الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الأحد، 28 أغسطس 2011

الأسد أصبح قطة

يبدو أن النظام السوري بقيادة الرئيس بشار الأسد أبي إلا أن يستمر في إضفاء الكثير من الغموض على ملف العلاقات السورية- الصهيونية أو ربما أراد أن تسقط عنه ورقة التوت الأخيرة التي كانت تحجب بعضا من جسده العاري الذي كان يراه الجميع إلا البعض من الذين خدعتهم الخطابات الصارخة والشعارات الرنانة ليس لأنهم مغفلون أو جهلاء ولكن لأنهم كانوا كالغرقى يحاولون التمسك بقشة في البحر لعلها تكون سببا في إنقاذهم من ورطة تاريخية طالت مدتها.
فالمتابع للمواقف السورية فيما يخص الاحتلال الصهيوني يلحظ ثمة تناقضات شديدة تثير الكثير من التساؤلات التي تصب جميع إجاباتها في القول بأن العلاقة بين سوريا و"إسرائيل" لا تخرج عن كونها لعبة توازنات يستهدف كل طرف منها تحقيق مصالحه الخاصة التي هي بالنسبة لإسرائيل البقاء والوجود وتعاظم القوة وبالنسبة لسوريا استمرار أهل الحكم في حكمهم دون إزعاج أو محاولة للتغيير.
ففي الوقت الذي يحتضن فيه النظام السوري قادة أغلب الفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركتي المقاومة الإسلامية "حماس" والجهاد الإسلامي على الرغم من كل الضغوط التي تمارس ولا تزال عليه من أجل التخلي عنهما في الوقت الذي لا يتردد الرئيس الأسد في أن يعلن وبمنتهى الصراحة خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الكرواتي ستيبان ميسيتش في زغرب أمس الخميس عن رغبته في استئناف ما يسمى بمفاوضات السلام مع الكيان الصهيوني والتي كانت قد بدأت برعاية تركية في شهر مايو من عام 2008 وتوقفت في شهر ديسمبر من نفس العام كرد فعل سوري على العدوان الغاشم الذي شنته قوات الاحتلال الصهيوني على قطاع غزة وأسفر عن استشهاد وإصابة ألآلاف من الفلسطينيين.
والأدهي أن الأسد لم يكتف بمجرد الإعلان عن استعداد بلاده لاستئناف المفاوضات بل إنه طالب وناشد الدول الأوروبية بالتدخل ولعب دور الوسيط بالتعاون مع الوسيط التركي الذي لم ينس الأسد الإشادة به وبدوره الفاعل على مدار نحو ثمانية أشهر من المباحثات مع الجانب الصهيوني.
وبالطبع فقد حاول الرئيس الأسد وكعادة أغلب الزعماء والقادة العرب أن يعطي الشرعية لهذه المطالبة حيث اعتبر نفسه معبرا عن آمال وطموحات الشعب السوري قائلا "إن هناك تأييدا وطنيا في سوريا لاستمرار المحادثات بشرط وجود رغبة مماثلة لدى الطرف "الإسرائيلي".
على كل فإن دعوة الأسد الأخيرة لا تخرج عن أحد تقييمين فهي إما أن تكون دعوة جادة تستهدف بالفعل التوصل إلى إنهاء هذا الملف أو أن تكون مجرد استهلاك سياسي يستهدف منه الرئيس الأسد تخفيف وطأة الضغوط على نظامه لارتباطه بالعديد من المفات الأخرى التي تتعارض مواقفه إزاءها مع المواقف الأمريكية والصهيونية وطموحاتهما في المنطقة وعلى رأسها الملف العراقي والملف الإيراني والملف اللبناني فضلا عن الفلسطيني.
لكن في حال كانت دعوة الأسد جادة فإن هذا يعني أن الضحية الأولى ستكون قادة الفصائل الفلسطينية الذين وعلى الرغم من استفادتهم الكبرى من النظام السوري الذي احتضنهم وأمن تحركاتهم إلا أن استفادته منهم كانت أكثر بكثير حيث كانوا طيلة العقود الماضية وحتى اللحظة الحالية ورقة مهمة يستخدمها الأسد ونظامه لتحقيق مصالحه وأهدافه السياسية التي وضح أنها أبعد ما تكون عن الثوابت العربية بعد أن تكشف حرصه وإلحاحه على الجلوس على مائدة المفاوضات مع الصهاينة الذين ما زالوا يحتلون ومنذ ما يقرب من أربعين عاما جزءا عزيزا من الأراضي العربية وهي هضبة الجولان دون أن يجرأ النظام السوري على إطلاق طلقة رصاص واحدة باتجاه الاحتلال من أجل تحريره بل ودون أن يجرأ على رد خروقات الطيران الصهيوني المتكررة للأجواء السورية.
وبالتالي فإنه ليس من المنطقي القبول بأنه سيتم الفصل بين القضيتين وأن مسار المفاوضات السورية – الصهيونية لن يتطرق إلى ملف التواجد الفصائلي الفلسطيني على الأرض السورية فهذا أمر ترفضه بكل تأكيد القيادة الصهيونية التي إذا ما أقدمت على تقديم تنازل جزئي فإنه مقابله لابد أن يكون أمنا يضمن لها سلامتها وهو ما لن يتوفر إلا بإجلاء سوريا لقادة المقاومة الفلسطينية الذين سيجدون أنفسهم رهينة أوضاع عربية غاية السوء ما سيضطرهم في النهاية إلى الابتعاد عن لغة المقاومة والوقوف ضد الطموح الصهيوني اللانهائي.
أما القول بأن دعوة الأسد تكتيكا يضرب به عصفورين بحجر واحد أولهما تخفيف الضغوط الدولية والثاني تحرير هضبة الجولان من القبضة الصهيونية قول فيه نظر خاصة وأن النظام السوري يدرك جيدا أن الاحتلال الصهيوني لن يفرط مطلقا في هضبة الجولان التي يعني الانسحاب منها تفكيك العشرات من المستوطنات التي استقر بها عشرات ألآلاف من الصهاينة المهاجرين بالإضافة إلى تنازل "إسرائيل" عن أحد أهم مصادر المياه التي تعتمد عليها في مشاريعها التنموية والزراعية.
كما أن تدرك سوريا تماما أنملف علاقاتها مع الكيانالصهيوني ليس هو فحسب المحدد للعلاقة بين سوريا والولايات المتحدة الأمريكية والذي بانتهاءه تصبح العلاقة "سمنا على عسل" – بحسب المثل المصري - وعليه فإن سوريا مطالبة في هذا الوقت ولتحقيق هدفها بالسير قدما ولصالح وجهة النظر الأمريكية على مسارات متعددة وهو الأمر الذي يمثل مجازفة لا يمكن حدوثها لأنها تعني ببساطة شديدة انقلابا على كل السياسات السورية السابقة.
كذلك يعني القول بأن الدعوة مجرد تكتيك سوري ميلا للتحيلات السياسية المروجة إلى أن العلاقة بين النظام السوري والكيان الصهيوني هي علاقة مصلحة متبادلة حيث لا يرغب النظام السوري في إنهاء قضية الصراع مع الاحتلال ليبرر ممارساته التسلطية والغير ديمقراطية من أجل ضمان البقاء إنطلاقا من مبدأ "لا صوت يعلو فوق صوت المعركة" خاصة وأنه يعاني من رفض شعبي باعتباره نموذجا لحكم الأقلية ..في حين تستغل "إسرائيل" الممارسات السورية لتبرير زيادة قدراتها التسلحية بزعم ضمان أمنها وسلامتها ضد الأعداء المتربصين.
في المقابل وعلى الجانب الصهيوني وفي أول رد فعل على دعوة الأسد رحب وزير الحرب الصهيوني إيهود باراك بدعوة الرئيس السوري مؤكدا استعداد "إسرائيل" للسعي لتحقيق تقدم في عملية السلام مع سوريا لكنه في الوقت ذاته اشترط – وهذا من حقه إزاء هذا الإلحاح السوري - أن تتخذ دمشق ومن أسماهم بحلفاءها ما سماه موقفا مسؤولا وهو إشارة بالطبع إلى أن تتوقف سوريا وحلفاؤها سواء كان حزب الله أو إيران عن دعم المقاومة الفلسطينية فهذه هي الشوكة الوحيدة التي تطالهم من سوريا إذ أنه في حال تخلت سوريا عن دعم هذه المقاومة فلن يكون لسوريا أي أثر سلبي على الكيان الصهيوني ولتمتد المفاوضات حول الجولان إلى أبد الأبدين كما هو حاصل مع ملف التفاوض بين السلطة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني التي تعود إلى ما يقرب من عشرين عاما دون تحقيق أي تقدم إيجابي.
 
رد مع اقتباس

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق