الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الأحد، 2 يونيو 2013

صرخة هاني خليفة ... المرأة التي حرمت نعمة النسيان

 قبل فترة بسيطة كتبت مقالاً بعنوان "أقليات ذابت في الحجاز" بدأته بقولي :
قبل عشرين عاماً أو تزيد قرأت كتاباً لأحد المستشرقين (لا أذكر اسمه ولا اسم مؤلفه) ولكن فكرته ظلت في رأسي حتى اليوم .....
وفي اليوم التالي وصلتني رسالة من أحد القراء - لا ينتقد فيها الموضوع ذاته - بل ادعاءاتي المتكررة بخصوص تذكري أحداثاً قديمة جداً بتفاصيل دقيقة جداً ....
وحينها أجبته بقولي : ... عزيزي أنا شخصيا لا أتذكر ماذا تناولت البارحة أو ماذا فعلت بعد الظهر، إلا أنني مثل كل الناس أتذكر أحداثا قديمة (ومواقف طفولية فريدة) يصعب محوها من الذاكرة ... !!!
وأنا بالفعل على ثقة بأن جميعنا يتذكر أحداثا يصعب نسيانها - كما أنني على ثقة بقدرتنا على الاحتفاظ بأضعاف أضعاف ما نعتقد ونتصور .. فما نتذكره (في أي وقت) لا يساوي إلا جزءاً يسيراً مما رأيناه أو خبرناه خلال حياتنا الماضية . ومعظم حصيلتنا من الذكريات (موغلة في القدم) لا نتذكرها إلا عند مرورنا بمواقف مماثلة أوحالة تداعي حر للأفكار(أثناء سرد ذكرياتنا أوكتابة مذكراتنا أو حتى كتابة مواضيع ذات صلة كما في حالتي مثلا).
وهذه الآلية معروفة جيدا لأطباء التحليل النفسي حيث يوضع المريض في حالة استرخاء - على كنبة أو أريكة - فيعمد الطبيب إلى تلمس المفاصل المهمة في حياته (ويسحبها من الماضي) إلى حيث يدركها المريض ويعيها ..
فرصيدنا من الذكريات أشبة بجبل جليدي عائم لا يظهر منه فوق سطح البحر (أو حيز الوعي) إلا جزء ضئيل مقارنة بما يختفي تحت الماء (في عقلنا الباطن) . وهذه الحقيقة تثبت أن الإنسان لا ينسى (ولا يفقد) أياً من ذكرياته القديمة ؛ ولكنها فقط تتراجع بمرور الزمن وتختفي بالتدريج تحت ركام الذكريات الجديدة . وحين يمر بمواقف أو أحداث مشابهة تبرز الذكريات القديمة من تحت الركام وتبدأ بالانتقال إلى حيز الوعي والإدراك ..
وعلى هذا الأساس يمكن القول أن النسيان يعد - بالفعل - نعمة للإنسان حيث تتراجع الذكريات الأليمة باستمرار وتترك مكانها للذكريات الجديدة .. والسؤال هو : ماذا لو حرم البعض منا نعمة النسيان !؟ .. ماذا لو صعب علينا نسيان أي شيء واحتفظنا دائما ب"كل شيء" !؟
... لأول وهلة قد يبدو ممتعا حفظ القرآن من أول نظرة أو تعلم لغة جديدة كل أسبوع .. ولكن وجود كم هائل من الذكريات فوق السطح (في حيز الوعي) أمر مرهق نفسيا وجسديا وقد ينتهي باضطراب الذهن وانهيار العقل .. وهذه الحالة لم توثق إلا في السنوات الأخيرة وتدعى متلازمة التذكر المفرط أو (Hyperthymestic) . وهي لا ترتبط بالذكاء أو العبقرية - بل على العكس تبرز بشكل قوي لدى المصابين بالاضطرابات النفسية والشخصية ..
فهناك مثلا امرأة من كاليفورنيا تعرف باسمها المختصر (آ. جي) تعاني من حالة تذكر قوية لكافة التفاصيل التي مرت بها خلال ال 26عاما الأخيرة (حسب ما ذكرته محطة ال ABC في 20مارس //2006 وصحيفة التايمز البريطانية في الثامن عشر من الشهر نفسه) .. وهي تخضع منذ عام 2000لإشراف الدكتور جيمس ميجل من جامعة كاليفورنيا لاكتشاف أفضل طريقة تنسى بها ذكرياتها غير المهمة . وقد تأكد الدكتور ميجل من صدق ادعائها من خلال سؤالها عن أبرز الأحداث التي وقعت لها في أيام محددة - مثل يوم السبت الثالث عشر من أكتوبر 1987- أو الأحداث العالمية التي برزت حينها في وسائل الإعلام .. وفي حين ينسى معظمنا عشرات التفاصيل التافهة - التي نمر بها يوميا - يمكن لهذه المرأة أن تتذكر وجوه الناس وأصوات السيارات ولوحات الإعلانات ومواعيد الباصات التي مرت بها في آخر ساعة فقط !!!
... أنا شخصيا لا أرغب بالحصول على ذاكرة مماثلة - ويسعدني الاحتفاظ فقط ببعض الذكريات الجميلة . ولأنني على ثقة بأنكم تتمتعون مثلي "بنعمة النسيان" أتمنى الاستماع ل( أقدم حادثة) تتذكرونها على الإطلاق !!..صرخة هاني خليفة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق