الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الخميس، 2 مايو 2013

عورة المرأة أمام الرجال الأجانب ... صرخة هاني خليفة

قال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد (6|364) في المرأة: «كلها عورة إلا الوجه والكفين. على هذا أكثر أهل العلم. وقد أجمعوا على أن المرأة تكشف وجهها في الصلاة والإحرام. وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم –وهو قول الأوزاعي وأبي ثور–: "على المرأة أن تغطي منها ما سوى وجهها وكفيها". وقال أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث (ومن يكون هذا؟!): "كل شيء من المرأة عورة حتى ظفرها"». ثم رواه بإسناده عنه ثم قال: «قول أبي بكر هذا خارج عن أقاويل أهل العلم، لإجماع العلماء على أن للمرأة أن تصلي المكتوبة، ويداها ووجهها مكشوف ذلك كله منها تباشر الأرض به. وأجمعوا على أنها لا تصلي متنقبة ولا عليها أن تلبس فقازين في الصلاة. وفي هذا أوضح الدلائل على أن ذلك منها غير عورة. وجائز أن ينظر إلى ذلك منها كل من نظر إليها بغير ريبة ولا مكروه. وأما النظر للشهوة فحرام تأملها من فوق ثيابها لشهوة، فكيف بالنظر إلى وجهها مسفرة؟! وقد رُوِيَ نحو قول أبي بكر بن عبد الرحمن عن أحمد بن حنبل».
ثم قال ابن عبد البر: «اختلف العلماء في تأويل قول الله عز وجل {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}. فروي عن ابن عباس وابن عمر: "إلا ما ظهر منها: الوجه والكفان". وروي عن ابن مسعود: "ما ظهر منها الثياب"، قال: "لا يبدين قرطا ولا قلادة ولا سوارا ولا خلخالا إلا ما ظهر من الثياب"». ثم روى عن أبي هريرة وعن أمنا عائشة مثل ما روى عن ابن عباس. ثم قال: «واختلف التابعون فيها أيضا على هذين القولين. وعلى قول ابن عباس وابن عمر الفقهاء في هذا الباب. فهذا ما جاء في المرأة وحكمها في الاستتار في صلاتها وغير صلاتها». وقد ذكر  قريباً من هذا في الاستذكار (2|201) فليراجع. ومعنى الكلام أن جماهير الصحابة والفقهاء يقولون بأن وجه المرأة وكفيها ليسا عورة، ويجوز للمرأة إبدائهما في صلاتها وغير صلاتها. وأن قول من يزعم بأن المرأة عورة كلها، هو قول خارج عن أقاويل أهل العلم.
قال الشوكاني في نيل الأوطار (6|245) (بعد ذكر حديث أسماء): «وهذا فيه دليل لمن قال إنه يجوز نظر الأجنبية. قال ابن رسلان: وهذا عند أمن الفتنة مما تدعو الشهوة إليه من جماع أو ما دونه، أما عند خوف الفتنة فظاهر إطلاق الآية والحديث عدم اشتراط الحاجة، ويدل على تقييده بالحاجة: اتفاق المسلمين على منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه لا سيما عند كثرة الفساق. وحكى القاضي عياض عن العلماء: أنه لا يلزمها ستر وجهها في طريقها، وعلى الرجال غض البصر للآية». فقد حكى القاضي عياض عن جماهير العلماء أن المرأة لا يلزمها ستر وجهها في طريقها، وقيد ذلك ابن رسلان (شافعي متأخر) بعدم كثرة الفساق.
روى ابن جرير في تفسيره (18|119) بإسناد صحيح عن التابعي العابد عبد الرحمن بن زيد بن أسلم (ت 182هـ) قال: «{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} من الزينة: الكحل والخضاب والخاتم. هكذا كانوا يقولون، وهذا يراه الناس». تأمل قوله "وهذا يراه الناس"، فهذا يدل على جريان العمل من الناس على ذلك. وعلى هذا جرى العمل منذ أيام الصحابة والتابعين إلى عصر ابن عبد البر إلى عصر القاضي عياض فما بعده.
قال ابن جرير في تفسيره: «وأولى الأقوال في ذلك بالصواب، قول من قال: "عنى بذلك: الوجه والكفان". يدخل في ذلك إذا كان كذلك الكحل والخاتم والسوار والخضاب. وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل، لإجماع الجميع على أن: على كل مصل أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها، وأن عليها أن تستر ما عدا ذلك من بدنها. إلا ما روي عن النبي أنه أباح لها أن تبديه من ذراعها إلى قدر النصف. فإذ كان ذلك من جميعهم إجماعاً، كان معلوماً بذلك أن لها أن تبدي من بدنها ما لم يكن عورة، كما ذلك للرجال. لأن ما لم يكن عورة، فغير حرام إظهاره. وإذا كان لها إظهار ذلك، كان معلوماً أنه مما استثناه الله –تعالى ذِكرُه– بقوله: {إلا ما ظهر منها} لأن كل ذلك ظاهر منها». وقال ابن كثير في تفسيره عن هذا التفسير: «وهذا هو المشهور عند الجمهور». وهو مذهب الأئمة الأربعة.

مذاهب الأئمة الأربعة

1– مذهب الحنفية
اتفق الحنفية المتقدمون على جواز كشف المرأة لوجهها ويديها، وبعضهم أجاز كذلك كشفها لقدميها وذراعيها إلى المرافق. وما جاز كشفه فقد جاز النظر إليه بغير شهوة. قال أبو جعفر الطحاوي في "شرح معاني الآثار" (2|392): «أبيح للناس أن ينظروا إلى ما ليس بمحرَّم عليهم من النساء إلى وجوههن وأكفهن، وحرم ذلك عليهم من أزواج النبي r. وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد رحمهم الله تعالى».
وجاء في "المبسوط" للإمام محمد بن الحسن الشيباني (3|56): «وأما المرأة الحرة التي لا نكاح بينه وبينها ولا حرمة ممن يحل له نكاحها، فليس ينبغي له أن ينظر إلى شيء منها مكشوفاً، إلا الوجه والكف. ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وإلى كفها. ولا ينظر إلى شيء غير ذلك منها. وهذا قول أبي حنيفة. وقال الله تبارك وتعالى: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}. ففسر المفسرون أن ما ظهر منها: الكحل والخاتم. والكحل زينة الوجه، والخاتم زينة الكف. فرخص في هاتين الزينتين. ولا بأس بأن ينظر إلى وجهها وكفها، إلا أن يكون إنما ينظر إلى ذلك اشتهاء منه لها. فإن كان ذلك، فليس ينبغي له أن ينظر إليها».
وقال شمس الأئمة السرخسي في كتابه المبسوط (10|152) عن النظر إلى الأجنبية: «... فدل أنه لا يباح النظر إلى شيء من بدنها. ولأن حرمة النظر لخوف الفتنة (يعني لا لكونه عورة) وعامة محاسنها في وجهها، فخوف الفتنة في النظر إلى وجهها أكثر منه إلى سائر الأعضاء... ولكنا نأخذ بقول علي وابن عباس رضي الله تعالى عنهما، فقد جاءت الأخبار في الرخصة بالنظر إلى وجهها وكفها».
قال شيخ الإسلام في فتاواه (22|114): «القدم يجوز إبداؤه عند أبي حنيفة، وهو الأقوى. فإن عائشة جعلته من الزينة الظاهرة، قالت: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} قالت: "الْفَتْخُ" حَلَقٌ من فِضةٍ تكون في أصابع الرجْلين. رواه ابن أبي حاتم. فهذا دليلٌ على أن النساء كُنّ يُظهرن أقدامهن. أوّلاً: كما يُظهِرن الوجه واليدين، كنّ يُرخين ذُيولَـهُـن. فهي إذا مشت، قد يظهر قدمها. ولم يكنّ يمشين في خِفافٍ وأحذية. وتغطية هذا في الصلاة فيه حرجٌ عظيم. وأم سلمة قالت: "تصلي المرأة في ثوبٍ سابِغٍ يغطي ظهر قدميها". فهي إذا سجدت، قد يبدو باطن القدم...».
و سبب الخلاف في مسألة قدم المرأة هو في قوله تعالى {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها} هل القدم مما ظهر منها أم لا؟ قال الإمام السّرخسي الحنفي في كتابه المبسوط (10|153): «لا شك أنه يباح النظر إلى ثيابها ولا يعتبر خوف الفتنة في ذلك، فكذلك إلى وجهها وكفها. وروى الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه يباح النظر إلى قدمها أيضاً. وهكذا ذكر الطحاوي، لأنها كما تبتلى بإبداء وجهها في المعاملة مع الرجال، وبإبداء كفها في الأخذ والإعطاء، تبتلى بإبداء قدميها إذا مشت حافية أو متنعلة، وربما لا تجد الخف في كل وقت. وذكر في جامع البرامكة عن أبي يوسف أنه يباح النظر إلى ذراعيها أيضاً، لأنها في الخَبز وغسل الثياب تبتلى بإبداء ذراعيها أيضاً».
قال الزمخشري (معتزلي العقيدة حنفي الفقه، 538هـ) في "الكشاف" (1|838): «فإن قلتَ‏:‏ لم سومح مطلقاً في الزينة الظاهرة؟ قلتُ‏:‏ لأن سترها فيه حرج. فإن المرأة لا تجد بداً من مزاولة الأشياء بيديها، ومن الحاجة إلى كشف وجهها، خصوصاً في الشهادة والمحاكمة والنكاح، وتضطر إلى المشي في الطرقات وظهور قدميها، وخاصة الفقيرات منهن. وهذا معنى قوله‏:‏ {‏إلا ما ظهر منها} يعني إلا ما جرت العادة والجِبلةُ على ظهوره والأصل فيه الظهور». قال ابن مودود الموصلي (683هـ) في "الاختيار لتعليل المختار" (4|156): «وأما القدم، فروي أنه ليس بعورة مطلقاً لأنها تحتاج إلى المشي فيبدو، ولأن الشهوة في الوجه واليد أكثر، فلأن يحل النظر إلى القدم كان أولى».
يقول ابن نجيم (970هـ) في "البحر الرائق" (8|351) معلقاً على كلام الزيلعي وشارحاً لمتن النسفي: «ولا بأس بالنظر إلى شعر الكافرة». نقل ذلك عن الْغِيَاثِيَّةِ، وهو في التَّتَارْخَانِيَّة كذلك.
قال أبو سعيد الخادمي (من علماء القرن الثاني عشر) في "البريقة المحمودية في شرح الطريقة المحمدية": «[فإن كانت المنظورة] إليها [حرة أجنبية غير محرم]. والكافرة كالمسلمة. وعن الخانية: لا بأس في شعرها [للناظر يحرم النظر إليها سوى وجهها وكفيها] وفي القدم روايتان، والأصح كونها عورة. وأما ظهر الكف فعورة. وفي التتارخانية: نظر وجه الأجنبية ليس بحرام، لكن يكره بغير حاجة. وعن أبي يوسف: يجوز النظر إلى ذراعيها، لا سيما عند استئجارها للخبز. وكذا النظر إلى ثيابها مباح. ولا بأس بمصافحة العجائز، ولا بأس في معانقتها من وراء الثياب إن كانت غليظة. ولا (بأس) بالنظر في صغيرة غير مشتهاة، والمس كذلك [مطلقاً] بشهوة أو بغيرها. كذا فسر، لكن مخالف لصريح ما في المنتقى من قوله. ولا إلى الحرة الأجنبية إلا إلى الوجه والكفين إن أمن الشهوة. وأيضا في التتارخانية: فإن علم الشهوة أو شك، فليجتنب بجهد. لكن في النصاب عن الخصاف أن أبا بكر الأعمش (هو البلخي فقيه حنفي) خرج إلى الرستاق، وكانت النساء في شط نهر كاشفات الذراع والرءوس، فذهب إلى أن خالطهن، ولم يتحام عن النظر إليهن. فقيل له: "كيف هذا؟". فقال: "لا حرمة لهن، لهتكهن حرمة أنفسهن". ومثل ما روي عن عمر t: أتى النائحة حتى هجم عليها في منزلها، فضربها بالدرة حتى سقط خمارها. فسئل عن ذلك فقال: "لا حرمة لها" في الشريعة. ولذلك جوز نظر المحتسب عند تعزيرهن، سيما عند كشف رءوسهن أو ذراعهن أو قدمهن، فيندفع ما يورد أن نظرهن منكر آخر». (ولينظر كذلك الدر المختار للحصفكي 3|214).
فالخلاصة أن مذهب بعض الحنفية هو جواز كشف المرأة لمواضع الوضوء عند الحاجة، أي لوجهها ويديها وقدميها وذراعيها إلى المرافق، أما الشعر فلا لجواز المسح عليه كما يجوز المسح على العمامة، وكذلك لإمكانية المسح عليه من تحت الخمار. وهذا مذهب قوي له أدلته. أخرج أبو داود من طريق أسامة بن زيد (لا بأس به) وأحمد من طريق خارجة بن الحارث المزني (جيد) كلاهما عن ابن خربوذ (ثقة) عن أم صبية الجهنية قالت: «اختلفت يدي ويد رسول الله r في الوضوء من إناء واحد». قال العراقي في طرح التثريب: «وليست أم صبية هذه زوجة ولا محرما».
وأخرج البخاري (#186) من طريق مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه قال: «كان الرجال والنساء يتوضئون في زمان رسول الله r جميعاً». ورواه أبو داود من طريق حماد عن أيوب عن نافع، بزيادة: «من الإناء الواحد جميعا». ومن طريق عبيد الله عن نافع، بلفظ: «كنا نتوضأ نحن والنساء على عهد رسول الله r من إناء واحد ندلي فيه أيدينا». قال ابن حجر: «ظاهره أنهم كانوا يتناولون الماء في حالة واحدة. وحكى ابن التين عن قوم أن معناه أن الرجال والنساء كانوا يتوضئون جميعا في موضع واحد، هؤلاء على حدة وهؤلاء على حدة. والزيادة المتقدمة في قوله "من إناء واحد" ترد عليه. وكأن هذا القائل استبعد اجتماع الرجال والنساء الأجانب. وقد أجاب ابن التين عنه بما حكاه عن سحنون أن معناه كان الرجال يتوضئون ويذهبون ثم تأتي النساء فيتوضئن، وهو خلاف الظاهر من قوله "جميعاً". قال أهل اللغة: "الجميع ضد المفترق". وقد وقع مصرحا بوحدة الإناء في صحيح ابن خزيمة في هذا الحديث، من طريق معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر: أنه أبصر النبي r وأصحابه يتطهرون والنساء معهم من إناء واحد كلهم يتطهر منه».
وأما من قال بأن هذا قبل الحجاب (أي قبل السنة الخامسة للهجرة) فهو قول ضعيف، لأن الفقيه ابن عمر لم يذكر ذلك (مع ضرورة التنبيه عليه لو كان صحيحاً). بل صيغة الحديث (كانوا يتوضئون في زمان الرسول...) يدل على استمرارية ذلك الفعل في ذلك الزمان دون توقف.
 
2– مذهب الشافعية
قال الإمام الشافعي في كتابه "الأم" (1|89): « وكل المرأة عورة، إلا كفيها ووجهها. وظهر قدميها عورة». وذكر البيهقي  في "السنن الكبرى" (7|85) وفي "الآداب": عن الشافعي في تفسير قول الله {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منه}، قال: «إِلا وَجْهَهَا وَكَفَّيْهَا». وهو في مختصر المزني (264هـ) أيضاً. وقال البغوي الشافعي (516هـ) في "شرح السنة" (9|23): «فإن كانت أجنبية حرة، فجميع بدنها عورة في حق الرجل. لا يجوز له أن ينظر إلى شيء منها، إلا الوجه واليدين إلى الكوعين. وعليه غض البصر عن النظر إلى وجهها ويديها أيضاً عند خوف الفتنة»، أي لا يجب عليها تغطية وجهها عند الفتنة. وقال الواحدي (ت:468هـ) في تفسيره "الوجيز": فلا يجوز للمرأة أن تظهر إلا وجهها ويديها إلى نصف الذراع. وقد ذكر النووي في المجموع (3|167) رواية عن المزني (صاحب الشافعي) أن القدمان ليستا بعورة.
