الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

السبت، 19 أكتوبر 2013

صــــــــــــــــــــــــرخة هـــــــــــــاني خليفة .... تسميات للتوحــــــــــــــــــــــــــــــــــد

اضطراب التوحد
هناك عدة تعريفات متداولة فيها تداخل إلى حد كبير:
أ- تعريف نقاط (كيرك) التسعة:
وهي من التعريفات التي تستخدم في مجال التوحد في كثير من الأحيان، يعرف الطفل الذي لديه اضطراب التوحد على أنه طفل لديه:
1- اضطراب في العلاقات الانفعالية.
2- اضطراب في الهوية الذاتية بحيث لا تتناسب مع عمره الزمني والعقلي.
3- ارتباط غير عادي مرضي بموضوعات محددة.
4- المحافظة على روتين معين مع مقاومة شديدة للتغيير في البيئة.
5- تجارب وخبرات إدراكية غير سوية أو منحرفة وأحياناً قد تكون شاذة.
6- قلق زائد ومتغير وغير منطقي.
7- فقدان القدرة على التحدث، أو عدم القدرة على اكتساب الكلام أو الإخفاق في تطوير الكلام إلى المستوى الذي يتناسب مع عمره العقلي والزمني.
8- أنماط حركية مضطربة أو شاذة.
9- نقص واضح في بعض الجوانب الإدراكية أو وظائف عقلية تكون أحياناً غير عادية.

ب- تعريف(روتر):
من التعريفات المتداولة في المجال، يعرف التوحد على أنه:
اضطراب يظهر قبل ثلاثين شهراً من ولادة الطفل.
ضعف أو قصور في النمو الاجتماعي.
تأخر أو انحراف في النمو اللغوي.
الإصرار على المثلية، ويظهر ذلك من خلال أنماط اللعب المتكررة.
انشغال الفكر أو الذهن غير العادي ومعارضة التغيير.
جـ- تعريف الجمعية الوطنية للأطفال التوحديين في المملكة المتحدة:
تعرف التوحد على أنه اضطراب يشتمل على المظاهر الأساسية التالية:
اضطراب في معدل النمو وسرعته.
اضطراب حسي عند الاستجابة للمثيرات.
اضطراب في التحدث والكلام واللغة والمعرفة.
اضطراب التعلق بالأشياء والموضوعات والأشخاص.
هذه باختصار وبشكل سريع بعض التعريفات، هناك تعريفات كثيرة لا يسعنا أن نتطرق لها جميعاً، ولكن لعل هذا يعطينا المدخل إلى موضوعنا.
لعله من المفيد ولعلي أكون موفقاً في ذلك، أن أصف حالة طفل لديه توحد فدعونا نقرأ سوياً وصف لحالة توحد:
[هذا الطفل هو الوحيد في أسرته، كانت فترة حمله وولادته طبيعية، ولم تواجه أمه أي مشكلة في إرضاعه رضاعة طبيعية، ومرت مرحلة التحول من الاعتماد الكلي على الرضاعة إلى أكل الطعام بسلام بدون أي مشاكل تذكر، وكان نومه طبيعياً في البداية، كان والده ووالدته مسرورين لسهولة التعامل معه ولهدوئه الذي يستمر لساعات.
في الشهر السادس استطاع أن يجلس بدون مساعدة، وهذا يتوافق مع النمو الطبيعي في الطفل، وبعد ذلك استطاع أن يحبو بنشاط وحيوية، لاحظ والداه أنه طفل عنيد ومستقل لكن جدته كان لديها اعتقاد آخر، حيث كانت استقلاليته تحيرها، وكانت ترى أنه يفضل مصاحبة نفسه كما أنه ليس لديه الرغبة في الآخرين من حوله.
وبعد أن أصبح عمره سنة استطاع أن يمشي مما أدى إلى إدخال السرور إلى والدته، لكن السنة الثانية من عمره لم تشهد نفس النمو والتطور الطبيعي الذي شهده في السنة الأولى كما كان متوقعاً، بالرغم من أنه كان يصدر بعض الأصوات إلا أنه لم يستخدم الكلمات، فقد كانت مهارات التواصل لديه محددة جداً حتى بعد أن بلغ الثانية من العمر، حيث كانت والدته تحاول جاهدةً تحسين ما يقول وما يريد، وكان طفلاً أصغر من عمره الحقيقي بكثير.
وفي أحيان كثيرة لا تستطيع الأم معرفة ما يريد حتى أنه في بعض الأحيان يمسك بيدها لكي يريها ما يريد دون أن يشير إلى الشيء الذي يريده أو يذكر اسمه، ومثل هذا التصرف أدى إلى قلق والديه.
في هذه المرحلة شعر الوالدان بعدم الارتياح لاستقلالية الطفل، فمثلاً عندما يقع على الأرض لا يأتي إلى أمه لإخبارها بأنه جرح نفسه كما يفعل الطفل العادي، وبدأت الشكوك تراود أمه بأنه لا يريدها، فهو لا يعيرها أي اهتمام عندما تتركه وحده وتغادر البيت، فقد كان يبدو أنه يستمتع باللعب مع مكعباته أكثر من استمتاعه بالآخرين من حوله، ويقضي ساعات يرتب خطوطاً طويلة لهذه المكعبات بشكل معين وحسب ألوان معينة، ويعيد نفس الشيء بنفس الطريقة السابقة بشكل دقيق ومحدد جداً.
من وقت لآخر ينتاب والديه شعور بأن لديه مشكلة بالسمع لعدم استجابته عندما يناديانه باسمه، وفي أحيان أخرى يكون سمعه طبيعياً جداً، وقد يكون أحياناً حساساً جداً لأبسط المثيرات السمعية من حوله ويلتفت إليها.
وفي الأسابيع التالية للسنة الثانية من عمره أصبح الوالدان أكثر قلقاً على طفلهما رغم طمأنة اختصاصي الصحة من الأطباء، ويبدو أن ليس هناك مؤشر بأن لديه الرغبة في اللعب مع الأطفال الآخرين وليس لديه القدرة على التعبير عن نفسه باستخدام الكلمات، فمثلاً لا يقوم بتلويح يده قائلا (مع السلامة) كما يفعل الأطفال الآخرون، وتشعر الأم بأن طفلها لا يريدها ولا يحبها، وظنت أنها قد فعلت شيئاً خطأ مع طفلها لذا فقد انتابها الشعور بالذنب والاكتئاب.
وبعد بلوغه الثالثة والنصف من العمر حُوّل إلى طبيب نفسي، والذي أبلغ الوالدين بأن طفلهما لديه حالة توحد، وأضاف بأن قدراته العقلية في مجال إدراك الحيز أو المكان تشير إلى أن قدراته العقلية عادية في هذه الجوانب، وكان الاعتقاد لدى الأخصائي بأن الوقت مبكر جداً للتنبؤ بما سيكون عليه الطفل ومستوى التقدم لديه في المستقبل، وبعد ذلك وضع الطفل في مجموعة لعب خاصة وقدمت له خدمات علاج للنطق، وكذلك قام الأخصائي النفسي بزيارة عائلة الطفل ومساعدتها في التعامل معه والتعرف على بعض المشكلات التي يواجهها، وكذلك الإقلال من تكرار ثورات الغضب لديه.
في السنة الرابعة فجأة بدأ التحدث بجمل وكلمات مفيدة مما أعطى الوالدين دفعة أمل من جديد بأن طفلهم اجتاز مرحلة التوحد، لكن هذا الاعتقاد لم يدم طويلاً، لأن حديثه لم يكن طبيعياً، فمثلاً كان يعيد الكلمات التي يتحدث بها والداه، كأن تقول الأم مثلاً (هل تريد أن تشرب شيئاً)، فيرد عليها بقوله (تريد أن تشرب شيئاً) وفي بعض الأحيان يفاجئ الآخرين ببعض التغيرات اللفظية غير المتوقعة والتي يكون قد سمعها من بعض الأشخاص الراشدين من عدة أيام مضت والتي بالطبع غالباً لا تناسب الموقف الذي أستخدمها فيه.
من السنة الرابعة إلى السادسة كانت فترة في غاية الصعوبة بالنسبة لعائلة هذا الطفل، فرغم وجود المدرسة الخاصة لمساعدته في تنمية القدرة على التحدث إلا أن التقدم كان بطيئاً ونما لديه ارتباط وانبهار غريب بأعمدة الإنارة ومكنسة الكهرباء، وبدأ يرسمها مراراً وتكراراً، وأصبح يستثار بشدة عندما تخرج أمه المكنسة الكهربائية، فتراه يقفز ويصفق ويفرك أصابعه بقرب عينيه، كذلك أصبح مشغولاً جداً بالإضاءة، فتجده مثلاً يجول بسرعة داخل المنزل يطفئ ويشعل مفاتيح الإنارة، حتى عندما تخرج العائلة لا بد لها من أن نفس الطريق لكي يعد جميع أعمدة الإنارة في الشارع، ولا يبدو أنه يسأم أو يمل أو يتعب من فعل ذلك مرة تلو الأخرى، كان سلوكه غير عادي في جوانب أخرى، فمثلاً: لا ينظر إلى أي شيء مباشرة بعينه إلا أن قدرة الإبصار لديه فائقة، حيث يمكنه ركب دراجته في الأماكن المزدحمة دون الاصطدام بأي شخص وبمهارة عالية، ويمكنه ملاحظة أرقام لوحات السيارات ذات الأربعة أرقام قبل أي شخص آخر من حوله، وكان يقوم ببعض السلوكيات التي تصيب والديه بالإحراج أحياناً، مثلاً كأن يخطف الطعام أو الساندوتشات من صحن شخص غريب في المطعم ويأكلها، ونتيجة لذلك توقف عن الذهاب للأكل خارج المنزل.
وعندما بدأت المدرسة واجه صعوبة في القراءة والكتابة على الرغم من كفاءته الجيدة في جوانب أخرى، فمثلاً كان يجيد الأشياء التي لا علاقة لها بالأرقام ويستمتع بتعلم جدول الضرب وكذلك ترتيب المربعات، أما من الناحية الاجتماعية فلم يستطع تكوين أي صداقات، فرغم أنه يحاول أن يشارك الآخرين في لعبة يرميها إلا أن أسلوبه كان غير مرغوب فيه مما أدى إلى إبقاء الأطفال الآخرين بعيداً عنه، فغالباً ما يكون مشغولاً بأشياء خاصة به كعد أعمدة الإنارة أكثر من رغبته في اللعب مع الأطفال الآخرين.
في السنة السابعة أرسل إلى مدرسة خاصة للأطفال التوحديين، وفي هذه المرحلة أبدى بعض الرغبة نحو أمه حيث أصبح يخبرها بأنه سقط مثلاً، كذلك بدأ يظهر قدرة على انتظار والده لكي يأتي من العمل، كذلك العمل على النظر خارجاً لرؤية والده، كان ينتظر والده، لكن كان هناك تساؤل لدى الأسرة، هل كان فعلاً ينتظر قدوم والده نظراً لأنه له رغبة في والده؟ أم أنه ينتظر قدوم والده لكي يتأكد بأنه وصل في الساعة السادسة مساءً الوقت المحدد عادة للوصول.
ولحسن الحظ استطاع أن يتقدم شيئاً فشيئاً أثناء تواجده في المدرسة فهو الآن يبلغ من العمر - عندما كتب عنه هذا - التاسعة عشر ولم يعد يعيد الأشياء ببساطة كما كان يفعل في الماضي فالآن لديه قدرة على إصدار تعبيرات مناسبة ولديه القدرة على مشاطرة الحديث بشكل مبسط حول أحد المواضيع التي تهمه، وكذلك أصبح لديه القدرة على قراءة الكتب البسيطة رغم صعوبة متابعة خط سير القصة، إلا أن رغبة القراءة والتحدث لديه ضعيفة جداً، فبدلاً من ذلك يفضل أن يمارس هوايته الحديثة الآن، في هذه الفترة له هواية أخرى يلتزم بها وهي عبارة عن جمع أغطية العلب والاستماع إلى بعض الأغاني الشعبية، وعلى الرغم من أنه تمكن من تنمية بعض المهارات الاجتماعية البسيطة إلا أن التجمعات الاجتماعية تعتبر مصدر صعوبة بالنسبة له، وغالباً ما يجد نفسه خارج هذه التجمعات، فلم يستطع تنمية أي صداقات حميمة رغم رغبته في ذلك، ومن المحزن أن ذلك مصدر إزعاج له، فلقد سأل أخيراً والده عن كيفية تكوين أصدقاء، فوجد الوالد في ذلك صعوبة في الشرح والتوضيح على الرغم من أنه يحدث بشكل طبيعي لمعظم الناس الأصحاء.
وفي الوقت الحاضر يعمل في ورشة محمية ويضع مكونات وأجزاء المذياع بداخله، ويمكن القول بأنه يمكن الاعتماد عليه إلى حد ما وأنه عامل حذر].
هذه باختصار قصة سريعة لعلها يستشف منها بعض الخصائص والصفات الأساسية للطفل التوحدي وهذا لا يعني أن ما ذكرناه في هذه القصة ينطبق على كل طفل لديه اضطراب التوحد، ولكنه يعطينا انطباعاً مبسطاً عن طبيعة هؤلاء الأطفال الذين نتحدث عنهم والذين لديهم اضطراب التوحد.
من التساؤلات التي تطرح عادة حول هذا الموضوع:
كم عدد هؤلاء الأطفال؟ وما هي نسبة انتشارهم في المجتمع؟
هناك عدة متغيرات جعلت تقدير النسب متفاوتة فالتقديرات الأولى كان يعتقد فيها أن الطفل يصاب باضطراب التوحد فقط، وفيما بعد أكتشف أنه يمكن أن يكون لديه توحد بالإضافة إلى تخلف عقلي، كما كان يعتقد في البداية أن الطفل التوحدي يأتي من الأسرة التي اقتصادها مرتفع، حيث وجد أن هذه الفئة يأتي منها أطفال توحديون أكثر، وتبين فيما بعد أن هذه الأسر هي التي كان لديها القدرة على إرسال أطفالهم لبعض الجهات للعلاج والتشخيص بسبب ارتفاع مستواها الاقتصادي.
كل هذه المتغيرات جعلت التقدير يتغير، والتقديرات الآن تشير إلى أن خمسة من كل عشرة آلاف طفل لديهم اضطراب في التوحد، وهناك تقدير آخر هو توقع وجود (15) حالة من بين كل عشرة آلاف حالة يمكن أن يكون لديها اضطراب التوحد.
ونسبة اضطراب التوحد لدى الأطفال الذكور أكثر من نسبته لدى الإناث بحيث أن ما بين كل خمسة أطفال توحديين توجد أنثى واحدة والأربعة الباقون ذكور فتعرض الذكور له أكثر من الإناث.
فيما يتعلق بأسباب هذا الاضطراب فليس هناك أسباب محددة معروفة ومتفق عليها حتى الآن، غير أننا نوجز بعض الأسباب فيما يلي:
1- العوامل الجينية.
2 - الالتهابات الفيروسية.
3 - اضطرابات الحمل والولادة.
4- أسباب أخرى غير معروفة.
كل هذه الأسباب إذا حدثت للطفل فإنها تؤدي بإذن الله إلى عطب أو خلل في المخ الذي ينتج عنه إما تخلفاً عقلياً أو اضطراب التوحد، وبين الحالتين تداخل في كثير من الأحيان.

التشخيص:
هناك وسائل كثيرة ومتعددة للتشخيص، منها القائمة التشخيصية للجمعية الأمريكية للطب النفسي التي يمكن من خلالها تشخيص حالة التوحد بغرض التشخيص.
وعندما نتعرض للنواحي التربوية هناك أساليب قياس عن طريق الملاحظة المباشرة أو الأساليب غير الرسمية التي تناسبنا أكثر من الأساليب الرسمية أو المقننة.
حضرت مؤتمراً للجمعية الأمريكية للتوحد وخلصت بعده إلى نتائج هي أنه لا يوجد إلى الوقت الراهن سبب واحد أو أسباب محددة ومتفق عليها من المختصين تؤدي إلى حدوث هذا العوق خصوصاً فيما يتعلق بالنواحي الفسيلوجية والعصبية والجينية على الرغم من وجود بعض المؤشرات التي تشير إلى أن أساس الاضطراب قد يكون عصبياً أو جينياً أو فسيولوجياً وبالتالي فإنه ليس هناك أسلوب علاجي فعّال ومحدد لجميع حالات التوحد، وبعض الحالات قد يكون فيها تحسن عند استخدام بعض أساليب العلاج.
العديد من الدراسات والأبحاث في مجالات عدة تحاول تفسير هذه الظاهرة ومعرفة أسبابها ولا زالت هذه الدراسات تحت التنفيذ في الوقت الراهن في برامج بحثية مدعومة بقوة وخصوصاً في الولايات المتحدة الأمريكية، ويعتقد أن الدراسات إذا سارت بالشكل الصحيح ستكشف لنا في السنوات القادمة الكثير من الأمور المتعلقة بأساس الاضطراب وكيفية التعامل معه.

الخدمات التربوية:
لا يوجد في الوقت الراهن علاج طبي فعّال لعوق التوحد يناسب جميع الأفراد الذين يعانون من هذا العوق، إذن فأفضل ما يمكن تقديمه في الوقت الراهن لحالات التوحد هو الخدمات التربوية والتدريبية والتأهيلية، وهناك العديد من الخدمات التي يمكن تقديمها للأطفال الذين لديهم اضطراب التوحد التي  تقوم على فلسفات ونظريات مختلفة ومن أهم هذه البرامج:
أولاً: البرامج القائمة على تعديل السلوك التحليل السلوكي التطبيقي:
وهذه طريقة قائمة على جوانب تدريبية تربوية تعليمية لتنمية المهارات أكثر من كونها إيقاف لبعض السلوكيات غير المرغوب فيها لدى المصاب باضطراب التوحد، ويعتمد هذا الأسلوب على تنمية السلوك المرغوب وتعليم الطفل الكثير من المهام والمهارات ومن الأساليب المستخدمة في مثل هذه البرامج: طريقة المحاولة المنفصلة: التي تبناها (إيفرلوفاس) من جامعة (كاليفورنيا) (لوس أنجلوس) بالولايات المتحدة الأمريكية، وهذه طريقة معروفة وأجريت عليها دراسات أوضحت بعض الجوانب الإيجابية لها.
ثانياً: البرامج القائمة على التدريب المنظم:
ومن أهم البرامج التي تتبناها هذه الفلسفة والتي هي: برنامج علاج وتربية الأطفال التوحديين والمعوقين بصرياً، برنامج في جامعة شمال كاليفورنيا والتي يرمز لها عادة أو متعارف عليها بـ(تيتش)، ويهدف هذا البرنامج إلى تعليم الطفل وتدريبه على المهارات في بيئة تربوية منظمة، وغالباً ما يتم إعادة تنظيم البيئة المدرسية والمنزلية لكي تصبح مكاناً مناسباً للطفل التوحدي مما يساعده على التعلم وتلبية احتياجاته الخاصة، فنجد مثلاً في هذا البرنامج استخدام المعينات البصرية والرموز الإضافية التي تساعد الطفل على فهم الجداول وفترات التحول من مهمة إلى أخرى، والتوقعات المطلوبة منه أيضاً، ويطبق هذا البرنامج في كثير من الفصول في المدرسة العادية لتدريب الأطفال التوحديين، ويتم نقل الاستراتيجيات المستخدمة في هذا البرنامج إلى الأسرة، وهذه نقطة تعتبر من الجوانب الإيجابية لهذا البرنامج، فالأشياء التي تحدث في المدرسة تنقل للأسرة، وإشراك الأسرة أمر إلزامي في هذه الحالة لنقل ما يتعلمه الطفل من البيئة المدرسية إلى المنزل، وذلك من خلال والدي الطفل اللذين يتم تدريبهما على كيفية استخدام مثل هذه الاستراتيجيات.
ثالثاً: البرامج القائمة على الدمج الحسي:
الأطفال التوحديون لديهم مشكلة في استقبال وتحليل المثيرات المختلفة سواء كانت سمعية أو بصرية أو شمية أو ما إلى ذلك، فأحياناً تكون هذه المثيرات الحسية بحاجة إلى تنظيم وترتيب لكي يفهموها ويدركوها، وهناك ما يسمى بالبرامج القائمة على الدمج الحسي ويتدخل فيها كثير من الأخصائيين كاختصاصي العلاج الوظيفي أو اختصاصي العلاج الطبيعي لمحاولة الاستفادة من الحواس السليمة لديهم ولكن بدون تدريب لا يستفيدون منها كثيراً.

البرامج العلاجية غير التربوية:
هناك برامج أخرى قائمة تستخدم من وقت لآخر نذكر منها على سبيل المثال البرامج العلاجية غير التربوية مثل:
1- العلاج بالفيتامينات: وفعاليتها في بعض الحالات التي طبقت عليهم كانت مناسبة، فما يقارب من 50% من هؤلاء الأطفال تحسنت أحوالهم خاصة عند استخدام فيتامين (ب6) من المغنيسيوم.
2- العلاج الغذائي: وهو أيضاً أحد الأساليب المستخدمة.
3- العلاج بالعقاقير: خاصة إذا كان لدى المصاب بعض النشاط الزائد أو الحركة الزائدة.
-4 هناك آلة تستخدم أحياناً وهي آلة الضغط ووجد أن بعض الأطفال يرتاحون لعملية الضغط لكن لو جاءهم شخص آخر يحاول أن يقوم بهذه العملية لا يرتاحون لذلك كثيراً.
5- العلاج بالضم: ورغم أن الطفل يحاول التخلص منه إلا أنه وجد أنه أحياناً قد يريح الطفل المصاب إلى حد ما. .
كما أن هناك برامج أخرى غير ما ذكر.
هناك طبيبة نفسية في جامعة كاليفورنيا في (ساندياجو) هي (البي جافريمن)، هذه الطبيبة تابعت حالة أكثر من (60) توحدي من مرحلة متقدمة جداً تصل في بعض الحالات إلى مرحلة الولادة وظلت تتابعهم إلى أن تجاوزوا عشرين سنة من أعمارهم، وسئلت هذه الطبيبة عن أنجح البرامج التي يمكن أن نستخدمها في الوقت الراهن وما هو أسلوب العلاج الأمثل مع هؤلاء الأطفال، فقالت هذه السيدة رغم أنها طبيبة وليست تربوية (أفضل طريقة أو أسلوب علاجي يمكن تقديمه للأطفال التوحديين في الوقت الراهن هي برامج التربية الخاصة).
وأقف لأفسح المجال للمداخلات والحوار:
الأستاذ: بدر كريم:
شكراً جزيلاً لأستاذنا المحاضر، وأعتقد أنه استطاع أن يقدم لنا مفهوماً عن اضطراب التوحد والخصائص والصفات والخدمات التربوية، وتأكد لنا من خلال الاستعراض أنه لا يوجد هناك علاج طبي، وإنما كل المداخل ترمي إلى أن إصلاح اضطراب التوحدي لدى الطفل يعتمد على المناهج التربوية السلوكية القائمة على علم النفس.
أترك المجال الآن للأسئلة والتعليقات.
الأستاذ: إسماعيل وزير[2]:
لدي طفلان عندهم اضطراب التوحد، أحدهما عمره حوالي (8) سنوات والآخر (4) سنوات، وما أريد قوله أن الصعوبة التي تواجه الإنسان الذي لديه أطفال بها النوع أن الأمل الوحيد هو أن يكون الحل طبياً، أما بالنسبة للسلوك فقد شاهدت برنامجاً في أمريكا عن دراسة تربوية في إحدى الجامعات الأمريكية وكانت بدعم من الحكومة الفيدرالية الأمريكية، وتوصلت هذه الدراسة إلى أن الطفل التوحدي غالباً ليس لديه المقدرة على توصيل المعلومات للآخرين، وهناك طرق معينة عن طريق الإشارة يمكن بالتدريب التفاهم بها مع هذا الطفل التوحدي عن طريق وسيط يستطيع نقل المعلومات إليهم بالإشارة، ويحكي البرنامج أن أباً وأماً لديهما طفل توحدي ترجم وسيط الإشارة كلام ابنهما على أنهما يضطهدانه في البيت، لذلك تم إحالة الأمر إلى المحكمة أمرت بأن يعزل الطفل عن الأب والأم، فتضايق الوالدان من ذلك وأخذا يبحثان ويحاولان حتى استطاعا بعد اتصال كبير مع أناس متخصصين إلى أن يثبتا بأن عملية الوسيط هذه كلها خطأ في خطأ وأعيد البرنامج بشكل آخر.
ومن خلال تجربتي الشخصية مع الطفلين يبدو لي أن هناك خللاً في المخ، وأن جزء من جزيئات المخ هو الذي يسبب للطفل التوحدي كل هذه المشاكل، وأحد طفلي التوحديين طبيعي جداً، وعندما تراه لا تتصور أن لديه توحد، وبعض السلوكيات التي ذكرها الدكتور طارش تظهر في سلوك طفلي، مع العلم أننا أجرينا كل الفحوصات والكشوفات الطبية وجميعها أثبتت أن الطفل طبيعي وصحته جيدة، ولكن لا يوجد حل جذري لهذه القضية إلا بعمل جراحة في المخ.
أما تقويم سلوك الطفل التوحدي فأقول عنه من خلال تجربتي الشخصية أنه لا يجدي والعلاج عن طريقه هو أمر اجتهادي فقط.
دكتور: إبراهيم الفوزان:
أذكر تجربة شخصية بالنسبة لما ذكره الأستاذ إسماعيل حينما كان تدريبنا أثناء مرحلة الماجستير في جامعة كاليفورنيا، تدريب طفل توحدي كيف يجلس على الطاولة ويتناول الطعام أخذ منا وقتاً حوالي (3) أشهر، ومن هنا أعتقد أن المشوار الذي بدأه الأستاذ إسماعيل يحتاج إلى صبر ومتسع من الوقت، ولا تجري الأمور في مثل هذا الموضوع بسهولة تامة، فعملية تدريب التوحديين عملية طويلة جداً تستلزم صبراً طويلاً، وأؤكد على أن تدريب السلوك هو الحل الوحيد المعروف حتى الآن، ويحتاج إلى وجود مختصين يساعدون آباء الأطفال الذين يعانون من التوحد.
دكتور: طارش:
أحب أن أشير إلى الفروق الفردية التي تحدث بين الأطفال التوحديين فالحالات متفاوتة من البسيط إلى الشديد، آخر مجلة وصلت إلى يدي ذكرت أن طالبة لديها توحد حصلت على درجة الدكتوراه من جامعة كامبردج بالمملكة المتحدة وعمرها حوالي 32 سنة، وهي تعتبر أول طالبة مصابة باضطراب التوحد تحصل على درجة الدكتوراه ليس في إنجلترا وحدها ولكن في العالم كله وذلك حسب ما أشير في هذه المجلة.
وعندما تجري اختبارات تدرس نظرية تقول بأن الإشكالية التي يواجهها الأشخاص التوحديون هي مشكلة تحليل المثيرات التي يتم استقبالها، وبالفعل هناك مشكلة في استقبال المثيرات وتحليلها، وقد درست هذه النظرية وأجرت عدة تجارب وبناء على تجاربها ودراساتها حصلت على درجة الدكتوراه.
وحالة هذه المرأة تعتبر من الحالات التي نسميها حالات التوحد البسيطة، والمشكلة التي كانت تواجه هذه المرأة ليست الجانب الأكاديمي، فهي إن وجدت في معملها أو مختبرها تتعامل مع المعدات والأجهزة فلا يوجد لديها صعوبة في التعامل مع هذه الأشياء، ولكنها كانت تشعر باضطراب التوحد إن وجدت مع الناس، فهي عندئذ تواجه مشكلة في التعامل الاجتماعي مع الآخرين.
وأعود لأؤكد أن الجانب السلوكي والبرامج القائمة على التحليل السلوكي التطبيقي أمور مهمة جداً في عملية التدريب لهؤلاء الأطفال، حيث لا يوجد علاج طبي ناجح، فمثلاً هناك علاج بالعقاقير يعطي للطفل إذا كان لديه نشاط زائد اسمه (ريتيلين)، هذا العلاج بمثابة التخدير فقط لأنه يجعل الطفل في حالة نوم وهذا ليس علاجاً وإنما قد يكون حلاً مؤقتاً فقط.
دكتور: عدنان عاشور[3]:
بصفتي طبيب نفسي فمن تجربتي أشعر بأن الأطفال لدينا في حاجة إلى مزيد من الاهتمام في مجال الطب النفسي للأطفال، والأطفال التوحديون كثيراً ما كانت تشخص حالاتهم (تخلف عقلي) ويكون هذا نهاية المطاف ولا علاج، وتتوقف فرصة تلقي الطفل للعلاج والاستفادة.
وفي اعتقادي إذا كان الطبيب يملك قدرة تشخيصية فأضم صوتي إلى صوت الدكتور طارش بأن دور التربية والتربويين وأخصائي علم النفس دور قد يكون أكبر من دور الطبيب.
العلاج قد يحتاج فريقاً جماعياً وليس فردياً وليس معالجاً واحداً، وهذه المسألة تقودنا إلى حاجتنا إلى إيجاد مركز متخصص يهتم بالاضطرابات النفسية والتربوية لدى الأطفال، ويكون هناك فريق علاجي متخصص يشمل الطبيب النفسي والأخصائي الاجتماعي والتربوي وأخصائي علم النفس ويقدم خدمات متطورة في هذا المجال.
وأتمنى أن تنبعث عن هذه المحاضرة توصية ترسل إلى المسئولين لإيجاد مركز متخصص يهتم بهذا الجانب، ويمكن الإعداد له خصوصاً وأننا بحمد الله نملك الأعداد من الاجتماعيين والنفسيين، ولكن يحتاجون إلى التوجيه وزيادة المهارات في هذا المجال وشكراً لكم.
الأستاذ: بدر:
ونحن أيضاً يا دكتور عدنان نضم صوتنا إلى صوتك، ونعتقد أن هذا اقتراح مناسب حبذا لو تمكن الدكتور طارش والأستاذ عبد الرحمن الخلف من نقل هذا رسمياً إلى المسؤولين في وزارة المعارف، ولا أخالهم إلا أنهم يعملون على ما فيه الصالح إن شاء الله.
الأستاذ: عبد الرحمن الخلف:
بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تعود الدكتور طارش في محاضراته أن يسد عليّ جميع المنافذ، غير أنه لدي بعض التساؤلات:
هل هناك صفات معينة لأجسام من لديهم اضطراب التوحد؟
هل هناك مستوى معين لنسبة الذكاء لديهم؟ فيما يتعلق بالشعور بالذنب فإنني أتساءل من لا يفعل ذنباً فكيف يشعر بالذنب؟!
دكتور: طارش:
دائماً نسعد بمداخلاتك يا أستاذ عبد الرحمن جزاك الله خيراً، بالنسبة للصفات والخصائص فمن الناحية الجسمية لا يبدو على المصابين بالتوحد أي ملاحظات أو خصائص جسمية تميزهم، بناءهم الجسمي يبدو عادي، وأحياناً تظهر الوسامة على الطفل التنوحدي.
أما بالنسبة للقدرات العقلية فهذا هو الذي يحصل فيه كثير من اللبس، يحدث خلط بين التخلف العقلي والتوحد ويجب أن نوضح أن التوحد يمكن أن يحدث كتوحد بمفرده وقد يحدث مصاحباً بتخلف عقلي، فيمكن أن يكون لدى الطفل توحد فقط ويمكن أن يجتمع التوحد والتخلف العقلي في الطفل، وقد وجد عند إجراء اختبارات الذكاء أن (60%) تقريباً من الأطفال التوحديين لديهم نقص في القدرات العقلية ومن هنا يحدث كثير من الخلط، لكن التوحد ليس بالضرورة مصاحباً بتخلف عقلي
دكتور: صالح المهنا:
أحب أن أطمئن الأخوة إلى أن فكرة إنشاء مركز قائمة، والمركز المقترح في الوقت الحاضر هو مركز تشخيص لذوي الاحتياجات الخاصة، ومن بينهم ذوي الاحتياجات الشديدة مثل قضايا التوحد التي تحتاج إلى فرق تشترك في عمليات التشخيص ووضع البرامج المناسبة للعلاج، وقد لا يكون علاجاً بمعناه الطبي.
ويتكون فريق هذا المركز من الطبيب المعالج للجسم والطبيب النفسي وأخصائي التربية الخاصة وأخصائي المقاييس المختلفة.
دكتور: الفوزان:
أود أن أزف البشرى للحاضرين أن الأكاديمية السعودية للتربية الخاصة أعطيت ترخيصاً بإقامة مشروع للتوحد في الرياض من قبل وزارة المعارف ومن قبل الرئاسة العامة لتعليم البنات، وهذا سيكون مؤشراً جيداً لبدء برامج خاصة للأطفال التوحديين إن شاء الله.
