الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الثلاثاء، 14 أغسطس 2012

الطاقة البشرية والذكاء الإنفعالي...... صرخة هاني خليفة

للطاقات البشرية دور مهم في بناء حضارة المجتمعات، وتتم تقوية المجتمع من خلال بناء الأشخاص القادرين على تحقيق النجـاح والتقدم لمجتمعهم بشكل عام، ولأنفسهم بصورة خاصة، وبذلك يجب أن نقدم للفرد الرعاية المتكاملة في جميع جوانب شخصيته: جسميا وعقليا وانفعالياً واجتماعيًا.

علماء النفس قديماً اعتبروا أن الانفعالات والتفكير نقيضان، حيث اعتبرت الانفعالات عائقاً أمام التفكير ويجب مقاومتها والحد منها لينمو تفكير الإنسان وذكاؤه. أما حديثاً فان علماء النفس ينظرون إلى الانفعالات على أنها سلوكيات منظمة تحكمها قوانين تعتمد بشكل كبير على المعرفة والبيئة المعرفية للفرد ( العتوم، 2004).

ومع ذلك فكثير من الدراسات ركزت على الجوانب المعرفية فقط في ذكاء الطلاب، ولم تتطرق إلى الجوانب غير المعرفية في ذكائهم. مع أن العديد من البحوث في المرحلة الحالية تبين أن تنمية الجوانب الاجتماعية والوجدانية أمر ضروري.، فقد ظهرت برامج للتنمية الاجتماعية والوجدانية التي استخدمت في الكثير من مدارس الدول المتقدمة ( جابر، 2004 ).

وقد أشار جروان (٢٠٠٢ ) لمفهوم الذكاء على أنه من المفاهيم التي يصعب على الباحثين إيجاد تعريف عام وشامل له، والسبب في ذلك أن أي تعريف إجرائي للذكاء يدخل في دائرة القياس النفسي والتربوي، وقد تطور هذا المفهوم خلال أربع مراحل متداخلة مع بعضها بعضًا، فكانت المرحلة الأولى مرحلة ارتباط الموهبة والتميز بالعبقرية، أما المرحلة الثانية فقد ارتبط هذا المفهوم بالأداء المتميز في ميدان أو أكثر من ميادين الشعر والفروسية والخطابة، وفي المرحلة الثالثة ومع ظهور اختبارات الذكاء الفرديـة ( ستانفورد، بينيه، وكسلر) في مطلع العشرينات أصبح مفهوم الموهبة والتميز يرتبط بنسبة الذكاء التي تقيسها هذه الاختبارات. أما المرحلة الرابعة فهي مرحلة اتساع هذا المفهوم ليشمل كلا من الأداء العقلي المتميز والاستعداد والقدرة على الأداء المتميز في المجالات العقلية والأكاديمية والفنية والإبداعية وغيرها من المجالات.

وفيما يتعلق بالجوانب غير المعرفية في تعريف الذكاء كان ثورندايك من أوائل من أشاروا إلى ذلك، حيث قال: لكي يتم وصف وقياس ذكاء فرد ما، فلا بد من فحص ثلاثة مجالات رئيسة هي: المجال الميكانيكي، والمجال المجرد، والمجال الاجتماعي (روبنز وسكوت، 1998(.

وبالتالي ظهرت العديد من النظريات التي تنتقد وجود ذكاء واحد يولد به الإنسان ولا يمكن تغييره، فقد أشار المربون إلى أهمية دراسة أنواع أخرى من الذكاء، حيث أشار جاردنر (Gardner, 1983) فيما عرف باسم " نظرية الذكاءات المتعددة " إلى ثمانية أنواع مختلفة من الذكاء.، حيث تضمنت نوعين من الذكاء هما: الذكاء الذاتي الشخصي والذكاء الاجتماعي، وبالتالي مهدت نظرية الذكاءات المتعددة لظهور أنواع مختلفة من الذكاء، كان لبعضها علاقة مباشرة بالذكاء الشخصي وهو ما اصطلح على تسميته بالذكاء الانفعالي. فنظرية جاردنر تعتبر أول نظرية تشير إلى أهمية ربط الجانب الانفعالي بالقدرة العقلية، حيث افترضت أن الذكاء الشخصي يستلزم القدرة على فهم الانفعالات الذاتية والتعامل على ضوء هذا الفهم ( Salovey&Mayer,1990).
وقد أشار ماير وسالوفي في السياق نفسه (Mayer & Salovey, 1993), إلى أن الذكاء الانفعالي أيضا جزء من الذكاء الاجتماعي الذي هو في الأصل جزء من الذكاء الشخصي، وهذا يوحي بوجود نوع من التداخل الكبير والمتسلسل بين هذه الأنواع الثلاثة من الذكاء. وهناك العديد من الأسباب أدت إلى زيادة الاهتمام بها من قبل الباحثين من هذه الأسباب، التطورات الحديثة في مجال علم النفس الفسيولوجي التي تتمثل في إمكان رسم المسارات العصبية، وتحديد مدى شدتها بين جوانب المخ المختلفة، مما أسهم في زيادة القدرة على فهم العلاقة القائمة بين الجانب العقلي والانفعالي لدى الإنسان( شابيرو ,2001).

ويرى جولمان (Goleman, 1998).أن الذكاء العقلي والذكاء الانفعالي ليسا متعارضين , ولكنهما منفصلان، وكل فرد لديه مقدار معين من كليهما، كما يرى انه من النادر أن يوجد شخصاً لديه درجة عالية في احدهما ومنخفضة في الآخر.

إن مفهوم معامل الذكاء Intelligence Quotient (IQ) يرتبط بالقدرات المعرفية كالقدرة على الربط بين المفاهيم، والقدرة على التفكير المجرد، والقدرة على الحكم والاستنتاج، والقدرة على حل المشكلات. أما مفهوم الذكاء الانفعالي Emotional Intelligence (EQ) فيرتبط بالانفعالات، والمزاج العام والمشاعر والأحاسيس.(Salovey, & Sluyter, 1997)

ويتحكم كل من الذكاء العقلي والذكاء الانفعالي في سلوك الأفراد اليومي، فلا يستطيع الذكاء العقلي العمل بدون الذكاء الانفعالي. فعندما يعمل هذان النوعان من الذكاء بانسجام وفعالية يرتفع أداء الذكاء الانفعالي وكذلك القدرة العقلية. (Schilling, 1996)

إن النظرة الحديثة للجانب الانفعالي تعترف بأهميته المتزايدة في حياة الإنسان، وبأنه لا ينفصل عن عمليات التفكير لدى الإنسان بل كلها عمليات متداخلة مكملة لبعضها بعضاً. فالجانب المعرفي لدى الطلاب يسهم ايجابياً في العملية الانفعالية من خلال تفسير الموقف الانفعالي، وترميزه وتسميته، ومن خلال عمليات الإفصاح والتعبير عنه ( الخضر، 2002 )

من هنا بدأ الاهتمام به حيث قدم جولمان (Goleman) أشهر ما كتب حول الذكاء الانفعالي في كتابه الشهير الذكاء الانفعالي (Emotional Intelligence)، وتناول فيه ما اسماه بالتفكير الانفعالي وطبيعة الذكاء الانفعالي والمجالات التي له دور فيه، كما أشار إلى دور الذكاء الانفعالي في نجاح الإنسان وتقدمه في مجالات الحياة العملية إما الذكاء الأكاديمي فدوره يكون بارز في حياة الفرد التعليمية.
وبالتالي أصبح هذا الموضوع من المواضيع المهمة التي تحظى باهتمام الأخصائيين النفسيين وغيرهم، كما أصبح مصطلح الذكاء الانفعالي من أكثر المواضيع انتشاراً وتداولا في دوائر الشركات الكبرى والمؤسسات التعليمية. وقد بدأت المدارس في الدول الغربية تدريس هذه المهارات، وبعضهم أسماها حركة التعلم الاجتماعي الانفعالي.(Elias, et al, 1997)
وقد أثبتت كثير من الدراسات على أن من لديهم مستوى متميز من الذكاء الانفعالي ويعرفون مشاعرهم ولديهم القدرة على إدارتها والتعامل مع مشاعر الآخرين بكفاءة، هم أنفسهم الذين نراهم متميزين في كل مجالات الحياة، وهم الأكثر إحساسًا بالرضا عن أنفسهم والتميز بالكفاءة في حياتهم والأقدر على السيطرة على بيئتهم العقلية، مما يدفع إنتاجهم قدماً إلى الأمام، أما من يفتقدون إلى مهارات الذكاء الانفعالي فعادة يكون لديهم صراعات نفسيه داخلية تدمر قدرتهم على التركيز في مجالات عملهم وتمنعهم من التمتع بفكر واضح وتمنعهم أيضًا من التكيف السليم ( جولمان، 2000).

كما أن الذكاء الانفعالي يرتبط ارتباط وثيقاً بالصحة العقلية التي يمكن تحقيقها بتفهم مشاعر الآخرين ومشاعر الفرد نفسه، حيث تؤدي قدرة الفرد على إدراك مشاعر الآخرين والتواصل معها إلى التنظيم الفعال للانفعالات، فالأفراد الأذكياء انفعالياً هم سعداء في نشاطاتهم الاجتماعية وقادرون على إدراك الانفعالات بشكل دقيق، واستخدام طرق رائعة وفعالة في تنظيم هذه الانفعالات أثناء تقدمهم نحو تحقيق أهدافهم. أما الأفراد الذين يعانون من ضعف في الذكاء الانفعالي فيواجهون مشكلات في قدرتهم على التكيف والتخطيط للحياة، وهذا يعود إلى صعوبة قدرتهم على فهم انفعالاتهم الذاتية، ومن الممكن أن يؤدي هذا إلى حالة من الاكتئاب، مما يؤدي إلى تطوير ثقافة فردية تدير انفعالاتهم بشكل غير سوي (.(Salovey& Mayer,1990

ويشير سالوفي وسلوتر (Salovey, & Sluyter, 1997) إلى أن أهم وظائف الذكاء الانفعالي هو توجيه التفكير وتخصيص القدرات التي تسهم في حل المشكلات، مما يؤثر بشكل ايجابي على شخصية الفرد. فالأذكياء انفعالياً أفضل من غيرهم في التعرف إلى انفعالاتهم وانفعالات الآخرين والتعبير عنها بصورة دقيقة، تمنع سوء فهم الآخرين لهم.

كما أشارت العديد من الدراسات إلى أن الطلبة الذين يمتلكون مستويات عالية من الذكاء الانفعالي، أكثر ضبطاً لانفعالاتهم واندفاعاتهم، مما يجعلهم أكثر تسامحاً، وأكثر فهماً لوجهات نظر الآخرين وعمل علاقات جيدة في العمل، وتدبر أمر الضغوط وقدرة التخطيط للعمل، والوصول إلى الأهداف، والمثابرة في وجه التحديات كما أنهم أكثر قدرة على التكيف مع التغيرات التي تحدث في بيئاتهم (Mayer, 2000).
وذكرت شرنك Shrink, 1996)) أن درجة أو نسبة الذكاء تنبئ بدرجة معقولة عن التحصيل الأكاديمي والنجاح المهني والشخصي، وان المهارات الذهنية مهمة لكي ينجح الفرد في حياته، إلا أنها غير كافية. ومن اجل النجاح في الحياة نحتاج إلى مهارات عديدة أخرى منها مهارات نفسية وشخصية ومهارات اجتماعية.
وقد أوضحت الأبحاث التربوية التي أجريت على الدماغ إلى أهمية الذكاء الانفعالي، فهي تشير إلى أن الصحة العاطفية أساسية ومهمة للتعلم الفعال. لعل أهم عنصر من عناصر نجاح الطالب في المدرسة هو فهمه لكيفية التعلم. فالعناصر الرئيسة لمثل هذا الفهم كما ذكرها دانيال جولمان هي:الثقة، وحب الاستطلاع، وضبط الذات، والانتماء، والقدرة على التواصل، والقدرة على التعاون. وهذه الصفات هي من عناصر الذكاء الانفعالي.
ويؤكد جولمان (Goleman, 1995) على ضرورة الاهتمام بالعمل على تنمية الذكاء الانفعالي لدى الطلبة، وذلك انطلاقاً من مسلمة مهمة لديه مؤداها أن الانفعالات تُعد إطار ومجالاً فعالاً بالنسبة للذكاء، وأن الذكاء الانفعالي له تأثيراته في الشخصية. وإذا كان الذكاء المعرفي يسهم بنسبة محدودة في النجاح بالحياة، فالذكاء الانفعالي دوره أكثر في نجاح الإنسان وتقدمه في مجالات الحياة العملية قياساً بالذكاء الأكاديمي. لذلك فإن من الأهمية الكشف عن الذكاء الانفعالي بين الطلبة، مما يساعد في إيجاد برامج تعمل على تنميته.
ومواكبه للاهتمام العلمي والعالمي بهذا النوع من الذكاء، وما له من أبعاد مهمة في العملية التعليمية، ومتابعة للدراسات التي عُنيت بالكشف عن مدى وجود الذكاء الانفعالي لدى طلاب وطالبات بمختلف مراحل التعليم في المجتمعات المتقدمة، فقد هدفت الدراسة الحالية إلى التعرف على واقع الذكاء الانفعالي عند طالبات المرحلة الجامعية، والكشف عن الفروق في ذلك بين المتفوقات تحصيليا، والعاديات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق