب المؤمنين برؤيته، والباحثون المجيدون يستفيدون من الأساليب المتبعة ويدعمونها بالثقة المتبادلة، يجب أن تنشأ رابطة من الثقة المتبادلة بين المعوقين وزملائهم من الباحثين، ولكي يكون المرء باحثاً ناجحاً من المهم أن يكون في تواصل دائم مع غيره، فيتواصل مع زملائه في المجال، ومع الجهات الحكومية، ومع المؤسسات الخاصة، ويجب أن يكون لدى الباحثين من الإخلاص والالتزام مثل ما لدى الشخص المعوق، وبدرجة أكبر مما لدى مساعديهم أو زملائهم، ويجب أن يكون بينهم تواصل بالقول والعمل، كما يجب أن يساعدوا الأشخاص المعوقين على معرفة ما لديهم من قدرات كامنة وتنميتها.

وعلى الباحث أن يحول رؤاه الذهنية إلى أعمال واقعية يعمل على تنفيذها، وهذا يقتضي منه القيام بمهام متعددة:
أولاً: أن يعرف أكثر من غيره في مجال البحث وأن يكون دائماً سابقاً بخطوة.
ثانياً: أن يستطيع تعليم الناس كيف يتعلمون وكيف يعملون.
ثالثاً: أن يكون على وعي دائم واحتكاك مستمر بالصورة الذهنية التي كونها ويسعى لتحقيقها.
رابعاً: أن يساعد الأشخاص المعوقين والباحثين الآخرين على معرفة ما لديهم من قدرات كامنة.
خامساً: أن يحرص على أن يكون كل شيء جديد وحديث.
سادساً: أن يكون مستعداً لتقبل بعض ظروف الشدة والضنك.

ويجب أن يكون موقف الباحثين من مهمتهم موقفاً سليماً، وأن يعملوا على تنمية العمل وتطويره، فكثيراً ما يتفوق الأشخاص الذين لديهم موقف سليم من العمل من حيث الأداء والإنجاز على من هم أكثر منهم موهبة، ومن المهم أن يكون استقطاب الباحثين من عدد من الأفراد ذوي القدرات والخلفيات والاهتمامات المتنوعة، وتحدد المقدرة والكفاءة على أساس ما يستطيع الفرد أن يعمله، والدوافع الذاتية التي تحدد ما يعلمه الفرد، أما موقف الإنسان من العمل فهو الذي يحسم مدى رغبته في القيام به، فالمعوقون الناجحون كثيراً ما يتعرضون لآلام الخسارة في بعض المواقف، ولكنهم لا يشكون ولا يستسلمون على الإطلاق، وإنما يحاولون باستمرار أن يفعلوا شيئاً إزاء المشاكل التي يعملون على حلها.

ويجب على الباحثين أن تكون لديهم القدرة الاستماع لغيرهم، وأن يكونوا ذوي طبع دمث، ولديهم دائماً الرغبة في التحسن، كما أن البحث يتطلب حسن الإدراك، والمهم أن يكون لدى الباحثين والأفراد المعوقين نظرة مشتركة للأمور.

ووجود الدافع الذاتي ذو أهمية كبيرة لحسن أداء العمل، إلا أن أهداف ودوافع الشخص المعوق أو الباحثين يجب أن تكون مرتبطة ببعضها البعض، وتتفق مع القيم الإنسانية العليا، كما ينبغي أن يقوم الباحثون بتعليم الآخرين إن الرضا إنما يتحقق بفضل الإنجاز وبذلك المجهود، وأن يستطيع الباحث أن يحض الأفراد على القيام بأعمال أكثر مما يعتقدون أنه في إمكانهم، ويمكن أن يتحقق ذلك بجعل بيئة العمل أكثر إثارة وأكثر تحريكاً للهمم وإذكاء للشعور بالأهمية، كما توفر الفرص للحصول على جزاء حسن للجهد المبذول.

وعلى الباحث أن يهتم بالناس كأفراد، وأن يكون واثقاً مما يعمل حتى يمكن للناس أن يؤمنوا بجدوى البرنامج الذي ينفذه، فالاهتمام بالناس يساعدهم على تنمية ما لديهم من خصال طيبة وما يمتلكون من مواهب، وينبغي أن يستمتع الناس بالخبرة التي يخوضونها والعمل الذي يؤدونه، بل الإحساس بالألم وضغط الظروف، وبالقلق الذي يصاحب النجاح والفشل.

والباحث قدوة يتأسى بها الآخرون، فأشعر الآخرين بالحاجة إليك، وشاركهم همومهم واهتماماتهم، واعمل مع الأشخاص المعوقين، واعلم أن كل شخص له الحق في أن يفهم ما ينتظره من الآخرين، وأنه لا بد لكل شخص من أن يستطيع التأثير في مصيره، وأن الشخص المعوق في إمكانه أن يحقق ذلك، في حين أنه يجب أن يكون مسؤولاً عما يفعل، ولتأخذ على نفسك كباحث عهداً تلتزم به، ولتسأل نفسك هل يمكنني أن أفعل أقصى ما في وسعي في ظل الظروف السائدة، ثم لتضع لنفسك خطة للبحث، ولتضع أهدافاً لنفسك ولكل من العاملين معك، وأثني على السلوك الإيجابي، وأنب على السلوك السلبي، وشجع الناس، وقل الحق، واضحك وجد في العمل، واستمتع بما تعمل.

إن هناك: مجالات واعدة للبحث العلمي:

فقد استثمر الباحثون قدراً كبيراً من وقتهم ومواردهم في تنمية وتطوير تقنيات التكيف والتأهيل، وبعض ما قاموا به من بحوث يبشر بالمساعدة للمعوقين، بل إن بعض ما أنتجوه يستعمل اليوم بالفعل استعمالاً مفيداً، والمجالات التي تبشر بأن تكون أكثر تحقيقاً للآمال هي التوصل إلى أشكال متقدمة من وسائل التحرك على عجلات، وإيجاد تقنيات خاصة بالعالم الثالث، وإنتاج أطراف صناعية وأجهزة تعويضية من المواد المركبة بتصميمات جديدة، والتقدم في مجال تقنيات الإنسان الآلي (الروبوت)، وزيادة القدرات على التوصل والتفاهم بالاستعانة بالحساب أو بالحاسوب، أو اقتصاديات التشغيل التي تبحث تمكين الإنسان من الاستغلال الكفء للإمكانات المتاحة بتصميمها وتنسيقها بالصورة التي توافق قدراته واستعداداته، وابتكار الأجهزة المعينة لمن لديهم قصور حسي مثل المكفوفين وضعاف البصر، إذ أنه يوجد حالياً العديد من المعينات مثل (عصا الليزر) و(المرشد الصوتي) وأجهزة الإبصار المتقدمة، وكذلك أجهزة القراءة الآلية، وغيرها من الأجهزة المساعدة، إضافة إلى أبحاث الهندسة الوراثية.

وفي المستقبل غير البعيد سوف تصمم الكراسي المتحركة المصنوعة من الخامات المركبة تصميماً (أرجونومياً) يجعلها تستخدم كوسائل للإجلاس والتنقل معاً، كما أن إدخال تقنيات التحكم في العمليات الصناعية سوف يجعل الكراسي المتحركة بالكهرباء أكثر سرعة ومتانة وأقدر على اجتياز مسافات أطول مع كونها أقل تكلفة، كما أن التقنيات الخاصة بالعالم الثالث سوف تعطي المزيد من الحرية للملايين الذين يقضون حياتهم بدونها في انزواء لا يحس بهم أحد، وسوف تزيد أيضاً إن شاء الله من متوسط أعمار كثير من معوقي العالم الثالث، فالتقنيات المتقدمة في استخدام الخامات المركبة سوف تؤدي إلى إنتاج أطراف صناعية لها من الإمكانات الحركية ما يجعلها تستفيد أقصى استفادة من الطاقة التي لدى المعوق الذي يستعملها، والأجهزة الطبية المصنوعة من الخامات سوف تكون أخف وزناً وأقدر على أداء وظائفها وأجمل منظراً.

كذلك فإن استخدام تقنيات الإنسان الآلي (الروبوت) سوف توفر للمعوق استقلالية أكثر في القيام بالأفعال التي تتطلبها حياته اليومية، وفرصة أكبر في الحصول على عمل يكتسب منه، وسوف يؤدي ما يطرأ من تحسن على الحواسب وعلى تقنيات تركيب الكلام من أجل تضخيم وسائل الاتصال والتفاهم إلى زيادة قدرة المعوق على استخدام لغة طبيعية وبمرونة أكثر، كذلك يمكن استخدام تقنيات الحواسب والموجات المتناهية القصر إلى المزيد من تحكم الإنسان في بيئة منزله أو عمله، وسوف يفضي تطوير مستويات التحكم في البيئة إلى توفير استقلالية أكثر للمعوق عند انخراطه في الأنشطة الحياتية للمجتمع.

وتطبيق (الأرجونومية) أو اقتصاديات التشغيل في تقنيات التكيف وتصميم البيئة سوف يعطي التقنية التكيف أكبر قدر من الفعالية المجدية، بل قد يجعل من تصميم البيئة وسيلة لمنع حدوث العوق، ثم إن استخدام تقنيات الحواسب ورقائق الدراسات الإلكترونية المتكاملة في مجال تقنية التكيف من أجل من يعانون من قصور في الإبصار أو السمع سوف يسهل مهمة اندماجهم في حياة المجتمع، وأخيراً فإن الهندسة الوراثية تبشر بأنها قد تمكننا من منع حدوث بعض أشكال العوق.

والتحدي الذي نواجهه هو أنه لا بد من حدوث تغيير في الظروف القائمة، فالأشخاص المعوقون أنفسهم يجب أن يشتركوا في أعمال البحث العلمي وفي نتائجه وفي المجالات التي تتعلق بالعوق، وعلى المعوقين أن يعبروا عن احتياجاتهم بشكل واضح وأن يتأكدوا من أن هناك أبحاثاً تجري لتحقيق أهدافهم، وعلى الأفراد أن يعملوا بل ويكافحوا من أجل ذلك.

وختاماً: أود أن أعبر عن أمنية عزيزة لدينا، وهي أن نرى من بين المعوقين في يوم قريب مهندسين وعلماء ناجحين، فالأشخاص الذين ابتلوا بنوع من العوق يجب أن يقضوا على الصورة النمطية التي في أذهان الناس عن المعوق، أن يعملوا على الاستفادة من مستحدثات العصر ويسعوا للوصول إلى المراكز المرموقة في المجتمع.

على من ليس لديهم أي صورة من صور العوق من أن يتذكروا دوماً أنهم ليسوا بمنجاة من ذلك لولا رحمة من ربهم، وعلى من يعملون في مجال بحوث العوق أن يدركوا أن لديهم مهاماً عديدة تحتاج إلى الأداء والتطوير من أجل تحقيق النتائج التي تتعلق بها آمال المعوقين في حياة أكثر يسراً وأقل عناءً، وهذه هي رسالتهم الإنسانية النبيلة التي تعلوا بها مكانتهم في المجتمع وينالون بها رضى الله أولاً ثم كذلك راحة الضمير ومحبة الناس، قال تعالى: ﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ﴾ الآية[2].

وبصفتي أحد العاملين في مجال تأهيل المعوقين في هذا البلد الكريم، أود التنويه بما توليه حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين من رعاية كريمة للمواطنين عامة وللمعوقين خاصة، كما لا يفوتني في هذا المقام أن أتقدم بجزيل الشكر وعظيم الامتنان لسيدي صاحب السمو الملكي الأمير (سلطان بن عبد العزيز آل سعود) النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع والطيران والمفتش العام، وسمو سيدي وزير الداخلية الأمير (نايف بن عبدالعزيز)، ومعالي سيدي أمير منطقة الرياض الأمير (سلمان بن عبد العزيز)، ومعالي وزير الصحة الأستاذ (فيصل الحجيلان)[3] ، ومعالي وزير العمل والشؤون الاجتماعية الأستاذ (محمد الفائز)[4]، ومعالي وزير المعارف الدكتور (عبد العزيز الخويطر)[5]، ومعالي مدير جامعة الملك سعود الدكتور (أحمد الضبيب)[6]، لاهتمامهم البالغ ورعايتهم الكريمة للجهود المبذولة لتطوير خدمات رعاية وتأهيل المعوقين والمسنين التي يقوم بها المركز المشترك لبحوث الأطراف الاصطناعية والأجهزة التعويضية وبرامج تأهيل المعوقين بالرياض، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

دكتور: طارش:
شكراً لسعادة الدكتور (محمد) ونفتح الآن المجال للنقاش.

دكتور: إبراهيم الفوزان:
بسم الله الرحمن الرحيم.. أمتعنا الدكتور (محمد) كعادته في هذا اللقاء، وقد كنت أود ألا يسكت، لأنه أعطانا بعض المعلومات التي نحتاج إليها في هذا المجال، غير أني كنت في فترات سابقة أقرأ في مجال تأهيل المعوقين، وقد وجدت أننا نعاني في المملكة من مشكلة، ويعاني العالم كله من مشكلة أخرى أيضاً، فكأننا في المملكة نعاني من مشكلتين معاً:
المشكلة الأولى: بالنسبة لمجال تأهيل المعوقين في المملكة العربية السعودية، يعرف الدكتور (محمد)، ويعرف أغلب الإخوان الموجودين هنا، أن النظام ينص على تشغيل (2%) من العاملين في أي مؤسسة صناعية يجب أن يكونوا من المعوقين، وهذا موجود على الورق فقط، فهل تم إلزام الشركات والمؤسسات الخاصة بتطبيقه فعلاً، الواقع أنه لم يطبق.

المشكلة الثانية:
التي نعاني منها، أو التي يعاني منها العالم كله، وقد قرأت عنها في بعض الدراسات التي نشرت في أواخر الثمانينات والسبعينات، هي مشكلة احتفاظ المعوق بالعمل، فقد وجد أن المعوقين الذين يؤهلون أو يعاد تأهيلهم ويذهبون إلى المصانع أو الأماكن التي يعملون فيها، (34%) منهم فقط يحتفظون بالعمل لأربع أو خمس سنوات، بينما النسبة الباقية وهي حوالي (66%)، هذه النسبة تنسحب من هذا العمل خلال مدة لا تتعدى سنة أحياناً، وإذا انسحب من هذا العمل فبالتأكيد فهو لن يجد عملاً آخر يعمل فيه، لأنه بصعوبة استطاع أن يجد هذا العمل، وهنا تظل القضية مطروحة أمام الدكتور (محمد) والباحثين في مجال التأهيل، فهل بالإمكان أن نتغلب على مشكلة سلوكيات العمل قبل أن نبدأ في مشكلة التأهيل الهندسي وإعداد الأدوات المادية التي تؤهل المعوق للعمل، فمن السهل جداً أن نصنع الكرسي، ومن السهل جداً أن نصنع العصا، ولكن الصعوبة التي نواجهها الآن هي في سلوكيات العمل نفسه، تعامل المعوق مع رئيسه، وتعامل الرئيس مع المعوق، وتقبل المعوق له، وتعامل المعوق مع زملائه في العمل، وتعامل المعوق مع الزبائن أو الذين يتعامل معهم حين يأتون للمصنع، إضافة إلى ذلك، كيف نقنع أصحاب العمل خاصة في المملكة العربية السعودية، رغم أن الحكومة لم تقصر في وضع نظام تشغيل للمعوقين كيف نقنع أصحاب العمل في تشغيل هؤلاء المعوقين، أرجو من الدكتور التعليق على هذه النقاط.

الدكتور: الطريقي:
لا أزعم أن الموضوع هو فقط توفير وسائل تقنية تساعد المعوق على التكيف، ومن ثم فإنه يستطيع أن يحصل على عمل، وأنه يستطيع أن يرتزق منه، وأنه يستطيع أن يستمر في عمله.

الموضوع له عدة جوانب:
أولاً: الجانب الصحي المتمثل في تأهيل المعوق نفسه على أن يقوم بعمل معين والعلاج أولاً ثم التأهيل الطبي ومن ثم التأهيل المهني.
ثانياً: وجود جهات في الدولة أو في القطاع الخاص يكون لديها الوعي الكامل في موضوع تشغيل المعوقين وتوفير المكان المناسب والاقتناع بأن المعوق لديه قدرات كامنة يستطيع أن يساهم بها.

فالموضوع مخلوط ما بين نواحي طبية تأهيلية ونواحي اجتماعية ونواحي اقتصادية، يؤمن رب العمل أنه يستفيد من المعوق، فالذي تذكره من سلوكيات العمل وسلوكيات أرباب العمل وسلوكيات الأشخاص الذين يتعاملون مع المعوق موضوع يحتاج إلى تضافر الجهود، ما بين الجهات الصحية التأهيلية في وزارة الصحة والقطاعات الأخرى، وبين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية التي تعنى بالتأهيل المهني والتوظيف، وما بين وزارة الإعلام التي لها دور كبير في توعية المواطن في المملكة عن أن المعوق شخص قادر على المشاركة الفعالة في المجتمع، وأنه قادر على أن يدعم الاقتصاد الوطني، وكذلك دور الجهات الأخرى المعنية مثل وزارة المواصلات، في إزالة الحوائل التي تحول دون استفادة المعوق مثلاً من الطرق ومن وسائل النقل العام، كذلك البلديات (وزارة الشؤون البلدية والقروية) التي تضع مواصفات للمباني، فبعض مباني الحكومة مثلاً لا يستطيع المعوق مراجعتها.

فالموضوع ليس موضوع تقنيات تأهيل أو هندسة تأهيلية فقط، لا بد من تضافر الجهود في كل الجهات الحكومية المعنية، يبقى دور المواطن الواعي، وأعتقد أننا في هذا البلد لدينا قدرات ونستطيع أن نوفر للمعوق أفضل من الذي وفر له في العالم الآخر في أوروبا وفي أمريكا، أضف إلى ذلك الشيء الأهم، وهو أننا والحمد لله نطبق تعاليم الإسلام، وديننا يحثنا على كل الأشياء الطيبة والفاضلة التي هي جزء من مبادئنا أصلاً، فالموضوع موضوع كبير يحتاج إلى كل الجهات، غير أننا في عملنا نؤدي ما نستطيع في نطاق تخصصنا ونناشد الجهات الأخرى أن تتعاون معنا في هذا الإطار وشكراً.

الدكتور: ناصر الموسى[7]:
بسم الله الرحمن الرحيم، جزاكم الله خيراً يا دكتور (محمد) على هذه المعلومات الطيبة، وأنت دائماً طيب ولا تأتي إلا بالطيب.

ذكرت يا دكتور الدور الذي أخذ يلعبه الحاسب الآلي في تقنيات التكيف، وأعتقد أن معظم الإخوان يعلمون مدى استفادة البلاد المتقدمة من الحاسبات الآلية، ونحن في هذه البلاد لا نعاني من مشكلة الاستفادة من (الهاردوير)، فيمكن أن نستفيد من هذه الأجهزة، وإن كانت تكلف إلى حد ما، ولكن نستطيع أن نتغلب على هذه المشكلة.

أريد أن أعرف يا دكتور (محمد) دور البحث العلمي في مجال (السوفت وير)، فهل استطعنا أن نكيف أو نطوع برامج الحاسبات الآلية لصالح المعوقين، إذا كنا قد استطعنا إلى حد ما أن نترجم وأن نعرب هذه البرامج، فهل نستطيع أن نصمم برامج تمكننا من الاستفادة من (الهاردوير) الموجود في البلاد الغربية.

الدكتور: الطريقي:
دور الحاسب الآلي سواء الأجهزة في حد ذاتها، أو البرامج التي تصمم من خلال البرمجة باللغة العربية، أولاً أنا لست الشخص المتخصص الذي يستطيع أن يفتي في هذا المجال، ولكن لاهتمامنا العام في مجال العوق وتأهيل المعوقين أستطيع أن أقول إن بإمكاننا عمل الكثير، ولا بد من أن يتبنى المتخصصون في المملكة تعريب برامج الحاسب الآلي لخدمة المعوقين، هناك أشياء سهلة التعريب، وهناك أشياء صعبة التعريب، الذي أستطيع أن أقوله إنه يمكن أن نستفيد من هذه الإمكانيات ومن هذه التقنيات، لكن لست بالشخص المتخصص، ولعلك أنت يا دكتور (ناصر) تستطيع أن تفيدنا ما هي الجهود التي تبذل في الجامعة الآن إذا كانت هناك أبحاث معينة في هذا المجال.

الدكتور: ناصر الموسى:
الجامعة تبذل جهوداً في هذا السبيل، لكن كما تعرف الجامعات تعاني في الفترة الحالية من قضايا التمويل، ومع ذلك هناك جهود في كلية الهندسة مثلاً وفي كلية الحاسب الآلي، وهي جهود جيدة في سبيل تعريف بعض البرامج.

ولكن نحن نعرف أن لديكم في المركز لا توجد مشاكل في التمويل، فعندكم مشاريع الآن ممولة من مدينة الملك عبد العزيز وغيرها من جهات التمويل التي تقوم بهذا العمل، وأعتقد أن برامج التعريب والتقنين والتكيف من أهم الأمور التي ينبغي أن نركز عليها ونسعى لتحقيقها، فالأجهزة قد تكون متوفرة وقد نحصل عليها، لكن قضية البرامج يعترض تنفيذها عقبات يجب أن نحلها.

هناك جهود تبذل في الجامعة وأنت على علم ببعضها، ولكن أريد أن أعرف بعض المشاريع الموجودة لديكم في المركز والممولة من جهات أخرى.

الدكتور: الطريقي:
لا يوجد بالمركز أبحاث تخص تعريب الحاسب الآلي فيما يخص المعوقين، ولكن إذا كان لديك مشروع يا دكتور (ناصر) فنحن على أتم الاستعداد للتعاون معكم فيه، ونستطيع تدبير التمويل اللازم.

الأستاذ: عبد الرحمن الخلف:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، لقد استفدت كثيراً من هذه المحاضرة العلمية، وسرني ما دار فيها من نقاش، ولي عليها بعض التعليقات:
أولاً: نحن نحتاج إلى مجالات عمل محمية، مجالات العمل المحمية للمعوقين في المملكة غير موجودة، علماً بأن الحديث عن حماية مجالات العمل وإيجاد ورش محمية يتردد ويطرح منذ أكثر من سنوات، وربما صدرت بعض القرارات في وزارة العمل لإنشاء ورش محمية ورصدت لها الملايين من الريالات غير أنها لم تر النور حتى الآن، ولم يتخذ بشأنها شيء على مستوى التنفيذ، فلو أردنا أن نحمي مجالاً واحداً خاصاً بالمعوقين لخففنا من مشكلة معاناة تشغيل المعوقين سواء أكانوا مكفوفين أو غير مكفوفين، فموضوع حماية بعض الحرف وحصرها على المعوقين هذا شيء يجب أن نفكر فيه.

الموضوع الثاني: موضوع يتعلق بالبرامج التي يؤهل فيها المعوقون في المملكة، فهذه برامج يؤسفني جداً أن أقول إنها غير مناسبة في معظمها لا أقول كلها، لكن في معظمها تحتاج إلى إعادة نظر ويجب دراستها لتتلاءم مع متطلبات المجتمع والتطور التقني في هذا المجال.

برامج تعليم الكفيف يعد فيها على أساس أنه مدرس، الأنظمة موجودة والقرارات تصدر من الجهات المعنية مثل قرار (15) الذي يوجد مجالات عمل للمكفوفين ومن بينها مجال التدريب، غير أنه عندما يأتي دور الجهة المسؤولة في التنفيذ بتوجيه الكفيف إلى هذا المجال تقوم مشكلة النظر إلى التعويق ويغض النظر عن القدرات التي يتمتع بها الشخص، فهذه مشكلة يجب أن تطرح وتناقش من خلال رؤية واضحة.

الموضوع الثالث: الذي يجب أن نبحثه يتعلق بصنع الوسائل، ونحن مع الدكتور (محمد الطريقي) الذي يشرف على مركز تصنيع أجهزة ووسائل معينة خاصة بالمعوقين، فلو أردنا أن نستعرض الوسائل التعليمية مثل لوحة الهندسة بالنسبة للمكفوفين التي تستورد من الخارج، نجد أنها تكلف (800) ريال في بعض الأحيان، بينما لوحة الهندسة الخاصة بالشخص المبصر لا تتجاوز في السوق (10) ريالات على الأكثر، كذلك العصا البيضاء ربما ترتفع إذا كانت إليكترونية إلى (11000) ريال، وربما تنخفض إذا كانت غير إلكترونية إلى (100) أو (200) ريال، والمكفوفون بصفة عامة هم متوسطي الدخل ولا يستطيعون الحصول على مثل هذه الوسائل إلا بصعوبة، والسؤال الموجه للدكتور هنا، هل من الممكن إدخال فكرة تصنيع الوسائل التعليمية في مركز البحوث الذي يشرف عليه؟

الدكتور: الطريقي:
أنا أوافق معك على أنه لا بد من إيجاد ورش ومصانع محمية لتشغيل المعوقين، وأعتقد أن هناك قراراً من المقام السامي في هذا الشأن ولكن لم ينفذ حتى الآن، فلعل الجهات المسؤولة في الدولة تحاول تطبيق نظام حماية تشغيل المعوقين.

أما شروط القبول في العمل والقبول في الدراسة، فهذه مشكلة يعاني منها المعوق في المملكة، ليس هناك أشياء نظامية مكتوبة عن موضوع القبول، كثير من المعوقين يُردون عندما يتقدمون للدراسة في الجامعات أو في المعاهد لعدم وجود ضوابط، وترجع هذه الضوابط أحياناً إلى قناعة الأشخاص الذين يشغلون مراكز المسؤولية، فنحتاج في هذا المجال إلى التوعية العامة والتوعية الخاصة، ولا بد أن يكون هناك توجيه من الجهات الرسمية في موضوع شروط القبول لتكون الأمور واضحة، فلا يحرم الشخص الذي لديه عواقب شلل أطفال مثلاً من التدريس، لا بد أن يكون هناك نظام يحمي المعوق فلا يترك تحت رحمة القناعة الشخصية، هناك أشخاص لديهم شلل أو شيء بسيط من العوق يمنعون من الدخول في المعهد أو في الجامعة بسبب عوقهم، ومثل هذه الأمور يمكن حلها من خلال أنظمة تكفل لهم مثل هذا الحق.

أما فيما يخص وسائل التعليم والأجهزة المساعدة وتصنيعها محلياً في المركز أو في ورش المركز، فليس هناك مانع من عمل نماذج من قبلنا للجهة التي تحتاج لمثل هذه الوسائل، أما إذا كنت تقصد توفيرها بشكل تجاري، فمن الأجدى أن يقوم القطاع الخاص بهذا، ونرجو أن يكون لنا دور في استقطاب القطاع الخاص وفي تشجيعه، وليس من الضرورة أن نقوم بكل شيء، ولكن نستطيع أن نجتذب الجهات المعنية من القطاع الخاص وغيرها لعمل المطلوب، ولعلنا إن شاء الله نتعاون مع بعض في هذا الشأن.

الأستاذ: محمد هاشم:
نشكر المكتبة الناطقة وعلى رأسها سعادة الأستاذ (عبد الرحمن الخلف)، كما نشكر سعادة الدكتور (محمد الطريقي) على ما أتحفنا به، ونشكره على أنه أكد لدينا مطلباً يتزايد كلما حضرنا في هذه القاعة، وهذا المطلب يلخص تحت عنوان واحد:

كيف تتضافر الجهود؟
هناك العديد من المخلصين في هذا الوطن والحريصين والمحتسبين في أعمالهم، ولكن ما يفتت الجهد هو التفتت والتشرذم هنا وهناك، توجد وزارة المعارف وهناك الجامعات وهناك مركز إعداد الأطراف الصناعية والتأهيل، ونحن نحتاج إلى جهة تقوم بالتنسيق بين هذه الجهات جميعاً لتصب في مجرى واحد.

الدكتور: الطريقي:
تطرقت إلى موضوع هام جداً وحيوي وحساس في نفس الوقت، وهو موضوع تنسيق خدمات المعوقين في المملكة العربية السعودية، وهذا موضوع طرح على مستوى المقام السامي، وطرح على مستوى وزاري، وطرح على مستويات أخرى، وقيل لماذا يوجد وزارة المعارف تعنى بالتعليم الخاص والرئاسة العامة لتعليم البنات كذلك، ولماذا وزارة الصحة تعنى بالرعاية الصحية والتأهيل الطبي فقط، ولماذا وزارة العمل والشؤون الاجتماعية تعنى بالتأهيل الاجتماعي والتأهيل المهني والرعاية ورعاية المسنين، لماذا لا تدمج كل هذه الجهود المتخصصة للمعوقين في مؤسسة واحدة تسمى (المؤسسة العامة لرعاية وتأهيل المعوقين والمسنين) يرأسها وزير أو في مرتبة وزير، وتربط بمجلس الوزراء أو بالمقام السامي مباشرة، وطرحت هذه الفكرة ولكن لم تتم الموافقة عليها من الجهات العليا، وهذا أمر أعتقد أن الجهات العليا درسته بتمعن، فوجدت أنه من الأفضل ألا تفصل خدمات المعوقين في جهة مستقلة، فلقد وجدت أن التوجه العالمي هو دمج المعوقين في المجتمع، وأن فصل خدماتهم سيؤدي إلى فصلهم وعزلهم اجتماعياً.

ولكن لا ننكر أن موضوع التنسيق هو أمر لا بد منه، حتى وإن وجدت الخدمات منتمية إلى وزارت مختلفة، فالتنسيق لازم لتوحيد الجهود وتفادي الازدواجية، ولهذا شكلت لجنة سميت (لجنة تنسيق خدمات المعوقين بالمملكة) وكانت برئاسة عضو من وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وبعضوية كل من وزارة الصحة ووزارة المعارف وجهات أخرى، وكان لي شرف تمثيل وزارة الصحة في هذه اللجنة.

وقد تم تشكيل هذه اللجنة منذ ثلاث سنوات واجتمعنا مرة واحدة في السنة أو مرتين، ولكن علقت أعمال هذه اللجنة ولم تصدر عنها توصيات تستحق الذكر.

كما أن هناك لجنة قائمة للتنسيق بين الوزارات المعنية ودخلت فيها الرئاسة العامة لتعليم البنات، لأن التعليم الخاص للبنات فصل عن وزارة المعارف وأصبح تحت إشراف الرئاسة العامة لتعليم البنات، كما أدخلت فيها وزارة المالية.

الدولة مدركة والحمد لله أن لا بد من تضافر الجهود ولا بد من التنسيق بين الخدمات ولا بد من توفير المطلوب للمعوق، والتوجه طيب وننتظر والحمد لله نتائج.

الدكتور: صالح المهنا:
بسم الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، إن إضافة شكر لما قيل ربما لن تزيد شيئاً ولا أريد أن أكرر فالشكر لجميع من أسهموا في هذه الندوة، وأؤكد ما قاله الإخوان، هناك حاجة ماسة إلى أمرين هامين بالنسبة لرعاية وتعليم وتأهيل المعوقين في وطننا العزيز وهذان الأمران هما:
أولاً: تصحيح نظرة الأفراد والمجتمع بصورة عامة، للأسف الشديد نسمع كثيراً أن (لدينا نظرة إيجابية)، ولكن عندما تتقدم للعمل في مؤسسة ما ولديك حالة عوق تجد الرفض بشكل أو آخر.

لقد أحزنني كثيراً عندما سمعت أن أستاذاً للعلوم الشرعية في إحدى الجامعات أصيب بحادث وأصبح مقعداً فرفضت الكلية قبوله للعودة في العمل بسبب عوقه، مع أنه يدرس علوماً شرعية لن يقوم بتدريس رياضة بدنية، هذا مثال والأمثلة كثيرة جداً وللأسف الشديد الموضوع يحتاج إلى تصحيح النظرة لدى الجميع، والجميع بالطبع ينسحب على المسؤول الكبير والصغير في المؤسسة الخاصة والعامة وعلى أفراد المجتمع.

النظرة الاجتماعية عموماً في بلدنا للمعوق طيبة، ولكنها لا ترقى إلى مرحلة التطبيق والتقبل في الحياة العامة بالذات.

النقطة الثانية: هي التي أكد عليها الأستاذ (محمد هاشم)، وثنى على ذلك سعادة الدكتور (محمد الطريقي)، وهي الحاجة الماسة إلى التنسيق والتعاون والتعارف، فهذا بالفعل ينقصنا.

وفي هذا المجال أطرح فكرة لا أدري مدى إمكانية تحقيقها ونعتقد أنها ستفيد، وهي تشكيل هيئة أو منظمة أو جمعية للمهتمين بخدمات المعوقين، لعلهم على الأقل يتبادلون الآراء والمعلومات بينهم.

الدكتور: الطريقي:
شكراً يا دكتور (صالح) كلامك طيب، جزاك الله خيراً، موضوع نظرة المجتمع للمعوق أعتقد أنها تحتاج إلى وقت وتضافر جهود وسائل الإعلام والتعليم، ويمكن أن نضيف إلى برامج التعليم العام بعض الأشياء التي تساعد على توعية الناس أو الأفراد فيما يخص المعوقين.

موضوع تشكيل هيئة أعتقد أنه ليس صعباً إذا كان يحتاج إلى تنسيق فنحن في المركز على استعداد لتشكيل الهيئة ودعوة المختصين أو المهتمين، وتكون الهيئة غير رسمية، بمعنى أنها تعتبر لجنة أو هيئة للمهتمين بشؤون المعوقين، وإن شاء الله سنبعث لك خطاب دعوة[8].


رابط الموضوع: http://www.alukah.net/Social/0/37824/#ixzz1u5y5i7Fy