دكتور: طارش:
أحب أن أؤكد أن وزارة المعارف ممثلة في الأمانة العامة للتربية الخاصة خطت الخطوة الأولى في المملكة العربية السعودية بإيجاد فصول للتوحد في معاهد التربية الفكرية، وهي خطوة ممتازة جداً، أعتقد أنه بهذه الخطوة سوف يتم تطور وإيجاد البرامج المقدمة لهؤلاء الأطفال، ليس في المدن الرئيسية فقط ولكن في مناطق أخرى أيضاً.
دكتور: زيد المسلط:
أود أن أعلق ما ذكره الدكتور عدنان حول إنشاء مراكز تهتم بالاضطرابات النفسية والتربوية، وزارة المعارف أنشأت ثلاثة مراكز تعتبر الأولى من نوعها في المملكة، أفتتحت هذا العام، المركز الأول في معهد التربية الفكرية شرق الرياض، والمركز الثاني يتمثل في فصول أخرى بمعهد التربية الفكرية بالدمام، والثالث في معهد التربية الفكرية بجدة.
وهذه المراكز الآن هي تحت الملاحظة والتقييم، ويعمل فيها مدرسون متميزون من خريجي قسم التربية الخاصة ونحن بحاجة إلى التعاون والتضافر في تقويم هذا العمل لكي يسير في الطريق الصحيح، أما ما ذكره الدكتور (صالح المهنا) بشأن مركز التشخيص لذوي الاحتياجات الخاصة؛ فهذا المركز المقترح يحظى بدعم كبير من معالي وزير المعارف نحن في انتظار إعداد تصاميم لهذا المشروع، ويحتاج الوضع إلى تضافر الجهود في إيجاد هذا المركز الذي تتثمل مهمته في تشخيص الطفل منذ الولادة، ويستمر اهتمامه بالأطفال إلى سن العشرين، ويحتاج تبني وزارة المعارف لهذا المشروع إلى دعم كبير من الوزارات الأخرى، والقطاع الخاص والجهات المعنية بالمعوقين بصفة عامة.

الأستاذ: إبراهيم الدريعي[4]:
فهمت من هذه المحاضرة أن الصعوبة ليست في العلاج بقدر ما هي في التشخيص حيث ذكر الدكتور مدير مستشفى الصحة النفسية بالطائف أن هناك لبس بين اضطراب التوحد والتخلف العقلي، وأن بعض الأطفال التوحديين يشخصون على أنهم صم إذ أنهم لا يستجيبون للمتحدث.
ونسأل هنا لماذا لا يوجد هذا التخصص في جامعة الملك سعود كلية التربية قسم التربية الخاصة يدرس كمسار مثل ما هو موجود في صعوبات التعلم والتفوق العقلي، أليس هذا التخصص من الأهمية بمكان مثل المسارات الأخرى ويجب أن ينال الاهتمام مثل باقي المسارات.
دكتور: طارش الشمري:
بالنسبة للتشخيص نحن في المملكة العربية السعودية نواجه مشكلة في التشخيص وهي مشكلة كبيرة لأن الخطوة الأولى نحو تقديم الخدمات هي عملية التشخيص، والأمر يتطلب كما ذكر قبل ذلك وجود مركز تشخيص يعمل فيه فريق من جميع التخصصات كالطبيب النفسي في مجال الأطفال، وكذلك أخصائي النطق والكلام وأخصائي التربية الخاصة أو معلم التربية الخاصة والأخصائي النفسي أو أخصائي القياس والتشخيص، فوجود كل هؤلاء كفريق متكامل أمر ضروري.
بالنسبة لوجود برنامج في قسم التربية الخاصة جامعة الملك سعود؛ أسأل الأخ/ إبراهيم الدريعي: من الذي سيقوم بتدريس هذا البرنامج، المشكلة تكمن في إيجاد المختصين الذين يقومون بالتدريس في هذا المسار، وهذه المشكلة لا تعاني منها الجامعات السعودية في المملكة فقط، وإنما تعاني منها جميع الجامعات على مستوى العالم العربي.
والجامعات السعودية في المملكة خطت خطوات هامة في مجال تقديم خدمات التربية الخاصة وخصوصاً جامعة الملك سعود، وذلك بشهادة المتخصصين في العالم، غير أننا لا نزال نطمع ونتطلع إلى التطور والسعي إلى الأفضل.
وما يمكن تقديمه في قسم التربية الخاصة بالتعاون مع وزارة المعارف الأمانة العامة للتربية الخاصة هو إعداد دورات متخصصة في مجال التوحد، وبالفعل تم تنظيم دورة مكثفة لمعلمي فصول التوحد التي تم افتتاحها، وهذه الدورة نواة لما يمكن أن يجد في المستقبل من دورات أو إحداث مسارات في هذا المجال.
وما يفكر فيه القسم في الوقت الحاضر هو إعداد برنامج دبلوم متى ما وفرت له الاعتمادات ومتطلبات الإنشاء، أما ما يتعلق بإنشاء برنامج في مرحلة البكالوريوس فلا أعتقد أنه يمكن في الوقت الراهن لعدة أسباب منها: ندرة وجود المتخصصين الذين يقومون بتدريس هذه المواد، ولدينا مخرج آخر أحب أن أذكره وهو إيجاد مسار الاضطرابات السلوكية والانفعالية في الخطة وسوف يمنح درجة البكالوريوس، وهو يتعامل مع الأطفال الذين لديهم مشكلات سلوكية وانفعالية، والذين لديهم أيضاً اضطراب التوحد، وهذا هو المعمول به في بعض الجامعات المعروفة في هذا المجال.
أحد الحضور:
بما أن كل واحد منا معرَّض بإذن الله إلى أن يكون لديه طفل يحمل صفة التوحد فهل هناك إرشادات يجب إتباعها لتفادي ظهور هذه الصفة في أطفالنا؟
دكتور: طارش الشمري:
المظاهر الأساسية للتوحد عند الطفل التوحدي تظهر في السنوات الثلاث الأولى من عمره، وخصائص هذا الطفل كثيرة ومتعددة، وهناك بحث عن تطور مراحل النمو للدكتور (فريمان) الذي ذكرناه فيما سبق، تَتَبَّع فيه حوالي (60) حالة لمدة عشرين سنة، وأجرى تطوراً نمائياً من الولادة إلى ثلاث سنوات تقريباً، وحدد المظاهر التي يتوقع أن تظهر في كل فترة.
الأستاذ: إسماعيل وزير:
هل يستطيع الرجل المتزوج أن يقوم بترتيبات حتى يتمكن من الوقاية من إنجاب طفل توحدي بإذن الله؟
دكتور: طارش:
الأسباب بإذن الله يمكن أن تكون وراثية أو أسباباً جينية، كما يمكن أن تكون عصبية أو فسيولوجية.
فمن الأسباب ما ذكرناه أثناء المحاضرة من المضاعفات التي تحدث أثناء الحمل والولادة، كأسباب أي عوق آخر، مثلاً العقاقير أثناء الولادة وكذلك الأشعة وأيضاً الإصابة أحياناً ببعض الالتهابات والفيروسات.
وحسب علمنا ليس هناك أسباب واضحة وراء مرض التوحد، غير أنه يجب الإيمان بما كتب الله وقدره على العبد، مع اتخاذ الاحتياط وبذل الأسباب لتجنب هذا المرض من قبل الأب والأم، مع بذل الوسائل الممكنة بالكشف والفحوصات المخبرية للتأكد من وجود صفات وراثية من عدمها، وهذا لا يتنافى مع تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف (اتقوا العرق؛ فإن العرق دساس).
أحد الحضور:
التوأم إذا كان أحدهما شُخِّص على أنه مصاب باضطراب التوحد فهل يمكن أن يكون الطفل الآخر مصاب كذلك.
دكتور: طارش:
آخر الدراسات تشير إلى أنه إذا وجد أخ لديه اضطراب التوحد فيحتمل بإذن الله أن يكون الأخ أو الأخت التوأم يحمل أو تحمل هذه الصفة، فنسبته بين التوائم تتراوح تقريباً من (2: 3 %) من عدد الأطفال، وقد توجد هذه النسبة في العائلات الذين لديهم عامل جيني وراثي، ولم يكن هذا هو الحال في كثير من الحالات الأخرى.
أحد الحضور:
هل للتلفزيون دور في تحويل الطفل في السنوات الأولى وما بعدها من طفل ربما كان سوياً إلى طفل توحدي.
دكتور: طارش:
لم يثبت من خلال الدراسات أن هناك مثيراً معيناً قد يؤدي إلى التوحد أو إلى إثارة بعض السلوكيات، وما لوحظ لدى الأطفال التوحديين هو أن لديهم مشكلة في الاستقبال فيما يتعلق بالمثيرات السمعية، فأحياناً قد يثير صوت بسيط إزعاجاً وإرباكاً وقد يسبب لهم نوعاً من القلق والارتباك النفسي، وفي بعض الأحيان قد تكون هناك أصوات مزعجة للآخرين، وقد تكون غير مزعجة بالنسبة لطفل مصاب باضطراب التوحد، ومثل هذا الأمر حيّر العلماء والباحثين في هذا المجال، لذلك هناك من يرى أنها قد تكون مشكلة في الدمج الحسي للطفل في تحليل المثيرات السمعية.
وليس للتلفاز أو لصوته أي تأثير ينتج عنه هذا المرض، لكن ربما يتعلق الطفل التوحدي ببعض البرامج في التلفاز.
أحد الحضور:
لديّ عدة استفسارات:
ما مدى نسبة انتشار التوحد في المملكة العربية السعودية وفي الدول العربية؟
وما هي الخدمات المقدمة لهم؟
وأين يتم تقديم هذه الخدمات؟
دكتور: طارش:
بالنسبة لنسبة انتشار التوحيد، فللأسف ليس لدينا في المملكة دراسات خاصة لمعرفة نسبة انتشار التوحد.
لكن النسبة يمكن تقديرها قياساً على النسب العالمية كما هو الحال في بعض حالات العوق الأخرى، هناك الدراسة التي أجراها مركز الأطراف الاصطناعية بالرياض أشارت إلى عوق سمي بالعوق النفسي الاجتماعي، وذكرت أن نسبة هذا العوق حوالي (3%)، وقد يدخل التوحد ضمن هذه بنسبة وقد يدخل أيضاً الأطفال الذين لديهم مشكلات سلوكية وانفعالية أو اضطرابات سلوكية وانفعالية.
وفي الدول العربية لا توجد - حسب علمي - نسبة معينة لذلك.
أما بالنسبة لخدمات هذه الفئة فإنها ليست كافية حتى الآن، وهنا في المملكة نحن في الخطوة الأولى حيث يوجد مركز يتبع للجمعية الفيصلية النسوية بجدة يعرف (بمركز جدة للتوحد)، وهو مركز أهلي غير حكومي، كما يوجد آخر في دولة الكويت يعرف باسم (مركز الكويت للتوحد)، وهناك تعاون بين قسم التربية الخاصة بكلية التربية جامعة الملك سعود وبين مركز الكويت، غير أن الخدمات المقدمة لهذه الفئة غير كافية، وليست لدينا معلومات عن أماكن تواجدهم، قد يكونون موجودين في البيوت أو في المدارس العادية أو في بعض مستشفيات الصحة النفسية، ولعل الدكتور (عدنان) مدير مستشفى الصحة النفسية بالطائف الذي يجلس أمامي الآن في هذه الصالة لديه بعض المعلومات حول هذا الموضوع.

أحد الحضور:
طفلي لديه توحد ويوجد الآن في مركز في (العليا) بالرياض يعرف باسم (مركز التعليم المبكر) وهو ملحق بمدرسة أهلية.
دكتور: إبراهيم الفوزان:
هذا المركز لديّ معلومات عنه باعتباري المسؤول عن التربية الخاصة في الوقت الحاضر في الرئاسة العامة لتعليم البنات، هناك جولات لموجهات يقمن بزيارات خاصة من قبل الرئاسة العامة لهذه المراكز التي تقدم خدمات التربية الخاصة.
وفيما يتعلق بمركز التعليم المبكر الذي ذكره الأخ فقد ألحق به حالة أو حالتان صنفتا من قبل هذا المركز على أنهما حالتا توحد، ولم تؤكد هذه الحالات من قبل أناس متخصصين، حيث لا يوجد متخصصون في التوحد يستطيعون تشخيص هذه الحالات بشكل صحيح، وكل ما يحصل في هذه المراكز اجتهادات قد يصح فيها التشخيص وقد يخطئ.
والمركز الذي ذكره الأخ لا يقدم خدمات للتوحديين وإنما هي خدمات تربية خاصة تأهيلية عامة.
دكتور: طارش:
يجب التنبيه حقيقة أنه لكي نقدم خدمات فمن حق كل أب وكل ولي أمر أو كل مسؤول أن يسأل عن المختصين الذين يعملون في هذا المجال، حيث لا يوجد في المملكة العربية السعودية ولا في الوطن العربي مختصون في هذا المجال، غير أن هناك فرصة لابتعاث الدارسين وتدريبهم في بريطانيا وفي الولايات المتحدة الأمريكية، كما يمكن لأي فرد أن يلتحق ببعض الدورات التي يقيمها قسم التربية الخاصة.
خريجو قسم التربية الخاصة يمكن تدريبهم للعمل في مجال التوحد؛ لأن المجال قريب مما درسوه.

ولأن المجال جديد فإذا وجدت جهة تقدم هذه الخدمات فلا بد أن نسأل ونعرف من الذي يعمل في هذه الجهة؟ وما هي خلفيته العلمية؟ إذ في ظل غياب المختصين قد يحصل بعض الاجتهادات التي قد يكون لها أثر عكسي أو سلبي في عدم تقديم خدمات الأطفال التوحديين بشكل جيد، فوجود برنامج متخصص دون وجود من يقدر على تنفيذه والإشراف عليه لا يحقق الآمال المرجوة من هذا البرنامج.
أحد الحضور:
كيف يمكن السيطرة على سلوك الطفل التوحدي غير المرغوب فيه والعدواني ضد نفسه وغيره خصوصاً عند بلوغ الطفل أكثر من عشر سنوات.
دكتور: طارش الشمري:
فيما يتعلق بضبط السلوك لدى هؤلاء الأطفال فلا أستطيع أن أعطيك إجابة شافية، ولكن هناك أساليب إيجابية قائمة على التعزيز كما تقوم على تحديد السلوك وتعريفه وقياسه واختيار الأساليب العلاجية المناسبة لاستخدامها بطريقة علمية، والمنهج السلوكي في تعديل السلوك له دراسات كثيرة وقد أوضحت أهميتها فيما سبق ويمكن أن يستفاد منها، لذلك قلت قبل قليل أثناء المحاضرة: إن من الأساليب العلاجية التربوية التي تستخدم أساليب معتمدة على التحليل السلوكي وضبط السلوك، وهذا جزء لا يتجزأ من البرنامج التربوي.
وإذا كان السائل ولي أمر فأحب أن أقول له إن قسم التربية الخاصة بجامعة الملك سعود يقيم دورات بشكل دوري في مركز خدمة المجتمع، وتقام هذه الدورات للرجال والنساء على حد سواء بشكل منفصل، وذلك إذا توفر عدد كاف للدورة من الدارسين، فالقسم متعاون مع مركز خدمة المجتمع التابع لجامعة الملك سعود، ويقيم دورات في كيفية التعامل وضبط سلوك الأطفال غير العاديين أو الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة، والأساليب الإيجابية في التعامل مع الطفل التوحدي نتحدث عنها في دورة ويمكن أن يستفيد منها ولي أمر الطفل التوحدي، أو المعلم الذي يعمل مع الطفل التوحدي.
أحد الحضور:
هل هناك درجات متفاوتة في مرض التوحد حيث أن لدي طفلين لديهما اضطراب التوحد ولكن أحدهما يعاني من التوحد أكثر من الآخر.
دكتور: طارش:
بالتأكيد أن التوحد درجات متفاوتة، وكل طفل لا بد أن يوضع له برنامج علاجي تأهيلي تربوي فردي؛ كل واحد على حدة.
أحد الحضور:
ما هو أثر فيتامين (B6) على الأطفال (أوتزم).
دكتور: طارش:
يوجد مركز للتوحد يديره الدكتور (برنارد ريملاند) في (كاليفورنيا) في (لوس أنجلوس) أو (ساندياجو)، وقد اجتمعنا بهذا الدكتور خلال مؤتمر عقد في أمريكا، وكان متفائلاً جداً، وكان يؤكد على أهمية الفيتامينات وخاصة فيتامين (B6)، فقد أجرى دراسة ووجد (50%) تقريباً من الأطفال الذين استخدم معهم فيتامين (B6) بالإضافة إلى الماغنسيوم كانت النتائج طيبة، وقال: إن الفيتامينات ليس فيها ضرر فإن لم تنفع فإنها لا تضر.
ولاحظ هذا الدكتور أن هناك تحسناً في بعض سلوكيات وتصرفات الطفل التوحدي عند استخدام الفيتامينات سواء السلوكيات الموجهة نحو ذاته أو نحو الآخرين، كما لاحظ أن الانتباه تحسن، وأن السلوكيات التي قد تربك العملية التعليمية قد قلّت، وهذا يعتبر تحسناً في العملية التعليمية، ولكن هذا لا يعني أن الطفل شفي تماماً من التوحد، وإنما حصل تحسن ملموس، ذلك حسب دراسات (ريملاند) في مركز أبحاث التوحد.

أحد الحضور:
مدرسو فصول التوحد المفتوحة في معاهد التربية الفكرية ليس لديهم معلومات كافية عن التوحد، كما أن الجامعة لا تزود المعاهد بما هو جديد عن التوحد وكيفية التعامل مع الأطفال المصابين به.
دكتور: طارش:
أقرب المعلمين للتعامل مع التوحد هم معلمو التربية الخاصة، حيث سبق لهم أن درسوا معلومات تمكنهم من التعامل مع هذه الفئة، وكل ما يحتاجونه هو دورات تأهيلية يزودون فيها ببعض الخبرات والمعلومات المتجددة بناءً على ما تتوصل إليه المؤسسات من خبرة ومعلومات مفيدة وهذا هو المعمول به في الدول المتقدمة في هذا المجال مثل بريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية، ولا ننكر أن برامجهم متقدمة في هذا المجال ويمكن الاستفادة منها على ضوء ما يصلنا من معلومات من خلال النشرات المتخصصة أو المؤتمرات التي تعقد في هذه الدول.
ولا يتطلب تدريس هذه الفئة أن يحصل الشخص على بكالوريوس في مجال اضطراب التوحد، فالدورات المتخصصة تكفي، وقسم التربية الخاصة في جامعة الملك سعود سبق أن تعاون مع الأمانة العامة للتربية الخاصة في هذا المجال، وعلى استعداد أن تعاد هذه الدورة وتتطور، ولعلها تتطور مستقبلاً لتصبح دبلوماً يمكن المدرسين من العمل مع هذه الفئة بشكل جيد.

أحد مدرسي التربية الفكرية:
أحب أن أوضح أن الذين يقومون بتدريس فصول التوحد في معاهد التربية الفكرية حاصلون على بكالوريوس تربية خاصة في مسار التخلف العقلي والعوق الشديد، وبالإضافة إلى ذلك تم إعطاؤهم دورات مكثفة في جامعة الملك سعود، كما أنهم قد أخذوا دورة تدريبية أخرى في دولة الكويت، فهم مؤهلون لتدريس هذه الفئة، هذا للتوضيح فقط.
أحد الحضور:
هل عَرَض ضعف الارتباط العاطفي مشروط في تشخيص التوحد؟ ثم متى يبدأ التحسن في هذا العَرَض؟
دكتور: طارش:
عندما اكتشف (ليوكانر) لأول مرة اضطراب التوحد وكان ذلك في عام (1943م)؛ كان الاعتقاد السائد في ذلك الوقت أن سبب التوحد راجع إلى عوامل نفسية، وكان يعتقد بأن الأم الباردة عاطفياً أو التي سميت (ريفرجريترمازر) بأنها هي السبب الذي أدى إلى عوق التوحد، وقد أثبتت الدراسات فيما بعد أن هذا ليس بصحيح، وأنه ليست العوامل النفيسة هي التي تؤدي فقط إلى اضطراب التوحد.
هناك محاور أساسية للتشخيص:
1- إذا كان الطفل لديه مشكلة واضحة في المهارات الاجتماعية والانتماء للآخرين وتكون صداقات وعلاقات إيجابية.
2- إذا كان لديه مشكلة في التواصل.
3- إذا كان لديه مشكلة واضحة في الالتزام بروتين معين ولديه سلوك نمطي متكرر (سرتوتايب بهيفير).
هذه المحاور الثلاثة الأساسية إذا وجدت فهي أساس لتشخيص التوحد، وما عدا ذلك يتداخل مع حالات عوق أخرى، كالتخلف العقلي أو المشكلات السلوكية والانفعالية أو أحياناً صعوبات التعلم.
أحد الحضور:
ما مدى تداخل حالة التوحد مع صعوبات التعلم؟ وهل يستطيع الأطفال التوحديون إدراك تصرفاتهم بمعنى هل يدرك الطفل أنه يرتكب خطأ يضر به نفسه؟
دكتور: طارش:
هذا سؤال جيد، كما قلت المحاور الأساسية لتمييز التوحد عن حالات العوق الأخرى هي الجوانب الثلاثة التي ذكرناها:
1- ضعف في الناحية الاجتماعية والعلاقات الاجتماعية والنمو الاجتماعي.
2- ضعف في جوانب التواصل والنمو اللغوي.
3- وجود بعض السلوكيات النمطية المتكررة.
بالنسبة للسؤال فيما يتعلق بالتداخل مع صعوبات التعليم؟ نعم هناك تداخل ولكنه لا يخفى على أي متدرب متخصص مؤهل حيث أن بينهما فرق شاسع يعرفه المتخصص في التشخيص.
أما فيما يتعلق بإدراك الأطفال التوحديين لتصرفاتهم بمعنى هل يدرك الطفل أنه يرتكب خطأ بنفسه أو يضر نفسه أم لا؟ هذا يعتمد على درجة شدة العوق هل هي شديدة أم متوسطة أم بسيطة، ثم هل هي مرتبطة بالتخلف العقلي وهل هناك توحد وتخلف عقلي وتأخر في القدرات العقلية، إذا وجد ذلك فإننا نعرف أن النمو العقلي يجعل الشخص قد لا يدرك أحياناً بعض هذه الأمور.
الأستاذ: عبد الرحمن العميري:
ما رأي الدكتور طارش في ضم برامج التوحد إلى معاهد التربية الفكرية؟ أليس الأفضل أن تكون في أماكن مستقلة أو في مدارس التعليم العام.
دكتور: طارش:
الأسلوب المتبع حالياً في بعض الدول التي تقدم خدمات متميزة في هذا المجال خاصة الولايات المتحدة الأمريكية أن المكان الأنسب للأطفال التوحديين هو الفصل الخاص الملحق بالمدرسة العادية، فهو أقرب للبيئة العادية، وفي بريطانيا الأسلوب السائد هي مدارس، لكن التوجه الحديث في التربية الخاصة هو دمج هذا الطفل قدر المستطاع في البيئة الطبيعية؛ ليكون قريباً من أقرانه العاديين قدر المستطاع.
فأقربها الفصل الخاص الملحق بالمدرسة العادية فهو قد يكون أفضل الأماكن كلما كان ذلك ممكناً، حسب درجة وشدة العوق لدى الطفل.

أحد الحاضرين:
تختلف درجة التوحد من بسيطة إلى متوسطة إلى شديدة، وهي إما عقلية أو سلوكية أو عضوية، فما هي الضوابط لمعرفة حالات التوحد؟ وكيف نعرف الاختلاف في درجة التوحد؟
دكتور: طارش:
أثرت سؤالاً نعاني منه باستمرار، وتحيّر الإجابة عليه الكثير من العلماء المتخصصين في هذا المجال؛ حيث أنه إلى الآن ليس هناك معلومات كافية عن الأسباب وأساسها، وهذه هي المشكلة، فهناك من يرى أنه راجع إلى عوامل واضطرابات جينية وراثية، وقد يكون راجعاً إلى عوامل عصبية أو إلى عوامل بيئية وربما نواحي نفسية، وفي ظل هذه الافتراضات هل نقف مكتوفي الأيدي إلى أن نعرف السبب أو نحل هذه المشكلة؟
وجد الآن شيء يمكن عمله وهو أن يرفع من مستوى أداء هؤلاء الأطفال وذلك بتنمية المهارات لديهم ويتمثل ذلك في التدريب والتأهيل والبرامج التربوية القائمة على التحليل وتعديل السلوك والتعليم المنظم.
أتفق معك بأن هناك إشكالية لأمور كثيرة ليست واضحة عن التوحد، ولكن كما قلت قبل قليل اتضح في آخر مؤتمر حضرناه عن التوحد أن هناك مؤشرات جيدة فيما يجري حالياً من أبحاث ودراسات والمؤشرات الأولية تشير إلى أن هذه الدراسات والأبحاث ستتوصل إلى نتائج مبشرة بخير إن شاء الله حيث أنها مدعومة من الجهات الحكومية والأهلية ويقوم عليها علماء مشهورون في هذا المجال الفسيولوجي والعصبي والجيني، ولعلها تتوصل إلى نتائج مرضية في القريب العاجل إن شاء الله.
أحد الحضور:
لماذا سمي توحدي؟ وماذا يعني توحدي؟
دكتور: طارش:
من المسميات التي نواجه فيها مشكلة ما كان متداولاً على ألسنة الكثير مثل ما يسمى في القديم الذهان الطفولي (شايلد هيدسيكوسس)، الآن يسمى توحد، وأصل الكلمة لاتيني (أوتزم) وتعني الذات (سلف) أو النفس، ومن هنا أتت التسمية.
هناك بعض المصطلحات أحب أن أنبه إليها لأنها تمر بنا في بعض الكتب كالإجتراريين، يقول: حالة أطفال الإجترار، والمقصود تكرار بعض السلوكيات، ولكن هذا المصطلح غير مفضل وتنهض عليه بعض الاعتراضات، ومن وجهة نظري الشخصية أن هذه التسمية لا تليق وقد لا تناسب الإنسان حيث أن الإجترار صفة من صفات وخصائص غير الإنسان.
الأستاذ: معيض الزهراني[5]:
ذكرتم يا دكتور مفهوم التوحد وخصائصه وأسبابه، كما ذكرتم البرامج التي يمكن أن تقدم لطفل التوحد، ولكن ماذا عن عمل دورات وبرامج لكي يلتحق بها الأخصائي النفسي في هذه المعاهد خاصة أن الأخصائي النفسي هو البوابة الرسمية التي يمكن من خلالها تشخيص الطفل التوحدي.
دكتور: طارش:
بالنسبة للبرامج هناك مجموعة من المختصين يفترض أنهم يستهدفون في البرامج، من هؤلاء أطباء الأطفال الذين هم في الخط الأول الأمامي في مراكز الرعاية الأولية، وهم الذين نفترض أن يستهدفوا في مثل هذه البرامج أو الدورات لأنهم يمكن أن يساعدوا في إحالة الطفل إلى جهة الاختصاص لتشخيصه وبالتالي تقديم الخدمة المناسبة له، ومن المستهدفين في البرامج أيضاً الأخصائي النفسي، أتفق معك في ذلك وخاصة الأخصائي النفسي للأطفال.
أحد الحضور:
إذا كان لدينا طفل لديه توحد في معهد التربية الفكرية فكيف نستطيع توصيل المعلومات إليه، وكيف يتم السيطرة على سلوكه، ثم كيف يتم شد انتباهه؟
دكتور: طارش:
لا بد أن نحدد أولاً ما هي المعلومة أو ما هي المهارة التي نريد أن نوصلها له هل هي معلومة لفظية أم مهارة حركية؟
من الأساليب والطرق المستخدمة أسلوب تحليل المهارة إلى خطوات أو إلى جزئيات تتكون منها في النهاية المهارة الكلية ثم نعلم كل جزئية على حدة، وهذا هو أحد الأساليب.
ومن أهم الأمور في العملية التربوية أن يكون الفصل منظماً بمعنى أن تكون هناك محطات نتدرج فيها بالطفل لأن الطفل يعتمد على المثيرات البصرية في كثير من الأحيان لكي يستدل أو يعرف ماذا يريد الآخرون منه.
وهذا هو أحد الأساليب المستخدمة في برنامج التعليم في ولاية (كاليفورنيا)، أن تكون الخطوة الأولى الاستقبال والترحيب وجلسة على طاولة مستديرة وذلك بوجود الطفل مع زملائه، بعد ذلك يتم الانتقال إلى محطة العمل الأكاديمي كتابة أو قراءة، بعد ذلك ينتقل إلى محطة الحرف.
هذا هو الذي يحتاجه الطفل التوحدي في كثير من الأحيان، أما أن نجلسه على المقعد ونعامله مثل الطالب العادي ونقف نتحدث أمامه فمثل هذا الأسلوب لن يكون فعالاً، لا بد من مبدأ الخطة التربوية الفردية مع وضع أهداف طويلة المدى وقصيرة المدى، وبعد ذلك نستخدم أي وسيلة من الوسائل التي يمكن أن يتعلمها المتعامل مع الطفل التوحدي وخاصة برامج تعديل السلوك حيث لدى الطفل سلوكيات تعوق التعلم لديه.
أحد الحضور:
هل هناك ارتباط بين الطفل ذي النشاط الزائد والطفل التوحدي؟ وهل يوجد طفل ذو نشاط زائد بدون أن يكون توحدياً؟
دكتور: طارش:
نعم بالتأكيد يوجد أطفال لديهم نشاط زائد أو فرط حركة كما يسمى أحياناً مع وجود ضعف في الانتباه، وهذه فئة قائمة بذاتها وتندرج تحت فئة الأطفال المضطربين سلوكياً وانفعالياً، وهم الأطفال الذين لديهم ضعف في التركيز والانتباه والنشاط الزائد.
هل يمكن أن يحدث نشاط زائد عند الطفل التوحدي؟ نعم، وقد نبهت في البداية أنه لتشخيص حالة توحد فلن يكون النشاط الزائد هو المحك، وإنما قد يكون لديه نشاط غير أن المحكات هي الخصائص الثلاثة الأساسية التي سبق ذكرها في المحاضرة فهي التي تميزهم عن الآخرين، ومن هنا فالأصل التوحدي يمكن أن يكون لديه نشاط زائد، كما أنه قد يكون توحدياً بدون نشاط زائد.
أحد الحضور:
هناك دراسة تشير إلى أن ثلث الأطفال التوحديين يصابون بالصرع بعد البلوغ، ما مدى صحة هذه الدراسة والسبب في رأيكم للتعرض لهذا المرض؟
دكتور: طارش:
ليس لديّ معلومات عن مصدر هذه الدراسة، ولا أن الصرع يظهر في سن معينة ولكن من الأعراض أو المظاهر التي عادة تكون مصاحبة للتوحد وليست أساسية مرض الصرع كما هي بالنسبة للنشاط الزائد أو الأعراض الأخرى، فلذلك لا نستطيع أن نقول أن أساسها هو عطب في المخ حيث لا يوجد لديهم صرع أحياناً.
فإذا كان لديه صرع فتشخيصه ومعرفة سببه يرجع إلى الطب وإلى الجوانب العصبية.
أحد الحضور:
هل يمكن أن يحدث التوحد في عهد متأخر كأن يكون الطفل طبيعياً حتى سن خمس سنوات ثم يدخل في حالة توحد؟ وهل يمكن الشفاء من التوحد حتى بعد عمر طويل؟
دكتور: طارش:
اضطراب التوحد يصنف على أنه عوق نمائي، وهذا يعني استمراره طوال فترة المراحل النمائية المختلفة عند المصاب به، لكن البرامج التدريبية يمكن أن تقلل من حدة تأثير التوحد لذلك نقول أحياناً أنه ليس مرضاً، فالمرض لا بد أن يكون له علاج في أغلب الأحيان إلا في بعض الحالات، ولذلك نسمي التوحد اضطراب أو عوق، فالعوق يعني أنه مستديم ومستمر لكن يمكن أن يتحسن.
أما بالنسبة لحدوثه بعد خمس سنوات فالتشخيص المعمول به في الطفل التوحدي حسب اتفاق العلماء في هذا المجال أن اضطراب التوحد لا بد أن يظهر في الـ(36) شهر الأولى من عمر الطفل، أي لا بد أن تظهر أعراضه في السنوات الثلاث الأولى، وإذا ظهرت بعد ذلك أعراض تشبه أعراض التوحد فهذا ليس توحداً، ويتم تشخيص حالته بمسميات أخرى وحالات كثيرة مثل (أيس بيرجر سيندرم)، (أيس بيرجر) هو الشخص الذي اكتشف هذه الحالة وتمت نسبتها إليه، وهذه الحالات نادرة وأقل بكثير من التوحد.
الأستاذ: بدر كريم:
شكراً جزيلاً للأستاذ المحاضر الدكتور (طارش الشمري)، وأنا من جانبي أيضاً أود أن أشكر الشيخ (عبد الرحمن الخلف) الذي أتاح لي فرصة إدارة هذه الندوة ويسعدني أن أضع خدماتي المتواضعة في خدمة المكتبة المركزية الناطقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق