الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الجمعة، 17 مايو 2013

صرخة هاني خليفة ... نظرية فلسفية

just-wanna-travel:

Najaf, Iraq
the-absolute-funniest-posts:



This post has been featured on a 1000notes.com blog.


 هل عدم الدليل هو دليل على العدم؟


  

هل من الصواب ان نقول اننا لا نؤمن بوجود اله لانه لايوجد دليل على وجوده؟ بكلام اخر: هل يكون من العقلاني انلا نؤمن بوجود شيء ما لان احداً لم يقدم دليل يثبت وجوده؟


مركزية اللادليل في الفكر الالحادي


ربما يكون اول شيء عرفته عن الالحاد وعن الطريقة او الموقف الذي يتبناه الملحد هو: انا لا اؤمن بوجود الله لانه لا يوجد دليل على وجوده. قد اكون رددت هذه الجملة عشرات المرات على النت وفي كل مكان ممكن. ولعل اغلب الملحدين يرددون هذه العبارة، فنريد في هذه الموضوع ان نناقش هذه العبارة منطقياً. هل هي صحيحة؟ وان كانت كذلك فما هو الفهم السليم لها؟


عدم الدليل ليس دليل العدم


اذا كان هناك من مغالطة محورية يتوجب على كل مفكر ان يتجنبها فهي: عدم الدليل ليس دليل العدم. وهذا لكثرة من يقع في محظور استخدام هذا الخطأ. في البداية، ما معناها؟

حسناً، المغالط هنا يلاحظ عدم وجود اثبات على شيء ما ويتعبر ان عدم وجود هذا الاثبات هو دليل على ان هذا الشيء خطأ. مثلاً:


1- لا يوجد دليل على وجود مخلوقات فضائية لذا فالمخلوقات الفضائية غير موجودة.

2- لا يوجد دليل على ان هتلر قتل كذا مليون يهودي (بنظر البعض) لذا هتلر لم يقتل هؤلاء.

3- لم يقدم المؤمنون دليل على وجود الله لذا فالله غير موجود

4- ليس هناك دليل على ان فلان ذكي لذا هو غبي


المغالطة هنا هو انه لايكفي بالضرورة انلا يكون هناك دليل على شيء ما حتى تحكم بانه غير موجود لانه قد يكون هناك دليل ولكنه جاهل بوجوده. يعني المغالطة هنا هو ان الحكم ذاتي متعلق بان القائل (الملحد في حالتنا) لم يسمع ادلة جيدة على وجود الله فحكم بانه غير موجود.


على هذا المنطق فانا بالنسبة لشخص لايعرفني غير موجود، لانه عاجز عن وضع دليل يثبت فيه وجودي فهو لا يعرفني. وبكلام اخر فاننا كلنا سنعيش بقوقعة ذهنية فيها كل ما نعرفه موجود وكل ما لانعرفه غير موجود. هذا الموقف مستغرب وليس عقلاني على الاطلاق.


وجهة نظر مقابلة


احدى المقابلات الساخرة التي يستخدمها برتراند رسل حول قضية وجود الاله هي انه يقول (بتصرف): هل لو كان هناك ابريق شاي يدور حول كوكب المشتري فانه سيطلب منا ان نكتب دليل على عدم وجوده حتى نقول انه غير موجود؟


مع ان التعليق ساخر ويتضمن ثغرات لكن لا يخلو من وجاهة. تخيل مثلاً: طبيب يريد ان يشخص حالة طبيب. هو يعلم ان اعراض الاصابة بنزلة البرد هي مثلاً: ارتفاع بدرجة الحرارة ورشح وما اليه. وحينما يفحص المريض يجده لا يعاني من هذه الاعراض ولكنه مع هذا سيقول: لا استطيع ان استدل على انه غير مصاب بنزلة برد لان عدم وجود ادلة على وجود نزلة البرد لايعني انها غير موجودة.


فلو اننا تبنينا اي موقف من الموقفين فاننا ننتهي الى الوقوع بمواقف مستغربة. كما ان التسليم بقضية عدم الدليل ليس دليل العدم معناه تعطيل اغلب العلوم التي نعرفها. فما هو الحل


مماثلة بنظرية التطور


قبل ان استمر، اريد ان اعطي مثال مقابل للطرح المتقدم، تخيل لو انك سألت شخص خلقي لا يؤمن بنظرية التطور، لماذا لا تؤمن او تصدق بنظرية التطور؟


سيقول لك: لانه لايوجد دليل على صدق نظرية التطور فضلا عن كونها نظرية سخيفة ومتناقضة.


انت ستتعجب هنا، ستقول له: بل هناك مئات الوف الادلة على نظرية التطور واما التناقض الذي تتحدث عنه فهو لانك لا تفهمها.


فهنا شخص لايصدق بنظرية التطور لانه لم يسمع ادلة التطور، يعني جهله بنظرية التطور جعله لايصدق بها.


فما الذي يمنع هذا عن الملحد؟


انت تقول: انا لا اصدق بالله لانه لايوجد دليل عليه، حسناً، كيف عرفت؟ انت هنا مثلك مثل هذا الذي انكر التطور لانه لم يسمع بادلته. انت انكرت شيء اخر لانك انت ايضا لم تسمع بادلته.


طريقة التفكير واحدة لكن الاختلاف هو في مادة التفكير.



فرضية العدم Null Hypothesis


لما فكرت بكتابة الخاتمة لهذا الموضوع قلت مع نفسي، لم لا اقرأ بعض التعليقات على الموضوع (في لاديني)؟ يبدو ان بعض الزملاء يريدون ان يكون موقفهم هو الحقيقة بكل طريقة واي شيء يخالف هذا فلا بد ان يكون سخيف وخطأ


الان فرضية العدم، هي من المبادئ الاساسية للاحصاء وهي الاساس في اي بحث علمي يعتمد على الاحصاء بصورة او اخرى. وطبعاً نستطيع ان نقول انه لايوجد فرع من فروع العلم لايعتمد على الاحصاء في البحث مهما كان. فما هي فرضية العدم؟


حسناً من دون الدخول في تفاصيل مملة. فرضية العدم هي التساؤل الذي وضعه الباحث حين دراسته لعينة احصاءية ما. مثلاً: انا اريد ان اعرف هل هناك علاقة بين التدخين والاصابة بسرطان الرئة؟ او هل هناك علاقة بين الالحاد والانتحار؟ هل اعطاء مريض القلب هذا النوع من الدواء يؤدي الى تحسين صحته او لا؟


نحن نسمي هذه فرضية العدم... وما نفعله هو اننا نبحث في العينة الاحصائية فاذا وجدنا ان تصرف العينة الاحصائية تناقض هذه الفرضية فاننا نرفضها اما اذا لم نجد ما يناقضها فان الفرضية تبقى قائمة ولكن لايثبت صحتها.


قضية ان غياب ما يناقض الفرض لايثبت صحة الفرض يعرفها اي احصائي ويعرف ايضا مغبة رفض هذا المبدأ ففي مثل هذه الحالة يمكننا ان نثبت اي شيء...بامكاننا ان نقول مثل صاحبنا الذي نشر بحث قبل يومين عن وجود علاقة بين الالحاد والانتحار واعتبر هذا "حقيقة" لابد ان يتعض منها الجميع. لا طبعاً. لان فرضية العدم هنا تتناقض مع عينات احصائية اخرى (اليابان على سبيل المثال، نسبة ملحدين عالية ونسبة انتحار قليلة) ولكن حتى لو لم يكن هناك ما يناقض الفرض فان هذا لايثبت صدق الفرض على الاطلاق.


اعجاز القرآن واعجاز الملحد


البعض سخر من مبدأ: عدم الدليل ليس دليل العدم. لانه وجد ان هذا الامر يقلق موقفه الالحادي. طيب لو اننا قبلنا برأيك فان القرآن على هذا سيكون معجز. يعني انت ستناقض نفسك بنفسك.


فرضية العدم فيما يخص القرآن هو انه لا احد يستطيع ان يأتي بمثله. ننظر الى الواقع فنجد انه لم يأت به احد. وبما انه على كلام المعترضين فانه عدم وجود من يستطيع ان يكتب مثل القرآن هو دليل على عدم وجود من يستطيع ان يكتب مثل القرآن ! فان السؤال الان هو لماذا؟ ولايمكن الاجابة على الاشكال العويص ببساطة.


الحقيقة، ان عدم وجود من كتب مثل القرآن لايعني انه لا احد يستطيع ان يأتي بمثله ... الفرضية لاتثبت عن طريق عدم وجود ما يناقضها من العينات. نسمي هذه المغالطة بالاحتجاج بالجهل ايضاً Argument from ignorance


ملخص الحديث لهذ الجزء من الموضوع هو: لو اننا اعتبرنا ان عدم الدليل هو دليل العدم فان العلم كله سيتوقف فلا يوجد دليل على المادة السوداء لذا المادة السوداء غير موجودة

لايوجد دليل على ان الحياة يمكن ان تنشأ من مادة غير الكاربون لذا هذا مستحيل

لايوجد دليل على ان هناك نيزك ضرب الارض قبل 64 مليون سنة لذا هذا لم يحدث

متى يكون عدم الدليل دليل العدم


اذاً، وصلنا الان للخاتمة التي يجب ان نجيب فيها على السؤال السابق.


يقول علماء نظرية المعرفة: ان غياب الادلة على وجود شيء ما، يعد مثاراً لترجيح عدم وجوده اذا كنا نتوقع ان لو وجد هذا الشيء لرأينا مزيداً من الادلة على وجوده. (1)


ماذا يعني هذا؟

يعني لما نتكلم عن وجود مخلوقات فضائية في مجرة اندروميدا، او عن وجود كون ثان مواز لكوننا. فان وجود مثل هذه الاشياء لايؤدي بالضرورة الى وجود عواقب نستطيع ان نراقبها او نكتشفها، لان اثارها ابعد من نطاق ما نستطيع ان نكشفه. ولهذا فنحن "لا ادريين" بشأن وجودها من عدمه.


لكن اذا تحدثنا مثلاً عن وجود قمر ثان يدور حول الارض وحجمه بحجم القمر الحالي، فاننا بهذه الحالة نقول: لو كان هذا القمر موجوداً فعلاً لكنا رأينا ادلة على وجوده. فهنا عدم الدليل هو دليل العدم لان المفروض وجوده يحتم وجود عواقب له نستطيع ان نكشف عن وجودها. وكما قلت في الجزء الماضي فان البرهان هو في الحقيقة قياس اسثتنائي كما في مثال الطبيب وليس مصادرة او فرض مخف مبني على مغالطة.


اقتراح جديد لصياغة الموقف الالحادي الافتراضي


اذاً بناءاً على المناقشة السابقة سنعيد صياغة البرهان بعدم الدليل بهذه الطريقة:


ان ادعاء وجود اله هو من الادعاءات الكبيرة التي لو فرض وجودها لتحتم ان نرى مزيداً من الادلة على صدقها. ولما لم نكن نجد أي دليل على صدق الادعاء فان وجود هذا الاله مشكوك به الى درجة كبيرة.


طبعاً الاعتراض على هذه الصياغة تكون عبر مهاجمة الفرض: وجود الاله هو ادعاء كبير. فيمكن ان يقول المعترض انه لو وجد الاله او لم يوجد لما تغير حولنا ما يمكن ان نقيسه او نلاحظ فيه فروقاً. كما اننا لا نعرف كيف سيكون شكل العالم لو لم يوجد فيه اله لاننا لا نعلم شيئا عن هذا الاله.


وكل ما استطيع ان ارد به على هذا الاعتراض هو ان هذا الاله لن يكون من نمط الالهة الدينية التي تحكي كتبها عن اله يتدخل بكل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة.


شكراً على قراءة الموضوع... هاني خليفة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق