الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

السبت، 11 أغسطس 2012

تقييم المعاقين بصرياً .... من صرخة هاني خليفة

مقدمة عن الإعاقة البصرية
نال مجال الإعاقة والمعوقين اهتماما بالغا في السنوات الأخيرة ويرجع هذا الاهتمام إلى الاقتناع المتزايد في المجتمعات المختلفة بان المعوقين كغيرهم من أفراد المجتمع لهم الحق في الحياة وفي النمو بأقصى ما تمكنهم منه قدراتهم وطاقاتهم ، هذا من ناحية ، ومن ناحية أخرى فان اهتمام المجتمعات بفئات المعوقين يرتبط بتغيير النظرة المجتمعية إلى هؤلاء الأفراد، والتحول من اعتبارهم عاله اقتصادية على مجتمعاتهم إلى النظر إليهم كجزء من الثروة البشرية مما يحتم تنمية هذه الثروة والاستفادة منها إلى أقصى حد ممكن .
وبما أن الإنسان يعتمد على حواسه الخمس : السمع ، والبصر ، والمس ، والشم ، والذوق ، في الحصول على المعلومات والتعرف على البيئة المحيطة به ، وأي اختلال أو فقدان لواحدة أو أكثر من تلك الحواس يعني اعتمادا أكبر على الحواس الأخرى المتبقية ، وحيث أن حاسة الإبصار تلعب دورا مهما جدا في عملية التفاعل التي تتم بين الإنسان وبيئته ، علاوة على أن الجزء الأكبر من التعليم يتم عن طريق حاسة الإبصار ، فان تلك الحاسة هي التي تتولى عملية تنسيق وتنظيم الانطباعات التي يتم استقبالها عن طريق الحواس الأخرى .
وبذلك فالمعاق بصريا يعيش عالما ضيقا محدودا نتيجة لعجزه ويود لو استطاع التخلص منه والخروج إلى عالم المبصرين ، فهو لديه حاجات نفسيه لا يستطيع إشباعها ، واتجاهات اجتماعية تحاول عزله عن مجتمع المبصرين ، ويواجه مواقف فيها أنواع من الصراع والقلق . كل هذا يؤدي بالمعاق بصريا إلى أن يحيا حياه نفسيه غير سليمة ، قد تؤدي به إلى سؤ التكيف مع البيئة المحيطة به .
ومن هنا تنبع الحاجة إلى الخدمات الإرشادية للمعوقين بصريا مثل غيرهم العاديين ، وذلك لمساعدتهم على إشباع حاجاتهم النفسية ومواجهة مشكلاتهم الخاصة ، والتغلب على الآثار النفسية المترتبة على إعاقتهم مثل الصراع والقلق والإحباط والانطواء ، وتعديل ردود الفعل للاتجاهات الاجتماعية السلبية التي تحاول عزلهم عن الأفراد العاديين ، وتقديم خدمات الإرشاد الأسري والتربوي والمهني المناسبة لهم .
مقدمة عامة للإعاقة البصرية
أولا : نظره تاريخية لتطور رعاية المعوقين بصريا :
1 – قديماً  :
لم تكن هناك أي رعاية تربوية تذكر أبان تلك العصور حيث عاش المعاق بصريا عيشة بؤس وشقاء حيث يلجأ بعض الأباء إذا كف بصر بعض أبنائهم ليستدروا عطف الناس عند التسول ، ولقد ورد في الكتابات القديمة لأفلاطون وار سطو ضرورة التخلص من المعاق بصرياً بالإعدام أو النفي خارج البلاد ، وجاء ذلك في قوانين ليكروجوس وسولون ، وفي روما ظل الناس فترة طويلة من الزمان يغرقون المعاق بصرياً في نهر التيبر حتى جاء رمولوس فحد من هذا التصرف بعض الشيء إذ طلب ضرورة تشكيل جمعيات أهليه للبت في مدى صلاحية المعاق بصرياً للمواطنة الصالحة من عدمه ، ولعل مرد هذا النبذ للمعاق بصرياً يرجع إلى بعض المعتقدات والخرافات الثقافية التي كانت سائدة عنه تلك الفترة كالخرافة الثقافية القائلة بأن لمس المعاق بصرياً قد ينقل العدوى إلى الملامس وان يديه خطرتان على الصحة العامة حتى إن بعض الأمهات لا يسمحن للمعاق بصرياً بلمس أطفالهن ، وتظهر طبيعة ذلك النبذ الاجتماعي في رفض المجتمعات القديمة للمعاق بصرياً بممارسة أي عمل إلا في أضيق الحدود ، ففي مصر القديمة مثلا عين المعاق بصرياً في بعض الأعمال البسيطة  .
كما إن بعض المجتمعات كانت تعتبر المعاق بصرياً تجسيد للعنة الآلهة ولذلك كان المعاق بصرياً يلقي ألوانا من الاضطهاد والإذلال قد تصل إلى حد القتل ، وبعض الجماعات القديمة كانت تعتبر المعاق بصرياً عالة على المجتمع وانه يضعف من قوتها وشأنها فلا مناص من الخلاص منه عملا بالمبدأ الذي كانوا يؤمنون به وهو ضرورة الاستغناء عن كل عضو ضعيف في المجتمع .
2 - حديثاً :
صدر في إنجلترا عام 1601 قانون اليزابيث للفقراء ولقد استفاد المعاق بصرياً من هذا القانون بحسبانه من الفقراء إلى جانب المنح التي كانت تمنح له من وقت إلى آخر حيث كان الإحسان فقط هو وسيلة لتكيف المعاق بصرياً آنذاك . أما في فرنسا فقد أتيحت له حرية البحث عن الطعام في الطرقات واستثارة الناس بشتى الوسائل حتى أسس الملك لويس ملجأ لإيواء ثلاثمائة معاق بصرياً وكانت الخدمات التي تقدم له تستهدف رفع معنوياته وتكيفه مع من حوله وما حوله .
وكانت أول محاولة للرعاية التربوية للمعاق بصرياً في تلك الفترة على يد (فالنتين هوى) في باريس إذ التقط معاقاً بصرياً من الشارع كان يستجدي وأدخله مدرسة أسسها هو بنفسه وأطلق عليها اسمه وسرعان ما أصبح عدد تلاميذها أثنى عشر تلميذا قامت بتمويلها جمعية رعاية ضعاف البصر في باريس ، ولقد استخدم فالنتين مجموعة من الأحرف البارزة التي يتمكن المعاق بصرياً بلمسها بأصابعه أن يقرأ ، ثم أنشأت بعد ذلك عدة مدارس للمعاقين بصرياً في: ليفربول ، أدنبره ، بريستول ، لندن ، وفي اغلب العواصم الأوربية
 
(لطفي بركات احمد ، 1982، ص 40) .
وهكذا بدأت الرعاية التربوية للمعاق بصرياً تنمو باطراد نتيجة مقالات (فولتير) التي ابرز فيها أن المعاق بصرياً يستطيع الاعتماد على نفسه إذا ما أتيح له فرص التأهيل والتدريب المهني السليم .
وفي مطلع القرن التاسع عشر أصبح تعليم المعاق بصرياً إلزاميا ، وظهرت طريقة (لويس برايل) وطريقة (مون) وهما طريقتان للكتابة البارزة ، أما بالنسبة لتعليم المعاق بصرياً الراشد فقد أعد له نظام التعليم في المنازل وابتدعت (اليزابيث جلبرت) هذا النظام ودعمته بوسائل تربوية متعددة.
3 - القرن العشرين والحالي :
مع بداية هذا القرن بدأت صيحات المربين تصل إلى كل مكان منادية بضرورة اضطلاع الدولة بمسئوليتها نحو المعاق بصرياً حتى صدر في إنجلترا عام 1920 قانون للمعاق بصرياً يضمن له مستوى معيشي امنا ومن ثم اصبح عمل الجمعيات الخيرية وهيئات الإحسان الأهلية بمجرد تقديم المساعدات الثانوية للمعاق بصرياً .
وفي الوطن العربي كانت أول محاولة لتعليم المعاق بصرياً في مصر في صورة مدرسة خاصة أسسها معلم اللغة العربية يسمى
 (محمد أنس) في شيخون بالقاهرة وسافر إلى أوربا للإطلاع على نظم وطرق تعليم المعاق بصرياً واستيراد مطبعة لطبع الكتب بطريقة برايل . وكانت هذه المدرسة توقفت برحيل صاحبها، وأنشأت بعد ذلك الجمعية الإنجليزية لرعاية العميان التي اهتمت بتعليم المعاق بصرياً المهن المختلفة ، وبعد الحرب العالمية الأولى بدأت وزارة المعارف في ذلك الوقت بالاهتمام بإنشاء معاهد خاصة للمعاق بصرياً كانت أولها مدرسة الجمعية الوطنية عام 1935 ، كما أنشأت في الوقت نفسه قسما إضافيا لخريجات مدرسة المعلمات للتخصص في تربية المعاق بصرياً ثم أخذت تتوسع بعد ذلك في إنشاء معاهد للمعاقين بصرياً في القاهرة والأقاليم واقتصر التعليم في تلك الفترة على المرحلة الابتدائية التي تنتهي بالتعليم المهني.
تعريف الإعاقة البصرية :
1 - التعريف اللغوي :
تستخدم ألفاظ كثيرة في اللغة العربية للتعرف بالشخص الذي فقد بصره وهذه الألفاظ هي :
كلمة الأعمى : وهي مأخوذة من أصل مادتها وهي العماء ، والعماء هو الضلالة ، والعمى يقال في فقد البصر  أصلا ، وفقد البصر مجازا وكلمة الأكمة : فمأخوذة من الكمه ، والكمه هو العمى قبل الميلاد .
وكلمة الاعمه : مأخوذة من العمة ، والعمة كما في لسان العرب التحير والتردد ، وقيل العمة التردد في الضلالة والتحير في منازعة أو طريق . ويقال العمة في افتقاد البصر والبصيرة ، وقيل أن العمة في البصيرة كالعمى في البصر .
وكلمة الضرير : فهي بمعنى الأعمى ، لان الضرارة هي العمى ، و الرجل الضرير هو الرجل الفاقد لبصره .
وكلمة العاجز : فتطلق على المكفوف .
وكلمة الكفيف أو المكفوف : فأصلها من الكف ومعناها المنع . والمكفوف هو الضرير وجمعها المكافيف
2 - التعريف القانوني :
يشير التعريف القانوني للإعاقة البصرية  ـ من وجهة نظر الأطباء  ـ  والذي تأخذ به معظم السلطات التشريعية ، إلى أن الشخص المعاق بصرياً : هو ذلك الشخص الذي لا تزيد حدة الأبصار Visual Acuity عن 20/200 (6/60) قدم في احسن العينين أو حتى باستعمال النظارة الطبية ، وتفسير ذلك أن الجسم الذي يراه الشخص العادي في إبصاره على مسافة  200 قدم ، يجب أن يقرب إلى مسافة 20 قدم حتى يراه الشخص الذي يعتبر معاقاً بصرياً حسب هذا التعريف . وهذا التعريف هو التعريف المعتمد قانونياً في الولايات المتحدة ومعظم الدول الأوروبية .
أما منظمة الصحة العالمية فإنها تعتمد درجة مختلفة . فالكفيف وفق معيارها هو من تقل حدة إبصاره عن (3/60) . ولو حاولنا ترجمة ذلك وظيفياً فإنه يعني أن ذلك الشخص لا يستطيع رؤية ما يراه الإنسان سليم البصر عن مسافة (60) متراً إلا إذا قرب له إلى مسافة (3) أمتار . ويشيع استخدام تعريف منظمة الصحة العالمية في الدول الأقل نمواً.
حدة الإبصارVisual Acuity هي قدرة العين على تمييز تفاصيل الأشياء وتقدر حدة الإبصار العادية بأنها 20/20 ، ويشير المجال البصري إلى المنطقة البصرية الكلية التي يستطيع الفرد أن يراها في لحظة معينة . العين العادية تستطيع أن ترى بزاوية تبلغ ما بين 60 إلى 70 درجة ، وعندما يكون مجال الإبصار محددا فان المنطقة البصرية تكون أقل .
أما الأفراد ضعاف البصر Partially Sighted فانهم يعرفون أيضا من جانب السلطات القانونية بأنهم أولئك الأفراد الذين يمتلكون حدة الإبصار تتراوح من 20/70 إلى 20/200 في العين الأفضل بعد التصحيح الممكن
 
(فتحي السيد عبد الرحيم  ، 1983، ص 54) .
إن أهمية التعريف السابق تأتي من أنها تحدد المعاني القانونية التي تقدر مدى أهلية الفرد للحصول على مختلف الخدمات التي يقدمها المجتمع للمعاقين بصرياً خاصة في المجتمعات التي يلزم فيها القانون تقديم امتيازات مادية أو تربوية أو تسهيلات أخرى لهم .
3 -  التعريف التربوي :
يرى الأخصائيون التربويون انه نظرا لان التعاريف القانونية تضع التركيز بصفة أساسية على حدة الإبصار ، فان هذه التعاريف لا تتيح معلومات ثابتة حول الطريقة التي يستطيع الفرد أن يسلك بها ، أو أن يؤدي وظائفه في الإطار الاجتماعي . وبالإضافة إلى ذلك فان التعريف القانوني يفشل في إيضاح درجة الكفاءة أو الفعالية التي يستخدم بها فرد من الأفراد الجزء المتبقي لديه من البصر. وكان من نتيجة ذلك أن التعريف التربوي يفرق بين الشخص الكفيف والشخص ضعيف البصر على أساس الطريقة التي يتعلم بها كل منهم على أفضل نحو ممكن .
فالتعريف التربوي يشير إلى أن الشخص الكفيف ، هو ذلك الشخص الذي لا يستطيع أن يقرأ أو يكتب إلا بطريقة برايل Braille Method
أما ضعاف البصر فهم الأفراد الذين يستطيعون قراءة المادة المطبوعة على الرغم مما قد تتطلبه هذه المادة أحيانا من بعض أشكال التعديل (على سبيل المثال، تكبير حجم المادة ذاتها أو استخدام عدسات مكبرة)
تعريف إرشاد المعاقين بصرياً :
1- تعريف الإرشاد النفسي :
الإرشاد هو المساعدة المقدمة من فرد إلى آخر لحل مشكلاته ورفع إمكانياته على حسن الاختيار والتوافق وهو يهدف إلى مساعدة الإفراد على تنمية استقلالهم وتنمية القدرة على أن يكونوا مسئولين عن أنفسهم (فاروق عبدالسلام وآخرون ، 1992 ص 16) .
ولقد توصل حامد زهران إلى تعريف للتوجيه والإرشاد على أنه؛ عملية بناءه تهدف إلى مساعدة الفرد لكي يفهم ذاته ويدرس شخصيته ويعرف خبراته ويحدد مشكلاته وينمي إمكانياته ويحل مشكلاته في ضوء معرفته ورغبته وتعليمه وتدريبه شخصياً وتربوياً ومهنياً وأسرياً وزواجياً (حامد زهران ، 1980، ص 11) .
2- تعريف إرشاد الفئات الخاصة :
من خلال تعريفنا للإرشاد النفسي يمكن أن نعرف إرشاد الفئات الخاصة بشكل عام بأنها عملية المساعدة في رعاية وتوجيه نموهم نفسياً وتربوياً ومهنياً وأسرياً وزواجياً ، وحل مشكلاتهم المرتبطة بحالات إعاقتهم أو تفوقهم أو الناتجة عن الاتجاهات النفسية والاجتماعية تجاههم وتجاه حالاتهم بهدف تحقيق التوافق والصحة النفسية
(حامد زهران ، 1980، ص430)
.
 
3- تعريف إرشاد المعاقين بصريا :
ويمكننا من خلال استعراض التعريفات السابقة أن نحدد تعريف خاص لإرشاد المعاقين بصرياً على النحو التالي :
هو عملية تقديم المساعدة للمعاق بصرياً في اكتشاف وفهم وتحليل شخصيته نفسياً وتربوياً ومهنياً وأسرياً ، وحل مشكلاته المرتبطة بإعاقته أو الناتجة عن الاتجاهات الاجتماعية لأفراد المجتمع نحوه ، حتى يحقق أفضل مستوى للتوافق مع إعاقته وتقبلها والتوافق مع مجتمعه (بتصرف من الباحث ) .
 مظاهر الإعاقة البصرية :
تتعدد مظاهر الإعاقة البصرية ومنها :
1 - حالة قصر النظر  Myopia  :
وتبدو مظاهر هذه الحالة في صعوبة رؤية الأشياء البعيدة لا القريبة ، ويعود السبب في مثل هذه الحالة إلى سقوط صورة الأشياء المرئية أمام الشبكية ،وذلك لأن كرة العين    Eye Ball أطول من طولها الطبيعي، وتستخدم النظارات الطبية ذات العدسات المقعرة       Concave Lens لتصحيح رؤية الأشياء ، بحيث تساعد هذه العدسات على إسقاط صورة الأشياء على الشبكية نفسها
 (فاروق الروسان ، 1996، ص 117) .
2 - حالة طول النظر Hyporopai :
وتبدو مظاهر هذه الحالة في صعوبة رؤية الأشياء القريبة لا البعيدة ، ويعود السبب في مثل هذه الحالة إلى سقوط صورة الأشياء المرئية خلف الشبكية وذلك لأن كرة العين اقصر من طولها الطبيعي ، وتستخدم النظارات الطبية ذات العدسات المحدبة Convex Lens  لتصحيح رؤية الأشياء بحيث تساعد هذه العدسات على إسقاط صورة الأشياء على الشبكية نفسها
 (فاروق الروسان ، 1996، ص 117) .
3 - حالة صعوبة تركيز النظر (اللابؤرية) Astigmatism :
وتبدو مظاهر هذه الحالة في صعوبة رؤية الأشياء بشكل مركز Notion Focus  أي صعوبة رؤيتها بشكل واضح ، ويعود السبب في مثل هذه الحالة إلى الوضع غير العادي أو الطبيعي لقرنية العين أو العدسة ، وتستخدم النظارات الطبية ذات العدسات الأسطوانية لتصحيح رؤية الأشياء ، بحيث تساعد مثل هذه العدسة على تركيز الأشعة الساقطة من العدسة وتجميعها على الشبكية
 (فاروق الروسان ، 1996، ص 118) .
4- الجلاكوما Glaucoma :
يعرف مرض الجلاكوما في كثير من الأحيان باسم الماء الأزرق ، وهي حالة تنتج عن ازدياد في إفراز السائل المائي الموجود في القرنية الأمامية (الرطوبة المائية) ، أو يقل تصريفه نتيجة لانسداد القناة الخاصة بذلك ، مما يؤدي إلى ارتفاع الضغط داخل مقلة العين ، والضغط على العصب البصري الذي ينتج عنه ضعف البصر . ويعد هذا المرض سبباً من أسباب الإعاقة البصرية لدى كبار السن من المعاقين بصرياً ، ونادراً ما يكون سبباً للإعاقة البصرية لدى صغار السن المعاقين بصرياً
 
(كمال سالم سيسالم ، 1997 ص 45) .
5- عتامة عدسة العين Cataract :
ويشار لها في أحيان كثيرة باسم (الماء الأبيض) أو (الساد) . وتنتج عتامة عدسة العين عن تصلب الألياف البروتينية المكونة للعدسة مما يفقدها شفافيتها . والغالبية العظمى من الحالات تحدث في الأعمار المتقدمة . وتتلخص أعراض عتامة العدسة ، بعدم وضوح الرؤية والإحساس بأن هناك غشاوة على العينين مما يؤدي إلى الرمش المتكرر أو رؤية الأشياء وكأنها تميل إلى اللون الأصفر
 
(يوسف القريوتي وآخرون ، 1995، ص 194) .
6- الحول Strabismus :
وهو عبارة عن اختلال وضع العينين أو إحداهما مما يعيق وظيفة الإبصار عن الأداء الطبيعي . ويكون الحول إما خلقياً أو وراثياً ، وإما أن ينتج عن أسباب تتعلق بظهور الأخطاء الانكسارية في مرحلة الطفولة (طول النظر ، قصر النظر) أو ضعف الرؤية في إحدى العينين ، وكثيراً ما يكون ضعف عضلات العين واحداً من الأسباب الرئيسية للحول
 
(يوسف القريوتي وآخرون ، 1995، ص 195) .
7- الرأرأة Nystagmus :وهي عبارة عن التذبذب السريع والدائم في حركة المقلتين مما لا يتيح للفرد إمكانية التركيز على الموضوع المرئي
(يوسف القريوتي وآخرون ، 1995، ص 195)
.

 
أسباب الإعاقة البصرية
تقسم أسباب الإعاقة البصرية إلى مجموعتين رئيسيتين هي :
1 - مجموعة أسباب مرحلة ما قبل الميلاد Pre-natal Causes :
يقصد بها كل العوامل الوراثية والبيئية التي تؤثر على نمو الجهاز العصبي المركزي والحواس بشكل عام

 
(فاروق الروسان ، 1996، ص 119) .
وهي في مقدمة العوامل المسببة للإعاقة البصرية حيث تمثل حوالي 65% من الحالات . ومنها على سبيل المثال العوامل الجينية ، وسوء التغذية ، وتعرض الأم الحامل للأشعة السينية ، والعقاقير والأدوية ، والأمراض المعدية ، والحصبة الألمانية ، والزهري ... الخ وتعتبر هذه العوامل من العوامل العامة المشتركة في إحداث أشكال مختلفة من الإعاقة ومنها الإعاقة البصرية .
ولا يمكن الوقاية من الإعاقات البصرية التي ترجع إلى ظروف تحدث فيما قبل الميلاد إلى أن يتم فهم العلاقات السببية بين هذه العوامل وبين الإعاقة البصرية بشكل أفضل
 
(فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص289) .
 وتعتبر المعلومات العلمية قاصرة عن العوامل الوراثية والأمر يتطلب مزيدا من البحوث في هذا الميدان .
2 - مجموعة أسباب ما بعد مرحلة الميلاد Post-natal Causes :
ويقصد بها مجموعة العوامل التي تؤثر على نمو حاسة العين ووظيفتها الرئيسية الإبصار، مثل العوامل البيئية كالتقدم في العمر ، وسؤ التغذية ، والحوادث والأمراض ، التي تؤدي بشكل مباشر أو غير مباشر إلى الإعاقة البصرية

 
( فاروق الروسان ، 1996، ص 119) .
وما يقرب من 16% من الإعاقات البصرية عند الأطفال والشباب ترجع إلى عوامل غير محددة وتحدث فيما بعد الميلاد
 
(فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص 289) .
 ومن هذه الأسباب التي قد تؤدي إلى الإعاقة البصرية المياه البيضاء ، والمياه السوداء ، مرض السكري ، أمراض الشبكية ، أمراض العدسة ، التهابات العين ، الحول ، الحوادث ، وأسباب أخرى ...
* فقد البصر بين الأطفال حديثي الولادة :
لقد أحرز العلماء نصرين عظيمين في المحافظة على بصر الأطفال حديثي الولادة :
النصر الأول : في بداية القرن العشرين وجد أن الكثيرين من الأطفال يفقدون بصرهم بسبب التهابات العين الطفيلية إلى أن تبين أن هذا النوع من العمى ينشئ عن مواد عضوية معدية ، توجد في عنق رحم الأم ، ويمكن إنقاذ الطفل بتقطير نترات الفضة في عينيه بعد ولادته مباشرة
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 12) .
النصر الثاني : في عام 1950 كانت 50% من حالات فقد البصر التي تصيب صغار التلاميذ قبل إلحاقهم بالمدارس ناشئة تقريبا عن وجود أنسجة ليفية خلف عدسات العين ، وكان هذا المرض شائعا خلال العقد الخامس من القرن الحالي (1940ـ1950) بين الأطفال الذين يولدون قبل تسعة شهور من الحمل ، وكان من المعتقد انه راجع إلى عامل غير معروف يؤثر في اكتمال نمو العين خلال مدة الحمل ، وان هذا العامل قد يتسبب أيضا في الولادة المبكرة
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 13) .
وكان النصر الكبير ثمرة للبحوث الجماعية التي أيدها ((المعهد القومي للأمراض العصبية والعمى)) التابع للحكومة الأمريكية ، إذ أكتشف العلماء أخيرا أن السبب في فقد البصر في تلك الحالات يرجع إلى الأكسجين المركز لدرجة كبيرة والذي كان يعطى للأطفال في حالات الولادة  المبكرة ، كعلاج رتيب أثناء فترة بقائهم في الحاضنات (سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 13) ،
 وقد اكتشف السبب المؤدي إلى هذا المرض عام 1952 مما أدى بعد ذلك إلى التحكم في كمية الأكسجين التي يزود بها هؤلاء الأطفال إلى 40% أو أقل وترتب على ذلك أن قل عدد الأطفال الذين يصابون بإعاقة بصرية نتيجة لهذا السبب بشكل ملحوظ
(فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص289) .
 
ازداد الاهتمام مؤخراً في دول العالم المختلفة بالتوجه نحو تعليم الأطفال المعوقين مع الأطفال العاديين في البيئة التربوية العادية إلى الحد الأقصى الممكن . وقد عرف هذا التوجه بمبدأ البيئة الأقل تقييداً .
وقد انبثقت حركة الاهتمام بالدمج نتيجة جملة من العوامل من أهمها : جهود لجان الدفاع عن حقوق المعوقين ، والتشريعات ، وتغير اتجاهات المجتمع نحو الإعاقة ، وجهود الآباء والأمهات ، ونتائج الدراسات التقويمية في ميدان التربية الخاصة المعروفة باسم دراسات الجدوى والتي أشارت إلى عدم فاعلية تدريس الأطفال المعوقين في المدارس والمؤسسات الخاصة ، وعدم قدرة هذه المدارس والمؤسسات على استيعاب جميع الأطفال المعوقين
 
(منى صبحي الحديدي ، 1998، ص 182) .
وفي دول العالم المختلفة كان المعوقين بصرياً الأوفر حظاً بين ذوي الإعاقات المختلفة من حيث توافر الدمج الأكاديمي ، فإما يتم وضع المعاقين بصريا في فصول ذات تجهيزات خاصة ملحقة بالمدارس العادية ولكن الطفل يترك فصله من حين لآخر أثناء اليوم المدرسي ليشارك زملاءه المبصرين في نشاطهم الذي لا يحتاج إلى مجهود بصري. أو يتم وضع المعاقين بصريا في فصول عادية للأسوياء ذات تخطيط تربوي خاص حيث يسمح للطفل المعاق بصريا أن يترك الفصل العادي ويذهب إلى فصل خاص يزاول فيه النشاط التربوي المحتاج إلى استعمال دقيق للبصر . ويقوم هذا الرأي على زيادة إدماج الطفل المعاق بصريا مع المبصرين ومساعدته على إبراز ما عنده من قدرات وميول وتقويتها (سيد عبدالحميد مرسي، 1975، ص418).
وإن اتخاذ مثل هذه الخطوة يتطلب الدراسة الواعية لكل المتغيرات والعوامل التي تضمن نجاحها ، ويقف على رأس هذه العوامل اتجاهات المعلمين والطلاب نحو المعوقين بصريا .
ففي دراسة مقارنة أجراها بومان Bauman 1964 بين مجموعتين من المعاقين بصرياً أحداهما تقيم إقامة داخلية في إحدى المدارس الداخلية الخاصة بالمعاقين بصرياً ، والأخرى تتعلم في المدارس النهارية . وجد بومان أن هناك فروقاً في التوافق الانفعالي لصالح المعاقين بصرياً في المدارس النهارية أي أن درجة التوافق الانفعالي للمقيمين إقامة داخلية من المعاقين بصرياً أقل من درجة التوافق التي أحرزها أقرانهم في المدارس النهارية .
ويظهر من هذه الدراسة أثر التفاعل بين المعاق بصرياً وأسرته من ناحية ، وتفاعله مع المبصرين في المجتمع من ناحية أخرى ، في تنمية الجوانب المختلفة لشخصيته ، وفي الحد من الإعتمادية على الآخرين ، مما يساعد على تنمية قدراته الذاتية مما يؤدي إلى الزيادة في توافقه الانفعالي مقارنة بأقرانه المقيمين في المدارس الداخلية الذين لا تتاح لهم فرصة التفاعل مع المبصرين في الأسرة والمجتمع (كمال سالم سيسالم ، 1997، ص82) .
كما أجرى السرطاوي وآخرون 1989 دراسة مسحية للتعرف على أراء المعلمين و المدراء في المدارس الابتدائية ومعاهد التربية الخاصة في مدينة الرياض ، نحو أنماط الخدمة التربوية المناسبة للمعوقين ودمجهم . وقد كشفت نتائج هذه الدراسة عن وجود أثر دال لمتغير الجنس ، والمستوى التعليمي ، وسنوات الخبرة على مدى تقبل دمج الأطفال المعوقين في المدارس العادية ، في حين لم يظهر أثر لمتغيري طبيعة العمل ومكان العمل على الدمج (زيدان السرطاوي ، 1411هـ ، ص82-83) .
ولهذا النوع من الدمج مزاياه وعيوبه يمكن أن نوجزها في التالي: (محمد عبدالمؤمن حسن، 1986، ص38)
* المزايا :
1 - تسمح للأطفال المعاقين بصريا بالاندماج في الحياة العادية مع العاديين باستمرار ومع زملائهم العاديين بصفة خاصة .
2 - عملية الدمج لا تحرم الأطفال المعاقين بصريا من التمتع باستمرار العلاقات الاجتماعية وممارستها في المنزل والمجتمع .
3 - تتيح للطفل المعاق بصريا بالاختلاط مع زملاءه المعاقين بصريا وكذلك مع زملاءه الأسوياء ومحاولة مجاراتهم في تحصيل الخبرات والإسهام في الأنشطة وهذا يعتبر غاية كل عمل تربوي وتأهيلي .
4 - كما إنها تجنب الطفل المعاق بصريا العزلة الاجتماعية التي يشعر بها وهذا يجنب الطالب المعوق كذلك النظرة التشاؤمية لقدراته والأحكام القبلية التي يفرضها مجتمع العاديين من حوله واتجاهات التمييز والرفض والحواجز النفسية ضد المعوقين وخاصة عند تشغيلهم
* العيوب :
1 - لا تتوافر في المدرسة أو الفصول الخارجية الملحقة بالمدارس العادية الإمكانيات المطلوبة لهذه الفئة من المعوقين كما هو الحال في معاهدهم الخاصة بهم ، والتي تتبع نظام الدراسة الداخلية أو الإقامة الكاملة والبرنامج الشامل .
2 - إن تنظيم المدرسة العادية بوسائلها وأنشطتها ومكتبتها و معاملها وغير ذلك لا يتناسب مع حالة وإمكانيات الطفل المعاق بصريا الذي يحتاج إلى مدرسة من نوع خاص وتنظيم خاص توفر له حرية الحركة والنشاط.
3 - فضلا على إن المدرسة العادية تضع عبأً كبيرا على أولياء الأمور في توفير المواصلات اللازمة يوميا للطفل المعوق بصريا ذهابا وعودة ، فضلا عن ضرورة تفرغ مرافق خاص به باستمرار .

ولكي تنجح فكرة الدمج فلابد من توفر العديد من العوامل التي تعمل على إنجاح فكرة الدمج ومنها :


(فاروق الروسان ، 1998، ص 47-48)
1- توفير التسهيلات والأدوات اللازمة لإنجاح فكرة الدمج ، والتي قد تظهر على شكل غرفة المصادر في المدرسة العادية ، بحيث يتوفر في هذه الغرف كل الأدوات اللازمة للمعاقين بصرياً مثل الكتب والمواد الدراسية المكتوبة بطريقة برايل ، والكتب الناطقة ، وآلات طباعة تلك الكتب بطريقة برايل ، وكذلك توفر الأخصائي أو معلم التربية الخاصة المؤهل للتعامل مع هذه المواد المكتوبة .
2- إعداد الإدارة المدرسية والمدرسين والآباء لتقبل فكرة الدمج ، وذلك بمشاركتهم في اتخاذ القرار الخاص بالدمج ، بحيث تكون فكرة الدمج مقبولة لدى الجميع ، وبحيث تتوفر الاتجاهات الإيجابية لدى إدارة المدرسة والمدرسين والطلبة وآباء الطلبة العاديين والمعاقين بصرياً نحو فكرة الدمج .
3- تحديد أعداد الطلبة التي يمكن دمجهم بحيث لا تزيد عن ثلاثة طلبة في الصف الواحد ، آخذين بعين الاعتبار عدد الطلبة العاديين في الصف العادي ومساحة الصف ومستواه الدراسي .
4- الاعتماد على الأساس القانوني في قضية الدمج ، والاعتماد على القوانين التي تكفل حق الحماية والرعاية الصحية والاجتماعية والتربوية للمعاقين ، بحيث تستند فكرة الدمج على أساس حقوق المعاقين ، لا مجرد شفقة أو منة عليهم .
5- وضع معايير ذاتية وجمعية لتقييم فكرة الدمج من حيث نجاحها أو فشلها وبحيث تتم عملية التقييم بشكل مستمر وذلك لإثراء عملية الدمج وتصويبها .
المهارات الأساسية لتعليم وتدريب المعاقين بصرياً
مهما كان شكل تنظيم البرامج التربوية للمعوقين بصريا ومبرراته ، فلا بد أن تتضمن تعليم وتدريب المعوقين بصريا على عدد من المهارات الأساسية في تعليمهم مثل مهارة القراءة والكتابة بطريقة برايل ، ومهارة تعلم الآلة الكاتبة العادية ، ومهارة إجراء العمليات الحسابية بطريقة المكعبات الفرنسية ، ومهارة التوجه والحركة ، وفيما يلي شرح موجز لكل من تلك المهارات :
1- مهارة القراءة والكتابة بطريقة برايل Braille Method  :
طور لويس برايل (1809ـ1852) Braille طريقة برايل وأظهرها إلى حيز الوجود حوالي عام 1829 ، و قد ساعده في ذلك ضابط فرنسي اسمه شارلس باربير  وكان برايل نفسه معاقاً بصرياً ، وتعتبر طريقته من أكثر أنظمة القراءة والكتابة شيوعا في أوساط المعاقين بصرياً .
وقد وصل نظام برايل إلى منطقة الشرق الأوسط بالتحديد في مصر قبل عام 1878 عن طريق مبشره إنجليزية تدعى الآنسة لوفيل Lovell .
وقد تم استخدامه كأداة رئيسية في تعليم القراءة والكتابة للمعاقين بصرياً في المملكة العربية السعودية منذ أن تم افتتاح أول معهد نور للمعاقين بصرياً في سنة 1380ـ1960.
وتقوم طريقة برايل على تحويل الحروف الهجائية إلى نظام حسي ملموس من النقاط البارزة  Dots والتي تشكل بديلا لتلك الحروف الهجائية ، وتعتبر الخلية Cell هي الوحدة الأساسية في تشكيل النقاط البارزة ، حيث تتكون الخلية من 6 نقاط ، حيث تعطى كل نقطه من النقاط رقما معينا يبدأ من 1 و ينتهي بـ 6 . أما الترميز في نظام برايل فلا يتم بواسطة عدد النقاط في الرمز الواحد ، بقدر ما يتم من خلال تغيير مواضع النقاط داخل الخلية الواحدة ، مما ينجم عنه 63 رمزا
(ناصر الموسى ، 1411، ص 286) .
ولا يزال معلمو المرحلة الابتدائية بمعاهد النور في المملكة العربية السعودية يستخدمون قلم ومسطرة برايل للبدء في تعليم كتابة برايل في الصفوف العليا من المرحلة الابتدائية ، على الرغم من أن استخدام آلة برايل الكاتبة عند البدء في تعليم الكتابة يعتبر أكثر فاعلية كما أظهرت ذلك تجارب الأمم المتقدمة ، وكما أكد عليه التربويون والباحثون في مجال الإعاقة البصرية (ناصر الموسى ، 1411، ص 287) .
2- مهارة تعلم الاله الكاتبة العادية :
تعتبر الآلة الكاتبة العادية من أكثر الوسائل الكتابية أهمية للمعوقين بصريا ، حيث إنها تزيد من إمكانية التفاعل بينهم وبين أقرانهم المبصرين ، وذلك من خلال تمكين المبصرين من قراءة الأعمال الكتابية للمعوقين بصريا بشكل مباشر وسريع ، غير أن المشكلة الأساسية التي تواجه المعوقين بصريا - وبالذات المكفوفين منهم - عند استخدام الآلة الكاتبة العادية تكمن في عدم قدرتهم على مراجعة وتصحيح ما يكتبون . ولقد أمكن التغلب على هذه المشكلة في البلاد المتقدمة عن طريق استخدام برامج الحاسبات الآلية حيث يتم توفير التغذية الراجعة بواسطة برايل أو الصوت أو الاثنين معا .
وفي عام 1401-1402 هـ قامت الأمانة العامة للتعليم الخاص بوزارة المعارف باعتماد تدريس استخدام الاله الكاتبة العادية في المرحلة الثانوية عبر سنواتها الثلاث بواقع ثلاث حصص في الأسبوع : حصتان لغة عربية ، وحصة واحدة لغة إنجليزية
 
(ناصر الموسى ، 1411، ص 290) .
3- مهارة إجراء العمليات الحسابية :
وتعتبر العدادات الحسابية وسائل تسهل مهمة التلاميذ المعوقين بصريا في القيام بالعمليات الحسابية المختلفة كالجمع والطرح والضرب والقسمة ، وهناك عدد من العدادات الحسابية لعل من أبرزها : العدادات والمكعبات الفرنسية ولوحة التيلر .
والمكعبات الفرنسية هي التي تستخدم حاليا في معاهد النور بالمملكة العربية السعودية ، وهي كما يتضح من اسمها عبارة عن مكعبات يحتوي كل منها على كل الأعداد الأساسية من صفر إلى تسعه ، بالإضافة إلى علامات الجمع والطرح والضرب والقسمة ، والعلامة العشرية ، وتتم كتابة العدد المطلوب عن طريق تغيير اتجاه المكعب ، وهي من أفضل العدادات الحسابية للأسباب التالية : (ناصر الموسى ، 1411، ص 291-292)
1 - يمكن نقل المهارة الحسابية المكتسبة بواسطة التدريب على المكعب الفرنسي إلى نظام برايل ، حيث الرموز الحسابية في نظام برايل ولكن بدون العلامة الحسابية .
2 - تمكن التلاميذ من الكتابة بشكل أفقي ورأسي ، ولاشك إن الكتابة الرأسية أمر ضروري في العمليات الحسابية المطولة ، حيث ينبغي وضع الخانات العددية بشكل تسلسلي تحت بعضها ، ليتسنى للطفل المعوق بصريا تغطيتها لمسياً ، وإدراكها حسيا بسهولة ووضوح ، وهو ما يوفره المكعب الفرنسي .
3 - يستطيع التلميذ بواسطتها أن يحل أكثر من مسألة حسابية في آن واحد، نظرا لاتساع المساحة المستخدمة .
4- مهارة فن التوجه والحركة :
يتكون مسمى التوجه والحركة من مصطلحين متلازمين :
الأول : التوجه أو التهيؤ Orientation وعرف تقليديا بأنه عملية استخدام الحواس لتمكين الشخص من تحديد نقطة ارتكازه وعلاقته بجميع الأشياء الأخرى المهمة في بيئته (ناصر الموسى ، 1411، ص 305) .
أما المصطلح الثاني : فهو الحركة Mobility  ويعرف تقليديا بأنه قدرة واستعداد وتمكن الشخص من التنقل في بيئته (ناصر الموسى ، 1411، ص305) .
والتوجه يمثل الجانب العقلي في عملية التنقل بينما تمثل الحركة الجهد البدني المتمثل في الاداء السلوكي للفرد .وتعتبر مشكلة الانتقال من مكان إلى آخر من أهم المشكلات التكيفيه التي تواجه المعاق بصريا وخاصة ذوي الإعاقة البصرية الشديدة (الكفيف كليا) ، ولذا يعتبر إتقانه لمهارة فن التوجه والحركة من المهارات الأساسية في أي برنامج تعليمي تربوي للمعاقين بصرياً .
ويعتمد المعاق بصرياً على حاسة اللمس اعتمادا أساسيا في معرفة اتجاهه ، وقد يوظف حاسة اللمس تلك في توجيه ذاته ، فقد يحس بأشعة الشمس أو الرياح ، ويوظف تلك المعرفة في توجيه ذاته نحو الشرق (صباحا) ونحو الغرب (مساءً) ، كما قد يوظف حاسة السمع في توجيه ذاته نحو مصدر الصوت ، وقد استعان المعاق بصرياً على مر العصور بوسائل بداءيه وحديثة في توجيه ذاته ابتداء من العصا البيضاء وانتهاء بالعصا التي تعمل بأشعة الليزر

 
(فاروق الروسان ، 1996، ص 127) .
إرشاد المعاقين بصرياً
أولاً : الحاجة إلى التوجيه والإرشاد للمعاقين بصرياً :
إن الحاجة متأكدة إلى الإرشاد وذلك لأن الإنسان في العادة تعترضه مشاكل مختلفة أثناء حياته . وهذه المشاكل تختلف من شخص لآخر ، فمنها مشاكل اجتماعية ، ومشاكل عائلية ، ومشاكل أكاديمية ، وفي النهاية تأتي المشاكل البيئية . هذا بالإضافة إلى التكيف مع التطورات الصناعية وتقدم علم التكنولوجيا ، فهذه المخترعات زادت من متطلبات الحياة وأدت في النهاية إلى عدم تكيف الفرد مع نفسه ، وإصابته ببعض الأمراض النفسية وهذه بدورها أثرت على النواحي الاجتماعية والشخصية والأكاديمية (محمود عبدالله صالح ، 1985، ص22).
والإرشاد النفسي يوجه خدماته أساسا إلى العاديين ، وليس معنى هذا أنه يترك غير العاديين ، ولكنه يفرد مجالا خاصا لإرشادهم ، لأنهم أحوج الناس إلى الإرشاد النفسي .
وهناك فريق من الباحثين والدارسين والكتاب يرون عدم ضرورة تخصيص مجال من مجالات الإرشاد للفئات الخاصة على أساس أن الكثير من الدراسات والبحوث توضح أنه لا يوجد فروق جوهرية بين العاديين وغير العاديين في جوهر الشخصية في حالة تساوي الظروف والعوامل . والفروق التي توجد إنما هي نتيجة لعوامل بيئية أكثر مما تتعلق بالعاهة أو العائق ، كذلك فإن الاتجاهات الاجتماعية تؤثر في مفهوم الذات لدى أفراد هذه الفئات مما يؤثر بالتالي في سلوكهم وتوافقهم وصحتهم النفسية (حامد زهران، 1980، ص430) .
وإذا قيل أن الفئات الخاصة يتفقون مع العاديين في أساس الشخصية ، فإنهم يحتاجون إلى خدمات الإرشاد النفسي مثل رفاقهم العاديين ، وإذا قيل أن الفئات الخاصة لهم سيكولوجيتهم الخاصة ، ولهم حاجاتهم الخاصة ، ولهم مشكلات نفسية وتربوية ومهنية وزواجية وأسرية خاصة ، فإنهم بصفة خاصة يحتاجون بإلحاح إلى خدمات إرشادية خاصة علاجياً وتربوياً ومهنياً وزواجياً وأسرياً، في شكل برامج مرنه ، حتى لا يحرمون من خدمات الإرشاد في خضم الاهتمام بالعاديين الذين يمثلون الغالبية (حامد زهران،1980 ص341) .
و المعاق بصريا كإنسان له متطلبات كثيرة ومتداخلة تفوق متطلبات الإنسان المبصر العادي ، فهو بحاجة ماسة لإرشاد خاص في جميع شؤون الحياة ، في رعاية صحية ، وإرشاد نفسي ، واهتمام تربوي خاص، وإعداد مهني يتميز بالتخطيط والمناهج ويلازمه ما دام حياً . وفوق كل ذلك لابد له من توعية روحية سلوكية تساعده على تقبل إعاقته بتكيف سعيد وإنتاج سليم ، وعلاقات متعاونة مع الآخرين . وبذلك يصبح عضواً عاملاً وليس عالة ، بل يساهم بما لديه من واجبات وحقوق بكل عزة وكرامة في بناء الكيان الاجتماعي لأسرته وأمته والإنسانية جميعا
(عبدالحميد الهاشمي ، 1986 ص 142 ، بتصرف)
.
ثانيا : أهداف إرشاد المعاقين بصريا :
يقوم إرشاد المعاقين بصريا على أهداف إنسانية كبيرة تتمثل فيما يلي : (عبدالحميد الهاشمي ، 1986 ، ص 138 ، بتصرف)
 المعوقون بصريا هم أفراد إنسانيون ـ إخواننا وأبناؤنا وبناتنا... ـ لهم كامل الحق في الحياة الإنسانية الكريمة المنتجة ولهم كامل الحقوق الأساسية .
 هؤلاء رغم إعاقتهم البصرية إلا أن لديهم قدرات وطاقات لا تقل عن غيرهم من الأفراد العاديين ، ولعل بعضهم لديه من المواهب والقدرات ما يفوق على كثير من العاديين .
 المعوقون بصرياً في أمس الحاجة إلى رعاية صحية واجتماعية واقتصادية .
 محاولة تعديل أو تغيير اتجاهات الأسرة والمجتمع نحو العاق بصريا.
كل ذلك يجعل عملية إرشادهم وتوجيههم هدفاً دينياً وقومياً وإنسانياً ، بحيث لا يعيش عالة على أهله أو مجتمعه . إذ يستطيع أن يعمل منتجاً علمياً أو عملياً بما يستغل جوانب القوة في تكوينه .
ثالثاً : مجالات الإرشاد للمعاقين بصرياً :
إن المعاقين بصريا بحاجة إلى الإرشاد وتأكدت لنا هذه الحاجة من خلال ما يعانيه المعاق بصريا نتيجة لظروف إعاقته ، مما يحتم ضرورة تقديم استراتيجيات عملية الإرشاد بطريقة صحيحة وعلى أسس علمية وفي مجالات كثيرة يحتاج إليها المعاق بصريا لمساعدته . ومن هذه المجالات :
1- الإرشاد النفسي :
يتضمن تقديم الخدمات النفسية المتخصصة وتحسين مستوى التوافق الشخصي ومساعدته في مواجهة ما يتعرض من مشكلات ، وتصحيح مفهوم الذات وفكرة المعوق بصريا عن نفسه واتجاهاته نحو إعاقته والتوافق معها حتى لا تزداد حالته سوءاً . وتشجيعه على الاستغلال والاكتفاء الذاتي حتى لا يشعر باعتماده الكامل على الآخرين والقلق والتهديد عندما يتركونه ، مع مساعدته على تجنب المواقف المحبطة بقدر الإمكان ولكن بدون الحماية الزائدة (حامد زهران ، 1978، ص 526، بتصرف) .
كذلك إرشاد المعاق بصريا إلى التغلب على عناده أو لمؤثراته النفسية الناتجة عن التربية الأسرية الخاطئة وعن عدم الشعور بالاطمئنان من الآخرين والثقة بهم . وإخراج المعاق بصريا من عزلته النفسية وسلبيته ومساعدته عن طريق الرعاية الجماعية أو الرعاية الفردية لتحقيق التكيف الاجتماعي ووضعه في الطريق الصحيح المؤدي إلى التوافق
 
(سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 416) .
2- الإرشاد الاجتماعي :
توجد بعض اتجاهات الناس الخاطئة نحو المعاق بصريا ، فأحيانا نلاحظ الشفقة الزائدة ، وأحيانا نجد القسوة ، وهناك بعض الممارسات والاتجاهات الوالدية الخاطئة تجاه الطفل المعاق بصريا .
ومجال الإرشاد الاجتماعي يهدف أساسا إلى تقليل آثار ظهور الحالة غير العادية في المواقف الاجتماعية بقدر الإمكان ، وتعديل الاتجاهات الاجتماعية السالبة والأفكار الخاطئة الشائعة لدى بعض المواطنين في المجتمع الكبير تجاه المعوقين بصريا . ويجب تشجيع الاهتمامات والميول والهوايات المناسبة لدى المعاق بصريا . ويجب العمل على تعديل الظروف الاجتماعية بما يؤدي إلى التوافق الاجتماعي ، ويجب تهيئة البيئة الاجتماعية المناسبة للتنشئة الاجتماعية السليمة .
كذلك يجب تعديل نظام واتجاهات أفراد الأسرة وخاصة الوالدين بما يحقق للفرد المعوق بصريا أقصى إمكانيات النمو العادي على أساس نظام الإرشاد الدوري مدى الحياة. ويجب أن يتقبل أعضاء الأسرة الحالة مع التسليم بالواقع . ويجب العمل على تخليص الوالدين من مشاعر الذنب ومشاعر الأسى بخصوص الحالة (حامد زهران ، 1980، ص 434 ، بتصرف) .
3- الإرشاد التربوي :
للطفل المعاق بصريا حق التربية والتعليم مثل زميله المبصر ، فالمعاق بصريا له نفس الاستعدادات والقدرات العقلية التي للطفل العادي. وفقدان البصر ربما يغير من بناء الخبرة المقدمة للمعاق بصرياً ، ولكن هذا لا يعني عدم فهم رئيسي من جانبه . وعلى هذا ، فالمعاق بصرياً له الحق في أن يشترك في ثقافة مجتمعه وحياته ، وأن يقوم بالعمل المناسب لظروفه ليصبح عضواً نافعا مفيداً في المجتمع كأي مواطن آخر ، وليس عالة عليه أو عنصراً خاملاً فيه
 
(سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 411) .
وحتى نقوم بتقديم خدمات الإرشاد التربوي للمعاقين بصرياً لابد أن نوفر لهم المناهج والبرامج الدراسية المناسبة والمدرسين المتخصصين في مجال إعاقتهم ، وتوفير الوسائل والأجهزة التعليمية المساعدة التي تزيد من خبرات ومهارات المعاق بصرياً بطريقة إيجابية ، وتوفير وسائل المواصلات من المدرسة إلى البيت ، وتهيئة المباني لتتناسب مع إعاقتهم من ملاعب ودرج ودورات مياه .
4- الإرشاد الصحي :
يهتم بالعلاج والتصحيح الطبي إلى أحسن درجة ممكنة ، وتحويل المعاق بصريا إلى المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة والتي تعالج الأمراض التي تؤدي إلى الإصابة بالإعاقة البصرية ، وإجراء العمليات الجراحية اللازمة والتأكد من سلامته الصحية ومتابعتها بشكل مستمر . وتوفير الأجهزة التعويضية والمساعدات البصرية مثل العدسات والنظارات التي قد تؤدي إلى تحسين درجة الإبصار ، بالإضافة إلى تدريبهم على استخدام العصا البيضاء حتى يتحقق لهم الأمن الجسمي والنفسي (حامد زهران ، 1980، ص 434 ، بتصرف) و(محمد سيد فهمي ، 1983، ص 79 ، بتصرف) .
5- الإرشاد المهني :
إن الخطوة الأساسية في الإرشاد المهني هي معاونة المعاق بصرياً على فهم نفسه والتعرف على طاقاته وإمكانياته حتى يستطيع أن يستقلها في الناحية التي تعود عليه وبالتالي على مجتمعه بالنفع . ومعاونته على تحقيق التوافق والإشباع المهني . وذلك بالتوفيق بين حاجات المعوق بصرياً والفرص المهنية المكفولة له في ضوء مطالب الأعمال وإمكانياته الذاتية (سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 406) .
وكذلك يهتم الإرشاد المهني بالتعليم والاختيار والتدريب والتأهيل المهني والتشغيل على أساس أن المجتمع يجب أن يكون به مكان لكل فرد أياً كانت درجة إعاقته . ويجب إثارة دافع العمل والإنتاج إلى أقصى حد ممكن بما يفيد في تدعيم الثقة في نفس المعوق بصرياً والقدرة على الإنتاج والعمل وكسب العيش
 
(حامد زهران ، 1980، ص 434، بتصرف) .
مشكلات المعاقين بصريا
هناك ثمة مشكلات شائعة توجد لدى الأشخاص المعاقين بصرياً ، وهنا سوف نلقي الضوء على مشكلاتهم
 (النفسية ، والاجتماعية ، والأسرية ، والتربوية ، والمهنية) ، ودور المرشد في تقديم الخدمات الإرشادية المناسبة لهم  .
أولا : المشكلات النفسية :
إن مجرد الشعور بالاختلاف عن العاديين يسبب للفرد قلق نفسي ، لذا لا يمكن الفصل عادة بين نواحي القصور الجسمي والشعور النفسي ، فالارتباط بينهما وثيق . وهناك بعض البيانات التي تدل على إن ارتفاع نسبة المصابين بالعصاب بين المعاقين بصريا أكثر من النسبة المعتادة، وكلما كانت الإصابة أكبر كانت المظاهر النفسية أسوأ (مختار حمزة ، 1979، ص 132) .
 لان عجز المعاق بصرياً يفرض عليه عالما محدودا وحين يرغب في الخروج من عالمه الضيق والاندماج في عالم المبصرين وحتى يستطيع ذلك فهو يحتاج إلى الاستقلال والتحرر ولكنه حينما يقوم بذلك يصطدم بآثار عجزه التي تدفعه مرة أخرى إلى عالمه المحدود وحينئذ يتعرض لاضطرابات نفسية حادة نتيجة لشعوره بعجزه عن الحركة بحرية وعلى السيطرة على بيئته كما يسيطر عليها المبصر
(مصطفى فهمي، 1965، ص 16) .
فحركة المعاق بصرياً تبدو مضطربة بطيئة وتخلو من عنصر أساسي هو عنصر الثقة ، فهو يتلمس طريقه تلمسا يتجلى فيه الخوف من أن يصطدم بشيء أو يتعثر أو يقع . وخوفه هذا المستمر يجعله أميل إلى عدم الخوض في مغامرات استطلاعيه قد تعرضه لألوان من الأذى . ولذلك يكبت المعاق بصرياً دافعا إنسانيا أصيلا هو حب المعرفة واستجلاء أسرار ما حوله ، وإذا استجاب المعاق بصرياً  مره لدافع حب الاستطلاع فانه قد يتعرض لتجربه قاسية تجعله يكبت هذا الدافع فيما بعد إذا ما قام صراع بينه وبين الدافع إلى الأمن
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 44) .
ولقد أشار وارين 1977 إلى أن العديد من الدراسات التي بحثت في العلاقة بين الإعاقة البصرية والأمراض العصابية تشير إلى أن هذه الأمراض تنتشر بين المعاقين بصرياً بدرجة أكبر من انتشارها بين المبصرين ، كذلك فقد أضاف وارين بأن هذه الأمراض تنتشر بين الإناث من المعاقين بصرياً بدرجة أكبر من انتشارها بين الذكور (كمال سالم سيسالم ، 1997، ص72) .
 وبالنسبة للتوافق الانفعالي بينت دراسات أن لدى المعاقين بصرياً سوء توافق انفعالي أكثر من المبصرين وإنهم أكثر عرضة للمشكلات الانفعالية من المبصرين . وتشير دراسات إلى أن المعوقين بصرياً الملتحقين بمؤسسات خاصة يواجهون مشكلات انفعالية أكثر من تلك التي يواجهها الملتحقون بالمدارس العادية وأن الذين لديهم إعاقة بصرية جزئية لديهم مشكلات انفعالية أكثر من المكفوفين كلياً
 
(منى صبحي الحديدي ، 1998، ص86) .
ولقد أكد كروس 1978 ذلك عندما أشار إلى أن العديد من الدراسات قد أكدت أن بعض المعاقين بصرياً يعانون من القلق والاكتئاب والتوتر ، وأن هذه المشاكل ناتجة عن القصور في البرامج الترويحية . مما سبق يتضح لنا أن القلق يعتبر من أبرز الخصائص العصابية للمعاقين بصرياً . ولقد فرق فرابيج بين نوعين من القلق ، (قلق الانفصال) وهو قلق المعاق بصرياً من انقطاع العلاقة بينه وبين الأفراد الذي يعتمد عليهم في تدبير شؤون حياته وفي إمداده بالمعلومات البصرية ، ومن هؤلاء الأفراد ، الوالدين والأخوة والأصدقاء . أما النوع الثاني من القلق فهو (قلق الفقدان الكلي للبصر)
وهذا النوع خاص بضعاف البصر من المعاقين بصرياً الذين يخشون فقدان البقية الباقية من بصرهم ويصبحوا مكفوفين كلياً
(كمال سالم سيسالم ، 1997، ص73) .
كما أورد كل من لونيفيلد 1974 ، ووارين 1977 تلخيصاً لنتائج الدراسات التي أجريت حول موضوع الانطواء والانبساط لدى المعاقين بصرياً يشتمل على النقاط الأربعة الآتية :
1- إن الإناث من المعاقين بصرياً أكثر ميلاً للانطواء من الذكور .
2- إن ضعاف البصر من المعاقين بصرياً أكثر ميلاً للانطواء من المكفوفين كلياً .
3- إن ذوي الإعاقة الطارئة أو المكتسبة أكثر ميلاً للانطواء من ذوي الإعاقة البصرية الولادية .
4- لا توجد فروق ذات دلالة إحصائية بين الكفيف كلياً والمبصر على مقياس الانطواء والانبساط .
ويمكن التعليق على النقاط الأربعة السابقة بالقول بأن فقدان البصر بالنسبة للأنثى يحد من إمكانية قيامها بدورها الطبيعي في الحياة المتمثل في العناية بشئون المنزل وتربية الأبناء ، ويقلل من فرصة زواجها واستقرارها ، مما يؤدي إلى ميلها للانطواء والعزلة . كما أشارت العديد من الدراسات إلى أن الشخص الكفيف كلياً يكون أفضل توافقاً وأكثر انبساطاً من الشخص الذي لديه بقايا بصر حيث إن ضعيف البصر لم يستقر بعد مع العمى الكلي ، وإن إحساسه بأن العمى الكلي يهدده قد يجعله في توتر وقلق وانطواء . وإن الشخص الذ يفقد بصره خلال حياته (إعاقة طارئة) يميل إلى المعاناة من الانطواء ومن الصعوبات في التوافق والتكيف والتفاعل مع الآخرين بشكل أكثر من الشخص الذي ولد معاقاً بصرياً (كمال سالم سيسالم ، 1997، ص75) .
كذلك عندما يجد المعاق بصرياً أن هنالك تناقضا كبيراً بين المعاملة التي يلقاها في البيت وتتسم غالبا بالاستجابة لكل مطالبه وبالعفو عنه إذا أخطأ (لأنه كفيف) ، وبين المعاملة التي يلقاها من الأفراد في البيئة الخارجية ، وهي معامله ـ في بعض الأحيان ـ قد تتسم بالقسوة . هذه المواقف المتناقضة تجعل المعاق بصرياً أميل إلى العزلة والانطواء، وتنازعه نتيجة ذلك أنواع من الصراع ، فهو في صراع بين الدافع إلى الاستقلال والدافع إلى الأمن، إذ انه في محاولاته ليكون شخصية مستقلة يخشى في الوقت نفسه أن يتعرض أمنه للخطر ، وينتهي الصراع بين الدافعين إما إلى تغلب الدافع إلى الاستقلال فينمو باتجاه الشخصية القسرية التي تطغى عليها المواقف العدوانية ، أو يتغلب الدافع إلى الأمن فينمو باتجاه الشخصية الانسحابية
 
(لطفي بركات احمد ، 1978، ص 285) .
وتنتاب المعاق بصرياً نتيجة هذه الصراعات ونتيجة المواقف التي يقررها أنواع من القلق: فهو يخشى أن يرفض ممن حوله بسبب عجزه ويخشى أن يستهجن الناس سلوكه ويستنكرون أفعاله ، وهو في خشية دائمة من أن يفقد حب الأشخاص الذين يعتمد أمنه على وجودهم واستمرار حبهم له . ويخشى كذلك أن تقع له حوادث لا يمكنه أن يتفاداها لأنه معاق بصرياً
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 47)
.
ويلجأ المعاق بصرياً لأنواع من الحيل الدفاعية لمواجهة أنواع الصراع والمخاوف أهمها التبرير ، فهو إذ يخطئ ، يبرر أخطاءه بأنه معاق بصرياً عاجز . رغم إن عجزه قد لا يكون له دخل كبير فيما أرتكب من أخطاء ، وهو يلجأ لهذا الأسلوب حينما ينفر من قبول التفسير الصحيح عما فعل (لطفي بركات احمد ، 1978، ص 286) .
كما يلجأ المعاق بصرياً  للكبت كوسيلة دفاعية توفر له ما يطمح إليه من شعور بالأمن وتوفير الرعاية له وتجنبه الاستهجان والاستنكار فيضغط على بعض رغباته، ويمتنع عن تنفيذ بعض النزوات ، ويضحي ببعض اللذات من أجل الحصول على تقبل الناس له والفوز بالشعور بالأمن وتجنب الاستهجان والاستنكار
 
(لطفي بركات احمد ، 1978، ص 286) .
وقد يلجأ للاعتزال كوسيلة هروبية من بيئة قد يخيل إليه إنها عدوانية أو إنها على الأقل لا تحبه بالقدر الذي يرضي نفسه . كما يلجأ إلى التعويض كاستجابة لشعوره بالعجز أو النقص فيكرس وقته وجهوده مثلا لينجح في ميدان معين يتفوق فيه على أقرانه ، ويستلزم منه التفوق بذل أكبر مجهود فيضغط على نفسه مكرها على أن يتحمل من المشاق ما قد يتجاوز طاقتها ، فتكون احتمالات انهيارها نتيجة ذلك وسقوطها وأصابته بالإرهاق العصبي احتمالات كبيرة . وهو بلجوئه إلى هذه الحيل يكون مدفوعا بشعوره بأنه أقل كفاءه من المبصر
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 48) .
والمعاق بصرياً مثل العادي عليه أن يواجه المشكلات التي يواجهها كل فرد في المجتمع مثل مشكلات النمو ، وخصوصاً مراحل المراهقة  واكتمال النمو ، كذلك مشكلات التوافق الاجتماعي . وقد وجد فاين في دراسة أجراها عام 1968م ، نسبة مرتفعة من الاضطرابات الانفعالية لدى المعاقين بصرياً ، ومتعلقة باضطرابات الشخصية خلال مراحل النمو . ومن الظواهر غير العادية في الشخصية التي تلاحظ كثيراً عند بعض المعاقين بصرياً كثرة التخيل ، وأحلام اليقظة (ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 80) .
فأحلام اليقظة يمكن اعتبارها ظاهرة عادية حيث إنها موجودة عند جميع الأفراد تقريباً ، وقد يكون لها فائدة أحياناً ، حيث تعمل على التنفيس عن بعض الرغبات ، كما قد تؤدي إلى حث الدوافع عند الإنسان لتحقيق ما يتمناه ، إلا أن كثرتها قد تؤدي إلى السلبية، وبالتدريج قد تؤدي أيضاً إلى خروج الإنسان عن عالم الواقع إلى عالم الخيال الذي يبنيه على هواه ، ويحقق فيه كل رغباته
 
(ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 80) .
والواقع أن المعاق بصرياً كالشخص العادي قد يشعر بالإحباط فيلجأ إلى أحلام اليقظة في محاولة تعويضية لإشباع نزعاته المختلفة . ويلاحظ أن أحلام اليقظة كأحلام النوم عند المعاق بصرياً ، عبارة عن صور صوتية ، وليست بصرية خصوصاً عند المولود أعمى . وفي أحلام اليقظة يحقق ما عجز عن إدراكه، أو فهمه ، أو إشباعه في العالم الخارجي . ونظراً للظروف المحيطة التي تحيط بالمعاق بصرياً فإن لجوئه إلى مثل هذه الإشباعات البديلة قد يكون أكثر منه لدى العاديين . وقد يصاحب هذه التخيلات كلام كثير مع نفسه يناقش فيه سلوكه وسلوك الآخرين . وكثرة أحلام اليقظة  وزيادتها عن الحد المعقول قد تؤدي إلى تعود المعاق بصرياً الحياة في عالم من نسيج الخيال يشبع فيه رغباته ، ويحقق آماله، وينتصر على أعدائه ، ويحصل فيه على ما لم يحصل عليه في عالم الواقع . وقد يؤدي هذا بالتدريج إلى انفصاله عن عالم الواقع إذا ساعدت ظروف أخرى على ذلك (ماهر محمود الهواري، 1401هـ، ص80) .
إضافة إلى ذلك توجد أدلة من خلال ما أسفرت عنه نتائج بعض البحوث السابقة عن وجود علاقة بين أثر الإعاقة البصرية على الخصائص النفسية للمعاق بصريا .
فقد قامت موهل بدراسة أنواع المخاوف والقلق والأحلام عند الأطفال المعاقين بصرياً عن طريق إجراء مقابلات فرديه معهم ووصلت من دراستها إلى أن المعاقين بصرياً يعانون جمودا في سلوكهم مرده إلى عوامل انفعاليه أكثر منها عضويه ، كما وجدت أن غالبية هؤلاء الأطفال يخلقون لأنفسهم أنواع متباينة من الأوهام كما انهم يعانون شعورا بالنقص نتيجة لعجزهم الذي يصاحب بحيل لا شعورية
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 19) .
كما أجرى كتسفورُث Cutsforth 1951 بحثا على 84 معاقاً بصرياً ومعاقة بصرياً تراوحت أعمارهم بين 7ـ25 سنه ، وذلك بغرض التعرف على الأوهام التي يعايشونها بسبب فقد البصر، ووصل من دراساته إلى تقسيم أوهام المعاقين بصرياً إلى ثلاثة أقسام هي :
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد، 1967، ص23) .
1 - أوهام يحاول خلالها المعاق بصرياً أن يحرر نفسه من اتجاهات المجتمع نحوه وذلك بتحطيم مصدر مضايقاته .
2 - أوهام يقوم فيها المعاق بصرياً بدور البطل الذي يدمر ما يحيط به.
3 - أوهام يتخذ المعاق بصرياً من خلالها موقفا انسحابيا هروبيا .
وتهدف  الدراسة التي قام بها ماتسون وآخرون 1986 Matson إلى الكشف عن طبيعة القلق لدى الأطفال والشباب المعاقين بصريا ، لتحقيق هذا الهدف ، تم تطبيق مقياس القلق على عينه مكونه من 29 أنثى و 46 ذكرا  من الأطفال والشباب المعاقين بصريا وتمتد أعمارهم من 9 إلى 22 سنه ، وعلى عينه أخرى مكونه من 40 أنثى و60 ذكرا من الأطفال والشباب المبصرين والذين تمتد أعمارهم من 9 إلى 22 سنه . و انتهت النتائج إلى أن عينة المعاقين بصريا أكثر قلقا من عينة العاديين ، كما تبين أن الإناث المعاقات بصريا أكثر قلقا من بقية المجموعات الأخرى
 
(رشاد علي عبدالعزيز ، 1994، ص25) .   
كما أجرى رشاد علي عبدالعزيز موسى بحثا عن الأعصبة النفسية للمعاق بصريا في ظل الفروض التالية :
 
(رشاد علي عبدالعزيز ، 1994، ص 19) .
1 - وجود أثر دال إحصائيا لمتغير الإعاقة في الأعصبة النفسية .
2 - وجود أثر دال إحصائيا لمتغير الجنس في الأعصبة النفسية .
3 - وجود أثر دال إحصائيا لتفاعل متغيري الإعاقة و الجنس في الأعصبة النفسية.
ولاختبار صحة الفروض ، تم تعريب استبانه مستشفى ميدل سكس وتقنينها على عينات مبصره ومعاقة بصريا من الجنسين . وتكونت عينة البحث من أربع مجموعات حيث تكونت الأولى من 30 كفيفا ، المتوسط الحسابي لأعمارهم = 16.57 سنه ، والثانية من 30 كفيفة والمتوسط الحسابي لأعمارهن = 17.02 سنه ، والثالثة من 30 مبصرا والمتوسط الحسابي لأعمارهم = 16.41 سنه ، والرابعة من 30 مبصره والمتوسط الحسابي لأعمارهن = 16.89 سنه . وقد بينت النتائج على أن :
1 - المعاقين بصريا أكثر قلقا ، وشعورا بالرهاب ، و الوسواس القهري والأعراض السيكوسوماتية ، و الهستيريا ، و الاكتئاب ، من المبصرين .
2 - الإناث المعاقات بصريا أكثر قلقا ، وشعورا بالرهاب ، والوسواس القهري ، والأعراض السيكوسوماتية ، و الهستيريا ، والاكتئاب ، من الذكور المعاقين بصريا .
كذلك حظيت تأثيرات الإعاقة البصرية على مفهوم الذات باهتمام بحثي كبير . فمفهوم الذات قد يتأثر سواء كانت الإعاقة البصرية كلية أو جزئية . فالذات هي جوهر الشخصية ، ومفهوم الذات هو حجر الزاوية فيها ، وهو محدد هام للسلوك . وقد يسيطر عامل سلبي على مفهوم الذات لدى الفرد كما في حالة الإعاقة البصرية ، فيعمم الفرد القصور على الشخصية ككل وينعكس ذلك على سلوكه فيظهر متردداً ضعيف الثقة في نفسه . وغالباً ما ينشأ المعاق بصرياً في منزل مليء بالعطف والمساعدة فيزداد أمنه وثقته بنفسه حتى إذا ما اكتشف مؤخراً قصوره عن أقرانه فإنه يعقد الصورة الأولى ، ويضعف مفهوم الذات لديه حيث لا يوجد ما يدعم ثقته بنفسه . وهذا ما يحدث أيضاً  عندما يوضع الشخص المعاق بصرياً في فصل من فصول العاديين فيشعر بقصوره عن أقرانه ، فيعمم ذلك في شكل قصور عام شامل في إدراكه الذاتي ، وقد يصعب تعديله فيما بعد (فاروق سيد عبدالسلام ، 1401هـ، ص 28 ، بتصرف) .
إن من العوامل الرئيسية المسئولة عن كيفية إدراكنا لأنفسنا وتقييمنا لذواتنا هو العامل المرتبط بتفاعلاتنا مع الآخرين . وتبعا لذلك ، فالأسرة هي الوسط لفحص القدرات ومعرفة القيود ، فطريقة استجابة الأفراد وتعايشهم مع الضغوط والإعاقة تعكس استجابة أسرهم لهم . والأسرة قد تؤثر إيجاباً أو سلباً على العملية التأهيلية . فقد لا تسمح الأسرة للطفل المعاق بصرياً أن يعمل بأدوات معينة خوفا من أن يؤذي نفسه ، فالحماية الزائدة قد تسهم في إضعاف مفهوم الذات لدى العديد من الأشخاص المعوقين بصرياً
 
(جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 38 ، بتصرف) .
ويرتبط تأثير الإعاقة البصرية على مفهوم الذات أيضاً بشخصية الفرد قبل حدوث الإعاقة ، حيث أن الشخص الذي كان يتمتع بصحة جيدة ويقوم بوظائفه كاملاً يواجه الآن نمطاً حياتياً مختلفاً . وإلى أن يتطور الاستبصار وتطفو الاحباطات على السطح ، فإن عواطف الشخص المعاق بصرياً قد تجعل من الإعاقة شعور مؤلم بالنسبة له (جمال الخطيب وآخرون، 1992، ص 42 ، بتصرف) .
ووجد لوكوف Lukoff وآخرون أنه عندما يقترن المعاقين بصرياً مع المبصرين فإنهم يلتزمون بصورة أكبر بمستويات المبصرين وليس بمستويات زملائهم من المعاقين بصرياً. وعلى عكس ذلك ، عندما يقترن المعاقين بصرياً بأشخاص معاقين بصرياً آخرين ، فإنهم يميلون إلى الاستجابة بشكل كامل لمستويات زملائهم . ويكون للأشخاص المهمين في حياة المعاقين بصرياً أثر كبير في الطريقة التي يشعرون بها تجاه ذواتهم .وكذلك يشعرون عادة أن الإعاقة تحجب عن الآخرين تمييز ما يتمتعون به من قدرات إيجابية ، وأن الإعاقة البصرية تنعكس على جميع العلاقات التي يرغبون المشاركة فيها
(فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982 ص311) .
ولقد أكدت النتائج التي توصل إليها ميجان Meighan 1971 وذلك في دراسته لمفهوم الذات عند مجموعة من المعاقين بصرياً المراهقين حيث أظهرت ضعفاً في شخصية هؤلاء المراهقين ، إضافة إلى اتجاهات سلبية نحو العمل ، وانتشار القلق والاكتئاب .
ويتضح من هذه الدراسات أن هناك انخفاضاً في مفهوم الذات لدى المعاق بصرياً مقارنة بالمبصرين ، وهذا معناه عدم ثقة المعاق بصرياً في قدراته الذاتية واعتماده على الآخرين بشكل كبير إضافة إلى نقص في الخبرات الناجحة التي يمر بها ، حيث إن الخبرات الناجحة تعتبر ضرورية لنمو مفهوم الذات بشكل مناسب
(كمال سالم سيسالم، 1997، ص71-72).
أما بالنسبة للسلوك العدواني فلقد أشارت العديد من الدراسات إلى ندرة أداء المعاقين بصرياً للسلوك العدواني الجسمي . بينما السلوك العدواني اللفظي يصدر عن المعاقين بصرياً بدرجة أكبر من المبصرين ، وفيما يتعلق بالسلوك العدواني الموجه نحو الذات فهو عند المعاقين بصرياً بدرجة أكبر من المبصرين لأن هذا السلوك ينتج عن الشعور بالإحباط أو الفشل الذي يرجعونه إلى عوامل داخلية وليس إلى عوامل خارجية مما يدفع المعاقين بصرياً إلى توجيه اللوم لذواتهم وإيذاء أو إيلام أنفسهم في بعض الأحيان ، وهذا عكس المبصرين الذين يرجعون أساب فشلهم معظم الأحيان إلى عوامل خارجية وإلى أشخاص آخرين وبالتالي فإنهم يوجهون سلوكهم العدواني نحو الآخرين (كمال سالم سيسالم ، 1997، ص80) .
كذلك إن استجابة  مشاعر الغضب قد تنجم عن مواقف محبطه تهدد فيها مشاعر الكفاية والأمن ، أو مواقف يدرك فيها المعاق بصرياً ذاته بوصفه لا يرقى إلى مستوى التوقعات . والأشخاص المبصرين الذين لا يشعرون بالراحة عند تفاعلهم مع المعوقين بصرياً غالباً ما يتجنبونهم أو ينظرون إليهم كعاجزين وإعتماديين وغير قادرين على العناية بأنفسهم . وعلاوة على الضغط الجسمي فإن ردود الفعل هذه من قبل الآخرين قد تولد مشاعر العداء والعنف لدى الشخص المعوق بصرياً ، وغالباً ما لا يعبر الأشخاص المعاقون بصرياً عن تلك المشاعر لأن الإحساس بضرورة الصبر والقوة والمعاناة طويلة المدى كثيراً ما تكون جزءاً من مفهوم الشخص لذاته . والأساليب النفسية مثل النكران أو الانسحاب أو الإسقاط قد لا تمكن المعوقين بصرياً حتى من وعي مثل هذه المشاعر ، كذلك فإن القيود الشديدة على الحركة قد تحول دون التعبير عن الغضب بوسائل جسمية
 
(جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 43 ، بتصرف) .
ويتم التعبير عن الإحباط والغضب لدى المعوقين بصرياً أحياناً عبر السخرية والتهكم . وفقاً لذلك فقد لا يُشَجِعْ الأشخاص المعوقين بصرياً الأشخاص الآخرين ظاهرياً على تكوين الصداقة معهم وذلك يناقض تماما مع ما يودون عمله . وقد يكون لديهم مستوى شديد من القلق فيصفون أنفسهم بأوصاف سلبية ، مثل طريقتهم في التنقل أو تناول الطعام . إن على المرشد أن يتعامل مباشرة لا مع التهكم والسخرية وإنما مع الإحباطات المسؤولة عن هذه الاتجاهات
(جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 44 ، بتصرف)
.
ومن الصعوبات التي يواجهها مرشدو المعاقين بصرياً الإعتمادية (الافتقار إلى المشاركة والافتقار إلى الدافعية من قبلهم) . فالمعاق بصرياً بطبيعة عاهته يعتمد على غيرة في بعض الأحوال ، ويعتبر هذا عادياً . ولكن إذا كان الاعتماد على الغير تاما وفي كل الأحوال فإن هذا يجعل منه شخصية اتكالية إلى حد كبير، وقد تأخذ هذه الاتكالية في التزايد ـ كوسيلة هروبية ـ حتى تشمل كل نواحي الحياة تقريباً (ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 80) . فالطفل المعاق بصرياً في حاجة ماسة إلى الشعور بالاستقلال . لأن الاستقلال والاعتماد على النفس ، ولو أحياناً، يؤدي إلى تقدير الذات . إنه يشعر دائماً أن هناك من يعتني به ، هناك من يطعمه، هناك من يقوده ويحركه من مكان لآخر . ولكنه في محاولته تلك لبناء ذاته المستقلة يشعر أيضاً بالملل والتمرد لتبعيته للآخرين (ماهر محمود الهواري، 1401هـ، ص 78) . ولذلك فإن تربية الطفل المعاق بصرياً يجب أن تشمل أيضاً إعطاؤه الحرية والفرصة للاعتماد على النفس ، بتدريبه على الحركة في الحدود الآمنة ، وقضاء بعض حوائجه مهما لاقى في ذلك من صعوبات كالاغتسال وترتيب سريره وارتداء ملابسه وإطعام نفسه . ثم إعطاؤه الفرصة للحركة داخل المنزل وخارجه ، وهكذا تتاح له الفرصة لنمو الشخصية المستقلة المعتمدة على نفسها (ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 80) .
كذلك يخطئ بعض الوالدين ويتبعون أسلوب الحماية الزائدة لأولادهم المعاقين بصرياً . وكثيراً ما يرفض هؤلاء الأولاد هذه الحماية الزائدة ، ويشعرون بأنهم ليسوا عجزة إلى هذا الحد الذي سيتصوره ذويهم ، ويناضلون للتخلص من ذلك ولتحقيق الاستقلال .
وفي الواقع يوجد نوعان من الآباء الذين يحمون أولادهم حماية زائدة كمحاولة لإخفاء شعورهم بالذنب فمنهم :
 آباء يتقبلون أبناءهم .
 آباء يرفضون أبناءهم .
ومعروف أن الحماية الزائدة اتجاه سلبي وخاطئ تربوياً حيث إن المبالغة في أي شيء غير مرغوب فيها ، وهذا الاتجاه خليط من التشدد والحنان والعطف الذي يكون المعاق بصرياً محوره (فاروق سيد عبدالسلام ، 1401 هـ ، ص28، بتصرف) . والطفل المعاق بصرياً بحاجة إلى الاعتماد على النفس ، والاستقلال ، وتعلم عمل الأشياء المناسبة له بنفسه . والحماية الزائدة ليست عطفاً عليه ، ولكنها خدمة سيئة وغير مطلوبة ، وهي تضيف عبئاً جديداً على مشكلات الطفل المعاق بصريا . والحماية الزائدة تتضمن في الواقع عدم تقبل الطفل المعاق بصرياً كفرد له حقوقه الذاتية قادر على أداء الوظائف المناسبة لقدراته . وعلى المدى الطويل فإنها تهدد شعوره بالأمن ، وتثير فيه الخوف من فقد الحماية (ماهر محمود الهواري ، 1401هـ،  ص 82) .
دور المرشد في المشكلات النفسية
ينبغي أن يتعرف المرشد على تأثير الإعاقة البصرية على شخصية المعاق وسلوكه وما لديه من استعدادات عقلية ، ومستوى ذكاءه ، ومدى قدرته على الاستفادة من البرامج الموجودة .
على المرشد أن يحاول تغيير نظرة المعوق عن نفسه . وأن يعمل على تنمية النواحي الإيجابية في المعوق بصرياً لكي يتقبل النواحي السلبية دون تأثير في مفهومه عن ذاته ، وفي عملية توافق مع مزيج من الحب والتقدير، وبذلك تمحو النواحي الإيجابية أثر النواحي السلبية (فاروق سيد عبدالسلام ، 1401هـ، ص27، بتصرف) .
إن أساليب الرعاية الطبية والتعليمية والاجتماعية التي تأخذ طريقها في وقت مبكر من حياة الطفل المعوق بصرياً بما في ذلك خدمات الإرشاد النفسي للوالدين تعمل على تحسين اتجاهات احترام الذات وتقديرها لدى الأطفال المعوقين بصرياً
(فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص311) .
ويجب على المرشد في حالة الإعاقة البصرية المكتسبة أن يتعرف على شخصية الفرد قبل حدوث الإصابة . وقد لا يعي المرشد مفهوم الذات لدى الشخص قبل الإصابة ما لم يقم هو أو أسرته أو المؤسسة التي أحالته بتقديم معلومات مفيدة حول ذلك . فإذا كان مفهوم الذات لدى الشخص ضعيفاً في الماضي ، أو كان لديه مشاعر بعدم الكفاية . فالإعاقة قد تزيد تلك المشاعر إضافة إلى الدراسة الفردية والمعلومات التي يتم الحصول عليها من التقارير الذاتية . فباستطاعة المرشد استخدام طريقة مككلفي وفردلاند Mckelvie and Friedland لتعريف مفهوم الذات لدى الشخص . ويساعد هذا الأسلوب أيضاً على إيضاح أهداف ومخاوف وحاجات وإدراكات الشخص . وبهذا الأسلوب يمكن للمرشد أن يوظف خبرات الطفولة المبكرة لجمع المعلومات الأساسية الأمر الذي يسمح بالتركيز على مفهوم الذات طويل المدى . وتذكر الخبرات الماضية لا يقدم المعلومات فقط ولكنه يولد المشاعر أيضاً . وكما يقول مككلفي وفردلاند Mckelvie and Frieddland ( إن الفروق في المنطق الشخصي تؤثر على المشاعر في موقف ما ، فلا تحاول أن تتخمن كيف شعر المسترشد ) . إن الهدف من تذكر الخبرات السابقة ليس إبلاغ المرشد بخبرات الطفولة بقدر ما هو فهم الظروف الراهنة للمعاق بصرياً (المسترشد). فالتفسيرات يجب أن تكون ذات علاقة بالحاضر والمعاق بصرياً يجب أن يصادق على افتراضات المرشد. وهذه الطريقة مفيدة من أجل التعرف على شخصية ومفهوم الذات للمعاق بصرياً قبل حدوث الإعاقة ولمعرفة التغيرات التي تطرأ عليها بسبب الإعاقة (جمال الخطيب وآخرون، 1992، ص40، بتصرف) . والعملية الإرشادية عموما تركز على مقاومة الفرد المعاق بصرياً للتعامل مع إعاقته كجزء من الذات ، وهذا أمر ملحوظ بوجه خاص في حالات الإعاقات الناجمة عن الإصابة المتأخرة .
وباستطاعة المناحي الإرشادية المعرفية مثل نظرية العلاج العقلاني العاطفي لالبرت إليس التعامل مع الغضب الذي ينجم عن الإحباط ويصبح دور المرشد مساعدة الشخص المعوق بصرياً على تغيير أفكاره واتجاهاته ومعتقداته غير العقلانية. والأسلوب الرئيسي الذي يستخدمه المرشد العقلاني العاطفي هو مساعدة الشخص المعوق على تحقيق التحليل الذاتي العقلاني. وبالإضافة إلى المساعدة على الحد من الاتجاهات غير العقلانية يستطيع المرشد أيضاً مساعدة المعاق بصرياً في عملية التعبير السلوكي عن المشاعر . فالعلاج التعبيري الحديث يسهل عملية التنفيس عن الغضب من خلال أساليب مثل الصراخ أو السيكودراما المستخدمة لتصريف الغضب يمكن لها أن تؤدي إلى تزايد القدرة على الإحساس بالغضب وبالتالي مساعدة الشخص على اكتشاف طرق اجتماعية مقبولة لتوجيه الغضب . والغضب الذي لا منفذ للتعبير عنه قد يجلس على كرسي ويشجع المعاق بصرياً على أجراء حوار بين ذاته الغاضبة وذاته التي تعاني معاناة طويلة الأمد ، وعندما يتواصل المعاق بصرياً مع الغضب يمكن توظيف عدة أساليب لإخراجه ، فمثلا يستطيع المرشد أن ينصح المعاق بصرياً بأن يتصل هاتفياً بالشخص الذي أثار الغضب لديه والخط مغلق
 
(جمال الخطيب وآخرون، 1992، ص 45، بتصرف) .
إن الاستجابات غير السوية من الآباء تتطلب وقتاً لفهم الموقف على حقيقته ، وللتصرف بطريقة سوية ، والتخلص من المشاعر غير المناسبة . والإرشاد النفسي في هذا الوقت يكون أكثر فائدة ، لذلك من المهم توفير خدمات الإرشاد النفسي وجعلها ميسورة لأسر المعاقين بصرياً . إنه من الجلي أن تأخير أو تعويق عملية الإرشاد قد تؤدي إلى تكوين أنماط لا سوية في شخصية الطفل تتكون كنتيجة لسلوك الوالدين مما يؤدي إلى تأصيلها ، وبالتالي قد تساعد على الانحراف ولكن إذا نما الطفل مستقلاً معتمداً على نفسه فإنه لا يخشى التغيرات ، أو المواقف الجديدة التي لم يكتشفها بعد ، كما أنه يستطيع الاعتماد على إمكانياته المحدودة ، ويستطيع تعلم اكتشاف المواقف الجديدة ، والتعامل معها . إن الحماية الزائدة قد تكون عقبة في نمو الطفل، وتؤثر في شخصيته من حيث العلاقات الاجتماعية والشعور بالأمن. إن أهم أنواع العطف الذي يمكن أن توفره الأسرة للطفل المعاق بصرياً ، وأصعبها أيضاً هو أن تتجنب الحماية الزائدة بأي طريق ، وتعليمه كيف يمكن أن يعتمد على نفسه ليصبح مستقلاً . والطفل المعاق بصرياً إذا كان عليه أن ينمو بطريقة سوية ، ويكون له شخصية مستقلة ويعيش حياة كاملة مثل إخوته المبصرين ، فإن ذلك يكون فقط لأنه منذ الطفولة الأولى قد بذلت جهود خاصة داخل الأسرة لتشجيعه وتنمية قدراته التي يمتلكها إلى أقصى حد . وهو مثل الأطفال المعاقين الآخرين يحتاج إلى إجراءات خاصة لحمايته ، ومثل هذه الإجراءات يجب ألا يسمح لها بأن تلغي حريته الشخصية في أن يتحرك ويلعب ، حتى إذا كان الأمر يستدعي بعض المخاطرة وبدون ذلك فإنه يستحيل عليه أن يحيا حياة عادية في عالم المبصرين
 
(ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 82) .
أن المعاقين بصرياً الذين يتعرضون للحماية الزائدة يظهرون درجة من البقاء في مستويات بدائية من التعايش . ولهذا السبب يجب أن تكون عملية الإرشاد عملية تعاونية تتضمن أشخاصاً عديدين في بيئة المعاق بصرياً . ويجب طلب مساعدة الأطباء ، والمعلمين المهنيين ، والقائمين على التدبير المنزلي وغيرهم لتحقيق الاستقلالية . إن العنصر المشترك في شمولية البرامج هو تطوير النضج العاطفي الذي من شأنه مساعدة المعاقين بصرياً على مواجهة المجتمع ومتطلباته العديدة (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص47، بتصرف) .
ثانيا : المشكلات الاجتماعية :
يمكن تحديد الخصائص الاجتماعية على إنها الأنماط السلوكية المتعلقة بعملية التفاعل الاجتماعي التي تتم بين الطفل والآخرين من الأقران والراشدين ويكون هدفها الأساسي هو تحقيق أغراض المتفاعلين من خلال تفاعل اجتماعي بناء
 
(ناصر الموسى، 1411هـ، ص 302) .
ويعتبر النمو الاجتماعي من المجالات الأساسية التي حظيت باهتمام الباحثين في ميدان الإعاقة البصرية . وكما هو معروف فإن المهارات الاجتماعية تكتسب من خلال الملاحظة المباشرة والتغذية الراجعة التي تتضمن أساسا الدلالات البصرية .
وتتوفر حالياً أدلة علمية قوية تشير إلى أن المعاقين بصرياً يواجهون مشكلات في التكيف الاجتماعي وبخاصة في المراحل العمرية المبكرة وإن تلك المشكلات قد تنطوي على مضامين طويلة الأمد بالنسبة للنمو الاجتماعي والانفعالي في المراحل العمرية اللاحقة . وقد قارنت عدة دراسات بين المعاقين بصرياً والمبصرين من أعمار مختلفة من حيث التكيف الاجتماعي ، الا أن هذه الدراسات لم تقدم اقتراحات مفيدة بشأن البرامج الوقائية والعلاجية اللازمة في حالة وجود سوء التوافق الاجتماعي لدى المعاقين بصريً
 
(منى صبحي الحديدي ، 1998، ص 85) .
والإعاقة البصرية لا تؤثر بشكل مباشر على النمو الاجتماعي ولا هي بالضرورة تخلق بشكل مباشر فروقاً مهمة بين المعاقين بصرياً والمبصرين . ولا يعني ذلك أنه لا يوجد أية فروق بين المعاقين بصرياً والمبصرين من النواحي الاجتماعية ، ولكن المقصود هو أن الفروق عندما توجد لا تعزى للإعاقة بحد ذاتها وإنما للأثر الذي قد تتركه على ديناميكية النمو الاجتماعي . فعملية النمو الاجتماعي عملية تفاعلية يشترك فيها الأشخاص الآخرين بفعالية . وبناء على ذلك ، فإن ردود فعل الآخرين للمعوق بصرياً تلعب دوراً بالغاً في نموه الاجتماعي
(منى صبحي الحديدي ، 1998، ص 74)
.
وقد لاحظ بعض الباحثين إن الأطفال المعوقين بصريا يواجهون بعض الصعوبات في عملية التفاعل الاجتماعي ، ويعود السبب في ذلك إلى غياب أو نقص المعلومات البصرية التي تلعب دورا رئيسا في تكوين السلوك الاجتماعي لدى الأطفال ، فعملية التفاعل بين الطفل في مهده وبين أمه تتأثر بغياب البصر ، ذلك أن الطفل المعاق بصرياً قد لا يستجيب لأمه بنفس الحيوية والنشاط اللذين يستجيب بهما الطفل المبصر ، مما ينعكس سلبيا على الطريقة التي تستجيب بها الأم ، كما إن عملية التقليد والمحاكاة التي تلعب دورا مهما في عملية النمو الاجتماعي تتأثر هي الأخرى بغياب البصر ، فالطفل المبصر ينظر إلى من حوله فيرى كيف يلعبون ، وكيف يمشون ، وكيف يجلسون ، وكيف يأكلون، وكيف يلبسون فيفعل مثلهم ، أما الطفل المعاق بصرياً فإنه لا يستفيد من عملية التعلم العرضي تلك ، مما يؤثر في سلوكه الاجتماعي كطفل ، وربما في قدرته على التكيف الشخصي كشاب
 
(ناصر الموسى، 1411هـ، ص 302) .
ثم إنه بالنظر إلى أنه يوجد بعض القصور في المهارات التواصلية لدى الأطفال المعاقين بصرياً خصوصاً في مهارات التواصل غير اللفظي ، فإن ذلك لابد أن يترك بعض الآثار السلبية على مهاراتهم الاجتماعية (ناصر الموسى ، 1411هـ، ص 302) ، فالطفل المبصر يستجيب لتعبيرات الوجه عند أمه كما يستجيب لحركاتها، والسمع ينبه إلى الأعمال التي تقوم بها الأم ووجودها إلى جانبه ، والمبصر يمكنه من رؤية أمه والاستجابة لها بطريقة سريعة. أما الطفل المعاق بصرياً فنظراً لعدم رؤيته للأم ، وعدم رؤيته للتعبيرات الوجهية عند الآخرين ، وبالتالي يعجز عن تقليدها فإن مثل هذه التعبيرات لا تظهر على وجهه في أغلب الأحوال . فالمعاق بصرياً عندما يغضب أو يفرح أو يندهش فإن ملامح وجهه قد لا تدل على ذلك . وهذا يؤدي إلى ضعف الاتصال مع الآخرين من المبصرين . وقد ذكر دوماس بعض تجارب أجراها على المعاقين بصرياً في المعهد القومي للمكفوفين بباريس عن إظهار تعبيرات وجهيه معينة ، وشمل البحث 33 فرداً من المولودين عميان ، وطلب منهم أن يعبروا بوجوههم عن عواطف قوية أو ضعيفة مثل السرور والفرح والغضب والخوف فلم يستطيعوا أن يعملوا ذلك ، لأن التقليد بهذه الصورة من أصل بصري تماما ، أي ناتج عن طريق المحاكاة ، فالتعبيرات الحركية للوجه عند المعاق بصرياً أقل منها عند المبصرين
 
(ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 81) .
كما تتسبب الإعاقة البصرية في الكثير من المشاكل الاقتصادية للمعاق بصرياً ، فانقطاع الدخل أو انخفاضه خاصة إذا كان المعوق بصرياً هو العائل الوحيد للأسرة قد يفقده هذا مكانته في الأسرة (محمد سيد فهمي، 1983، ص 115) . لأنه لم يعد الآن يكسب العيش أو رب البيت ، لقد أصبح شخصاً أقل فتصورات المجتمع ومشاعره تنفذ إلى داخل البيت (توماس ج. كارول ، 1969، ص 99) .
فالنفقات الإضافية التي تترتب على الإعاقة البصرية يمكن تصنيفها إلى صنفين : (توماس ج. كارول ، 1969، ص 87)
نفقات تتصل بالمرض مثل تكاليف العلاج ، والإقامة في المستشفى ، والعقاقير والأدوية ، والعمليات الجراحية ، وتكاليف التمريض ...
ونفقات ملازمه للإعاقة البصرية فهي بصفة أساسية تلزم عن فقدان القدرة على التحرك وفقدان القدرة على الاتصال عن طريق الكلمة المكتوبة، وفقدان فنيات الحياة اليومية . فالشخص الذي فقد قدرته على الحركة والتنقل بسبب إعاقته البصرية يجد نفسه ملزماً بنفقات جديدة عندما يرغب في الانتقال من مكان إلى آخر . وحيث كان من الممكن في الماضي ـ إذا كانت إعاقته متأخرة ـ أن يستقل سيارته الخاصة ، فإنه يجد الآن أنه يتحتم عليه أن يستقل سيارة أجرة ، وحيث كان في الماضي يستطيع أن يذهب بمفرده ، فإنه يجد الآن أنه يتحتم عليه أن يتخذ رفيقاً أو مصاحباً ( وسيان يدفع للمصاحب أجرة أو يتحمل نفقاته ، فإن النفقات تتضخم ) . وفقدان القدرة على الاتصال عن طريق الكلمة المكتوبة معناه دفع أجر لقارئ .
وسيان ارتفعت النفقات أو انخفضت ، فبعض هذه النفقات ملازمه للعمى، وبعضها متصل بالمرض ، وهذا يعني زيادة في الأنفاق ويقلل من الدخل أو يتوقف تماماً .
ومن المشكلات الموجودة عند كثير من المعاقين بصرياً ما يسمى باللزمات Blindisms ، فإذا لاحظنا المعاقين بصرياً بدقة نجد أن كثيراً منهم يقومون بحركات عصبية تعتبر من الخصائص المميزة لهم مثل وضع الإصبع في العين ، هز اليدين ، هز الرأس (ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 81) .
وقد عرفت Eichel (1978) اللزمات السلوكية على أنها : ( أي حركة متكررة ، أو روتينية لا تهدف إلى تحقيق أي غرض واضح ملحوظ) ، أما الأسباب الكامنة وراء ظهور هذه السلوكيات بين الأطفال المعاقين بصرياً فهي عديدة ومتداخلة ومعقدة ، وقد ساقت Eichel (1979) 11 سبباً محتملاً منها : الحرمان البيئي ، الاستثارة الذاتية، التعويض عن الأنشطة البدنية ، الخلل في التفاعل بين الطفل ووالديه ، النقص في التغذية البصرية الراجعة ، التعلم من خلال التكرار... الخ (ناصر الموسى ، 1411هـ، ص 303) . وأغلب الأطفال المعاقين بصرياً يمرون بمثل هذه المرحلة من اللزمات في خلال نموهم العادي ، ويرى كثير من الباحثين أن مثل هذه اللزمات هي نتيجة ضعف أو بطئ الاستثارة ، سواء منها اللمسية أو السمعية من أحد الوالدين ، لذا فإن الطفل يترك نفسه للمثيرات الداخلية مما يلجأ معه إلى تلك اللزمات . وفي المراحل الأولى من العمر فإن هذه اللزمات لا تثير الاهتمام في حد ذاتها إلا أنها قد تؤدي إلى تعطيل أو اضطراب بعض العمليات الهامة في حياة المعاق بصرياً مثل القراءة أو الحركة . كذلك إذا استمرت هذه اللزمات فترة من الزمن فإنها تصبح عادات حركية من الصعب تغييرها . وهي قد تدل أيضاً على اتجاهات سلبية في حياة المعاق بصرياً ، وسبيلاً للتخفيف من القلق ، فكلما احتاج للاستثارة ، أو كلما واجهته مشكلة ، أو موقف ما لجأ إلى تلك الحركات . هذا إلى أنها تؤدي إلى مظهر اجتماعي غير مناسب عن المعاق بصرياً (ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 81) .
وتشير الدراسات التي أجريت في هذا المجال و خاصة تلك الدراسات التي لخصها لونفيلد Lowenfeld 1973 إلى إحساس المعاق بصريا بالنقص في الثقة بذاته ، و إلى الإحساس بالفشل و الإحباط، وذلك بسبب إعاقته البصرية التي تشكل السبب في تدني أداءه الأكاديمي أو المهني ، مقارنة مع العاديين ، وينعكس ذلك على موقفه من الآخرين ومن ردود الأفعال المتوقعة من الآخرين نحوه ، وقد يكون موقف الآخرين سلبيا نحو المعاق بصريا يغلب عليه طابع الشفقة والرفض ، وقد يكون موقف الآخرين إيجابيا يغلب عليه طابع القبول الاجتماعي  (فاروق الروسان ، 1996، ص 125) .
وكذلك المعاق بصرياً يفقد الخصوصية مع نفسه ويصبح (لافتة) . (الأعمى يفعل كذا وكذا) وهذه الأشياء تصلح عناوين في الصحف ، في حين أن المبصر حين يفعل نفس هذه الأشياء نادراً ما يجد مكاناً له بين أخبار الحوادث والشخصيات . وعلم النفس الاجتماعي يظهرنا على بعض المشكلات التي تتصل بعدم الانتماء إلى الجماعة ، أي التي تتصل (بخارج الجماعة). وبخاصة عندما تكون هناك علامة مميزة للأفراد من خارج الجماعة، ذلك هو على وجه الدقة الوضع المفروض على المعاق بصرياً . تتجه إليه الأضواء هذه التي يتحتم على الشخصيات الاجتماعية أن تعيش فيها ، ولكنه يختلف عن غالبية هذه الشخصيات في أنه لم يسعى إلى هذه الأضواء ، ولكن أرغمته الإعاقة البصرية على أن يكون فيها
 
(توماس ج. كارول ، 1969، ص 101) .
كذلك يعتبر الناس بأن المعاق بصرياً تابع ، وهو في تبعيته هذه يشعر أو يشعره الآخرون بأنه عبئاً ثقيلاً عليهم (والذين يشعرون بذلك يسارعون إلى كتمانه في أعماقهم وتغطيته بشكل أو بآخر) . وإن تبعية المعاق بصرياً غالباً ما تتزايد في الدائرة العائلية ، وذلك لما تتجه هذه التبعية في المستوى الشعوري من متاع الإحساس بالقوة والتفوق وتتحول القرارات أكثر فأكثر عنه إلى الآخرين في الأسرة بقدر ما يمعن أكثر فأكثر تحويله إلى اللاصلاحية . وعندما يثور فإن ثورته تعزى إلى الطابع الجديد الذي أصبح له مع الإعاقة البصرية
 
(توماس ج. كارول ، 1969، ص 99) .
وقامت سومرز Sommers 1944 بدراسة واسعة لبعض العوامل التي تؤثر في سلوك المراهقين المعاقين بصرياً وفي بعض جوانب الشخصية ، كذلك حاولت البحث عما إذا كانت توجد علاقة بين الاتجاهات الوالديه من جانب ونمط سلوك المراهق المعاق بصرياً واتجاهاته نحو الإعاقة من الجانب الآخر
(فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص 306)
.
استخدمت سومرز في دراستها ثلاثة طرق في الحصول على نتائجها هي :
1 - اختبار كاليفورنيا للشخصية وقد طبق على143 من المراهقين المعاقين بصرياً.
2 - استفتاء قامت الباحثة بتصميمه وطبقته على 120 من المراهقين المعاقين بصرياً، مع استفتاء أخر طبق على 72 من أباء و أمهات المفحوصين .
3 - مقابلات شخصيه أجرتها الباحثة مع 50 من المفحوصين وأمهاتهم .
ووصلت إلى النتائج التالية :
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 21)
أولا : نتائج اختبار كاليفورنيا للشخصية :
1 - كانت درجة التكيف الاجتماعي للمعاقين بصرياً أقل من المبصرين .
2 - كانت قدرة المعاقات بصرياً على التكيف اكبر من قدرة المعاقين بصرياً .
ثانيا : نتائج الاستفتاءات والمقابلات الشخصية :
1 - أتضح أن سوء التكيف والاضطرابات الانفعالية عند المعاق بصرياً مردها إلى عوامل اجتماعية أكثر مما ترجع إلى عامل فقد البصر .
2 - قسمت الاتجاهات الوالدية نحو المعاقين بصرياً إلى خمسة أنواع :
      أ - الاتجاه نحو تقبل هذا العجز .
     ب- الاتجاه نحو إنكار هذا العجز .
     ج - الاتجاه نحو تدليل الطفل وازدياد الشفقة نحوه . 
      د - الاتجاه نحو رفض الطفل بصورة مقنعة .   
      هـ - الاتجاه نحو رفض الطفل بصورة صريحة .
3 - قسمت أنماط السلوك التي يتخذها المكفوف والتي تتبع اتجاهات والديه نحو عجزه إلى ما يلي :
      أ - السلوك التعويضي العادي أو الزائد عن الحد .
     ب- السلوك الإنكاري .
     ج - السلوك الدفاعي .
      د - السلوك الانسحابي أو الميل نحو الانطواء .
      هـ - الاستجابات السلوكية غير المتوافقة .
وفي هذا السياق ينبغي أن نشير إلى أن البحوث قد أوضحت أن الاتجاهات نحو ذوي الحاجات الخاصة بمن فيهم المعاقين بصرياً تتصف بكونها سلبية وغير واقعية وتنصب الاهتمامات على ما يعجز الإنسان عن عمله لا على ما يستطيع عمله . وكما تقول شول Scholl 1986 فإن التعايش مع الاتجاهات السلبية كثيراً ما يشكل تحدياً أكبر من التعايش مع الإعاقة ذاتها . كذلك فإن ردود فعل كل من الوالدين والمؤسسات الخاصة والرفاق وغيرهم غالباً ما تنطوي على افتراضات نمطية تصور الإنسان المعاق بصرياً على أنه إنسان يعتمد على غيره ويحتاج إلى الشفقة (منى صبحي الحديدي ، 1998، ص 88) .
فقد أجرى كل من لوكوف وويتمان Lukoff and Whiteman دراسة حول اتجاهات المبصرين نحو فقد البصر لدى ثلاثة مجموعات رئيسية هي : مجموعة من الأخصائيين الاجتماعيين ، ومجموعة من طلاب الجامعات ، ومجموعة من سكان المناطق الفقيرة والمتوسطة . أيدت النتائج التي توصل إليها الباحثان أهمية الاتجاهات البيئية في تحديد أسلوب التكيف الذي يحققه الشخص المعاق بصرياً للإعاقة التي أصابته . وأظهرت هذه الدراسة ضمن نتائجها أن أعضاء أسرة الطفل المعوق بصريا والأصدقاء المحيطين به من المبصرين يؤثرون تأثيرا واضحا في تشكيل اتجاهاته نحو الاستقلال والاعتماد على النفس ، كذلك تضمنت نتائج هذه الدراسة أربعة مكونات مستقلة نسبيا لمدركات المبصرين للأشخاص المعاقين بصرياً وهذه المكونات هي:
(فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص 305)
1 - إدراك المبصرين لفقد البصر على انه يمثل حاله من الإحباط الشخصي .
2 - مفهوم فقد البصر كمتغير مميز ومستقل عن الاتجاهات نحو الأفراد المعاقين بصرياً.
3 - استعداد المبصرين للاتصال المتبادل وتكوين العلاقات مع المعاقين بصرياً .
4 - الفروق في المشاعر فيما بين المبصرين في التفكير تجاه المعاقين بصرياً أو العلاقات المتبادلة معهم .
وقد قيم جونز وآخرون 1972 تقبل الأطفال المعاقين بصرياً في المرحلة المتوسطة من قبل الطلاب العاديين ، ووجدوا أن الدرجات التي قد أعطيت لمعظم الأطفال المعاقين بصرياً كانت دون المتوسط ، في حين وجد بأن الطلاب الذين أعطوا درجات عالية وأظهروا تقبلا للأطفال المعاقين بصرياً لم يكونوا متقبلين من قبل الطلاب الآخرين ومرفوضين بشكل عام . وأشار التمان Altman 1981 إلى أن بعض الدراسات قد أظهرت اتجاهات أكثر سلبية نحو المعوقين بصريا (إعاقة ظاهره) منها نحو المعوقين سمعيا (إعاقة غير ظاهره) . إلا أن فورنام وبندريد 1983 Furnhan and Pendred لم يجد فروقا في الاتجاهات نحو الإعاقات الظاهرة وغير الظاهرة
 (إعاقة بصرية وسمعية)
(زيدان السرطاوي ، 1411هـ ، ص 88) .
وقد وجد فاروق صادق وآخرون 1986 في دراستهم لاتجاهات المجتمع السعودي نحو المعاقين بصرياً عدم وجود أثر ذي دلاله إحصائية لمتغيري الجنس ودرجة التعلم على اتجاهات مجتمع الرياض نحو المعاقين بصرياً ، في حين وجد أن اتجاهات كبار السن
(40 - 60 سنه) أكثر إيجابية من اتجاهات الأفراد في الفئات العمرية الأخرى
(فاروق صادق وآخرون ، 1986، ص 51) .
وقد أجرى زيدان السرطاوي 1990 دراسة للتعرف على اتجاهات الطلاب في المرحلة المتوسطة نحو المعوقين وعلاقة هذه الاتجاهات بكل من نوع الإعاقة ، ومعرفة الأشخاص المعوقين ، وظهور الإعاقة والمستوى التعليمي للوالدين على تلك الاتجاهات . ولتحقيق هدف الدراسة تم تطبيق مقياس بوكر المعدل للاتجاهات نحو المعوقين على 345 طالبا من طلبة مدارس المرحلة المتوسطة في مدينة الرياض ، حيث طلب من كل طالب في عينة الدراسة أن يجيب على أربع صور من المقياس ، كل صورة منها موجهه نحو فئة من فئات الإعاقة موضوع الدراسة (عقلية، سمعية، بصرية، جسمية)، ومن النتائج التي توصلت الدراسة إليها أن اتجاهات الطلاب أكثر إيجابية نحو الإعاقات الظاهرة (بصرية ، جسمية) مقارنة باتجاهاتهم نحو الإعاقة غير الظاهرة (عقلية ، سمعية) (زيدان السرطاوي ، 1411هـ، ص81) .
إن تفهم حاجات المعاقين بصرياً ومحاولة تلبيتها لا تقتصر على إزالة الحواجز الجسدية فحسب ، بل لا بد من إزالة الحواجز النفسية أولاً . ولعل هذا العامل الأكثر أهمية . فإذا لم تقدم البرامج التربوية والتدريبية القائمة على التوقعات الايجابية والاتجاهات البناءة فالنتيجة هي تثبيط استقلالية المعاقين بصرياً ومبادرتهم ووضع القيود على المهارات التكيفية وتطور الشعور بالدونية . وفي أغلب الأحيان تكون محصلة ذلك كله تقبل المعاق بصرياً نفسه الاتجاهات السلبية والتوقعات المحدودة التي يتبناها مجتمع المبصرين . فحماية الأهل الزائدة لطفلهم المعاق بصرياً وشفقة الأقارب والأصدقاء وتشاؤم المعلمين والمرشدين ورفض أصحاب العمل ، كل هذه العوامل ما هي إلا نتيجة الاعتقادات الخاطئة عن القيود التي تفرضها الإعاقة البصرية على الشخص . وإذا كنا نريد أن نهيئ الظروف الاجتماعية الملائمة للمعاق بصرياً لتحقيق ذاته وليتمتع بالمسؤوليات والواجبات التي يتمتع بها أقرانه المبصرين ، فلا بديل عن مقامة مثل هذه الاعتقادات والتغلب عليها
(منى صبحي الحديدي ، 1998، ص 89) .
دور المرشد في المشكلات الاجتماعية
يجب على المرشد أن يدرس كل حالة وأن يتعرف على كل ما يحيط بالمعاق بصرياً من ظروف بيئية ودراسية ومهنية مستخدماً في ذلك مجموعة من إستراتيجيات عملية الإرشاد كالمقابلة والزيارة المنزلية وغيرها حتى يساعده في التغلب على المشاكل التي تواجهه أو تواجه الأسرة نتيجة الإصابة بهذه الإعاقة
 
(محمد سيد فهمي ، 1983، ص 112، بتصرف) .
يساعد المعوق بصرياً في التكيف مع إعاقته ، ومع ظروف المؤسسة التي ترعاه ، وتزويده بالعادات الاجتماعية والخلقية السليمة ، ودعم سلوكه الاجتماعي من خلال برامج الترويح المختلفة ، فالمعوق بصرياً لا ينبغي أن تحرمه إعاقته من الاستمتاع بالترفيه عن طريق إدخال بعض التعديلات في البرامج الترفيهية العادية لتصبح ملاءمة لإشباع حاجاته . فمن خلاله يمكن للمعوق بصرياً أن يكتسب ويدعم العديد من مظاهر السلوك الاجتماعي السليم كالتدريب على العمل الجماعي والقيادة والتعاون والمبادأة
 (
محمد سيد فهمي ، 1983، ص113، بتصرف) .
على المرشد إيجاد البرامج والإجراءات والوسائل التي تهدف إلى توعية أفراد المجتمع  بأسلوب وعلاج مشكلات المعاقين بصرياً ، لتحسين وتعديل اتجاهات المجتمع نحوهم (محمد سيد فهمي ، 1983، ص113، بتصرف) . فلا بد من تزويد المبصرين بالمعلومات الصحيحة عن المعاقين بصرياً وقدراتهم وحاجاتهم ، وعن الطرق المناسبة للتعامل معهم وتقديم الخدمات عند الحاجة . فحتى يستطيع المعاقين بصرياً أن يأخذوا مكانهم الحقيقي في مجتمعهم لابد من أن تنظر إليهم الجماعة المبصرة كأفراد لكل منهم خصائصه المميزة لا كجماعة متجانسة بسبب الإعاقة البصرية (منى صبحي الحديدي ، 1998، ص 90) . وذلك عن طريق وسائل الإعلام المختلفة ، فمثلاً التلفاز بما يبديه من صور حية وناطقة، وكذلك عقد المحاضرات والندوات لدراسة مشاكل المعوقين بصرياً له أثر في نشر الوعي الصحي والثقافي والاجتماعي في المجتمع
 
(محمود محمد حسن ، 1989، ص 195) .
يجب على المرشد أن يستخدم استراتيجيات إرشادية تركز على التعاون في الأنشطة ، والتدريب على مهارات الحياة اليومية ، كمهارة تناول الطعام ، ومهارة ارتداء الملابس ، ومهارة العناية بنظافة الجسم ، ومهارات الاعتماد على النفس ، باعتبار ذلك كله يسهم في تنمية وتعزيز المهارات الاجتماعية لدى المعاقين بصرياً
(ناصر الموسى، 1411هـ، ص 304) .
يجب على المرشد أن يركز على إيجاد الوسائل والإجراءات والبرامج والإستراتيجيات التي تهدف إلى الحيلولة دون ظهور اللزمات السلوكية بين الأطفال المعاقين بصرياً ، وذلك باستخدام التدخل المبكر . أو التخلص منها إن كانت قد استفحلت ، وذلك بالاستفادة من بعض الاستراتيجيات الفاعلة كاستراتيجيات تعديل وبناء السلوك (ناصر الموسى، 1411هـ ص304) . ويجب ألا يوبخ الطفل المعاق بصرياً أو يعامل بقسوة للتخلص منها . ولكن التوجيه بهدوء قد يكون مناسباً لكثير من الأطفال مع مساعدة الطفل على التخلص من القلق، وعلاجه ، وإيجاد أنشطة إيجابية لاستغراق طاقته . ويمكن أن نقارن هذه اللزمات بعملية قضم الأظافر أو مص الإبهام وهي مرحلة يمر بها جميع الأطفال تقريباً ، وقد يكون ذلك مقبولا من الطفل الصغير جداً ، أما الطفل الكبير فإن ذلك يكون موضعاً للسخرية ، وبعبارة أخرى فليس الفرق في نوع السلوك وإنما في تكراره أو شدته . ومن أهم الوسائل تأثيراً لمساعدة الطفل على التغلب على هذه اللزمات إمداده بوسائل للتسلية، وألعاب مثيرة، وأنشطة ذات اهتمام حقيقي بالنسبة له . ومع ذلك فإن التشجيع المباشر قد يكون ضروريا
ً
(ماهر محمود الهواري ، 1401 هـ، ص 81) .
ويساعد المرشد المعاق بصرياً على توفير المساعدات المالية التي تخدم المعوق بصرياً وأسرته خلال فترة علاجه أو تأهيله ، حتى يمنع حدوث مضاعفات ومشاكل جديدة مترتبة على المشاكل الاقتصادية (محمد سيد فهمي، 1983، ص116، بتصرف). وتقدم المملكة العربية السعودية إعانات لأولياء أمور المعاقين ، وإعانات للمشروعات الفردية أو الجماعية للمعوقين المؤهلين ، ويصرف للطلبة والطالبات في المعاهد الخاصة مكافآت مالية شهرية ، وتخفيض أجور السفر والانتقال بواقع 50% من الأجور المقررة للمعوقين ومرافقيهم .
ثالثاً : المشكلات الأسرية :
لقد ثبت علميا أن سلوك الفرد يتأثر بالبيئة الأولى التي يحتك بها وان شخصية الإنسان تتشكل تبعا للخبرات التي يمر بها في مرحلة الطفولة وما يستجد بعد ذلك في شخصيته يكون مرتبطا إلى حد كبير بطفولته التي تعتبر أساسا لهذه الشخصية ، وهذه الحقائق لا تختلف في قليل أو كثير بالنسبة للطفل المعاق بصرياً (سيد عبدالحميد مرسي، 1975، ص412) . فاتجاهات الأسرة نحو أطفالهم المعاقين بصريا تلعب الدور الكبير في تقبله للعمى أو رفضه له ، ومن ثم في تكيفه النفسي والاجتماعي فهناك تصرفات مختلفة من الآباء نحو الطفل المعاق بصرياً منها: القبول، الرفض ، التدليل والحماية المبالغة ، إنكار وجود الإعاقة أو العمى بصفة عامة ، الإعراض سواء كان ظاهرا أو مقنعا .
فالنبذ قد يشعر به الأب كرد فعل لما قد يرى فيه انتقاماً إلهياً لذنوب ارتكبها . لذلك فهو لا يريد ولا يتقبل من يذكره بخطيئته وسوء حظه . إن الطفل المعاق بصرياً يحتاج إلى رعاية أكثر ويحتاج إلى إشباع دوافع هامة وعاجلة، ولكن الأب قد يقابل ذلك بالحرمان وعدم التقبل . إن الطفل المعاق بصرياً يحتاج إلى إثارة وتنبيه ، أكثر من الطفل المبصر ، لكنه في الواقع قد يأخذ أقل . ومن الآباء من يستجيب لهذه الصدمة بالانقباض . إن بعض الآباء قد يندب حظه العاثر لهذه  الكارثة التي ألمت به . فقد يستجيب له بالجمود والتجاهل التام، وبعض الآباء قد يستجيب بمشاعر القلق وعدم القدرة على التصرف في مواجهة مشكلة الابن المعاق بصرياً (ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 82) . فالمشاكل تبدأ في الظهور عندما يكون الوالدان غير مستعدين لتقبل الإعاقة البصرية كحقيقة واقعة والتي ربما تكون مصدر إزعاج في حياة الأسرة إذ يؤثر عليها كصدمة تخلف وراءها مشاعر واحساسات سلبية تكون بمثابة قاعدة اجتماعية تشكل إرادياً أو لا إرادياً سلوك الأم تجاه طفلها الرضيع وهذا يؤدي بدوره إلى عصبية الأم والتي يحتمل أن تنتقل بالتالي إلى طفلها الرضيع فيصبح هو أيضاً عصبياً
(لطفي بركات احمد ، 1981، ص 143) .
كما أن أشقاء الطفل المعاق بصرياً ، كما هو الحال بالنسبة للآخرين ، عادة ما يأخذون التلميحات من أنماط السلوك والاتجاهات الأبوية . وقد يقبل الأشقاء أو يرفضون الشخص المعاق بصرياً اعتماداً على اتجاهات آبائهم ، وقد يرفضون بالتأكيد الانغماس المتزايد لآبائهم مع الطفل المعاق بصرياً . وإن القبول الحقيقي للمشاركة في رعاية الطفل المعاق بصرياً يخلق موقفاً عائلياً أكثر إنتاجاً وسعادة . فالأشقاء الذين يعلمون بأن لديهم أخاً معاق بصرياً ، عادة ما يكونون مثقلين بعدة أنواع من الهموم . وهناك بعض الأسئلة المتداولة بينهم مثل: لماذا يحدث هذا؟ وماذا سأقول لأصدقائي عنه ؟ وهل سأقوم بالعناية به طوال حياتي؟ فالأشقاء كآبائهم يريدون أن يعرفوا ويفهموا قدر الإمكان عن حالة أخيهم المعاق بصرياً. ويريد الأشقاء أن يعرفوا أيضاً كيف ستكون حياتهم مختلفة نتيجة لهذا الحدث. وإذا تم الحديث عن هذه الهموم بشكل كاف فإن التنبؤ بمشاركة الأشقاء الإيجابية مع أخيهم المعاق بصرياً ستكون أفضل
 
(جاك سي استيورت ، 1996، ص159-160، بتصرف) .
وإن التهاون في عدم إعداد الأسرة لتقبل الطفل المعاق بصرياً يؤدي إلى سلسلة من ردود الأفعال مثل اختلاف معاملة الطفل المعاق بصرياً عن معاملة الطفل المبصر وعدم تقبل الإعاقة البصرية كحقيقة قائمة وعدم تقبل النصح بإمكانية العلاج والشفاء وبالتالي حرمان الطفل من الشعور بالأمن والأمان . وعندما يكون الطفل المعاق بصرياً محوراً لخصومة غبية من جانب الأسرة تبدو الإعاقة وكأنها ذنب اقترفه الطفل عن طيب خاطر وهذا يؤدي إلى إعاقة نموه الطبيعي ويشعر بالذنب والإهمال ومن الطبيعي أن نتائج هذا السلوك الشاذ من جانب الأسرة لها انعكاساتها على التكوين العقلي والنفسي والاجتماعي لشخصية الطفل المعاق بصرياً ولأمد طويل. ومن أهم النتائج المترتبة على ذلك: (لطفي بركات احمد، 1981 ص144-147)
فقدان الشعور بالأمن والطمأنينة وممارسة أنماط من السلوك غير الاجتماعي والميل إلى الانعزالية والعدوانية .
الوضع غير العادي للطفل المعاق بصرياً في الأسرة ، فهو عادة لا يأخذ مكانه العادي مثل أخوته فهو إما أن يدلل أو ينبذ وهذا الوضع الشاذ ينعكس أثره على سلوك المعاق بصرياً فيظهر في سوء الخلق والحقد والكراهية والشعور بالقلق .
النقص في الخبرة ، في حالة إعطاء الأسرة لطفلها المعاق بصرياً اتجاهاً سلبياً عند التعامل وتحصيل الخبرة من الأشياء المحيطة به ، فإن هذه السلبية تؤدي إلى إعاقة نموه طبيعياً واجتماعياً ونفسياً وخلال هذا تنمو جذور سلوك الأمراض الاجتماعية .
وهناك فئة من الآباء قد تستجيب للطفل المعاق بصرياً بالحماية الزائدة . والواقع أنها ليست عطفاً عليه ، لكنها خدمة سيئة وغير مطلوبة ، وهي تضيف عبئاً جديداً على مشكلات الطفل المعاق بصرياً . والحماية الزائدة تتضمن في الواقع عدم تقبل الطفل المعاق بصرياً كفرد له حقوقه الذاتية قادر على أداء الوظائف المناسبة لقدراته ، وعلى المدى الطويل فإنها تهدد شعوره بالأمن ، وتثير فيه الخوف من فقد الحماية . وإن دراسات جامعة شيكاغو على الأطفال المعاقين بصرياً تؤكد أهمية أثر الأسرة والبيئة على الطفل المعاق بصرياً من حيث نموه وشخصيته. وتنتهي في تقريرها إلى أن نواحي النقص التي تنسب عادة إلى العمى ترجع أساساً ليس إلى الإعاقة الجسمية في ذاتها ، ولكن إلى تحديد فرص التعلم التي يخبرها الطفل . وتقرر أيضاً أن الطفل المعاق بصرياً من السهل التأثير على حالته النفسية ، وإنه يعاني بدرجة كبرى من أي ظروف غير مناسبة للنمو
 
(ماهر محمود الهواري، 1401هـ ص82) .
وهذه الاتجاهات الوالدية نحو الطفل المعاق بصرياً تترك أثرا عميقا في نفسه  وفي تكوين فكرته عن ذاته وقدراته وإمكانياته . ومن هنا يجب أن يؤهل المعاق بصرياً اجتماعيا واقتصاديا من خلال التنشئة الاجتماعية في الأسرة وفي المدرسة كأساس للتأهيل الاجتماعي والثقافي والاقتصادي ، ومنحه الفرصة للقيام بعمل مناسب لقدراته وتأمين حياته المادية
 
(محمد عبد المؤمن حسين، 1986، ص29) .
دور المرشد في المشكلات الأسرية قبل أن يبدأ الإرشاد الفعال ، يجب على الوالدين أن يثقوا بالمرشد . فبناء علاقة قائمة على الثقة هي بمثابة المرحلة الأولى في عملية الإرشاد. وهي تبدأ مع تعرف الوالدين إلى الأشخاص الذين سيقومون على رعاية أبنهم . وقد يكون بناء علاقة ثقة أمراً صعباً في البداية ، فقد يكون الوالدان في خضم محاولات للتعامل مع الأسى والمخاوف ومشاعر الذنب في ذات الوقت الذي يتعرفان فيه إلى المرشد ، وهنا يجب على المرشد أن يطمئن الوالدين ويحثهما على التعبير عن مخاوفهما. وقد تأخذ الثقة فترة زمنية طويلة حتى تتطور . وعلى أية حال ، فمن الممكن التسرع في ذلك إذا استخدم المرشد أساليب لمساعدة الوالدين للشعور بالقبول والاحترام . وإذا أظهر المرشد اهتماما حقيقياً بالمعاق بصرياً وأسرته فهم سيتعلمون تدريجياً أن يثقوا بالمرشد . إن على المرشد أن يبدي اتجاها ينم عن الاهتمام والرعاية وأن يزود الوالدين بالتعزيز لتواصلهما مع طفلهما (جمال الخطيب وآخرون، 1992، ص228، بتصرف) . ولعل استخدام التعزيز الإيجابي يشكل واحدة من أفضل الإستراتيجيات لبناء علاقة ثقة . فإذا أدرك الوالدان أن المرشد يقدرهما كأشخاص فهما سيشعران براحة أكبر لعلاقتهما معه . ويلاحظ مايلز Miles أن معظم الآباء يعانون من انخفاض التقدير الذاتي ولو لبعض الوقت أثناء الأزمة، ولذلك فإن أية استراتيجية (مثل التعزيز الإيجابي) من شأنها زيادة مستوى التقدير الذاتي هي استراتيجية مفيدة (جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص230، بتصرف) .
يجب أن يكون المرشد متفهماً لحاجات الأسرة على الدوام . وعليه أن يخلق جواً مريحاً يسمح لهم بالحوار . وفي حالات كثيرة يكون الوالدان في خضم عملية الأسى عندما يلتقي المرشد بهما لأول مرة . ويجب أن يكون المرشدون على وعي بمراحل الأسى المختلفة ومدركين لمؤشرات النكوص مادامت علاقتهم بالوالدين مستمرة
( انظر الشكل رقم 1 ) :
يقوم المرشد بتوجيه أفراد أسرة الطفل المعاق بصرياً إلى أفضل السبل لتحقيق تربية طفلها تربية سليمة ولتوفير البيئة التربوية والنفسية والاجتماعية لإتاحة النمو الطبيعي لجوانب شخصية الطفل، ويستلزم الأمر من جانب المرشد أن يعدل أو يغير من اتجاهات هؤلاء الأفراد في النواحي التالية :
 
(سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 412)
تقبل الإعاقة ، وبالتالي تقبل الطفل المعاق بصرياً والتسليم بالأمر الواقع .
معاونة الطفل المعاق بصرياً معاونة عادية  مثل غيره من إخوانه الأطفال، وعدم التأثر بالإعاقة البصرية في تغيير نمط هذه المعاملة الطبيعية
الإلمام بفكرة صحيحة عن ماهية الإعاقة البصرية وشئون المعاقين بصرياً وعالمهم.
الإلمام بأسس واتجاهات الرعاية التربوية والنفسية والاجتماعية للطفل المعاق بصرياً ويحسن أن يكون لدى الأسرة دليل تربوي بمثابة موجه لهم في تربية أطفالهم.
إتباع الطرق والسلوك المناسب لتدريب الحواس الباقية مع الإلمام الصحيح بالأهمية التربوية والنفسية في تربية الحواس الباقية إذ أن الملاحظات الحسية تكون القاعدة العريضة للتربية العقلية للمعاق بصرياً .
تجنب الظروف والملابسات التي تؤدي إلى تكوين الإحساس بالانحطاط أو الشعور بالذنب .
مراعاة أن لا تؤدي ردود أفعالهم على تصرفاته  إلى جرح مشاعره واحساساته.
تزويد المعاق بصرياً بالخبرات المتنوعة عن طريق معرفة الأشياء المحيطة به والإلمام بجميع مجالات النشاط البشري في المجتمع تبعا لقدراته التحصيلية وبالطرق والوسائل المناسبة لظروفه الخاصة .
عدم القيام بالخدمة المستمرة للطفل المعاق بصرياً ، فهذا يؤدي إلى ضعف إرادته وعدم استقلال ذاته . وعلى العكس من هذا يحسن أن يتعود الطفل على خدمة نفسه كقاعدة لها قيمتها لتكوين إرادة الطفل .
4) ويجب أن يكون المرشدون على مستوى كبير من الفهم لأثر الطفل المعاق بصرياً على أسرته وأشقائه العاديين ، كما على المرشدين أن يكونوا على وعي باحتمالات الأسرة الممتدة ، وهو مصطلح عادةً ما يستخدم لوصف أعضاء الأسرة الآخرين مثل الأجداد ، والأخوة والأخوات والآباء أو أعضاء الأسرة المقربين . ويكون هؤلاء الأقارب جزءاً من شبكة المصادر التي يمكنها أن تقدم الدعم والراحة والفهم لأب الطفل المعاق بصرياً . وخارج نطاق العائلة الممتدة، توجد شبكة متنامية من الناس الذين يتقاسمون التجارب المفجعة مع الآخرين الذين سيجربون أو جربوا الحدث نفسه . فالشبكة إذن عملية لربط الناس بعضهم ببعض كمصادر للمساعدة والدعم ومساعدة الآخرين في إيجاد الخدمات والمعلومات التي يحتاجونها . وفي عدة حالات يريد الآباء التحدث مع الآباء الآخرين الذين مروا بمصاعب مماثلة وتكيفوا معها
(جاك سي استيورت  ، 1996، ص 161، بتصرف) .
5) محاولة المرشد القيام بالإرشاد الجماعي للأباء الذين أصيب أطفالهم بإعاقة بصرية، يكون الغرض منها هو التعاون فيما بينهم لإيجاد الحلول المناسبة لمشاكلهم الخاصة بأطفالهم المعاقين بصرياً (محمود محمد حسن ، 1989، ص 198) . وكذلك إرشادهم عن كيفية مساعدة الطفل المعاق بصرياً كي يتمتع بحياة سعيدة ، وتزويده بالخبرات المتنوعة التي تساعده على الاعتماد على نفسه والاستقلال بذاته، وتسهيل تكيفه النفسي والاجتماعي ، وتوجيهم إلى إزالة الأشياء والموانع عن طريق الطفل المعاق بصرياً التي تعترض سيره في حجرات المنزل أو فناء الحديقة دعماً لتنمية الحركة الذاتية عنده ، وحتى يمكنه أن يتحكم في جسمه وتوازنه وأن يتحرك بحرية وبدون قلق أو تردد (لطفي بركات احمد، 1981، ص 148) .
6) إن برامج التدخل المبكر الناجحة التي يقوم بها المرشد هي تلك البرامج التي تدعم الآباء للقيام بدور المعلم الأساسي للطفل المعاق بصرياً ، وتعمل على تدعيم العلاقة بين الآباء وأطفالهم . وللأباء حق أساسي لا يمكن التغاضي عنه في المشاركة بتربية الطفل . وهذه المشاركة تضفي على العناية بالطفل صفة الاستمرارية وينجم عنها فوائد للأطفال الآخرين في الأسرة
 
(جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص185، بتصرف) . فالعمل على تحسين مشاركة أعضاء الأسرة
( من خلال برامج الإرشاد الأسري ) في وضع سياسة لتكييف حياتهم الأسرية تؤدي إلى رفع درجة تقبل الطفل المعاق بصرياً

(فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص 317)
.
فمشاركة الآباء في برامج الأطفال المعاقين بصرياً أمر لابد منه إذا كنا نسعى إلى مساعدة الأطفال على بلوغ أقصى درجة ممكنة من النمو والتطور . ولما كانت معظم البرامج تتوخى تحقيق أهداف محددة ، فإن الاتساق بين البيت والمدرسة شرط أساسي لتحقيقها . وقد يحتاج الآباء إلى مساعدة المرشد لفهم طبيعة الإعاقة ، وقد يتطلبون تدريباً خاص للعمل مع المعاق بصرياً
 
(جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص186، بتصرف) .
7) وينبغي على المرشدين أن يعوا الاختلافات في إدراكاتهم وإدراكات الآباء للطفل المعاق بصرياً ، فهي قد تعيق عملية التواصل . فأباء الأطفال المعوقين بشر ويواجهون الاحباطات نفسها التي يواجهها المعلم والمرشد في المدرسة أو المؤسسة ولكن على مدى 24 ساعة في اليوم. وغالباً ما يشعر هؤلاء الآباء بالضياع والارتباك والغضب . وأحياناً يستطيعون تقديم الدعم والمساعدة والتفهم ، وعلى أقل تقدير أنهم يشكلون خليطاً من الإحباطات والعواطف والإحساس بالذنب . فكم من مرة فكر المرشد لو أن الأب يفعل كذا وكذا مع ابنه في البيت ، أو ليتني أستطيع أن اقنع الأب بالحضور إلى المدرسة لأراه ، بل وحتى أن هذا الطفل يتصرف على هذا النحو نتيجة أخطاء والديه . لإرشاد الوالدين بفعالية من المهم إدراك حقيقة ما تعنيه أبوة وأمومة الطفل المعوق بصرياً
 
(جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص 156، بتصرف) .
لذلك فإن على المرشدين أن يتعاملوا باحترام مع الثقافة والأهداف المختلفة للآباء وأن يقيمّوا باستمرار طرق التواصل التي يوظفونها ، فالتواصل الواضح بين الآباء والمرشدين هو المفتاح للمشاركة الفاعلة للآباء . ويتحمل المرشدين مسئولية التأكد من أن الفرص متاحة للآباء ليشاركوا في البرنامج التربوي للطفل بما في ذلك المشاركة في اتخاذ القرارات
 
(جمال الخطيب وآخرون ، 1992، ص186، بتصرف) .
المشكلات التربوية
إن العاهة التي يعاني منها المعاقين بصرياً ، من الممكن ألا تكون حائلاً بينهم وبين مداومة التعليم أو الإعداد لمهنة من المهن أو عمل من الأعمال يتفق وقدراتهم وميولهم وما وصلوا إليه من تعليم وتدريب ـ وذلك إذا توافرت الشروط البيئية السليمة لرعايتهم وتعليمهم وتوجيههم .
والطفل المعوق بصرياً الذي يتوجه إلى المدرسة لأول مرة يوضع في موقف يتحتم عليه أن يكون على صلة بعدد كبير من الأشخاص في وقت واحد. مثل هذا الموقف يتطلب من المرشدين والمعلمين والآباء اليقظة بالنسبة للمواقف التي يحتاج فيها الطفل المعاق بصرياً إلى عون في تكوين علاقات صحية من الصداقة مع الآخرين (فتحي السيد عبدالرحيم، 1982ص315).
والمعاق بصرياً يحتاج إلى التعلم لأن الخبرات التي يحصل عليها الطفل في أعوامه الأولى لا ترجع أهميتها فقط إلى ما تضيفه من معلومات، لكنها أيضاً تتيح تعلم الوسائل التي يمكن إتباعها لزيادة معارفه . فالأهم من المعلومات في ذاتها معرفة كيفية الحصول عليها لأن هذا يتيح للمعاق بصرياً منبعاً دائماً للمعلومات طيلة حياته . وبالإضافة إلى ذلك فإن التعلم عن طريق الخبرات يؤدي بالطفل المعاق بصرياً إلى التفاعل مع العالم الخارجي ، فيتيح له الخروج من سلبيته ، تلك السلبية التي قد يرغم عليها نتيجة لإحساسه بالسجن الكبير الذي لا يستطيع التحرك فيه وفهمه ، إلا بمساعدة الآخرين . فالتعلم يؤدي إلى تعديل كبير في شخصيته ، يجعله إيجابياً متفاعلاً متمكناً من الحصول على الخبرات المختلفة بطرقه الذاتية ومتفهماً للعالم المحيط به . وقد وجدت روجو 1975 في دراسة عن التنظيم الإدراكي عند المعاقين بصرياً أن البحوث بينت أن فقد البصر لا يمنع أو حتى لا يؤخر نمو عملية اكتساب المعلومات
 
(ماهر محمود الهواري ، 1401هـ، ص 78) .
وهناك عوامل كثيرة مجتمعه أو منفردة على طبيعة الخصائص التربوية للمعاق بصرياً مثل درجة الذكاء ، وزمن الإصابة بالإعاقة
 (ولادية أو طارئة) ، ودرجة الإعاقة (كلية أو جزئية) ، وطبيعة الاتجاهات الاجتماعية (سالبة - موجبة) وطبيعة الخدمات الاجتماعية والتعليمية والتأهيلية والنفسية والصحية التي تقدم للمعاقين بصرياً في المجتمع . إن هذه العوامل بدورها مجتمعة أو منفردة تؤثر على كل من طبيعة مفهوم المعاق بصرياً عن ذاته ، وكذلك على درجة تقبله لإعاقته وهما يؤثران بدورهما على طبيعة خصائص المعاق بصرياً الأكاديمية وعلى درجة نجاحه الأكاديمي ، ولهذا فإن طبيعة الخصائص الأكاديمية للمعاقين بصرياً تختلف باختلاف درجة تأثير هذين العاملين

(كما سالم سيسالم ، 1997، ص 55)
.
ومن الخطأ أن نظن أن هناك أي اختلاف عقلي أو عاطفي أو نفساني بين الأطفال المبصرين وغير المبصرين ، وإذا وجد أي خلاف فهو نتيجة التربية وليس نتيجة فقد الصبر. والطفل غير المبصر طفل عادي في كل شيء ، والفرق بين تربية الطفلين فرق شكلي لا موضوعي بمعنى أن أساليب التربية يجب أن تكيف بما يناسب كل منهما تماماً كما تكيف الوسائل المناسبة للطفل الطويل القامة أو القصير القامة وهكذا . والخطأ الثاني الذي يجب أن يتلافاه المربي هو معاملة فاقدي البصر من التلاميذ كأنهم كتلة واحدة تهمل فيها الناحية الفردية للتلاميذ ، والواجب أن ننظر لكل تلميذ على أنه فرد قائم بذاته وألا نضع قاعدة عامة تنطبق عليهم جميعاً ويجب أن تكون شخصية الطفل هي المحور الذي تدور حوله تربيته
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 95) .
ولقد دلت نتائج الدراسات التي طبقت على المعاقين بصرياً والمبصرين أن الذكاء العام للفئة الأولى أدنى بنسبة غير ملحوظة من الذكاء العام للفئة الثانية ، أما في قياس المعلومات العامة فقد اتضح من تطبيق الاختبارات الخاصة بهذا المجال على فئتين متماثلتين من المعاقين بصرياً والمبصرين أن المعلومات العامة لدى الفئة الأولى أقل منها لدى الفئة الثانية ، وهي نتيجة معقولة طبعا بحكم أن مدى ما تطلع عليه العين وما تستطيع إدراكه أوسع وأرحب مما تستطيع الحواس الأخرى معرفته . ولهذا تكون حصيلة المبصر من المعلومات العامة أغنى منها عند المعاق بصرياً
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص 35) .
كما أن الأطفال المعوقين بصريا يظهرون نقصا في الخيال والتصور في أنشطة اللعب مما قد يشير إلى قصور في القدرة على التجريد أو على الأقل ميلا إلى المفاهيم المحسوسة بشكل أوضح مما يوجد لدى زملائهم المبصرين . وتختلف أنماط اللعب لدى الأطفال المعوقين بصريا عن أنماط اللعب عند المبصرين سواء كان ذلك نتيجة للحرمان البيئي أو للقصور الحسي . وإذا كان لدى الأطفال المعوقين بصريا أنماط غير ملائمة من اللعب ، هل يمكن افتراض أن النمو العقلي لديهم يكون محدودا بدرجة أكبر من المبصرين وأكبر ميلا إلى التفكير المحسوس؟ يبدو أن هناك بعض الدلالات التي تبرر مثل هذا الافتراض على الأقل بصفة مؤقتة وغير قاطعه. رغم ذلك يبدو من المعقول أيضا أن تفترض أن أدوات اللعب التي تصمم من أجل الأطفال المبصرين قد لا تجذب اهتمام الأطفال المعاقين بصرياً بنفس الدرجة . إننا بحاجة إلى دراسة هذا الافتراض بشكل موسع وعميق قبل أن نصف المعاقين بصرياً بأنماط قاصرة من اللعب ترتبط بالنمو العقلي المحدود أو النمو الرديء في تكوين المفاهيم (فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص 291) .
وخلاصة نتائج الدراسات المختلفة عن ذكاء المعاقين بصرياً انهم كطائفة لا يختلفون عن المبصرين ، رغم أن تطبيق الاختبارات عليهم دل على إن هناك فرقا ضئيلا لصالح المبصرين في نسبة الذكاء ، إلا أن هذا الفرق يمكن إهماله . كما دل على إن نسبة المتفوقين من المبصرين أعلى منها لدى المعوقين بصرياً وان نسبة المتخلفين في الذكاء أعلى عند المعاقين بصرياً منها عند المبصرين
 
(سيد خيرالله ولطفي بركات احمد ، 1967، ص37) .
وأشار لونيفلد وآخرون Lowenfeld et al 1969 إلى أن متوسط درجات المعاقين بصرياً في اختبارات الثانوية العامة كانت منخفضة عن زملائهم المبصرين في اختبارات التحصيل . وفي دراسة مسحية أجراها بيرش وآخرون Birch et al 1966 لمعرفة مستوى التحصيل الدراسي لـ 903 طفل في الصف الخامس والسادس الابتدائي من المبصرين جزئياً وجدوا أنه على الرغم من أن المستوى العام لذكائهم هو المتوسط وأن أعمارهم كانت أكبر من المتوسط العام للأعمار في هذه الصفوف الدراسية ، إلا أن مستوى تحصيلهم الدراسي كان أقل من مستوى تحصيل أقرانهم المبصرين ، كما أنهم لم يجدوا واحداً منهم متفوقاً في تحصيله الدراسي .
وفي دراسة تتبعيه أجراها ميرس Myers 1975 على مجموعة من المعاقين بصرياً ، وجد أن أداءهم الدراسي كان منخفضاً عن المتوسط ، ولقد أرجع ميرس هذا الانخفاض في الأداء إلى طبيعة العمل المدرسي الذي يتطلب العمل مع الألوان والأشياء الصغيرة
(كمال سالم سيسالم ، 1997، ص 57)
.
كذلك نجد أن السلوك اللغوي عند المعاقين بصرياً ينفرد بظاهرتين لغويتين :
تتمثل الظاهرة اللغوية الأولى : في إمكانية بطئ النمو اللغوي لديهم ، ويعود السبب في ذلك ـ على ما يبدو ـ إلى عدم إمكانية هؤلاء الأطفال من الاستفادة من حاسة البصر في عملية التقليد التي تلعب دورا أساسيا في مختلف مراحل النمو .
أما الظاهرة اللغوية الثانية : فتتجلى في الصعوبة التي تواجه الأطفال المعاقين بصرياً أثناء مرحلة اكتساب المفاهيم اللغوية الصحيحة ، وهو ما ينتج عنه ما يعرف في أدبيات الإعاقة البصرية باللفظية  Verbalism
(ناصر الموسى ، 1411هـ، ص 297)
.
فقد وجد كتسفورث Cutsforth 1951 في دراسة أجراها بقصد التعرف على طبيعة اللفظية في كلام المعاقين بصرياً أن الأطفال المعاقين بصرياً يميلون إلى الاستجابة للكلمات التي استخدمها في دراسته بشكل بصري ، فهم ـ على سبيل المثال ـ يصفون الدم بأنه احمر ولا يصفونه بأنه لزج ، مما يعني انهم يستخدمون مفاهيم لغوية ذات مداليل بصرية لا تعني شيئا بالنسبة لهم ، فهي ليست مبنية على أساس حسي مستمد من خبرة واقعية ، وقد أطلق كتسفورث على هذه الظاهرة اللغوية عدم الواقعية اللفظية  Verbal Unreality (ناصر الموسى ، 1411هـ، ص 298) .
ومن أهم أنواع اضطرابات اللغة والكلام التي يعانيها بعض المعاقين بصرياً والتي أجمعت عليها معظم الدراسات والبحوث في هذا الميدان ما يلي:(كمال سالم سيسالم، 1997،ص65)
الاستبدال، وهو استبدال صوت بصوت كاستبدال (ش) بـ (س) أو (ك) بـ (ق) .
التشويه أو التحريف ، وهو استبدال أكثر من حرف في الكلمة بأحرف أخرى تؤدي إلى تغير معناها وبالتالي عدم فهم ما يراد قوله .
العلو ، يتمثل في ارتفاع الصوت الذي قد لا يتوافق مع طبيعة الحدث الذي يتكلم عنه .
عدم التغير في طبقة الصوت بحيث يسير الكلام على نبرة ووتيرة واحدة .
القصور في استخدام الايماءات والتعبيرات الوجهية والجسمية المصاحبة للكلام .
قصور في الاتصال بالعين مع المتحدث والذي يتمثل بعدم التغير أو التحويل في اتجاهات الرأس عند متابعة الاستماع لشخص ما .
(اللفظية) الإفراط في الألفاظ على حساب المعنى ، وينتج هذا عن القصور في الاستخدام الدقيق للكلمات أو الألفاظ الخاصة بموضوع ما أو فكرة معينة ؛ فيعتمد إلى سرد مجموعة من الكلمات أو الألفاظ عله يستطيع أن يوصل أو يوضح ما يريد قوله .
قصور في التعبير ، وينتج عن القصور في الإدراك البصري لبعض المفاهيم أو العلاقات أو الأحداث وما يرتبط بها من قصور في استدعاء الدلالات اللفظية التي تعبر عنها .
وعليه فإن للمدرسة دوراً مهما في العمل على تنمية الحواس الأخرى وخصوصاً المهارات السمعية والمهارات اللمسية لدى الأطفال المعاقين بصرياً ، على أساس أن تلك المهارات تعتبر من أهم مقومات الاستعداد للقراءة . ولعل من المفيد في هذا الصدد التنبيه إلى أمر لا يزال مغفلا من قبل المرشدين والمعلمين والتربويين والإداريين في مجال الإعاقة البصرية في كثير من بلاد العالم الثالث آلا وهو التركيز والاهتمام بما يوجد لدى الأطفال المعوقين بصريا من بقايا بصرية يمكن الاستفادة منها، وقد جاء هذا الإغفال نتيجة لأسباب منها:
إن بعض الناس في أوساط المجتمع المختلفة يعتقدون أن المعوقين بصريا لا يرون شيئا على الإطلاق ، وهذا مفهوم خاطئ من أساسه إذ تظهر الإحصاءات التي أجريت في الولايات المتحدة ـ على سبيل المثال ـ أن حوالي 10% فقط من المجموع الكلي للمعوقين بصريا ، وحوالي 20% فقط من تلاميذ المدارس هم الذين لا يوجد لديهم بقايا بصرية ، وهؤلاء يعرفون بالمكفوفين كليا Totally Blind .
ومما تسبب كذلك هو أن فلسفة تعليم هؤلاء التلاميذ كانت في البلاد المتقدمة ولا تزال في كثير من البلاد النامية تبنى على أساس أن استخدام البصر يؤدي إلى إضعافه أو حتى إتلافه ، غير أن هذه الفلسفة التعليمية قد تغيرت تغيرا جذريا في البلاد المتقدمة حتى أصبحت تنمية المهارات البصرية من الأولويات في مجال التربية وتعليم الأطفال المعاقين بصريا
 
(ناصر الموسى ، 1411هـ، ص 294) .
وعلى الرغم أن هذا التحول في فلسفة تعليم الأطفال المعوقين بصريا قد بدأ في أمريكا قبل اكثر من ربع قرن من الزمان إلا أن كثيرا من المؤسسات التعليمية  في البلاد النامية ظلت تعمل بفلسفة الاحتفاظ بالمتبقي من البصر عن طريق عدم استخدامه ، فقد وجد الموسى 1987 في دراسة له أن معلمي المرحلة الابتدائية في معاهد النور بالمملكة العربية السعودية ـ على سبيل المثال ـ لا يستخدمون أية استراتيجيات في تعليم القراءة تعمل على تمكين الأطفال من الاستفادة من بقايا أبصارهم ، بل لقد أشار بعضهم إلى انهم يعمدون إلى تغطية أعين تلاميذهم حتى يقرؤوا برايل بأيديهم بدلا من أعينهم (ناصر الموسى ، 1411هـ، ص 295) .
ولقد أدى الاهتمام برعاية وتعليم المعاقين بصرياً إلى ظهور اتجاهات تربوية مختلفة السبل وإن كانت كلها تهدف إلى فلسفة واحدة لتحقيق نفس الخدمات التعليمية . وتعتبر مراكز الإقامة الكاملة للمعاقين بصرياً من أقدم البرامج التربوية للمعاقين بصريا ، حيث يتوافر فيها هيئة التدريس المتخصصة والأدوات والوسائل والأجهزة المعينة المناسبة للمعاقين بصريا . ويعتبرها البعض المكان المناسب لتقديم الخدمات التربوية والنفسية للأطفال المعوقين بصريا حيث تتبع فيها طرقا تربوية خاصة وتتوافر بها الإمكانيات الخاصة اللازمة للطفل المعاق بصريا . إلا أنها قد تسبب بعض المشكلات للأطفال المعاقين بصرياً ، حيث تعزل الطفل عن أسرته ومجتمعه وأقرانه العاديين ، وتؤدي إلى انعكاسات نفسية سالبة على المعوقين وعلى تكيفهم الشخصي والاجتماعي . وارتفاع تكاليفها بالنسبة للمدرسة الخارجية
 
(محمد عبد المؤمن حسن ، 1986، ص 38) .
والاتجاه التربوي الحديث يميل إلى دمج المعوقين بصرياً في الصفوف الخاصة الملحقة بالمدرسة العادية ، أو في الصفوف العادية في المدرسة العادية . فإما يتم وضع المعاقين بصريا في فصول ذات تجهيزات خاصة ملحقة بالمدارس العادية ولكن الطفل يترك فصله من حين لآخر أثناء اليوم المدرسي ليشارك زملاءه المبصرين في نشاطهم الذي لا يحتاج إلى مجهود بصري . أو يتم وضع المعاقين بصريا في فصول عادية للأسوياء ذات تخطيط تربوي خاص حيث يسمح للطفل المعاق بصريا أن يترك الفصل العادي ويذهب إلى فصل خاص يزاول فيه النشاط التربوي المحتاج إلى استعمال دقيق للبصر . ويقوم هذا الرأي على زيادة إدماج الطفل المعاق بصريا مع المبصرين ومساعدته على إبراز ما عنده من قدرات وميول وتقويتها
(سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 418)
.
وإن اتخاذ مثل هذه الخطوة يتطلب الدراسة الواعية لكل المتغيرات والعوامل التي تضمن نجاحها ، ويقف على رأس هذه العوامل اتجاهات المعلمين والطلاب نحو المعوقين بصريا .
ففي دراسة مقارنة أجراها بومان Bauman 1964 بين مجموعتين من المعاقين بصرياً إحداهما تقيم إقامة داخلية في إحدى المدارس الداخلية الخاصة بالمعاقين بصرياً ، والأخرى تتعلم في المدارس النهارية . وجد بومان أن هناك فروقاً في التوافق الانفعالي لصالح المعاقين بصرياً في المدارس النهارية أي أن درجة التوافق الانفعالي للمقيمين إقامة داخلية من المعاقين بصرياً أقل من درجة التوافق التي أحرزها أقرانهم في المدارس النهارية
ويظهر من هذه الدراسة أثر التفاعل بين المعاق بصرياً وأسرته من ناحية ، وتفاعله مع المبصرين في المجتمع من ناحية أخرى ، في تنمية الجوانب المختلفة لشخصيته ، وفي الحد من الإعتمادية على الآخرين ، مما يساعد على تنمية قدراته الذاتية مما يؤدي إلى الزيادة في توافقه الانفعالي مقارنة باقرانه المقيمين في المدارس الداخلية الذين لا تتاح لهم فرصة التفاعل مع المبصرين في الأسرة والمجتمع (كمال سالم سيسالم ، 1997، ص82) .
ولقد أجرى السرطاوي وآخرون 1989 دراسة مسحية للتعرف على أراء المعلمين والمدراء في المدارس الابتدائية ومعاهد التربية الخاصة في مدينة الرياض، نحو أنماط الخدمة التربوية المناسبة للمعوقين ودمجهم . وقد كشفت نتائج هذه الدراسة عن وجود أثر دال لمتغير الجنس ، والمستوى التعليمي ، وسنوات الخبرة على مدى تقبل دمج الأطفال المعوقين في المدارس العادية ، في حين لم يظهر أثر لمتغيري طبيعة العمل ومكان العمل على الدمج
 
(زيدان السرطاوي ، 1411هـ، ص82) .
وهذا النوع من الدمج يسمح للأطفال المعاقين بصريا بالاندماج في الحياة العادية مع العاديين باستمرار ومع زملائهم العاديين بصفة خاصة، كما إنها تجنب الطفل المعاق بصريا العزلة الاجتماعية التي يشعر بها وهذا يجنب الطالب المعوق كذلك النظرة التشاؤمية لقدراته والأحكام القبلية التي يفرضها مجتمع العاديين من حوله واتجاهات التمييز والرفض والحواجز النفسية ضد المعوقين وخاصة عند تشغيلهم (محمد عبدالمؤمن حسن ، 1986، ص 38) .
إلا أن عملية الدمج هذه قد توجد بعض المشكلات للمعاقين بصرياً ، من حيث أن المدرسة أو الفصول الخارجية الملحقة بالمدارس العادية لا تتوافر فيها الإمكانيات المطلوبة لهذه الفئة من المعوقين كما هو الحال في معاهدهم الخاصة بهم، والتي تتبع نظام الدراسة الداخلية أو الإقامة الكاملة والبرنامج الشامل ، كما إن تنظيم المدرسة العادية بوسائلها وأنشطتها ومكتبتها ومعاملها وغير ذلك قد لا يتناسب مع حالة وإمكانيات الطفل المعاق بصريا الذي يحتاج إلى مدرسة من نوع خاص وتنظيم خاص توفر له حرية الحركة والنشاط، فضلا على إن المدرسة العادية تضع عبأً كبيرا على أولياء الأمور في توفير المواصلات اللازمة يوميا للطفل المعوق بصريا ذهابا وعودة ، فضلا عن ضرورة تفرغ مرافق خاص به باستمرار .
دور المرشد في المشكلات التربوية
يجب أن يعمل المرشد على توجيه المعاق بصرياً إلى المعاهد الخاصة بالمعاقين بصرياً وأن يعرفه على الخدمات التي تقدمها هذه المعاهد  من خدمات تعليمية وتربوية، وأن يغرس لديه الاعتماد على النفس ، وأن ينمي قدراته إلى أقصى حد ممكن ، كما عليه أن يتدخل مبكراً بحيث لا يتيح للاجتهادات الشخصية الخاطئة من الأشخاص غير المتخصصين لتقديم خدمات للمعاق بصرياً خاطئة مما يؤدي إلى نتائج سيئة عليه .
العمل على المشاركة الإيجابية النشطة للطفل المعوق بصرياً في الأنشطة المدرسية بشرط أن يكون ذلك من خلال طرق وأساليب تتميز بالحب والدفء والرغبة في المساعدة والتقبل وليس من منطلق الحماية الزائدة للطفل المعوق بصرياً التي تشجع اعتماده على الآخرين . وأن تكون هذه الأنشطة من النوع الذي يتطلب مشاركة جميع الأفراد في الأداء ، وعندما يظهر المعوقون بصرياً قدرتهم على الأداء فإن المبصرين ينظرون إليهم بقدر أكبر من الاحترام مما يجعلهم يدعونهم إلى المشاركة في أنشطة أخرى . بهذه الطريقة يمكن أن يكتسب الأطفال المعوقون بصرياً الثقة بالنفس كأعضاء إيجابيين في الجماعة ويشعرون بالقدرة على دعوة زملائهم لمشاركتهم بعض الأنشطة التي يفضلونها
(فتحي السيد عبدالرحيم ، 1982، ص 316)
.
 كما يتيح لهم الاختلاط مع زملائهم المعاقين بصرياً ، وكذلك مع زملائهم الأسوياء ومحاولة مجاراتهم في تحصيل الخبرات والإسهام في الأنشطة وهذا يعتبر غاية كل عمل تربوي وتأهيلي .
توفير التنشئة الاجتماعية السليمة بالمساهمة في تيسير العمليات التكوينية والوقائية والعلاجية من خلال تزويد الطالب بالمهارات المختلفة في نطاق قدراته وإمكاناته ومتطلبات المجتمع ، ومساعدته على تخليص مشاكله والعقبات التي تعطل تحصيله الدراسي ووقايته من التعرض لها ، ومساعدة المدرسة على زيادة كفاءتها وتطوير وسائلها لتكون أكثر قدرة على تلبية متطلبات التغير والتقدم في المجتمع
 
(سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 429) .
يمكن تصحيح المسار الفلسفي في تعليم الأطفال المعاقين بصرياً في البلاد النامية ، فقد حددت Corn 1986 ثلاثة أنواع من البرامج التدريبية التي تستخدم في تنمية المهارات البصرية لديهم ، وهي عادة تقدم بشكل تسلسلي بعد عملية تقييم المتبقي من حاسة الإبصار على النحو التالي : (ناصر الموسى ، 1411، ص 295)  .
برامج تعمل على استثارة حاسة الإبصار .
برامج تعمل على زيادة فاعلية حاسة الإبصار .
برامج تركز على تحديد الوسائل والأساليب التي تعمل على زيادة الاستفادة من حاسة الإبصار .
5 ) وتقع على كاهل المسؤولين والأخصائيين والمرشدين والجهات ذات العلاقة كالأمانة العامة للتعليم الخاص في وزارة المعارف ، ووسائل الإعلام المختلفة المرئية منها والمسموعة والمكتوبة مسئولية وطنية للعمل بكل الأساليب التي من شأنها تحسين اتجاهات أفراد المجتمع وخصوصا المدرسين والطلاب نحو المعوقين بصريا ، حيث تمثل اتجاهاتهم ودرجة تقبلهم لعملية الدمج أحد الأسس المهمة في نجاحها وتحقيق أهدافها .
المشكلات المهنية
لقد نادت الحركة الديمقراطية بتكافؤ الفرص والمساواة بين الأفراد بصرف النظر عن جنسهم ولونهم ودينهم ، والمعاق بصرياً كعضو في المجتمع عليه واجبات وله حقوق ، والتي من أهمها أن تمكنه الجماعة من ممارسة نشاطه في حدود قدراته وإمكاناته (محمد سيد فهمي، 1983، ص 73)
وعلى الرغم من أن المعاقين بصرياً قد يحصلون على تعليم من مستوى جيد إلا أن نسبة كبيرة منهم لا تكتسب معلومات كافية عن عالم العمل . فتفاعلاتهم مع ذوي الأعمال المختلفة محدودة وهم قد لا يكون لديهم الوعي الكافي بالمهن التي قد ينجحون فيها . ولكن الأفراد المعاقين بصرياً يستطيعون القيام بالعديد من الأعمال وذلك اعتماداً على قدراتهم وميولهم ورغباتهم . ويشير جيمس بتر Bitter 1979 إلى أن أهم عامل يجب مراعاته في التأهيل المهني لهؤلاء الأفراد هو معرفة وتحليل التأثيرات النفسية للإعاقة البصرية. وقد أفاد مكتب العمل الدولي 1989 بأن الحرف والمهن التي يقوم بها المعاقون بصرياً قد زادت بشكل ملحوظ في الأعوام القليلة الماضية بسبب توفر معينات القراءة والحركة المتطورة . وبوجه عام ، فإن هناك قبولاً متزايداً في معظم دول العالم حالياً لفلسفة تشغيل المعوقين بصرياً مع المبصرين في سوق العمل المفتوح (منى صبحي الحديدي، 1998، ص335) .
ونتيجة للتقدم العلمي فقد تنوعت المهن في المجتمعات مما نتج عنه صعوبة موقف المعاق بصرياً في الحصول على العمل المناسب وبذلك كان لابد من إتاحة فرصة التعليم المهني للمعاق بصرياً للاستفادة من حواسه الأخرى في تدريبه حسب قدراته وإمكانياته الجسمية والنفسية والحركية حتى يستطيع بعد قضاء فترة التدريب المهني أن يلتحق بالعمل المناسب له ليكون مواطناً صالحاً يقوم بدوره في خدمة مجتمعه كغيره من المبصرين . فالعمل النافع اجتماعياً للمعاق بصرياً يعتبر أفضل علاج له لتكيفه مع نفسه ومع مجتمعه ، كما يعتبر أفضل صورة للرعاية التربوية فالعمل الذي ينجح فيه المعاق بصرياً يكسب حياته معنى وقيمة وشعوراً بالرضا والطمأنينة كما أن العمل يحرر المعاق بصرياً من صراعه مع الظلام فيجعله مستقراً نفسياً ومتكيفاً اجتماعياً . والعمل ينمي الطموح عند المعاق بصرياً ويساعده على إدراك عالم المبصرين بنفس راضية فالعمل يمنح المعاق بصرياً شعوراً بالثقة بالذات والاعتزاز بالنفس نتيجة لقدرته على الإنتاج والنجاح فالعمل يحقق أهداف المعاق بصرياً في الحياة مثل المبصر ، فيعوده على الاستقلال الاقتصادي وتكوين الأسرة دون الاعتماد على الآخرين . فكلما زادت ثقة المعاق بصرياً في نفسه كلما كسب كثيراً وفي حالة فشله ستضعف ثقته بنفسه وسيلجأ إلى عدم تحمل المسئولية وإلى العزلة والانطواء (محمد صالح احمد صالح ، 1413 هـ، ص 18) .
وإن الخطوة الأساسية في تأهيل المعاق بصرياً وإعداد للعمل المناسب هي التوجيه المهني ، ويقصد به معاونة المعاق بصرياً على تفهم نفسه والتعرف على طاقاته وإمكانياته ، حتى يستطيع أن يستغلها في الناحية التي تعود عليه وبالتالي على مجتمعه بالنفع ، ومن أهداف التوجيه المهني أيضاً معاونة المعاق بصرياً على تحقيق التوافق والإشباع المهني (سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 406) .
أما تأهيل المعاقين بصرياً فيقصد به تربيته حسياً وعقلياً حتى يصل إلى أقصى ما يستطيع الوصول إليه من الكمال ليسعد في حياته الفردية والاجتماعية ، فإذا ما انتهى دور التربية والتوجيه عمدت الرعاية التأهيلية إلى مساعدته ليشق طريقه في المجتمع ولا يتعثر نتيجة الصعوبات التي تفرضها حالة فقدان البصر ، وإذا ما كبر في السن فإن الأمر ينتهي إلى مساعدته مادياً أسوةً بغيره من المسنين
(محمد سيد فهمي ، 1983، ص 73) .
ويهدف التأهيل المهني للمعاقين بصرياً إلى إعدادهم للعمل في حرفة أو مهنة من المهن التي تلائمهم دون أن يعتمدوا على غيرهم بأقل قدر ممكن ودون أن نضعهم في موقف تنافسي مع المبصرين وذلك في وسط يحميهم من مخاطر العمل وأضراره ، كما أن التأهيل المهني للمعاقين بصرياً يهدف إلى إكسابهم الخصائص الشخصية التي تمكنهم من الحصول على تقبل الآخرين لهم التي تعاونهم على الاندماج في الجماعة التي يعملون بينها ، كما يهدف إلى إكسابهم العادات الطيبة للعمل التي تساعدهم على أن يكونوا على قدر من الكفاية الإنتاجية والانتظام في العمل والتوافق معه كعادات الانتظام والمواظبة وإتباع الأوامر والتعليمات والتعامل الاجتماعي السليم . وللوصول إلى هذا الهدف يقوم التأهيل المهني بتقديم عدة خدمات متكاملة يمكن أن نحصرها في تأهيل المعاقين بصرياً في النواحي التحصيلية والثقافية والخدمات الطبية والصحية والخدمات الرياضية والترفيهية والإرشاد النفسي على اختلاف أنواعه والتدريب المهني والتعلم الاجتماعي(محمد صالح أحمد صالح ، 1412هـ، ص17) .
فإذا نظرنا إلى العمل من الناحية النفسية والاجتماعية فإننا نجده لا يعني مجرد بذل جهد عقلي أو جسمي للتأثير على الأشياء أو الأشخاص للوصول إلى نتيجة ما ، بل يعني في الحقيقة تفاعلا بين الإنسان والبيئة المادية والاجتماعية التي يعيش فيها . فالإنسان يحاول في أثناء عمله أن يحقق أهدافه وأن يشبع رغباته وحاجاته ، وأن يحيل قيمه ومثله حقيقة واقعة ، وأن يعبر عن دوافعه وصراعه وقلقه بصورة مقبولة ، يرضى عنها هو نفسه كما يرضى عنها المجتمع الذي يعمل فيه . وهو في أثناء هذا التفاعل مع الوسط الذي يعمل فيه ينمو ، وينضج ، ويؤكد توازنه ويحقق ذاته ويشعر بقيمته وإنسانيته . ويكفي للدلالة على ذلك أن ننظر إلى المتعطلين والتغيير الذي يطرأ عليهم عندما يعملون ، فالمتعطل ـ كما كشفت الأبحاث النفسية والاجتماعية المختلفة ـ شخص تتضاءل نظرته إلى نفسه ويقلل من قيمتها ، ويرى حياته عبثا لا طائل من ورائه ومجرد وجود لا قيمة له ولا أهداف أمامه، كما أنه يفقد أمنه وثقته بنفسه ويشعر بالدونية . وسرعان ما ينعكس هذا كله على شعوره ومشاعره نحو الآخرين فهم في نظره قد نبذوه وأهملوه أن لم يكونوا قد كرهوه وعادوه ، وكثيراً ما يؤدي ذلك إما إلى عدوان صريح أو ضمني نحوهم ، أو إلى هروب منهم وانزواء عنهم . وقد يلجأ إلى الأوهام والتخيلات أو الإدمان لعله يجد فيها مهرباً من الضغط والتوتر اللذين يعاني منهما ، وقد يلجأ إلى أساليب إجرامية يخفي وراءها فشله ، أو يشبع عن طريقها حاجاته الملحة أو يرضي بها نوازعه ونزواته ، وقد يلجأ أخيراً إلى الهروب من الحياة كلية معبراً بذلك عن شقائه وتعاسته ، وعن يأسه وقنوطه
 
(محمد صالح أحمد صالح ، 1412هـ، ص 17) .
وإذا كان العمل لازماً وملحاً بالنسبة للأصحاء والأسوياء من الناس فإنه يصبح أكثر لزوماً وأشد إلحاحاً بالنسبة لهؤلاء المعاقين بصرياً فهذه الفئة مثل غيرها من بني الإنسان تشعر بشعورهم وتخضع لنفس دوافعهم وتطمع في أن تصل إلى ما وصلوا إليه ومن ثم يصبح الإعداد للحياة العملية ومحاولة وضعهم في مواقع العمل الملائمة لإمكانياتهم والبلوغ بهم مبلغ السعي ، وتحقيق تلاؤم بينهم وبين ما يعهد إليهم من عمل ، وتكيف مع زملائهم في العمل ورؤسائهم وتوافق بين مطالبهم ومطالب مهنهم ، يصبح هذا كله وسيلة وغاية وتكاملاً وتحقيقاً . فالعمل بالنسبة لهم وسيلة للتغلب على ما يشعرون به من نقص أو يشعرهم به الآخرون من عجز، كما أنه غاية إذ تتحقق ذواتهم في عملهم ويصبح هذا العمل بالنسبة لهم مجالاً للوجود الإنساني والكرامة البشرية ، كما أنه يضعهم في الصورة والإطار الاجتماعيين فيصبحون عنصراً من عناصر القوة البشرية العاملة ويحققون نوعاً من التكامل الاجتماعي والاقتصادي نحن في أشد الحاجة إليه (محمد صالح أحمد صالح ، 1412هـ، ص17) .
خطوات نجاح التأهيل المهني للمعوقين بصرياً (محمد صالح أحمد صالح ، 1413هـ، ص19)
الكشف الطبي : وذلك لمعرفة درجة كف البصر وظروف الإصابة وخطوات علاجها حتى تقوم عملية التوجيه والتدريب المهني على أساس سليم.
بحث الحالة : وذلك بغرض التعرف على المعلومات الشخصية عن المعاق بصرياً وأسرته وخبرته المهنية ومستواه الثقافي وقدرته وتكيفه بعد الإصابة وهذه المعلومات لها أهميتها في توجيه ونجاح التدريب المهني .
التوجيه المهني : وهو مساعدة المعاق بصرياً على اختيار ما يناسبه من أعمال في ضوء التعرف على ظروف الإصابة والخبرات السابقة ومدى تقبله للعمل المعروض عليه ولتحقيق ذلك يستلزم أن تتضمن عملية التأهيل المهني الآتي:
تحليل المهن : وذلك لمعرفة احتياجات كل مهنة ومتطلباتها من استعدادات وقدرات ومهارات لوضع المعاق بصرياً في العمل المناسب له .
تحليل شخصية المعاق بصرياً : وذلك لمعرفة قدراته ونواحي القوة والضعف فيه عن طريق الطبيب والأخصائي الاجتماعي والنفسي .
التوجيه : وهذا يتطلب مراعاة التوفيق بين حاجات المعاق بصرياً والنواحي المكفولة في مجال العمل وذلك لوضع كل فرد في المهنة المناسبة له ومساعدة المعاق بصرياً على التكيف النفسي والاجتماعي لبيئة العمل الجديدة .
التدريب المهني : وهذا يستلزم أن يتقبل المعاق بصرياً عاهته وتكيفه مع وضعه الجديد حتى يستقر نفسياً وبعد ذلك تبدأ خدمات التدريب على المهنة الملائمة له .
التشغيل: وهي المرحلة الأخيرة من مراحل التأهيل المهني فلا فائدة من التدريب دون إيجاد العمل المناسب للمعاق بصرياً في المهنة التي تدرب عليها ونجح فيها .
التتبع : ويجب هنا متابعة المعاق بصرياً بعد التحاقه بالعمل وذلك لإرشاده للتغلب على العقبات أو مشكلات العمل التي قد يواجهها .
إن المعاقين بصرياً هم طاقة بناءة يمكن استغلالها والإفادة منها ، وإلا فإن الآية تنعكس ويصبحون عوامل هدم وتشويه بدلاً من كونهم عوامل بناء وتدعيم . فمن المعروف أن المعوقين عامة والمعاقين بصرياً خاصة إن لم يشغلهم عمل يصرفون فيه جهدهم ويقضون فيه وقتهم ، فانهم يتحولون إلى عناصر هدامة يتفشى بينها الانحراف الاجتماعي بشتى صوره  ويصبحون عالة ثقيلة على المجتمع . إن الأمر لا يستلزم أكثر من الاعتراف بكرامة الفرد المعوق وتدعيم الثقة في قدراته وتقبله في المجتمع بما يضيف المزيد إلى الكفاية الإنتاجية (سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 409) .
دور المرشد في المشكلات المهنية :
1) يعد الإرشاد من أهم عناصر التأهيل المهني ، وهناك العديد من النظريات الإرشادية التي يمكن الاستفادة منها في عملية التأهيل لتحسين أداء المعاق بصرياً وتكيفه مع المهنة . ومن أهم المهارات الإرشادية في التأهيل المهني :
(منى صبحي الحديدي ، 1998، ص 338)
- اجراء المقابلات مع المعاق بصرياً .
- بناء علاقة إرشادية فاعلة مع المعاق بصرياً .
- إيضاح دور كل من المرشد والمعاق بصرياً في العملية التأهيلية .
- كتابة أهداف إرشادية مهنية للمعاق بصرياً .
- توجيه المعاق بصرياً وأسرته لتطوير خطط مهنية واقعية .
- مساعدة المعاق بصرياً على إدراك قدراته وميوله الذاتية .
- مساعدة المعاق بصرياً على فهم دوره في عالم العمل .
- التعامل مع المعاق بصرياً باحترام وألفة .
- معرفة مهارات الإصغاء الإيجابي والتنظيم والتشجيع .
- استخدام أساليب تعديل السلوك الفاعلة .
- استخدام منهج منظم للتغلب على المشكلات التي تعيق العملية الإرشادية .
2) إن سنوات المراهقة المتأخرة والرشد المبكرة هي سنوات ينتقل فيها الشخص المعوق بصرياً مثله في ذلك مثل الأشخاص جميعاً من دور الطالب إلى دور العامل . وتشكل هذه السنوات مرحلة انتقالية صعبة ومن المستحسن في هذه المرحلة ان يتعاون الطالب ، وأسرته ، ومعلموه ، والمرشد لتحقيق الانتقال بيسر وسهولة . ولكن عملية الانتقال هذه عملية متعددة المراحل تبدأ في مرحلة الطفولة وتستمر طوال العمر . ودور المرشد في المراحل المختلفة من التوجيه والإرشاد المهني على النحو التالي : (منى صبحي الحديدي ، 1998، ص 353-359)
أ) دور المرشد في مرحلة الوعي المهني (من الروضة إلى الصف الثالث الابتدائي) :
1- مساعدة الطالب على معرفة خصائصه الشخصية : أمثلة :
- إعطاء أمثلة لإيضاح خصائص التعرف إلى الصفات الشخصية .
- التعرف إلى معنى الاهتمامات .
- وصف علاقة الاهتمامات بالنشاطات .
- وصف كيف يعبر الناس عن اهتماماتهم .
2- مساعدة الطالب على معرفة أنواع مختلفة من الأعمال : أمثلة :
- التعرف إلى النشاطات المختلفة لدى الناس ، وعمل زيارات ميدانية .
- التمييز بين تلك النشاطات ، وعرض مفهوم المهنة .
- التمييز بين المهنة والعمل التطوعي ، العمل المنزلي ، النشاطات الترفيهية .
- تمييز مصطلحات مثل : البائع ، خدمات ، منتفعون ، منتجون .
- فهم العلاقات بين المهن المختلفة ، العمل الجماعي .
3- مساعدة الطالب على تقبل المسؤوليات : أمثلة :
- بين أنواع السلوك التي تجعل الآخرين سعداء أو غير سعداء .
- اعط أمثلة على نواح سلوكية تسعد الطالب ، ونواحٍ تغضبه .
- تحدث عما يقلق الطالب .
- مناقشة نتائج النجاح بشكل عام (هل الدور للحظ أم لجهد الافراد).
4- مساعدة الطالب في تنظيم المعلومات حول العمل : أمثلة :
- تعليم الطالب تصنيف المعلومات وترتيبها .
- تحديد طرق أخذ القرارات (معنى القرار ، خطوات أخذ القرار ، التمييز بين الجيد والسيئ وأهمية اعتبار مجموعة من القرارات) .
5- مساعدة الطالب على تطبيق مبدأ التعاون : أمثلة :
- إدراك أهمية العمل .
- والتعرف إلى حاجات الأفراد التي تلبى من خلال العمل .
ب- دور المرشد في مرحلة التكيف المهني (من الصف الرابع إلى السادس الابتدائي):
1- مساعدة الطالب على تطوير المعلومات عن نفسه : أمثلة :
- مناقشة الاهتمامات ، القدرات ، القيم ، معرفة العوامل التي تؤثر على التغير في الاهتمامات (مثل النمو ، التعلم ، الخبرات) .
- معرفة أثر القيم على الاختبارات المهنية .
- معرفة مدى الاختلاف في القيم لدى الأفراد .
2- مساعدة الطالب على تقبل زيادة تحمل المسؤولية .
3- مساعدة الطالب على أخذ المعلومات واتخاذ القرارات : أمثلة :
- توضيح لماذا وكيف تؤخذ القرارات، وتوضيح كيفية البحث عن المعلومات.
4- مساعدة الطالب على تفهم اتجاهات الآخرين المختلفة نحو العمل: أمثلة :
- تحديد عمل جماعي للطلبة ، بعد ذلك وصف مدى حب وكره كل واحد من الطلبة للنشاط الذي قام به ومناقشة الآراء المختلفة .
ج- دور المرشد في مرحلة التعرف (من الصف الأول متوسط إلى الصف الثاني متوسط) :
1- مساعدة الطالب على وصف مفهوم الذات المهني : أمثلة :
- وصف دور الذات عند التخطيط المهني وأخذ القرارات .
- إيضاح أهمية المعلومات في التخطيط المهني وأخذ القرارات .
- تحديد نوع المعلومات الضرورية للتخطيط للمهنة .
- اختيارات مبدئية تجريبية لبعض المهن .
2- مساعدة الطالب على تقبل المسؤولية في التخطيط لمهنة تخصه : أمثلة :
- مناقشة الحاجة إلى المهنة .
- وصف العلاقة بين القرارات التربوية والمهنية .
3- مساعدة الطالب على البحث عن المعلومات وطرق اتخاذ القرارات : أمثلة :
- الاختيار من ضمن مجموعة من الاختيارات .
- التمييز بين حل المشكلة واتخاذ القرارات .
- تحديد العوامل المؤثرة على اتخاذ القارات (القدرات ، الرغبات ، البيئة) .
- يقوم الطلبة بتصنيف المهن التي تحتاج إلى رؤية ومهن لا تحتاج إلى رؤية .
- إدراك المتطلبات الضرورية لاتخاذ القرارات مثل (القيم باستخدام المعلومات ذات العلاقة ، استخدام الاستراتيجيات الفعالة) .
- تسمية المهن المتوفرة في المجتمع .
- يقوم الطلبة باختيار مهنة ويطلب منهم تحليل تلك المهنة على أن يشمل التحليل :
* مدى التدريب المطلوب .
* مدى الحاجة إلى الرؤية .
* التعديلات المتوقع بأنها ضرورية لكي ينجح المعاق بصرياً في المهنة .
4- مساعدة الطالب على المشاركة في نشاطات جماعية .
5- مساعدة الطالب على تحديد دور العمل في تلبية الحاجات الفردية والاجتماعية : أمثلة :
- يقوم الطلبة بإجراء مقابلة مع شخص معاق بصرياً يمارس مهنة للتعرف إلى ما يلي :
* مهنة الشخص .
* مدى تأثير الإعاقة البصرية في عمله .
* سبب نجاح المعاق بصرياً في عمله .
* رأي الطالب نحو هذه المهنة كهدف مستقبلي .
د- دور المرشد في مرحلة الاستكشاف والتحضير (من الصف الثالث متوسط إلى الصف الثالث الثانوي) :
1- مساعدة الطالب على تحقيق مفهوم الذات المهني : أمثلة :
- مناقشة أثر الإعاقة البصرية على اختيار المهنة .
- مناقشة الاهتمامات والقدرات من خلال الاستكشاف المهني .
- التدريب على كيفية التعديل في التخطيط للمهنة .
2- مساعدة الطالب على تنفيذ خطط تؤهله لتحقيق أهداف المهنة : أمثلة :
- مناقشة الحالة الاقتصادية للمهنة والمتطلبات التعليمية .
- توعية الطالب في مفهوم المنافسة والثبات في المهنة .
- التعامل مع الآخرين .
- تطور مهارات جديدة حول العمل .
- تدريب عملي على مهنة تحت الاشراف مباشرة .
- اكتساب طرق البحث عن المهنة وكيفية التقدم للمهنة وإنجاح المقابلة.
3- مساعدة الطالب على تنفيذ الخطة المهنية : أمثلة :
- معرفة أسباب الالتحاق في مهنة .
- تحديد المؤثرات على الخطة لمهنة .
- تحديد رأي الطالب في المهنة التي اختارها .
4- مساعدة الطالب على تطبيق كفايته في اتخاذ القرارات .
5- مساعدة الطالب على تطبيق مهارات التفاعل مع الآخرين اثناء العمل .
6- مساعدة الطالب على تطبيق عادات واتجاهات فعالة نحو العمل .
3) توفير فرص العمل والتفاعل مع بقية المواطنين ومحاربة الانعزالية في شتى صورها، ولتحقيق ذلك تقع على عاتق المرشد المسئوليات الآتية :
 
(سيد عبدالحميد مرسي، 1975، ص407)
تحليل الأعمال حتى يمكن أن يستفيد المعوقين بصرياً من فرص العمل المكفولة لهم في البيئة المحلية في ضوء مطالب الأعمال ومقتضياتها .
تحليل الفرد بقصد الكشف عن قدراته واستعداداته وميوله واتجاهاته وخبراته وسمات شخصيته .
التوفيق بين حاجة المعوق بصرياً والفرص المهنية المكفولة  له في ضوء مطالب الأعمال وإمكانياته الذاتية .
العمل على معاونة المعوق بصرياً على التوافق الاجتماعي والنفسي والمهني ، مع الاهتمام بحل مشكلاته الفردية في النواحي الاجتماعية والمهنية والنفسية.
4) يجب على المرشد أن يقوم بإجراء الاتصالات المتعددة ، وأن يعمل على تكوين علاقات وثيقة مهنية بالهيئات المختلفة في المجتمع ، وخاصة بالمؤسسات الإنتاجية، حتى يضمن حسن تشغيل المعوقين بصرياً في الأعمال التي تلائمهم وتكفل تكيفهم مع ظروف البيئة المهنية التي يلتحقون بها (سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 409) .
5 ) إصدار التشريعات التي تهيئ القيام بتشغيل المعوقين بصرياً وتسهيل حياتهم في المجتمع . مثلاً أن تصدر الدولة تشريعاً ينص على تخصيص نسبة محددة من عدد العاملين بالمصانع والمؤسسات التي يبلغ حجم العمال فيها مستوى معين ، لكي تلحق بها المعوقين بصرياً الذين تم تدريبهم وتأهيلهم . حيث أن تأهيل المعاقين بصرياً وإدماجهم في المجتمع كعاملين منتجين له أثار اجتماعية بعيدة المدى ، من أبرزها مكافحة ظاهرة التسول ، بالإضافة إلى تدعيم ثقة المعاقين بصرياً بأنفسهم وخروجهم من الدائرة المغلقة التي ظلوا يعيشون فيها طويلاً (سيد عبدالحميد مرسي ، 1975، ص 409) .
إن المعاقين بصرياً هم أشخاص يجب عدم الحط من إنسانيتهم بسبب اختلافهم عن الآخرين ، وهم يواجهون مثيرات غير تقليدية قد تقودهم إلى مواجهة مشكلات خاصة تتعلق بالجوانب النفسية أو الاجتماعية أو الأسرية أو التربوية أو المهنية .
لذا يجب على الأسرة والمدرسة والمجتمع أن يقدموا العون للمعاقين بصرياً من أجل مساعدتهم على الاندماج بالعالم الواقعي لتجنبهم احتمالات الإصابة بالاضطرابات النفسية والاجتماعية وإذا كان هذا الموقف هو ما يجب أن نقفه من المبصرين أيضاً ؛ فإنه بالأحرى أن نكون أحرص عليه إزاء المعاقين بصرياً وذلك لأن المعاق بصرياً يعد معزولاً جزئياً عن العالم الخارجي نتيجة إعاقته التي لا تتيح له إدراك ما حوله ومن حوله إلا الجوانب التي يمكن لحواسه أن تقدمها له .
والاستراتيجيات الإرشادية المقترحة تؤكد على ضرورة تعامل المرشد مع الإنسان ككل متكامل . ويجب أن يصبح المرشد على وعي وخبرة بكيفية تأثير الإعاقة البصرية على جميع جوانب حياة الشخص المعوق . علاوة على ذلك ، أكدنا على ضرورة أن يكون المرشد بارعاً، فيستخدم الأدوات والأساليب الأكثر فاعلية وجدوى .
باختصار ، إن على المرشدين توظيف جميع الموارد المتاحة لهم وللآخرين أيضاً لمساعدة المعاقين بصرياً ليجدوا معنى لحياتهم وليعيشوا حياة كاملة .
 
المراجع
توماس ج. كارول (ترجمة) صلاح مخيمر (1969) . رعاية المكفوفين نفسياً واجتماعياً ومهنياً . عالم الكتب . القاهرة .
جاك سي استيورت ، ترجمة عبدالصمد قائد الأغبري وفريدة عبدالوهاب آل مشرف (1996) . إرشاد الآباء ذوي الأطفال غير العاديين . جامعة الملك سعود . الرياض .
جمال الخطيب وآخرون (1992) . إرشاد أسر الأطفال ذوي الحاجات الخاصة . دار حنين . عمان .
حامد عبدالسلام زهران (1978) . الصحة النفسية والعلاج النفسي (ط 2) . عالم الكتب . القاهرة .
حامد عبدالسلام زهران (1980). التوجيه والإرشاد النفسي (ط2). عالم الكتب . القاهرة .
رشاد علي عبدالعزيز موسى (1994) . بحوث في سيكولوجية المعاق. دار النهضة العربية . القاهرة .
زيدان احمد السرطاوي (1411 هـ) . اتجاهات طلاب المرحلة التعليمية المتوسطة نحو المعوقين وعلاقتها ببعض المتغيرات المتعلقة بالإعاقة . العدد الثاني . مجلة رسالة التربية وعلم النفس . الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية . جامعة الملك سعود . الرياض . ص . ص 81-109 .
سيد خيرالله ولطفي بركات احمد (1967) . سيكولوجية الطفل الكفيف وتربيته . مكتبة الانجلو المصرية . القاهرة .
سيد عبدالحميد مرسي (1975) . الإرشاد النفسي والتوجيه التربوي والمهني . مكتبة الخانجي . مصر .
عبدالحميد محمد الهاشمي (1986) . التوجيه والإرشاد النفسي . دار الشروق . جدة .
عبدالرحمن سالم الخلف (1987) . نشأة وتطور تعليم المكفوفين بالمملكة العربية السعودية . العدد 28 . مجلة التوثيق التربوي . وزارة المعارف . المملكة العربية السعودية .
عبدالوهاب احمد عبدالواسع (1983) . التعليم في المملكة العربية السعودية .ط2.  الكتاب العربي السعودي . جدة .
فاروق الروسان (1996) . سيكولوجية الأطفال غير العاديين . ط2. دار الفكر . عمان .
فاروق الروسان (1998). قضايا ومشكلات في التربية الخاصة . دار الفكر. عمان.
فاروق سيد عبدالسلام (1401هـ) . الخصائص النفسية للمعوقين . العدد 53 ذو القعدة 1401 هـ . السنة الخامسة . مجلة الفيصل. الرياض . ص. ص 27 ـ 34.
فاروق سيد عبدالسلام وآخرون (1992) . مدخل إلى الإرشاد التربوي والنفسي . دار الهدى للنشر والتوزيع . الرياض .
فاروق صادق وآخرون (1986) . دراسة اتجاه المجتمع السعودي نحو المكفوفين . المجلد الثالث . مجلة دراسات تربوية . كلية التربية . جامعة الملك سعود . الرياض .
فتحي السيد عبدالرحيم (1983) . قضايا ومشكلات في سيكولوجية الإعاقة ورعاية المعوقين (( النظرية والتطبيق )) . دار القلم . الكويت .
فتحي السيد عبدالرحيم  وحليم السعيد بشاي (1982) . سيكولوجية الأطفال غير العاديين . الجزء الثاني . دار القلم . الكويت.
كمال سالم سيسالم (1997). المعاقون بصرياً خصائصهم ومناهجهم. الدار المصرية اللبنانية . القاهرة .
لطفي بركات احمد( 1978) . الفكر التربوي في رعاية الطفل الكفيف . مكتبة الخانجي . مصر .
لطفي بركات احمد (1981). تربية المعوقين في الوطن العربي . دار المريخ . الرياض.
لطفي بركات احمد (1982) . الرعاية التربوية للمكفوفين . ط1. تهامة . جدة .
ماهر محمود الهواري (1401هـ) . شخصية الكفيف . عدد 51  رمضان 1401 هـ . مجلة الفيصل . الرياض . ص . ص 76ـ 82.
محمد سيد فهمي (1983) . السلوك الاجتماعي للمعوقين دراسة في الخدمة الاجتماعية . المكتب الجامعي الحديث . الإسكندرية .
محمد صالح أحمد صالح (1412هـ) . التوجيه المهني للكفيف وكيفية اختيار المهنة المناسبة له . عدد 45 ذي الحجة 1411ـ محرم 1412 هـ. مجلة المنال. الإمارات العربية المتحدة. ص.ص17-19.
محمد صالح أحمد صالح (1413هـ) . كيفية نجاح التأهيل المهني للكفيف . عدد 57 صفر ـ ربيع الأول 1413 هـ . مجلة المنال . الإمارات العربية المتحدة . ص . ص 18 ـ 19 .
محمد عبدالمؤمن حسن ( 1986 ) . سيكولوجية غير العاديين وتربيتهم . دار الفكر الجامعي . الازاريطة .
محمود عبدالله صالح (1985) . أساسيات في الإرشاد التربوي . دار المريخ . الرياض .
محمود محمد حسن (1989) . الأطفال المعوقين . تهامة . جدة .
مختار حمزة (1979) . سيكولوجية المرضى وذوي العاهات . دار المجمع العلمي. جدة .
مصطفى فهمي (1965) . سيكولوجية الأطفال غير العاديين . مكتبة مصر . القاهرة .
منى صبحي الحديدي (1998) . مقدمة في الإعاقة البصرية . دار الفكر . عمان .
ناصر على الموسى (1411هـ) . المنهج الإضافي ودوره في تنمية المهارات التعويضية لدى الأطفال المعوقين بصريا . الجمعية السعودية للعلوم التربوية والنفسية . الكتاب السنوي الثالث التعليم الابتدائي ودوره في تنمية المهارات الأساسية لدى التلاميذ . الرياض . ص . ص 281-323 .
يوسف القريوتي وآخرون (1995) . المدخل إلى التربية الخاصة . دار القلم . دبي .
 
تقييم برنامج اقترب للمعوقين بصرياً في شبكة المعرفة الريفية - مركز سلمية المجتمعي
 إن تعريف مجتمع المعلومات لا يزال أمرا متروكاً للتقدير والتخمين على أساس أن الكلمات نفسها تعرف المقصود  " د.نور الدين شيخ عبيد" .
وأضيف أنا بدوري المقولة الصينية  القديمة التي تقول (إن من الصعب جداً أن نتنبأ وبشكل خاص بالمستقبل , فالفرد السليم يمتلك القدرة على قبول الغموض وعلى تحمل الالتباس ويقبل الحقيقة القائلة (( إننا نعيش جميعاًً في عالم الاحتمالات )) وأنه ليس من المخيف على الإطلاق أن نعيش في عالم غامض احتمالي سريع التطور كهذا) ... 
و بالتالي فإن أي مشروع يخص هذا المجتمع سريع التطور هو كذلك أمر يصعب أن يضمن القائمين عليه نجاحه
هذا ما يمكن يتبادر للمرء في الوهلة الأولى ، أما من الناحية العملية ولما تم تطبيقه فعلاً على أرض الواقع و لمن يرغب في أن يعرف ماذا حقق هذا المجتمع من إنجاز ونجاح , فعليه أن يلقي الضوء على مشروع اقتدار من خلال برنامج اقترب ، والذي زودنا ببرنامج  إبصار خاص بالمكفوفين على أنه حل متكامل لضعاف و فاقدي البصر في تعلم لغة العصر الكمبيوتر من أجل القضاء على الأمية المعلوماتية وخاصة للمعوقين بصرياً ، وبكل ما تحتوي هذه الكلمات من معلومات ، فماذا حقق هذا المشروع من تواصل بين الكفيف والكمبيوتر وماذا أضاف هذا المشروع إلى شخصية فاقد البصر ؟
إن مشروع اقتدار من خلال برنامج اقترب والذي يعد الأول من نوعه في سورية هو عمل متقن يهدف إلى إزالة الحاجز الثقيل الذي وضعه القدر بين المكفوف والبيئة المحيطة به وساهم المجتمع المدني بشكل كبير في تثبيت هذا الحاجز وتدعيمه بدلا من إزالته أو  محاولة التخفيف من وطأته على شخصية المعوق . كما ويهدف إلى دمج هؤلاء الأفراد بشتى الوسائل الممكنة مع هذا المجتمع بما يضم من فئات أخرى..لما في ذلك من أهمية قصوى لهم في عديد من المجالات سوف أذكرها لاحقاًً ....
و ينطلق هذا المشروع من مبدأ (( التعويض عن الإعاقة )) , والتي تم إثباتها في كثير من الدراسات و كثير من الأمثلة الحية التي نصادفها في حياتنا من أمثال بتهوفن الذي برع في الموسيقى وهو أصم ، وبيرون الذي تفوق في السباحة على الرغم من عرجه ، والمفكر الإنكليزي المشهور ببرك وهو عالم كفيف كان أستاذاً لعلم الضوء في إحدى الجامعات ، والكاتبة العالمية والغنية عن التعريف البصيرة " هيلين كيلر " ... ويقوم هذا المبدأ على أن فقد المعوق لجزء من قواه العقلية أو الجسمية أو الحسية يجعله يقوم بعملية التدريب المستمر والتعويض الزائد لتنمية القدرات المتبقية حتى تعوض القدرات المفقودة والاستعانة بالحواس المتبقية عن طريق التدريب المتصل والمستمر لهذه الحواس حتى يستطيع أن يتحول ذوو الاحتياجات الخاصة إلى منتجين في عملية البناء و التنمية في المجتمع
إن فكرة تطبيق هذا المشروع بدايةً لاقت بعض الصعوبات وما زالت تتعثر بعثرات كبيرة والتي يحاول رئيس فريق العمل مع مساعديه من الكادر المخصص للتدريب أن يخففوا من حدتها بصبرهم  وعملهم الدائم والطموح ,حيث أن فكرة تعليم الكمبيوتر للمكفوفين كانت قد سبقتها أفكار عديدة لتعليم الكمبيوتر ولأكثر من فئة تعاني من الإعاقة كفئة الصم والبكم وفئة الإعاقات الفكرية  إضافة إلى تطبيق فكرة تعليم الكمبيوتر لفئات عديدة من ذوي  الاحتياجات الخاصة كفئة الإعاقة الحركية .
ولهذه الأسباب وأسباب أخرى حققت مجموعة العمل والمساعدين في المشروع إنجاز جيداً ووصلت من خلال تطبيق هذا البرنامج إلى أمور هامة .. وأهمها : تكوين بنية نفسية جيدة لدى فاقد البصر ومساعدته على ضبط الجوانب الانفعالية والاجتماعية في شخصيته قدر المستطاع ومن ثم غرس الثقة في نفسه على أن له الحق كغيره من الأشخاص في أن يتعلم كل جديد وباستطاعته ذلك ... و غيرها من الأمور سوف آتي على طرحها في ما بعد ...                                                                                                                                                               
تتألف أسرة العمل من مدير البرنامج الاستراتيجي د. نور الدين شيخ عبيد ، ومن رئيس فريق العمل في مركز نفاذ سلمية المهندس نبيل عيد ومساعديه من مهندسي الكمبيوتر والإداريين وبعض المتطوعين إضافة إلى بعض المرافقين للمكفوفين والذين يعملون معاً وبكل محبة وتكافل على إنجاز هذا المشروع مع كل طالب متدرب بمفرده , لتحقيق الفائدة حسب خصوصية المعوق بصرياً وفي الوقت الذي يناسبه , بعد أن يكون قد أعد إعداداً نفسيا للتعلم واكتساب الخبرة.
وبهذا ، فعندما تدخل إلى مركز نفاذ سلمية ضمن الشبكة تجد أسرة متكاملة هدفها الأول والأخير تقديم المعونة وشتى أنواع المساعدة العلمية والإنسانية لأولئك الأشخاص الذين ما برحوا يبحثون عن أناس يهتمون بهم ويمدونهم بالأمل والمساعدة عسى أن يلتغي هذا الحاجز بينهم ومن حولهم كذوي احتياجات خاصة.
في هذا العمل نجد أن هذا الحاجز بدأ يتلاشى من قبل جميع الأشخاص فهو يضم الأطفال واليافعين في دورات عديدة (لغة , كمبيوتر ..) وكذلك يضم المعوقين بإعاقات عديدة    ( المكفوفين ,الصم والبكم , الإعاقات      الحر كية ) وبهذا فالجميع يتقابلون ويتوددون ويساعدون بعضهم بعضا وبالتالي فإن فكرة الرفض من قبل المجتمع لأولئك الأفراد بدأت تختفي أو حتى نظرة الشفقة التي كانت تنظر إليهم قد تغيرت تماماً , لتغرس مكانها نظرات دعم وتأييد لشجاعتهم على تخطي جميع العراقيل والحواجز , صحيح أن الدمج هنا لم  يكن في الصفوف أو في القاعات أو في الحصص الدراسية .. ووفق قواعد منظمة .. كغيرها من التجارب المتطورة , إلا أن التجربة كانت ناجحة ، فقد تمت بتوفير الظروف الطبيعية للدمج , كما أن التدقيق في مختلف القدرات الإيجابية المتوافرة لدى الطالب المتدرب الكفيف بخلاف إعاقته ساهم في تخطيط البرامج الخاصة المساعدة له وبنائها ضمن حيز المركز .. مع مراعاة التقليل من أعداد المكفوفين في الفترة التدريبية لكي تتم ملاحظة ومراقبة كل متدرب منهم وفق المهارات الاجتماعية التي يمتلكونها حتى ولو كانت بسيطة نسبة لغيرها التي ساعدتهم على تخطي الحاجز بسهولة وثقة وبهذا فإن فكرة تنمية المجتمع العربي باستخدام التقانات والاتصالات والدمج التي يطمح المشروع إلى تحقيقها مع بقية أفراد المجتمع قد تحققت وبدأت تثمر آخذين بعين الاعتبار أن التعلم والدمج هو من ضروريات الأشياء التي يجب تحقيقها في أي مشروع يخص المعوقين ، لكن حسب اعتبارات معينة تؤخذ بعين الاعتبار.
فيما يخص المعوقين بصرياً : فقد تلقى المتدربون فكرة هذا المشروع في البداية بنوع من القلق والتوتر , فليس هناك خبرة سابقة لديهم تخص تعلم الكمبيوتر , وأي شيء جديد يشعر الإنسان اتجاهه بنوع من الخوف الداخلي في تعلمه سواء أكان الإنسان كامل الحواس أو لديه إعاقة معينة , فهذا شعور طبيعي طبعاً مع اختلاف الفروق الفردية بينهم وحاجة كل منهم للتعلم .
شيئاً فشيئاً ، أصبح المشروع حلم كبير للقائمين عليه , وحياة بكاملها للمكفوف ، من خلاله أصبح أكثر تفاؤلا وأملاً من ذي قبل ، فجميعهم يرغبون في التعلم السريع والإنجاز والتفوق , فالإصرار على النجاح وسرعة الإنجاز عزز الثقة بالنفس لديهم لذا وجدنا أنهم انهوا البرنامج الرئيسي بفترة زمنية قصيرة وانطلقوا لتعلم برامج أخرى مدعمة من قبل البرنامج الصوتي كبرنامج وورد وخصائص نظام التشغيل ويندوز في غضون شهرين أو أقل  فكل متدرب أثبت جدارته في أمر معين ..
وبالتالي ومن خلال مراقبة كل منهم على حدا ، أثبت المشروع في تطبيقه بأن المكفوف أقدر من غيره على التعلم والحفظ وكذلك على إيجاد الحلول للتعامل مع الأمور المحسوسة عن طريق اللمس والتكيف معها بسهولة أكثر من ذي قبل , فهناك أمور أدركها المتدرب بسرعة كبيرة مثل التحكم في لوحة المفاتيح وبأن هناك نقاط ارتكاز في اللوحة يمكن الاستفادة منها عند الكتابة.
فالكفيف بذلك يبذل طاقة نفسية وعضوية في أصابعه أثناء تنقله على لوحة المفاتيح تفوق بكثير ما يبذله المتدرب المبصر , وبالتالي فإن حركة أصابعه ليست مجرد انتقال بين الأزرار بقدر ما تتضمن من عمليات ذهنية من تفكير وربط العلاقات بين الأشياء والأزرار المختلفة التي يتحرك ضمنها المتدرب , وهذه الأمور عرضته للتوتر والقلق والاضطراب في البداية وولدت عنده شعور بعدم الأمن ، وقد يصاب بالإحباط في بعض الأحيان ولكن من خلال الممارسة والتدريب المستمر على لوحة المفاتيح أيقن فاقد البصر أن تعامله أصبح أسهل فأسهل مع هذه اللوحة وزال القلق والاضطراب شيئاَ فشيئاً .
وهذا ما هدف البرنامج إلى إنجازه في بدء العمل مع المتدرب لتأتي فيما بعد مراحل أخرى من التدريب ، و إذا أردنا أن نعرف مدى المعاناة التي يعانيها المتدرب المكفوف لنحاول فقط أن نقوم بتجربة التعامل مع اللوحة في بداية التعلم على الكمبيوتر بدون تثبيت رؤيتنا إلى اللوحة لنرى بأنها تكلف الشخص طاقة عضوية و نفسية تفوق بكثير ما يمكن أن يصرفه بالشكل الطبيعي , ذلك قبل أن يصل إلى مرحلة التكيف مع اللوحة , آخذين بعين الاعتبار مدى قدرة المكفوف في التفاعل والتكيف مع هذه الأمور
كذلك الأمر فإن تعامل هذا المتدرب مع الكمبيوتر من خلال باقي الحواس التي يملكها كالسمع و اللمس جعل هذه الحواس أكثر حساسية , فحاسة اللمس لديه هي أقوى بكثير منها عند المبصرين ، وهذا ما أثبته معهد      " كاليفورنيا " للمكفوفين من خلال " فقد البصر الذي يكون دافعاً إلى زيادة الاستعانة بالحواس المتبقية وإلى تركيز الانتباه الشديد طوعاً أو اضطراراً إلى المعلومات التي يحصل عليها عن طريق حاسة البصر وعلى ذلك فإن التدريب والتركيز يؤديان إلى استخدام أكثر من مهارة وكفاية أوفر قدراً للحواس الباقية".
كما أن  تعلم الكمبيوتر كما يلاحظ المتابع للمشروع جعل الذاكرة البصرية للمتدرب أكثر حدة و شفافية من ذي قبل , فالمكفوف يستعمل الذاكرة البصرية في كل مرة يستخدم فيها الكمبيوتر وبالتالي قوة الذاكرة هي التي تساعده على سرعة التعلم , والاحتفاظ بهذه الخبرة المميزة إلى وقت أطول ,
وهذا ما لاحظته عندما قام أحد المتدربين في المركز " باسم اليازجي " بتعليم طفلة كفيفة " يارا عبيدو " حديثة التدرب على التعلم على أزرار اللوحة , فبدأ ينقل خبرته الخاصة في هذا المجال بطريقة سهلة وجميلة وسلسة في التعلم , لذا فقد انتقلت هذه الخبرة إليها بطريقة أسرع مما لو كان المدرب مبصراً , وقد ربط لها بين أزرار اللوحة بصورة ترتسم في مخيلتها ولا تمحى أبدا كلما باشرت في استخدام اللوحة .
وهذا على ما أعتقد ما جعل رئيس فريق العمل في المركز يفكر في تعليم المعوقين لبعضهم البعض , فالمعوق ينقل خبرته في شيء ما إلى شخص معوق من نفس الإعاقة بطريقة أفضل من غيره ويستطيع الاثنان أن يتبادلا هذه الخبرة فيما بينهما بطريقة سلسة جداً وبهذا يكتسب المعوق ثقة بنفسه وبقدرته على التواصل مع غيره مهما كانت نوع إعاقته .

 
الناحية النفسية للمكفوف : لم يكن الكمبيوتر مجرد تعلم فقط , بل إنه أضاف الكثير إلى شخصية المتدرب حيث أنه قلل الألم , وزاد من الأمل وبدأ ينظر إلى المستقبل بمنظار جديد .
فبعد مضي الوقت أصبح الجميع متفائلا ً, فاليوم مشروع جديد , وغدا ربما تبدأ أفكار جديدة وأفق جديد  وبهذا كل منهم يحاول أن يثبت جدارته ونلحظ ذلك في سرعة كتابة الكلمات المطبوعة في الدقيقة الواحدة وهذا التحدي في زيادة مستمرة يوماً بعد يوم مع التقليل من عدد الأخطاء في كل محاولة كتابة , لينتقلوا بعد ذلك كفراشات طائرة تحلق في سماء هذا البرنامج من خلال أوامره وخياراته فيقومون بفتح متصفح إبصار باستخدام انترنت إكسبلورر  وطباعة المقالات بلغة برايل والاستماع إلى الأخبار وغيرها.
هدفهم كان أولاً وأخيراً التعلم والإصرار على التكيف مع آلة الكمبيوتر وهذا ما ساهم بشكل كبير في تكبد بعض المتدربين عناء الطريق والمسافات البعيدة التي تفصل مكان إقامتهم عن مكان المركز من أجل تنمية المعارف لديهم باستخدام هذه التقنية.... ونسوق لكم أمثلة عن ذلك :
( ألما المحمد / محافظة حمص 45 كم  – شرحبيل علوش / محافظة حماه  35 كم – سرمد الخطيب / محافظة طرطوس 60 كم – باسم اليازجي / دمشق 220 كم إضافة إلى بعض المناطق الريفية البعيدة ضمن محيط مدينة سلميه وريفها).
لقد كانت غاية المتدربين تعلم الكمبيوتر والاهتمام بالنجاح فقد نسوا في تلك المرحلة من التعلم وأثناء تدربهم مشاكل وأمور أخرى كانت تشغل تفكيرهم وتعيق تحركهم من هذه المشاكل ، صعوبة الاندماج بالمجتمع ,صعوبة التنقل من محافظة لأخرى , مشاركة الآخرين من الناحية الاجتماعية , والتفكير في أمور المستقبل منها العمل الحياة الاجتماعية الارتباط والزواج والأطفال وتكوين أسرة والتي تعد لدى بعض المتدربين المعوقين هاجسا يصعب التخلص من التفكير فيه , مع العلم بأن هذه الأمور لا يمكن صرف النظر عنها أبداً حيث أنها تأخذ حيزاً كبيراً جداً من حياة المعوق في عالمنا العربي وتؤثر على طريقة تفكيره و أسلوب حياته وطريقة تعامله وردود فعله وأمور نجهلها نحن مهما حاولنا التعمق بها(قد لا يكون بشكل نهائي و إنما على الأقل لبعض الوقت )
هذا كله طبعا ً يخضع للفروق الفردية فيما بينهم ... فسرعة التعلم وإتقان جميع المعلومات لم تكن جميعها بنفس المستوى عند الكل ...تلعب فيها عوامل عديدة منها مثلا :
درجة حدة الإبصار عند كل منهم ... فالفقدان الكلي مثلا للبصر يكون تأثيره أخطر من الفقدان الجزئي
كذلك العمر الذي حدثت فيها الإصابة ...( أكان قبل سن الخامسة أو بعدها )...فالمرحلة العمرية مهمة جدا
فالطفل الذي بدأ بفقدان بص