 
3– مذهب المالكية
جاء في "الموطأ" رواية يحيى (2|935): «سئل مالك: هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يُعرفُ للمرأة أن تأكل معه من الرجال. قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله». قال الباجي في "المنتقى شرح الموطأ" (7|252) عقب هذا النص: «يقتضي أن نظر الرجل إلى وجه المرأة وكفيها مباح لأن ذلك يبدو منها عند مؤاكلتها». قال ابن القطان في النظر في أحكام النظر (ص143) بعد أن ذكر هذا النص عن مالك: «وهذا نص قوله. وفيه إباحة إبدائها وجهها وكفيها للأجنبي. إذ لا يتصور الأكل إلا هكذا. وقد أبقاه الباجي على ظاهره». وقد جاء في كتاب "البيان والتحصيل" لابن رشد الجد عن مالك أنه سئل عما يظهر من وجه المرأة، فأدار عمامته تحت ذقنه وفوق حاجبيه معلناً بذلك جواز ظهور دائرة الوجه.
وقال مالك لما سأله سحنون (240هـ) في "المدونة" (2|334) عن المرأة التي ظاهَرَها زوجها وصارت أجنبية عنه: «ولا يصلح له أن ينظر إلى شعرها ولا إلى صدرها. قال (سحنون 240هـ): قلت لمالك: أفينظر إلى وجهها؟ فقال (مالك): نعم، وقد ينظر غيره أيضاً إلى وجهها». وفي مختصر خليل (776هـ) (ص20): «ومع أجنبي غير الوجه والكفين»، وتبعه شراح خليل مثل العبدري (897هـ) والخرشي (1101هـ) والدردير (1201هـ) وغيرهم.
قال القاضي المالكي عياض: «ولا خلاف أن فرض ستر الوجه مما اُخْتُصَّ به أزواج النبي r». وخالفه الألباني فذهب إلى أن أمهات المؤمنين لم يُفرض عليهن ستر الوجه، وإن كُن يسترنه.
 
اختلفت الروايات عن الإمام أحمد. فقد جاء عنه –في إحدى الروايات– أن المرأة كلها عورة حتى ظفرها، سواء في الصلاة أم خارج الصلاة. وهذا القول مخالفٌ لإجماع العلماء في عدم وجوب تغطية المرأة وجهها وكفيها في الصلاة (وقد سبق رد ابن عبد البر عليه)، فلعله أراد الاستحباب. ولا يقال أنه قد سبقه ابن مسعود t، فليس هذا بصحيح. وقال شيخ الإسلام (ص26): «وابن مسعود t لما قال "الزينة الظاهرة هي الثياب" لم يقل "إنها (أي المرأة) كلها عورة حتى ظفرها". بل هذا قول أحمد، يعني به أنها تستره في الصلاة». ونقل ابن المنذر في الأوسط (7|306) عن الإمام أحمد نصه: «إذا صلت (المرأة) لا يُرى منها شيء ولا ظفرها، تغطي كل شيء»، ونقله أبو داود الحنبلي في "مسائل الإمام أحمد" (ص40) بلفظ: « إذا صلت المرأة لا يرى منها ولا ظفرها، تغطي كل شيء منها».
وبالنسبة للصلاة فقد جاء عن الإمام أحمد أن المرأة عورة إلا وجهها وكفيها، وهذه هي الرواية المشهورة التي اختارها الخرقي واعتمدها ابن قدامة المقدسي. جاء في "الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف على مذهب الإمام المبجل أحمد بن حنبل" للإمام المرداوي (1|452): «الصحيح من المذهب أن الوجه ليس من العورة». وأما خارج الصلاة ففي المذهب الحنبلي قولين كذلك كما سبق، واختار ابن مفلح (ت 763) القول الموافق للجمهور. قال في "الآداب الشرعية" (1|316): «قولنا وقول جماعة من الشافعية وغيرهم: إن النظر إلى الأجنبية جائز من غير شهوة ولا خلوة، فلا ينبغي الإنكار عليهن إذا كشفن عن وجوههن في الطريق». وابن مفلح هو تلميذ شيخ الإسلام وقد قال ابن القيم فيه: «ما تحت قبة الفلك أعلم بمذهب الإمام أحمد من ابن مفلح». ومن قبله بوّب المجد بن تيمية: "باب أن المرأة عورة إلا الوجه وأن عبدها كمحرمها في نظر ما يبدو منها غالباً". وقال الموفق ابن قدامة في المغني (1|637): «لو كان الوجه والكفان عورة، لما حرم سترهما (يعني أثناء الإحرام)، ولأن الحاجة تدعو إلى كشف الوجه للبيع والشراء، والكفين للأخذ والإعطاء».
  هاني خليفة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق