الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الجمعة، 26 أبريل 2013

صرخة هاني خليفة ... أين بائع النسيان؟ للشيخ على الطنطاوي رحمه الله

نفسك عالم عجيب، يتبدل كل لحظة ويتغير، ولا يستقر على حال.تحب المرء فتراه ملكاً، ثم تكرهه فتبصره شيطاناً، وما ملكاً كان قط ولا شيطاناً، وما تبدل، ولكن تبدلت حالة نفسك . وتكون في مسرة فترى الدنيا ضاحكة، ثم تراها وأنت في كدر، باكية قد فرغت في سواد الحداد. وما ضحكت الدنيا قط ولا بكت،
ولكن كنت أنت الضاحك الباكي. -الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله

أطلت أباشير الصباح على تلك المدينة الساحلية ، لتخط بشعاع كوكبها المشتعل على سطح الماء شريطة حمراء مصبوغة بشعاع برتقالي إيذانا بنهار
مشرق

أقلب طرفي بين صفحات الكتاب وبين أمواج البحر الممتدة على مدى البصر .. موجات متلاحقة يهدم بعضها بعضا ، و تصطدم دون عناد أو مقاومة . يبقى البحر في عيني تلك المعجزة الخالدة التي تعج بالمعاني و العبر .يشتد ارتطام الأمواج بالصخر الذي يعلن شموخه و رفضه التخلي عن قيمة الصمود . عندما تطوي الموجة الأخرى يبقى الماء هو الماء و لا يحال إلى عدم ، تماما كما هو حال ذكرياتنا المتلاحقة التي تطوي الواحدة منها الأخرى دون أن تمحوها

لم ترق لي فكرة النسيان التي يطرحها الكتاب الذي بين يدي، نسيان كل ما يؤلمنا وكل ما يأخذ جل تفكيرنا . ننسى و نمحو صفحات ذاكرتنا لنملأها
بالجديد ، ننسى لنجعل متسعا لتسارع الأفكار و الأحلام ، ننسى لأن في الذكرى قتلا للحظاتنا الآنية

للنسيان معان عدة في معاجم اللغة، فهو يحتمل معنى الترك ، كما قال عز وجل: نَسُوا اللهَ فنَسِيَهم ؛ أي تركوه فتركهم . و يحمل أيضا معنى التحقير كما في حديث عائشة، رضي الله عنها: "ودَدْتُ أَنِّي كنتُ نِسْياً مَنْسِيّاً " أَي شيئاً حقِيراً مُطَّرَحاً لا يُلْتَفَت إِليه. كذلك نسي أي ترك العهد كما في قوله سبحانه:"وَلَقَدْ عَهِدْنَا إلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ ولَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً" .و يأتي بمعناه المتداول و هو خلاف الذكر ، و هذا محور حديثي

هل حقا هناك نسيان مطلق؟ نسيان يحلّق بنا على جناح الحرية كما يقول جبران خليل جبران :النسيان شكل من أشكال الحرية
لا أتحدث عن نسيان آخر وجبة طعام أكلتها ،أو عن اسم شارع في بلد زرتها ، أو عن ملامح شخص قابلته، أو عن نص قرآني أو نبوي استذكرته ، لكني أتحدث عن نسيان ماحفر في ذاكرتنا و أخذ حيزا من مشاعرنا و تفكيرنا ، عن ما كان له دور في صبغة لون حياتنا وقولبة أفكارنا ، عن ما أطاح بمنطق النسيان جانبا و أعلن ألا سطوة إلا لعالم الذكريات

نطوي الصفحات ونمزقها ، لكن هل فعلا تخلصنا منها أم أننا أودعناها في مستودع الصمت و التجاهل؟ ، و ما إن يأتي من يفك أسرها حتى تعاود اقتحام لحظات حياتنا كأنها لم تمزق يوما ! لم ترق لي فكرة النسيان ؛ فذكرياتنا و إن كانت مؤلمة فما هي إلا مشاعر تضفي على الحياة طعما ولونا ... فهناك
تساؤل دائم ،هناك انتظار دائم ، هناك حنين دائم ، هناك سعادة كامنة مصحوبة بألم عميق ساكن

كيف لنا أن نستطعم الحرية إن محونا أيام قهر الذل و العبودية ؟
كيف يكون للنجاح بريقه إن لم يكن لتجاربنا الفاشلة ذكرى ؟
كيف نشعر بتاج الصحة إن لم نذكر قسوة أيام المرض ؟
كيف يكون الحب حبا إن لم نتجرع سمّ الكره و الجفاء يوما؟

يبدو أن لحكاية صراع الذاكرة مع النسيان أجل غير محدود ، لكن قد لا يكون لكل حكاية نهاية ؛ فأحيانا تتوارى النهايات خلف الذكريات و تبتعد خوفا من أن تلحق بنا أذى يسلب كل جميل تحمله أرواحنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق