الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الثلاثاء، 26 فبراير 2013

اكثر الاسئله مشاهده ... صرخة هاني خليفة

اكثر الاسئله مشاهده

كيفية عمل رجيم لعلاج الكرش
كيفية التخلص من الكرش (1) ملعة خل التفاح الطبيعي مع كأس ماء فاتر جدا ( غير بارد) يوميا لمدة اسبو
ماهو افضل علاج طبيعي للقيام به بعد الحرق لاصابع اليد
أفضل علاج طبيعي هو حركة الأصابع حتى لا تتجمد من الالتصاقات.ويمكنك إجراء عمليات تجميل لأزالة الآثار و
ما التمرين اللازم لعلاج التواءات مفصل القدم والام مفصل الفخذ
أول رد فعل للجسم على أي طارئ هو الراحة. فإذا حصل التواء عادة يوضع في قالب من الجبس حتى يرتاح المفصل
اعاني من ضعف الاعصاب وتنمل في القدم واليدين ومن شعوري بعدم النشاط والتعب السريع واشعر بان عضلات جسمي
علاجك يل صديقي هو التمارين والعلاج الطبيعي لتقوية العضلات وتنشيط الجسم ، وهذا سيفتح شهيتك للأكل وسيز
ماهو افضل علاج طبيعي للشرايين المسدودة؟
يتوقف على موقعها وأهميتها بالنسبة للدورة الدموية. فقد تستبدل. أو تفتح بواسطة أدوية أو مظلة؟ وقد تترك
هل اللبا ينفعو مرض القلب؟ و ما هو اللبا؟ و كيف استعملوا؟ ً
اللبأ (المعروف أيضا بـأول حليب بعد الولادة) هو عبارة عن حليب يُنتج بواسطة الغدد الثديية من الثدييات

أثر تعدد الزوجات على حقوق الزوجة ... صرخة هاني خليفة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد…
فإن من أهم ما تميزت به شريعة الإسلام أنها ضبطت قواعد التعامل بين جميع الأفراد، سواء كان ذلك على صعيد الفرد نفسه، حيث ضبطت علاقته بنفسه، أو على سبيل الفرد مع غيره، سواء كان هذا الغير هو فرد من أفراد الأسرة، زوجاً كان أو زوجة، أو أباً أو أماً، أو ابناً أو بنتاً، وأو غير ذلك من الروابط الأسرية، وسواء كان هذا الغير هو فرد من أفراد المجتمع من غير الأسرة ….
ومن أهم المظاهر التي تمثل بها ضبط سلوك الإنسان وتصرفاته مع غيره، هي تلك الحقوق التي منحها الشرع لكل فرد من الأفراد، وفي مقابلها تلك الواجبات التي كلف بها كل فرد أيضاً، فكانت هذه الحقوق وهذه الواجبات بمثابة الحدود التي ينبغى أن يتوقف عندها سلوك الناس وتصرفاتهم مع بعضهم البعض، وإذا تقرر أن الحقوق في الإسلام هي منحة من الله تعالى، فإن هذا يعني إن هذه الحقوق مصونة لا يجوز شرعاً الاعتداء عليها بحال من الأحوال([1])؛ بل إن الشرع جاء ليحافظ عليها.
ومن أكثر العلاقات الإجتماعية حساسية وتأثيراً على المجتمع، العلاقة الزوجية، حث الأسرة هي قوام المجتمع، وهي أساس تكوينه، من أجل ذلك كان لا بد من ضبط العلاقة بين الزوجين ضبطا ًمحكماً، عن طريق بيان حدودها، وما يجوز فيها وما لا يجوز شرعاً، وفي هذا كانت الشريعة الإسلامية حرصية كل الحرص على بيان حقوق كل واحد من الزوجين بياناً لا لبس فيه ولا غموض.
ولما كان تعدد الزوجات من شريعة الإسلام، كان لزاماً أن تستوعب تشريعاته هذا الأمر، ولا تقتصر على بيان حق الزوجة الواحدة على زوجها؛ بل إن هذه التشريعات قد راعت أن الزوجة قد يشاركها في زوجها غيرها من النسوة، ولم تغفل ذلك، فكانت حقوق الزوجة على زوجها منسجمة تمام الانشجام مع مبدأ التعدد، دونما إلحاق أي ضرر بواحدة من الزوجات، سواء كنّ واحدة أو أربع.
من أجل ذلك جاء هذا البحث ليبين معالجة الإسلام لتعدد الزوجات من حيث حقوقهن، ومدى تأثير التعدد على حق كل زوجة من الزوجات، وقد كان بعنوان: (تعدد الزوجات وأثرة على حق الزوجة)، أحاول فيه بيان مدى تأثر حقوق الزوجة الشرعية بزواج زوجها من غيرها، وكيف عالج الإسلام هذا الأمر.
طبيعة الموضوع:
        موضوع أثر تعدد الزوجات على حقوق الزوجة موضوع فقهي يهدف إلى إبراز العلاقة ما بين تعدد الزوجات والحقوق الزوجية، ومدى تأثير التعدد على هذه الحقوق، وكيف استطاع الإسلام أن يوازن ما بين تعدد الزوجات والحقوق الواجبة لهن على زوجهن.
أسباب اختيار الموضوع:
  1. بيان الآثارالمترتبة على تعدد الزوجات وانعكامسة على حقوقهن.
  2. دحض الشبهات التي تروِّج للظلم الواقع على المرأة جرّاء تعدد الزوجات.
3.  بيان عدل الإسلام وسماحته، وأنه الدين المعجز الذي أن يوازن بين مصالح جميع الأفراد في المجتمع؛ حيث حقق الموازنة بين مصلحة الزوج التي تقتضي التعدد ومصلحة زواجته جميعاُ في آن واحد.
أهمية الموضوع.
1.  حسم مادة النزاع بين الأزواج، وخصوصاً في الأسر التي تتعدد فيها الزوجات عن طريق بيان حدود العلاقة الأسرية حال التعدد.
  1. زيادة الثقافة الأسرية لدى المجتمع المسلم، حتى يستطيع التعاطي مع تشريع التعدد بعيداً على كل الشبهات التي تثارحوله.
  2. بيان طبيعة التشريع الإسلامي السمحة، ومقدرته على حكم حياة الأفراد بما يتناسب مع فطرتهم التي فطروا عليها.
خطة البحث:
        بعد هذه المقدمة فإن البحث يحتوي على ثلاثة مباحث على النحو التالي:
المبحث الأول: مشروعية حقوق الزوجين وأهميتها.
المبحث الثاني: الحقوق التي شرعها الإسلام للزوجة على زوجها.
المبحث الثالث: أثر التعدد على هذه الحقوق.
الخاتمة: وتشمل النتائج والتوصيات.
منهج البحث:
  1. أتبع في هذا البحث المنهج الوصفي الاستقرائي.
2.  وعليه فإنني أتتبع هذا الموضوع في مظانه من كتب الفقه الإسلامي حتى أؤلف بينه مع بيان مذاهب الفقهاء فيه، والاستدلال عليه بالأدلة الشرعية.
  1. مع القيام بعزو الآيات القرآنية إلى سورها، وتخريج الأحاديث النبوية من مظانها من كتب الحديث الشريف.

المبحث الأول
مشروعية حقوق الزوجين وأهميتها
أولاً: مشروعية حقوق الزوجين:
الحقوق الزوجية مشروعة بالكتاب والسنة على النحو التالي:
1 ـ القرآن الكريم:
‌أ.   قال تعالى: ]وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ[([2])، قال القرطبي في تفسيره لهذ الآية: “أي لهن من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن، ولهذا قال ابن عباس: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي …”([3])، وفي هذا التفسير دليل صريح على ما يفيده النص من حقوق قررها الشرع لكل واحد من الزوجين.
‌ب.  وقال تعالى: ] قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً[([4])، يقول أبو السعود في تفسيره: ” أي قد علمنا ما ينبغي أن يفرض عليهم في حق أزواجهم وما ملكت ايمانهم وعلى أي حد واي صفة يحق ان يفرض عليهم”([5])،أالمبالببسسؤسسييسيسسس ومن هنا نستدل أن الآية قد تحدثت عن الحق الذي فرضه الله تعالى على الأزواج لزوجاتهم، وقد عبر (بالفرض) حتى يدلل على وجوب ما فرض.
2 ـ السنة النبوية:
عن ابن عمر أن رسول الله r قال: “أيها الناس إن النساء عندكم عَوانٌ([6])، أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، فلكم عليهنَّ حق، ولهنَّ عليكم حق، ومن حقكم عليهنَّ ألا يوطئنَّ فُرُشَكم أحدا، ولا يعصينكم في معروف، فإذا فعلنَّ ذلك فلهنَّ رزقهنَّ وكِسوتهنَّ بالمعروف([7])، فالحديث الشريف يشير بوضوح إلى أن كل واحد من الزوجين له حق على الآخر، وقد ذكر هذا الحديث بعض هذه الحقوق.
ثانياً: أهمية هذه الحقوق:
        هذا وتبدو أهمية تحديد حقوق كل من الزوجين على النحو التالي:
1.  بيان حدود العلاقة بين الزوجين، حتى لا يتجاوز واحد منهما عند طلب حقه أكثر مما قرض له الشرع، وحتى لا يرهق كل واحد من الزوجين الآخر بطلب أكثر مما له فيكلفه ما لا يطيق، فيتعكر صفو الحياة الزوجية.
2.  بيان الدور الوظيفي لكل واحد من الزوجين، حيث هذه الحقوق تضبط دور كل واحد من الزوجين عند قيامه في أداء ما كلف به من المهام الأسرية، فإذا كان من حق الزوجة النفقة على زوجها، فإن هذا يعني أن النفقة هي وظيفة الزوج، ولا ينبغي أن يقصر في هذه الوظيفة، وإذا كان الأمانة حق للزوج على زوجته، فإن هذا يعني أن الزوجة ينبغي علهيا أن تمارس هذه الوظيفة في بيت زوجها فتكون أمينة على ماله وبيته وولده، يقول الله تعالى: ]فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ[([8])، فالمرأة الصالحة أمينة على بيت زوجها في غيبته، حافظة لأسراره، قائمة على ما يصلح عياله([9]).
3.  حسم مادة النزاع بين الزوجين: فإن ما نشاهده في الواقع يدل على أن معظم الخلافات الزوجية إنما هي ناتجة عن سوء فهم كل واحد من الزوجين ما له من حقوق على الآخير، وبالتالي فإنه يطالبه بأكثر مما له، أو يؤدي أقل مما عليه، وفي هذ مشقة وعنت لكليهما، وفوضى عارمة في حياتهما، فجاء تقرير هذه القحوق حتى يكون كل واحد منهما وقّافاً عند حدود الله تعالى.
هذا؛ ويلاحظ أن هذه الحقوق لم تترك لكل واحد من الزوجين يحددها كيفما رغب، وإنما حددها الشرع، حتى لا يكون الأمر مزاجياً فيقوم كل واحد منهما باتباع هواه فيعطي نفسه أكثر مما يستحق، ولا يعطي صاحبه إلا ما يرى هو، وهذا ليس من العدل في شيء، حيث سيظلم كل واحد من الزوجين صاحبه، ثم تضطرب الحقوق، ويتقرر لكل زوجين منها ما يريانه أو ما يتفقان عليه، ثم لا يكون هناك ما يضمن أداء هذه الحقوق، حيث الشرع لا يضمن إلا ما أوجب على الناس، أو ما رآه من أعرافهم صالحاً لأن يكون من سلوكهم وتصرفاتهم.

المبحث الثاني
 الحقوق التي لا يؤثر فيها التعدد بوضوح
        قنا إن الإسلام قد شرع مجموعة من الحقوق لكل واحد من الزوجين، هذه الحقوق  تصبح واجبة الأداء بمجرد عقد النكاح، وبينا أن غرض المشرع من هذه الحقوق هو ضبط العلاقة ما بين الزوجين في الأسرة الواحدة، وحتى تستقيم حياتهما على خير وجه، ومن هذه الحقوق ما لا يظهر فيها التعدد بجلاء ووضوح، ومنها ما عكس ذلك؛ حيث يكون لتعدد أثرا واضح وجلي فيها، ونعرض في هذا المبحث للنوع الأول وهو الحقوق التي لا يؤثر فيها التعدد كثيراً، وذلك على النحو التالي:
1 ـ حسن المعاشرة:
إذا كانت الزوجة مطالبة بأن تحسن عشرة زوجها، فالزوج بالمثل مطالب بذات المعاملة، قال تعالى: } وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ { ([10]) ، وحسن العشرة يكون باللين والرفق في المعاملة، وأن يوفيها حقها من المهر والنفقة، وأن يبتسم في وجهها ولا يعبس بدون ذنب، وأن يتجمل لها كما تتجمل له، وأن يصبر على أذاها([11]) ـ وهذا أمر مستحب ـ قال r ” ولا يفرك مـؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي غيره”([12]).
يقول ابن كثير في تفسيره للآية السابقة: “أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى:  } وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {([13])([14]).
2 _ المهـر:
وهو حق واجب للزوجة على زوجها، فيجب أن يؤدي لها ما اتفق عليه من مهر، ولا يحق لأحد أن يستولي على شيء من المهر إلا برضاها التام، الخالي من الإكراه والمجاملة، قال تعالى: } وآتوا النساء صَدُقاتهنَّ نِحلة ، فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً   { ([15]) ، وأجمع العلماء على أنه لا حدَّ لكثيره، واختلفوا في قليله، قال تعالى: } وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ؟  {([16]).
والحكمة من وجوب المهر : هي إظهار خطر هذا العقد ومكانته ، وإعزاز المرأة وإكرامها ، وتقديم الدليل على محبة الزوج لها، ورغبته فيها ، واحترامه لشخصها، ودوام الزواج، وفيه تمكين للمرأة من التهيؤ للزواج بما يلزم من لباس ونفقة([17]).
3 _ النفقـة:
وهي حق للزوجة على زوجها، قال تعالى } الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ{([18])، والنفقة تشمل الطعام والشراب والكسوة والسكنى اللائقة بها، ويكون الطعام والكسوة على حسب قدرة الزوج من يسار وإعسار، قال تعالى: } لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ {([19])، وقال  r: “إذا أنفق المسـلم نفقة على أهله _ وهو يحتسبها _ كانت له صدقة([20])، والمراد بالأهل: الزوجة، وقيل: الزوجة والأقارب([21]). 

المبحث الثالث
حقوق الزوجية التي يؤثر فيها التعدد
        ومن هذه الحقوق ما يلي:
1 _ العـدل:
ويكون العدل من المتزوج بواحدة أن يعاملها بما يحب أن تعامله به، بحيث لـو فعلت به مثل الذي يفعـل بـها لقبله منها، وليتذكر قوله _ تعالى _  } ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف …{، فيطعمها مما يطعم، ويكسوها مما يلبس، ويسكنها السكن اللائق بها، وأن لا يسيء إليها بالقول أو الفعل.
أما إذا كان متزوجاً أكثر من واحدة؛ فالعدل تتشعب نواحيه، فيصبح مطالباً بالعدل بينهن جميعا، فلا يظلمهن، ولا يفرق في المعاملة بين واحدة وأخرى؛ بل عليه المساواة في المعاملة الظاهرة بينهن، في المطعم والملبس والمسكن، والمعاملة بالقول أو الفعل، وكذلك المبيت بأن يبيت عند كل واحدة بقدر ما يبيت عند الأخرى، فقد قال تعالى: }فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً {([22])، والمطلوب هو العدل الظاهر في الأمور المادية المقدورة، وليس المطلوب العدل والمساواة في المحبة القلبية، قال تعالى: } وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ {([23])، وقد كان النبي r يعدل بين زوجاته في الأمور المادية، ويقول: “اللهمَّ هذا قَسْمي فيما أملك، فلا تلمني في ما تملك ولا أملك”([24])، أي: في الحب والمودة([25]).
وهذا لا يعني تجاوز المشاركة الوجدانية التي ينبغي أن يظهرها الزوج تجاه زوجته، حتى وإن كان لا يجد في قبله ميلاً لها، فإنه ينبغي عليه أن يظهر أمامها حبه لها، ومودته تجاهها، فالحياة الزوجية في الأصل مبنية على الحبّ والمودة، يقول الله تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{([26])، فالحب والمودة مما يستطيع الزوج إظهاره للزوجته، رغم عدم استطاعته الشعور به، حيث أباح الإسلام الكذب على الزوجة من أجل إصلاحها([27])، ومعلوم أن المرأة لا يستقيم حالها إذا لم تشعر بحبّ زوجها لها، وعطفه عليها، وهذا من أهم حقوقها عليه، ويدلل على ذلك قول رسول الله r “تبسمك في وجه أخيك صدقة([28]) فمن باب أولى أن يكون هذا التبسم في وجه الزوجة، حتى وإن كان لا يملك أن يرغم نفسه على حبها، فكل هذا يأمر به رسول الله r ليكون من وسائل المشاركة الوجدانية بين الزوجين مهما كانت المشاعر والأحاسيس القلبية.
2 ـ القسم بين الزوجات:
        القسم بين الزوجات هو من الحقوق التي تنشأ عن التعدد؛ بل هو من أبرز الآثار الشرعية التي رتبها المشرع على تعدد الزوجات، والقسم هو فرع عن العدل، وهو يختص بما يقدر عليه الزوج.
        والقسم بين الزوجات هو أن يجعل الزوج لكل واحدة من زوجاته نصيباً يوما ًوليلية أو ما يتفق معهن عليه من المبيت عند كل واحدة منهن([29]).
مشروعية القسم وحكمه:
        القسم بين الزوجات مشروع بالكتاب والسنة:
أولاً الكتاب:
1.  قوله تعالى: ] وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ[([30])، ذكرنا سابقاً أن هذه الآية فيها دليل على أن للنساء حق على الرجال، ومن حقوقهن القسم بينهن إن كن أكثر من واحدة، لأن القسم من (المعروف) المذكور في الآية، وتركه في إساءة للزوجة.
  1. وقوله تعالى: ]قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ[([31])، قال الماوردي: “إشارة إلى الكسوة والنفقة والسكنى والقسم”([32]).
ثانياً: السنة النبوية:
1.  جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله r: ” من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل([33])، وهذا نص صريح في وجوب العدل بين الزوجات، والقسم هو فرع من العدل كما بينت سابقاً.
2.  كما جاء في السنة أيضاً أن رسول الله r كان يقسم بين زوجاته ويقول: “اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤخذني فيما لا أملك([34])، ولا يوجد ما هو أصرح منه في الدلالة على القسم.
ومن هذه النصوص جميعاً يتبين لنا أن القسم واجب على كل زوج تزوج بأكثر من واحدة، وأنه يعصى الله تعالى إذا لم يقسم بينهن.
النتائج والتوصيات:
أولاً: النتائج:
  1. الحقوق التي قررها الإسلام لكل واحد من الزجين مفروضة عليهما، ويأثم من يقصر في أدئها.
2.  حتى يضمن الإسلام أن يقوم كل واحد من الزوجين بأداء حقوق الآخر عنده؛ جعل في مقابلة هذه الحقوق واجبات مرتبطة بها.
  1. حقوق الزوجين هي ضمانات من أجل استمرار العلاقات الزوجية على النحو الذي يحقق  الحكمة من مشروعية الزواج.
  2. الحقوق الزوجية هي ضوابط لبيان علاقة كل واحد من الزوجين بالآخر.
  3. يتفاوت تأثير تعدد الزوجات على الحقوق الزوجية بحسب طبيعة الحق نفسه.
  4. فمن هذه الحقوق ما لا يؤثر فيها التعدد بوضوح كالنفقة والمهر والعشرة الزوجية.
  5. ومنها ما يتأثر بشكل بيّن وواضح كالعدل والقسم بين الزوجات.
ثانياً: التوصيات:
  1. زيادة الثقافة الأسرية عند الشباب من الجنسين.
  2. بيان الحكمة من مشروعية التعدد، وأنه ليس مزاجياً أو وليد الهوي والتشهي.
  3. بيان أن تعدد الزوجات هو عبء ومسؤولية على الرجل، وأن ليس له أن يتفلت من هذه المسؤولية.

أثر تعدد الزوجات على حقوق الزوجة ... صرخة هاني خليفة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد…
فإن من أهم ما تميزت به شريعة الإسلام أنها ضبطت قواعد التعامل بين جميع الأفراد، سواء كان ذلك على صعيد الفرد نفسه، حيث ضبطت علاقته بنفسه، أو على سبيل الفرد مع غيره، سواء كان هذا الغير هو فرد من أفراد الأسرة، زوجاً كان أو زوجة، أو أباً أو أماً، أو ابناً أو بنتاً، وأو غير ذلك من الروابط الأسرية، وسواء كان هذا الغير هو فرد من أفراد المجتمع من غير الأسرة ….
ومن أهم المظاهر التي تمثل بها ضبط سلوك الإنسان وتصرفاته مع غيره، هي تلك الحقوق التي منحها الشرع لكل فرد من الأفراد، وفي مقابلها تلك الواجبات التي كلف بها كل فرد أيضاً، فكانت هذه الحقوق وهذه الواجبات بمثابة الحدود التي ينبغى أن يتوقف عندها سلوك الناس وتصرفاتهم مع بعضهم البعض، وإذا تقرر أن الحقوق في الإسلام هي منحة من الله تعالى، فإن هذا يعني إن هذه الحقوق مصونة لا يجوز شرعاً الاعتداء عليها بحال من الأحوال([1])؛ بل إن الشرع جاء ليحافظ عليها.
ومن أكثر العلاقات الإجتماعية حساسية وتأثيراً على المجتمع، العلاقة الزوجية، حث الأسرة هي قوام المجتمع، وهي أساس تكوينه، من أجل ذلك كان لا بد من ضبط العلاقة بين الزوجين ضبطا ًمحكماً، عن طريق بيان حدودها، وما يجوز فيها وما لا يجوز شرعاً، وفي هذا كانت الشريعة الإسلامية حرصية كل الحرص على بيان حقوق كل واحد من الزوجين بياناً لا لبس فيه ولا غموض.
ولما كان تعدد الزوجات من شريعة الإسلام، كان لزاماً أن تستوعب تشريعاته هذا الأمر، ولا تقتصر على بيان حق الزوجة الواحدة على زوجها؛ بل إن هذه التشريعات قد راعت أن الزوجة قد يشاركها في زوجها غيرها من النسوة، ولم تغفل ذلك، فكانت حقوق الزوجة على زوجها منسجمة تمام الانشجام مع مبدأ التعدد، دونما إلحاق أي ضرر بواحدة من الزوجات، سواء كنّ واحدة أو أربع.
من أجل ذلك جاء هذا البحث ليبين معالجة الإسلام لتعدد الزوجات من حيث حقوقهن، ومدى تأثير التعدد على حق كل زوجة من الزوجات، وقد كان بعنوان: (تعدد الزوجات وأثرة على حق الزوجة)، أحاول فيه بيان مدى تأثر حقوق الزوجة الشرعية بزواج زوجها من غيرها، وكيف عالج الإسلام هذا الأمر.
طبيعة الموضوع:
        موضوع أثر تعدد الزوجات على حقوق الزوجة موضوع فقهي يهدف إلى إبراز العلاقة ما بين تعدد الزوجات والحقوق الزوجية، ومدى تأثير التعدد على هذه الحقوق، وكيف استطاع الإسلام أن يوازن ما بين تعدد الزوجات والحقوق الواجبة لهن على زوجهن.
أسباب اختيار الموضوع:
  1. بيان الآثارالمترتبة على تعدد الزوجات وانعكامسة على حقوقهن.
  2. دحض الشبهات التي تروِّج للظلم الواقع على المرأة جرّاء تعدد الزوجات.
3.  بيان عدل الإسلام وسماحته، وأنه الدين المعجز الذي أن يوازن بين مصالح جميع الأفراد في المجتمع؛ حيث حقق الموازنة بين مصلحة الزوج التي تقتضي التعدد ومصلحة زواجته جميعاُ في آن واحد.
أهمية الموضوع.
1.  حسم مادة النزاع بين الأزواج، وخصوصاً في الأسر التي تتعدد فيها الزوجات عن طريق بيان حدود العلاقة الأسرية حال التعدد.
  1. زيادة الثقافة الأسرية لدى المجتمع المسلم، حتى يستطيع التعاطي مع تشريع التعدد بعيداً على كل الشبهات التي تثارحوله.
  2. بيان طبيعة التشريع الإسلامي السمحة، ومقدرته على حكم حياة الأفراد بما يتناسب مع فطرتهم التي فطروا عليها.
خطة البحث:
        بعد هذه المقدمة فإن البحث يحتوي على ثلاثة مباحث على النحو التالي:
المبحث الأول: مشروعية حقوق الزوجين وأهميتها.
المبحث الثاني: الحقوق التي شرعها الإسلام للزوجة على زوجها.
المبحث الثالث: أثر التعدد على هذه الحقوق.
الخاتمة: وتشمل النتائج والتوصيات.
منهج البحث:
  1. أتبع في هذا البحث المنهج الوصفي الاستقرائي.
2.  وعليه فإنني أتتبع هذا الموضوع في مظانه من كتب الفقه الإسلامي حتى أؤلف بينه مع بيان مذاهب الفقهاء فيه، والاستدلال عليه بالأدلة الشرعية.
  1. مع القيام بعزو الآيات القرآنية إلى سورها، وتخريج الأحاديث النبوية من مظانها من كتب الحديث الشريف.

المبحث الأول
مشروعية حقوق الزوجين وأهميتها
أولاً: مشروعية حقوق الزوجين:
الحقوق الزوجية مشروعة بالكتاب والسنة على النحو التالي:
1 ـ القرآن الكريم:
‌أ.   قال تعالى: ]وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ[([2])، قال القرطبي في تفسيره لهذ الآية: “أي لهن من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن، ولهذا قال ابن عباس: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي …”([3])، وفي هذا التفسير دليل صريح على ما يفيده النص من حقوق قررها الشرع لكل واحد من الزوجين.
‌ب.  وقال تعالى: ] قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً[([4])، يقول أبو السعود في تفسيره: ” أي قد علمنا ما ينبغي أن يفرض عليهم في حق أزواجهم وما ملكت ايمانهم وعلى أي حد واي صفة يحق ان يفرض عليهم”([5])،أالمبالببسسؤسسييسيسسس ومن هنا نستدل أن الآية قد تحدثت عن الحق الذي فرضه الله تعالى على الأزواج لزوجاتهم، وقد عبر (بالفرض) حتى يدلل على وجوب ما فرض.
2 ـ السنة النبوية:
عن ابن عمر أن رسول الله r قال: “أيها الناس إن النساء عندكم عَوانٌ([6])، أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، فلكم عليهنَّ حق، ولهنَّ عليكم حق، ومن حقكم عليهنَّ ألا يوطئنَّ فُرُشَكم أحدا، ولا يعصينكم في معروف، فإذا فعلنَّ ذلك فلهنَّ رزقهنَّ وكِسوتهنَّ بالمعروف([7])، فالحديث الشريف يشير بوضوح إلى أن كل واحد من الزوجين له حق على الآخر، وقد ذكر هذا الحديث بعض هذه الحقوق.
ثانياً: أهمية هذه الحقوق:
        هذا وتبدو أهمية تحديد حقوق كل من الزوجين على النحو التالي:
1.  بيان حدود العلاقة بين الزوجين، حتى لا يتجاوز واحد منهما عند طلب حقه أكثر مما قرض له الشرع، وحتى لا يرهق كل واحد من الزوجين الآخر بطلب أكثر مما له فيكلفه ما لا يطيق، فيتعكر صفو الحياة الزوجية.
2.  بيان الدور الوظيفي لكل واحد من الزوجين، حيث هذه الحقوق تضبط دور كل واحد من الزوجين عند قيامه في أداء ما كلف به من المهام الأسرية، فإذا كان من حق الزوجة النفقة على زوجها، فإن هذا يعني أن النفقة هي وظيفة الزوج، ولا ينبغي أن يقصر في هذه الوظيفة، وإذا كان الأمانة حق للزوج على زوجته، فإن هذا يعني أن الزوجة ينبغي علهيا أن تمارس هذه الوظيفة في بيت زوجها فتكون أمينة على ماله وبيته وولده، يقول الله تعالى: ]فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ[([8])، فالمرأة الصالحة أمينة على بيت زوجها في غيبته، حافظة لأسراره، قائمة على ما يصلح عياله([9]).
3.  حسم مادة النزاع بين الزوجين: فإن ما نشاهده في الواقع يدل على أن معظم الخلافات الزوجية إنما هي ناتجة عن سوء فهم كل واحد من الزوجين ما له من حقوق على الآخير، وبالتالي فإنه يطالبه بأكثر مما له، أو يؤدي أقل مما عليه، وفي هذ مشقة وعنت لكليهما، وفوضى عارمة في حياتهما، فجاء تقرير هذه القحوق حتى يكون كل واحد منهما وقّافاً عند حدود الله تعالى.
هذا؛ ويلاحظ أن هذه الحقوق لم تترك لكل واحد من الزوجين يحددها كيفما رغب، وإنما حددها الشرع، حتى لا يكون الأمر مزاجياً فيقوم كل واحد منهما باتباع هواه فيعطي نفسه أكثر مما يستحق، ولا يعطي صاحبه إلا ما يرى هو، وهذا ليس من العدل في شيء، حيث سيظلم كل واحد من الزوجين صاحبه، ثم تضطرب الحقوق، ويتقرر لكل زوجين منها ما يريانه أو ما يتفقان عليه، ثم لا يكون هناك ما يضمن أداء هذه الحقوق، حيث الشرع لا يضمن إلا ما أوجب على الناس، أو ما رآه من أعرافهم صالحاً لأن يكون من سلوكهم وتصرفاتهم.

المبحث الثاني
 الحقوق التي لا يؤثر فيها التعدد بوضوح
        قنا إن الإسلام قد شرع مجموعة من الحقوق لكل واحد من الزوجين، هذه الحقوق  تصبح واجبة الأداء بمجرد عقد النكاح، وبينا أن غرض المشرع من هذه الحقوق هو ضبط العلاقة ما بين الزوجين في الأسرة الواحدة، وحتى تستقيم حياتهما على خير وجه، ومن هذه الحقوق ما لا يظهر فيها التعدد بجلاء ووضوح، ومنها ما عكس ذلك؛ حيث يكون لتعدد أثرا واضح وجلي فيها، ونعرض في هذا المبحث للنوع الأول وهو الحقوق التي لا يؤثر فيها التعدد كثيراً، وذلك على النحو التالي:
1 ـ حسن المعاشرة:
إذا كانت الزوجة مطالبة بأن تحسن عشرة زوجها، فالزوج بالمثل مطالب بذات المعاملة، قال تعالى: } وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ { ([10]) ، وحسن العشرة يكون باللين والرفق في المعاملة، وأن يوفيها حقها من المهر والنفقة، وأن يبتسم في وجهها ولا يعبس بدون ذنب، وأن يتجمل لها كما تتجمل له، وأن يصبر على أذاها([11]) ـ وهذا أمر مستحب ـ قال r ” ولا يفرك مـؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي غيره”([12]).
يقول ابن كثير في تفسيره للآية السابقة: “أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى:  } وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {([13])([14]).
2 _ المهـر:
وهو حق واجب للزوجة على زوجها، فيجب أن يؤدي لها ما اتفق عليه من مهر، ولا يحق لأحد أن يستولي على شيء من المهر إلا برضاها التام، الخالي من الإكراه والمجاملة، قال تعالى: } وآتوا النساء صَدُقاتهنَّ نِحلة ، فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً   { ([15]) ، وأجمع العلماء على أنه لا حدَّ لكثيره، واختلفوا في قليله، قال تعالى: } وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ؟  {([16]).
والحكمة من وجوب المهر : هي إظهار خطر هذا العقد ومكانته ، وإعزاز المرأة وإكرامها ، وتقديم الدليل على محبة الزوج لها، ورغبته فيها ، واحترامه لشخصها، ودوام الزواج، وفيه تمكين للمرأة من التهيؤ للزواج بما يلزم من لباس ونفقة([17]).
3 _ النفقـة:
وهي حق للزوجة على زوجها، قال تعالى } الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ{([18])، والنفقة تشمل الطعام والشراب والكسوة والسكنى اللائقة بها، ويكون الطعام والكسوة على حسب قدرة الزوج من يسار وإعسار، قال تعالى: } لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ {([19])، وقال  r: “إذا أنفق المسـلم نفقة على أهله _ وهو يحتسبها _ كانت له صدقة([20])، والمراد بالأهل: الزوجة، وقيل: الزوجة والأقارب([21]). 

المبحث الثالث
حقوق الزوجية التي يؤثر فيها التعدد
        ومن هذه الحقوق ما يلي:
1 _ العـدل:
ويكون العدل من المتزوج بواحدة أن يعاملها بما يحب أن تعامله به، بحيث لـو فعلت به مثل الذي يفعـل بـها لقبله منها، وليتذكر قوله _ تعالى _  } ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف …{، فيطعمها مما يطعم، ويكسوها مما يلبس، ويسكنها السكن اللائق بها، وأن لا يسيء إليها بالقول أو الفعل.
أما إذا كان متزوجاً أكثر من واحدة؛ فالعدل تتشعب نواحيه، فيصبح مطالباً بالعدل بينهن جميعا، فلا يظلمهن، ولا يفرق في المعاملة بين واحدة وأخرى؛ بل عليه المساواة في المعاملة الظاهرة بينهن، في المطعم والملبس والمسكن، والمعاملة بالقول أو الفعل، وكذلك المبيت بأن يبيت عند كل واحدة بقدر ما يبيت عند الأخرى، فقد قال تعالى: }فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً {([22])، والمطلوب هو العدل الظاهر في الأمور المادية المقدورة، وليس المطلوب العدل والمساواة في المحبة القلبية، قال تعالى: } وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ {([23])، وقد كان النبي r يعدل بين زوجاته في الأمور المادية، ويقول: “اللهمَّ هذا قَسْمي فيما أملك، فلا تلمني في ما تملك ولا أملك”([24])، أي: في الحب والمودة([25]).
وهذا لا يعني تجاوز المشاركة الوجدانية التي ينبغي أن يظهرها الزوج تجاه زوجته، حتى وإن كان لا يجد في قبله ميلاً لها، فإنه ينبغي عليه أن يظهر أمامها حبه لها، ومودته تجاهها، فالحياة الزوجية في الأصل مبنية على الحبّ والمودة، يقول الله تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{([26])، فالحب والمودة مما يستطيع الزوج إظهاره للزوجته، رغم عدم استطاعته الشعور به، حيث أباح الإسلام الكذب على الزوجة من أجل إصلاحها([27])، ومعلوم أن المرأة لا يستقيم حالها إذا لم تشعر بحبّ زوجها لها، وعطفه عليها، وهذا من أهم حقوقها عليه، ويدلل على ذلك قول رسول الله r “تبسمك في وجه أخيك صدقة([28]) فمن باب أولى أن يكون هذا التبسم في وجه الزوجة، حتى وإن كان لا يملك أن يرغم نفسه على حبها، فكل هذا يأمر به رسول الله r ليكون من وسائل المشاركة الوجدانية بين الزوجين مهما كانت المشاعر والأحاسيس القلبية.
2 ـ القسم بين الزوجات:
        القسم بين الزوجات هو من الحقوق التي تنشأ عن التعدد؛ بل هو من أبرز الآثار الشرعية التي رتبها المشرع على تعدد الزوجات، والقسم هو فرع عن العدل، وهو يختص بما يقدر عليه الزوج.
        والقسم بين الزوجات هو أن يجعل الزوج لكل واحدة من زوجاته نصيباً يوما ًوليلية أو ما يتفق معهن عليه من المبيت عند كل واحدة منهن([29]).
مشروعية القسم وحكمه:
        القسم بين الزوجات مشروع بالكتاب والسنة:
أولاً الكتاب:
1.  قوله تعالى: ] وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ[([30])، ذكرنا سابقاً أن هذه الآية فيها دليل على أن للنساء حق على الرجال، ومن حقوقهن القسم بينهن إن كن أكثر من واحدة، لأن القسم من (المعروف) المذكور في الآية، وتركه في إساءة للزوجة.
  1. وقوله تعالى: ]قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ[([31])، قال الماوردي: “إشارة إلى الكسوة والنفقة والسكنى والقسم”([32]).
ثانياً: السنة النبوية:
1.  جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله r: ” من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل([33])، وهذا نص صريح في وجوب العدل بين الزوجات، والقسم هو فرع من العدل كما بينت سابقاً.
2.  كما جاء في السنة أيضاً أن رسول الله r كان يقسم بين زوجاته ويقول: “اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤخذني فيما لا أملك([34])، ولا يوجد ما هو أصرح منه في الدلالة على القسم.
ومن هذه النصوص جميعاً يتبين لنا أن القسم واجب على كل زوج تزوج بأكثر من واحدة، وأنه يعصى الله تعالى إذا لم يقسم بينهن.
النتائج والتوصيات:
أولاً: النتائج:
  1. الحقوق التي قررها الإسلام لكل واحد من الزجين مفروضة عليهما، ويأثم من يقصر في أدئها.
2.  حتى يضمن الإسلام أن يقوم كل واحد من الزوجين بأداء حقوق الآخر عنده؛ جعل في مقابلة هذه الحقوق واجبات مرتبطة بها.
  1. حقوق الزوجين هي ضمانات من أجل استمرار العلاقات الزوجية على النحو الذي يحقق  الحكمة من مشروعية الزواج.
  2. الحقوق الزوجية هي ضوابط لبيان علاقة كل واحد من الزوجين بالآخر.
  3. يتفاوت تأثير تعدد الزوجات على الحقوق الزوجية بحسب طبيعة الحق نفسه.
  4. فمن هذه الحقوق ما لا يؤثر فيها التعدد بوضوح كالنفقة والمهر والعشرة الزوجية.
  5. ومنها ما يتأثر بشكل بيّن وواضح كالعدل والقسم بين الزوجات.
ثانياً: التوصيات:
  1. زيادة الثقافة الأسرية عند الشباب من الجنسين.
  2. بيان الحكمة من مشروعية التعدد، وأنه ليس مزاجياً أو وليد الهوي والتشهي.
  3. بيان أن تعدد الزوجات هو عبء ومسؤولية على الرجل، وأن ليس له أن يتفلت من هذه المسؤولية.

أثر تعدد الزوجات على حقوق الزوجة ... صرخة هاني خليفة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيد الخلق أجمعين، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. وبعد…
فإن من أهم ما تميزت به شريعة الإسلام أنها ضبطت قواعد التعامل بين جميع الأفراد، سواء كان ذلك على صعيد الفرد نفسه، حيث ضبطت علاقته بنفسه، أو على سبيل الفرد مع غيره، سواء كان هذا الغير هو فرد من أفراد الأسرة، زوجاً كان أو زوجة، أو أباً أو أماً، أو ابناً أو بنتاً، وأو غير ذلك من الروابط الأسرية، وسواء كان هذا الغير هو فرد من أفراد المجتمع من غير الأسرة ….
ومن أهم المظاهر التي تمثل بها ضبط سلوك الإنسان وتصرفاته مع غيره، هي تلك الحقوق التي منحها الشرع لكل فرد من الأفراد، وفي مقابلها تلك الواجبات التي كلف بها كل فرد أيضاً، فكانت هذه الحقوق وهذه الواجبات بمثابة الحدود التي ينبغى أن يتوقف عندها سلوك الناس وتصرفاتهم مع بعضهم البعض، وإذا تقرر أن الحقوق في الإسلام هي منحة من الله تعالى، فإن هذا يعني إن هذه الحقوق مصونة لا يجوز شرعاً الاعتداء عليها بحال من الأحوال([1])؛ بل إن الشرع جاء ليحافظ عليها.
ومن أكثر العلاقات الإجتماعية حساسية وتأثيراً على المجتمع، العلاقة الزوجية، حث الأسرة هي قوام المجتمع، وهي أساس تكوينه، من أجل ذلك كان لا بد من ضبط العلاقة بين الزوجين ضبطا ًمحكماً، عن طريق بيان حدودها، وما يجوز فيها وما لا يجوز شرعاً، وفي هذا كانت الشريعة الإسلامية حرصية كل الحرص على بيان حقوق كل واحد من الزوجين بياناً لا لبس فيه ولا غموض.
ولما كان تعدد الزوجات من شريعة الإسلام، كان لزاماً أن تستوعب تشريعاته هذا الأمر، ولا تقتصر على بيان حق الزوجة الواحدة على زوجها؛ بل إن هذه التشريعات قد راعت أن الزوجة قد يشاركها في زوجها غيرها من النسوة، ولم تغفل ذلك، فكانت حقوق الزوجة على زوجها منسجمة تمام الانشجام مع مبدأ التعدد، دونما إلحاق أي ضرر بواحدة من الزوجات، سواء كنّ واحدة أو أربع.
من أجل ذلك جاء هذا البحث ليبين معالجة الإسلام لتعدد الزوجات من حيث حقوقهن، ومدى تأثير التعدد على حق كل زوجة من الزوجات، وقد كان بعنوان: (تعدد الزوجات وأثرة على حق الزوجة)، أحاول فيه بيان مدى تأثر حقوق الزوجة الشرعية بزواج زوجها من غيرها، وكيف عالج الإسلام هذا الأمر.
طبيعة الموضوع:
        موضوع أثر تعدد الزوجات على حقوق الزوجة موضوع فقهي يهدف إلى إبراز العلاقة ما بين تعدد الزوجات والحقوق الزوجية، ومدى تأثير التعدد على هذه الحقوق، وكيف استطاع الإسلام أن يوازن ما بين تعدد الزوجات والحقوق الواجبة لهن على زوجهن.
أسباب اختيار الموضوع:
  1. بيان الآثارالمترتبة على تعدد الزوجات وانعكامسة على حقوقهن.
  2. دحض الشبهات التي تروِّج للظلم الواقع على المرأة جرّاء تعدد الزوجات.
3.  بيان عدل الإسلام وسماحته، وأنه الدين المعجز الذي أن يوازن بين مصالح جميع الأفراد في المجتمع؛ حيث حقق الموازنة بين مصلحة الزوج التي تقتضي التعدد ومصلحة زواجته جميعاُ في آن واحد.
أهمية الموضوع.
1.  حسم مادة النزاع بين الأزواج، وخصوصاً في الأسر التي تتعدد فيها الزوجات عن طريق بيان حدود العلاقة الأسرية حال التعدد.
  1. زيادة الثقافة الأسرية لدى المجتمع المسلم، حتى يستطيع التعاطي مع تشريع التعدد بعيداً على كل الشبهات التي تثارحوله.
  2. بيان طبيعة التشريع الإسلامي السمحة، ومقدرته على حكم حياة الأفراد بما يتناسب مع فطرتهم التي فطروا عليها.
خطة البحث:
        بعد هذه المقدمة فإن البحث يحتوي على ثلاثة مباحث على النحو التالي:
المبحث الأول: مشروعية حقوق الزوجين وأهميتها.
المبحث الثاني: الحقوق التي شرعها الإسلام للزوجة على زوجها.
المبحث الثالث: أثر التعدد على هذه الحقوق.
الخاتمة: وتشمل النتائج والتوصيات.
منهج البحث:
  1. أتبع في هذا البحث المنهج الوصفي الاستقرائي.
2.  وعليه فإنني أتتبع هذا الموضوع في مظانه من كتب الفقه الإسلامي حتى أؤلف بينه مع بيان مذاهب الفقهاء فيه، والاستدلال عليه بالأدلة الشرعية.
  1. مع القيام بعزو الآيات القرآنية إلى سورها، وتخريج الأحاديث النبوية من مظانها من كتب الحديث الشريف.

المبحث الأول
مشروعية حقوق الزوجين وأهميتها
أولاً: مشروعية حقوق الزوجين:
الحقوق الزوجية مشروعة بالكتاب والسنة على النحو التالي:
1 ـ القرآن الكريم:
‌أ.   قال تعالى: ]وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ[([2])، قال القرطبي في تفسيره لهذ الآية: “أي لهن من حقوق الزوجية على الرجال مثل ما للرجال عليهن، ولهذا قال ابن عباس: إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي …”([3])، وفي هذا التفسير دليل صريح على ما يفيده النص من حقوق قررها الشرع لكل واحد من الزوجين.
‌ب.  وقال تعالى: ] قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً[([4])، يقول أبو السعود في تفسيره: ” أي قد علمنا ما ينبغي أن يفرض عليهم في حق أزواجهم وما ملكت ايمانهم وعلى أي حد واي صفة يحق ان يفرض عليهم”([5])،أالمبالببسسؤسسييسيسسس ومن هنا نستدل أن الآية قد تحدثت عن الحق الذي فرضه الله تعالى على الأزواج لزوجاتهم، وقد عبر (بالفرض) حتى يدلل على وجوب ما فرض.
2 ـ السنة النبوية:
عن ابن عمر أن رسول الله r قال: “أيها الناس إن النساء عندكم عَوانٌ([6])، أخذتموهنَّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنَّ بكلمة الله، فلكم عليهنَّ حق، ولهنَّ عليكم حق، ومن حقكم عليهنَّ ألا يوطئنَّ فُرُشَكم أحدا، ولا يعصينكم في معروف، فإذا فعلنَّ ذلك فلهنَّ رزقهنَّ وكِسوتهنَّ بالمعروف([7])، فالحديث الشريف يشير بوضوح إلى أن كل واحد من الزوجين له حق على الآخر، وقد ذكر هذا الحديث بعض هذه الحقوق.
ثانياً: أهمية هذه الحقوق:
        هذا وتبدو أهمية تحديد حقوق كل من الزوجين على النحو التالي:
1.  بيان حدود العلاقة بين الزوجين، حتى لا يتجاوز واحد منهما عند طلب حقه أكثر مما قرض له الشرع، وحتى لا يرهق كل واحد من الزوجين الآخر بطلب أكثر مما له فيكلفه ما لا يطيق، فيتعكر صفو الحياة الزوجية.
2.  بيان الدور الوظيفي لكل واحد من الزوجين، حيث هذه الحقوق تضبط دور كل واحد من الزوجين عند قيامه في أداء ما كلف به من المهام الأسرية، فإذا كان من حق الزوجة النفقة على زوجها، فإن هذا يعني أن النفقة هي وظيفة الزوج، ولا ينبغي أن يقصر في هذه الوظيفة، وإذا كان الأمانة حق للزوج على زوجته، فإن هذا يعني أن الزوجة ينبغي علهيا أن تمارس هذه الوظيفة في بيت زوجها فتكون أمينة على ماله وبيته وولده، يقول الله تعالى: ]فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ[([8])، فالمرأة الصالحة أمينة على بيت زوجها في غيبته، حافظة لأسراره، قائمة على ما يصلح عياله([9]).
3.  حسم مادة النزاع بين الزوجين: فإن ما نشاهده في الواقع يدل على أن معظم الخلافات الزوجية إنما هي ناتجة عن سوء فهم كل واحد من الزوجين ما له من حقوق على الآخير، وبالتالي فإنه يطالبه بأكثر مما له، أو يؤدي أقل مما عليه، وفي هذ مشقة وعنت لكليهما، وفوضى عارمة في حياتهما، فجاء تقرير هذه القحوق حتى يكون كل واحد منهما وقّافاً عند حدود الله تعالى.
هذا؛ ويلاحظ أن هذه الحقوق لم تترك لكل واحد من الزوجين يحددها كيفما رغب، وإنما حددها الشرع، حتى لا يكون الأمر مزاجياً فيقوم كل واحد منهما باتباع هواه فيعطي نفسه أكثر مما يستحق، ولا يعطي صاحبه إلا ما يرى هو، وهذا ليس من العدل في شيء، حيث سيظلم كل واحد من الزوجين صاحبه، ثم تضطرب الحقوق، ويتقرر لكل زوجين منها ما يريانه أو ما يتفقان عليه، ثم لا يكون هناك ما يضمن أداء هذه الحقوق، حيث الشرع لا يضمن إلا ما أوجب على الناس، أو ما رآه من أعرافهم صالحاً لأن يكون من سلوكهم وتصرفاتهم.

المبحث الثاني
 الحقوق التي لا يؤثر فيها التعدد بوضوح
        قنا إن الإسلام قد شرع مجموعة من الحقوق لكل واحد من الزوجين، هذه الحقوق  تصبح واجبة الأداء بمجرد عقد النكاح، وبينا أن غرض المشرع من هذه الحقوق هو ضبط العلاقة ما بين الزوجين في الأسرة الواحدة، وحتى تستقيم حياتهما على خير وجه، ومن هذه الحقوق ما لا يظهر فيها التعدد بجلاء ووضوح، ومنها ما عكس ذلك؛ حيث يكون لتعدد أثرا واضح وجلي فيها، ونعرض في هذا المبحث للنوع الأول وهو الحقوق التي لا يؤثر فيها التعدد كثيراً، وذلك على النحو التالي:
1 ـ حسن المعاشرة:
إذا كانت الزوجة مطالبة بأن تحسن عشرة زوجها، فالزوج بالمثل مطالب بذات المعاملة، قال تعالى: } وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ { ([10]) ، وحسن العشرة يكون باللين والرفق في المعاملة، وأن يوفيها حقها من المهر والنفقة، وأن يبتسم في وجهها ولا يعبس بدون ذنب، وأن يتجمل لها كما تتجمل له، وأن يصبر على أذاها([11]) ـ وهذا أمر مستحب ـ قال r ” ولا يفرك مـؤمن مؤمنة، إن كره منها خلقاً رضي غيره”([12]).
يقول ابن كثير في تفسيره للآية السابقة: “أي: طيبوا أقوالكم لهن، وحسنوا أفعالكم وهيئاتكم بحسب قدرتكم، كما تحب ذلك منها فافعل أنت بها مثله، كما قال تعالى:  } وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ {([13])([14]).
2 _ المهـر:
وهو حق واجب للزوجة على زوجها، فيجب أن يؤدي لها ما اتفق عليه من مهر، ولا يحق لأحد أن يستولي على شيء من المهر إلا برضاها التام، الخالي من الإكراه والمجاملة، قال تعالى: } وآتوا النساء صَدُقاتهنَّ نِحلة ، فإن طبن لكم عن شيء منه نفساً فكلوه هنيئاً مريئاً   { ([15]) ، وأجمع العلماء على أنه لا حدَّ لكثيره، واختلفوا في قليله، قال تعالى: } وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَاناً وَإِثْماً مُّبِيناً ؟  {([16]).
والحكمة من وجوب المهر : هي إظهار خطر هذا العقد ومكانته ، وإعزاز المرأة وإكرامها ، وتقديم الدليل على محبة الزوج لها، ورغبته فيها ، واحترامه لشخصها، ودوام الزواج، وفيه تمكين للمرأة من التهيؤ للزواج بما يلزم من لباس ونفقة([17]).
3 _ النفقـة:
وهي حق للزوجة على زوجها، قال تعالى } الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ{([18])، والنفقة تشمل الطعام والشراب والكسوة والسكنى اللائقة بها، ويكون الطعام والكسوة على حسب قدرة الزوج من يسار وإعسار، قال تعالى: } لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ {([19])، وقال  r: “إذا أنفق المسـلم نفقة على أهله _ وهو يحتسبها _ كانت له صدقة([20])، والمراد بالأهل: الزوجة، وقيل: الزوجة والأقارب([21]). 

المبحث الثالث
حقوق الزوجية التي يؤثر فيها التعدد
        ومن هذه الحقوق ما يلي:
1 _ العـدل:
ويكون العدل من المتزوج بواحدة أن يعاملها بما يحب أن تعامله به، بحيث لـو فعلت به مثل الذي يفعـل بـها لقبله منها، وليتذكر قوله _ تعالى _  } ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف …{، فيطعمها مما يطعم، ويكسوها مما يلبس، ويسكنها السكن اللائق بها، وأن لا يسيء إليها بالقول أو الفعل.
أما إذا كان متزوجاً أكثر من واحدة؛ فالعدل تتشعب نواحيه، فيصبح مطالباً بالعدل بينهن جميعا، فلا يظلمهن، ولا يفرق في المعاملة بين واحدة وأخرى؛ بل عليه المساواة في المعاملة الظاهرة بينهن، في المطعم والملبس والمسكن، والمعاملة بالقول أو الفعل، وكذلك المبيت بأن يبيت عند كل واحدة بقدر ما يبيت عند الأخرى، فقد قال تعالى: }فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً {([22])، والمطلوب هو العدل الظاهر في الأمور المادية المقدورة، وليس المطلوب العدل والمساواة في المحبة القلبية، قال تعالى: } وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ {([23])، وقد كان النبي r يعدل بين زوجاته في الأمور المادية، ويقول: “اللهمَّ هذا قَسْمي فيما أملك، فلا تلمني في ما تملك ولا أملك”([24])، أي: في الحب والمودة([25]).
وهذا لا يعني تجاوز المشاركة الوجدانية التي ينبغي أن يظهرها الزوج تجاه زوجته، حتى وإن كان لا يجد في قبله ميلاً لها، فإنه ينبغي عليه أن يظهر أمامها حبه لها، ومودته تجاهها، فالحياة الزوجية في الأصل مبنية على الحبّ والمودة، يقول الله تعالى: }وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ{([26])، فالحب والمودة مما يستطيع الزوج إظهاره للزوجته، رغم عدم استطاعته الشعور به، حيث أباح الإسلام الكذب على الزوجة من أجل إصلاحها([27])، ومعلوم أن المرأة لا يستقيم حالها إذا لم تشعر بحبّ زوجها لها، وعطفه عليها، وهذا من أهم حقوقها عليه، ويدلل على ذلك قول رسول الله r “تبسمك في وجه أخيك صدقة([28]) فمن باب أولى أن يكون هذا التبسم في وجه الزوجة، حتى وإن كان لا يملك أن يرغم نفسه على حبها، فكل هذا يأمر به رسول الله r ليكون من وسائل المشاركة الوجدانية بين الزوجين مهما كانت المشاعر والأحاسيس القلبية.
2 ـ القسم بين الزوجات:
        القسم بين الزوجات هو من الحقوق التي تنشأ عن التعدد؛ بل هو من أبرز الآثار الشرعية التي رتبها المشرع على تعدد الزوجات، والقسم هو فرع عن العدل، وهو يختص بما يقدر عليه الزوج.
        والقسم بين الزوجات هو أن يجعل الزوج لكل واحدة من زوجاته نصيباً يوما ًوليلية أو ما يتفق معهن عليه من المبيت عند كل واحدة منهن([29]).
مشروعية القسم وحكمه:
        القسم بين الزوجات مشروع بالكتاب والسنة:
أولاً الكتاب:
1.  قوله تعالى: ] وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ[([30])، ذكرنا سابقاً أن هذه الآية فيها دليل على أن للنساء حق على الرجال، ومن حقوقهن القسم بينهن إن كن أكثر من واحدة، لأن القسم من (المعروف) المذكور في الآية، وتركه في إساءة للزوجة.
  1. وقوله تعالى: ]قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ[([31])، قال الماوردي: “إشارة إلى الكسوة والنفقة والسكنى والقسم”([32]).
ثانياً: السنة النبوية:
1.  جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله r: ” من كان له امرأتان فمال إلى إحداهما جاء يوم القيامة وشقه مائل([33])، وهذا نص صريح في وجوب العدل بين الزوجات، والقسم هو فرع من العدل كما بينت سابقاً.
2.  كما جاء في السنة أيضاً أن رسول الله r كان يقسم بين زوجاته ويقول: “اللهم هذا قسمي فيما أملك فلا تؤخذني فيما لا أملك([34])، ولا يوجد ما هو أصرح منه في الدلالة على القسم.
ومن هذه النصوص جميعاً يتبين لنا أن القسم واجب على كل زوج تزوج بأكثر من واحدة، وأنه يعصى الله تعالى إذا لم يقسم بينهن.
النتائج والتوصيات:
أولاً: النتائج:
  1. الحقوق التي قررها الإسلام لكل واحد من الزجين مفروضة عليهما، ويأثم من يقصر في أدئها.
2.  حتى يضمن الإسلام أن يقوم كل واحد من الزوجين بأداء حقوق الآخر عنده؛ جعل في مقابلة هذه الحقوق واجبات مرتبطة بها.
  1. حقوق الزوجين هي ضمانات من أجل استمرار العلاقات الزوجية على النحو الذي يحقق  الحكمة من مشروعية الزواج.
  2. الحقوق الزوجية هي ضوابط لبيان علاقة كل واحد من الزوجين بالآخر.
  3. يتفاوت تأثير تعدد الزوجات على الحقوق الزوجية بحسب طبيعة الحق نفسه.
  4. فمن هذه الحقوق ما لا يؤثر فيها التعدد بوضوح كالنفقة والمهر والعشرة الزوجية.
  5. ومنها ما يتأثر بشكل بيّن وواضح كالعدل والقسم بين الزوجات.
ثانياً: التوصيات:
  1. زيادة الثقافة الأسرية عند الشباب من الجنسين.
  2. بيان الحكمة من مشروعية التعدد، وأنه ليس مزاجياً أو وليد الهوي والتشهي.
  3. بيان أن تعدد الزوجات هو عبء ومسؤولية على الرجل، وأن ليس له أن يتفلت من هذه المسؤولية.