الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الأربعاء، 6 مارس 2013

بالكويــــــــــــــــت / تشخيص التوحد .. صرخة هاني خليفة

في حديث جرى أمامي مع طبيب متطوّع في مجال الإعاقة, تحدث مطولا عن حالات يعانيها يوميا, مع امهات بشكل خاص, قد تم تشخيص التوحد لأبنائهنّ, مع كل ما يعني ذلك من إحباط وتعب وإرهاق نفسي للأم, دون أن يكون هذا التشخيص صحيحا في احيان كثيرة, إذ أنه وبمجرد البدء بتطبيق تمارين معينة فإن الطفل يتوصل بسرعة إلى النتائج المرجوة!

اضطراب التوحد غير معروف الأعراضحتى الآن, والأطباء هم من يدركون ذلك أكثر من سواهم, ولكن يبدو أن ذلك لا يمنعهم من الاستعجال أحيانا في التشخيص, من غير أن يعوا أن ذلك يسبب كارثة لدى أقرب الأفراد إلى الطفل, وأكثرهم قدرة على مساعدته لتخطي إعاقته.

إنهم كمن يقولون لشخص "ابنك مصاب بالسرطان"!
دون أي مقدمات, هكذا!

أفلا يحتاج الموضوع الكثير من التروي؟لدي بعض المعلومات لكنني بحثت لكي أوردها من مصدر ما بشكل مبوّب ودقيق:

تعريف التوحد

         التوحد: اضطراب نمائي شامل يصيب الأطفال في الثلاث سنوات الأولى من العمر مؤدياً لمشاكل وصعوبات واضحة في ثلاثة مجالات أساسية: التفاعل الاجتماعي , التواصل اللفظي وغير اللفظي , سلوك الطفل واهتماماته

          تقدر نسبة انتشار الإصابة بالتوحد مع الأعراض السلوكية المصاحبة له عالمياً ما بين 15 – 20 لكل عشرة ألاف شخص , ( 1 لكل 500 شخص ) , تزداد نسبة الإصابة بين الذكور عن الإناث بنسبة 4 : 1

خصائص التوحد

         يختلف الأطفال التوحديون فيما بينهم في  الخصائص التي يظهرونها , وهذه الخصائص متباينة بشكل كبير بين طفل وآخر , ويمكن تلخيص هذه الخصائص بما يلي:

1. الخصائص الاجتماعية:
       لا يطورون العلاقات الاجتماعية التي تتناسب مع أعمارهم , عدم القدرة على التفاعل الاجتماعي , عدم القدرة على فهم مشاعر الآخرين ولديهم صعوبة في التعبير عن مشاعرهم , عدم التواصل البصري مع الآخرين , تفضيل البقاء والانعزال لوحده , عدم الاهتمام بالنشاطات والمواقف الاجتماعية السارة , لديهم مشاكل في اللعب التخيلي , ويفتقر لعبهم إلى الابتكار والتجديد , يفضلون اللعب وحدهم ( ألعابهم واحدة ولفترة قصيرة ) , التفاعل مع الغير بطرق غريبة ( كالشم أو اللمس ) , ليس لديهم أصدقاء إذ لا يملكون القدرة على تكوين صداقات أو احتفاظ بها , بعض الأطفال لديهم نوبات من الضحك والبكاء من دون سبب , يهتمون بالأشياء ولا يهتمون بالأشخاص , البعض يستجيب للتفاعلات الاجتماعية إذا طلب منه ذلك ولكن غالباً لا يكون المبادر إليها
2. الخصائص التواصلية:
      الأطفال التوحديون لديهم مشاكل في التواصل سواء أكان لفظياً أم غير لفظي , نسبة كبيرة من الأطفال التوحديون لا يكتسبون كلاماً ويظهرون الصمم والبكم لبعض الكلمات , لديهم تأخر أو قصور كلي في تطوير اللغة المنطوقة , لا يستجيبون بالنظر عند المناداة بالاسم , لديهم مشاكل بالتنغيم وطبقة الصوت ونبرة الصوت والإيقاع , استخدام كلمات خاصة بهم لا يفهمها إلا المقربين منهم , صعوبة في استخدام الضمائر , صعوبة في المبادرة بالحديث والاستمرار فيه , صعوبة في ربط الكلمات التي يتعلمها بمعناها , ترديد لكلمات أو عبارات بشكل غير وظيفي والتي تسمى بالمصاداة بأنواعها الثلاثة: الفورية والمتأخرة والمعدلة
3. الخصائص السلوكية:
      التمسك الشديد بالروتين الزماني أو المكاني في سلوك معين ( الطعام والشراب , اللعب , ارتداء الملابس نفسها كل يوم , مقاومة التغيير في البيئة المحيطة بهم ) , السلوك النمطي مثل ( الاهتزاز , رفرفة اليدين , الدوران , لف الأشياء بشكل دائري , الهمهمة , فرك اليدين وطقطقة الأصابع , وضع الأصابع أمام العينين , تمزيق الورق , لمس الأشياء بشكل متكرر ) , الاهتمام بأشياء محددة دون سواها: ( قد يظهر الطفل التوحدي اهتمامه بعلبة أو خيط ولا يلفت اهتمامه كرة مثلاً , قد يرتب الطفل التوحدي أدواته في وضع معين ويحافظ على هذا الوضع ويضطرب حين يتغير , قد ينشغل الطفل التوحدي باللعب بالرمل أو النقر على الأشياء لفترة طويلة ) , سلوك إيذاء الذات , الانتقائية الزائدة لبعض الأطعمة دون سواها
4. الخصائص المعرفية:
       مشاكل في الانتباه ( الحساسية للمثيرات أي التفاته إلى مثير وعدم التفاته إلى مثير آخر , صعوبة في نقل الانتباه , الانتباه المبالغ به , مشاكل بالانتباه الانتقائي , الانتقائية الزائدة ) , 70 – 75 % من الأطفال التوحديين لديهم تأخر عقلي , بعض الأطفال لديهم تميز بمجال معين , يعانون من مشكلات في الذاكرة , مشاكل في التنبؤ
5. الخصائص الحسية:
         حواس الطفل التوحدي سليمة , لديه مشكلة في تفسير الاحساسات حيث الكثير من هذه الاحساسات يفسرها بشكل خاطىء ,  صعوبات في توحيد المعلومات الواردة من الحواس المختلفة , لديه حساسية سمعية لبعض الأصوات ( مكنسة كهربائية , خلاط ) , قد يسمع أصواتاً حقيقية موجودة في محيطة لا يسمعها الآخرون , قد يخاف من رؤية بعض الألوان , قد يرى أشياء حقيقية لا يراها الآخرون , قد يبتعد عند محاولة لمسه أو حضنة أو وضع اليد على كتفه , الإحساس بالألم عند البعض بطريقة شاذة إما عدم الإحساس أو إحساس مبالغ به .
أسباب التوحد
         التوحد اضطراب غير تقليدي  وأسبابه ما زالت مجهولة وغير معروفة على الرغم من الدراسات والأبحاث الكثيرة التي أجريت في هذا المجال , حيث لا يعتمد في تحديد التوحد على تحاليل معينة أو دلالات بيولوجية وإنما على مجموعة من الأعراض السلوكية لذلك يطلق على اضطراب التوحد الاضطراب المعلوم المجهول معلوم بأعراضه ومجهول بأسبابه
         وجميع ما قدم إلى الوقت الحالي في مجال الأسباب عبارة عن فرضيات ولا يوجد أي نظرية مثبتة علمياً تعزى التوحد إلى سبب دون سواه أخوكم هاني خليفة 60735474 الكويــــــــــــــــــــــــــــــــــت راجع عن قريب 
وأنا عملت بمركز الامير سلمان بن عبد العزيز بالرياض ومركز السمع والكلام بالهفوف وبالبحرين 
هاني خليفة 
60735474

50 مليون تغريدة شهريًا للسعوديين و"العربية" الأكثر انتشارًا .. صرخة هاني خليفة

؛50 مليون تغريدة شهريًا للسعوديين و 
ذكرت دراسة فرنسية أن عدد تغريدات السعوديين في اليوم الواحد تصل إلى أكثر من مليون وخمسمئة تغريدة، وتعتبر اللغة العربية التي يغردون بها هي الأسرع انتشاراً في الموقع بمعدل 30% من اللغات الأخرى.
وقالت شيماء حميد الدين، عضوة في لجنة "المغردون السعوديون" أن تويتر له تأثير كبير في الشباب والشابات السعوديين، وأوضحت أن الدراسة التي نشرتها الشركة الفرنسية Semiocast بينت أن عدد حسابات السعوديين في تويتر بلغ أكثر من مليونين وتسعمئة ألف حساب، وأن عدد التغريدات الشهرية التي يكتبونها وصلت إلى 50 مليون تغريدة، نسبة المغردين 55 % والمغردات 45% وأن أكثر الفئات العمرية الشباب والشابات، وتراوحت أعمارهم بين 25-34 عاماً.
كما ذكر وليد سمسوم، أحد المغردين، أن معظم التغريدات تكون للسخرية والفكاهة، وأن هناك فئات لحسابات عدة منها الدينية والاقتصادية والسياسية والأخبار العامة وأن ما يقارب 70% من المغردين هم من الشبان من كلا الجنسين.
وعلقت لبنى القرعاوي مغردة بشؤون التنمية البشرية بأن تويتر له سلبيات وإيجابيات، ولكن متى ما عرفنا استخدامه ونوعية التغريدات التي نكتبها سوف يكون وسيلة تواصل جيدة بيننا وبين الآخرين.
وذكر ثامر المشاري، صاحب حساب بانكر، أن هناك مصطلحات كثيرة تروج في تويتر مثل "الهوامير" وهو من يكون لديه أكثر من 20 ألف فولورز "والمدرعم" وهو كائن فضولي لا يعرف ولا يأبه بما يتحدث به المغرد، والسخرية والفكاهة التي تتداول مصطلحات كثيرة، مثل "الطقطقة" و "نص الجبهة".
وبالتوازي مع ما قد يكون من حسنات تويتر فإن كثيرين في الملتقى اتفقوا على أنه أضحى وسيلة سريعة لنشر الشائعات، فيما يتفق مغردون سعوديون على أن الكثير من القضايا التي تثار في تويتر تنتشر سريعاً بعد أن تتخلى عنها مصادرها، ليتحول الحديث فيما بعد إلى قضاء وقت يتسم بالمرح والسخرية... هاني خليفة

صرخة هاني خليفة ..Washington Post: Prophet Muhammad is "the mercy to all worlds to Muslims: Egypt s mufti

Washington Post: Prophet Muhammad is It goes without saying that violence of any sort, whether inspired by religious sentiment or secular interests, must be condemned unequivocally and in the strongest terms possible. This is in keeping with the best of Muslim tradition, which abhors sectarian rife, inter-ethnic conflict, and interreligious violence. This lesson is best contained in the example of the prophet Muhammad himself, who was repeatedly subjected to the worst treatment by his enemies, only to consistently disregard these insults and instead take the path of forgiveness, mercy and compassion.
He is known to Muslims as “the mercy to all worlds.” Indeed, this example is most succinctly summarized in the Koran itself, which instructs believers as follows: “The good deed and the evil deed are not alike. Repel the evil deed with one which is better.”
The world is sorely in need of such lessons, which represent the authentic teachings of the Koran and the prophet of Islam. It is important to separate these noble messages from those that are bandied about by those who have no competencies in religious interpretation, Koranic hermeneutics or the history of Islamic thought. Unfortunately, the current state of the Muslim world is such that institutions and structures of legitimate authority have been weakened to such an extent that inflammatory rhetoric has taken the place of thoughtful analysis as a motivator of action and a guide for religious sentiment.
We are today in desperate need of serious religious leaders who engage the reality of the modern world – complete with its challenges and difficulties – in order to create an environment in which people can coexist. This must be a joint effort from members of all faith groups and cultures.
A necessary part of any such effort must be a sincere desire to understand what is behind the Muslims’ reverence for the prophet. For more than a billion Muslims around the world, Muhammad is their ultimate example. He is their reference point and, as the Koran explains, “dearer to them than their own selves.”
Prophets are the means, in the Islamic worldview, through which people have been taught about God. This is no less true for the succession of prophets that preceded Islam – including Abraham, Moses and Jesus – than it is for Muhammad himself. They are revered teachers who taught us the very nature of reality, the purpose of our existence, and how to connect with God Himself.
As a result, Muslims strive to emulate the example of the prophet in every aspect of their lives. They seek to inculcate the values in a deep and profound manner. These include, among other things, the ability to confront evil provocations with patience, tolerance and mercy. These are, for Muslims, spiritual values of the utmost importance, and they are best exemplified in the life of Muhammad himself.
A famous story from his life is known to Muslims around the world. One of his enemies was a woman who lived above a street he used to pass daily, and would litter the streets with garbage as he walked past. One morning, when the prophet was walking by, he noticed no such provocation. His response to this sudden reprieve was to ask after the woman’s health, concerned that she had strayed from her daily routine, as painful as it might have been for himself. The stories of the prophet praying for his enemies, and exhibiting enormous steadfastness in the face of insults and provocations, are legion in Islamic literature.
This should be the Muslim ideal, there is no doubt. Unfortunately, it is not possible that everyone can live up to the ideal. What is clear is that people’s attachment to the personage of the prophet is undiminished, even when they are unable for their own reasons to live up to the lessons he has taught. Insults against the prophet are taken as more serious than insults against one’s own parents and family, indeed than one’s own self. Muhammad is a sacred figure, who taught Muslims how to live in this world, and whose appearance in the world was a gift from the divine.
As such, inflammatory materials that are clearly designed to offend the deeply-held sensibilities of over a billion people around the world only contribute to the escalation of tensions with no observable benefit. Muslims should either ignore such provocations, or respond nonviolently, as per the limits laid down by their religion. Such limits have been obviously transgressed in recent days, and the broader Muslim religious establishment as well as the Coptic Church in Egypt all joined in calling for calm and not allowing this to further escalate.
 هاني خليفة

صرخة هاني خليفة .. حماس تطالب بالعودة للعمل العسكري في عمق "إسرائيل

حماس تطالب بالعودة للعمل العسكري في عمق
طالبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) اليوم الأربعاء جميع الفصائل الفلسطينية بضرورة تفعيل العمل المقاوم والعسكري في العمق "الإسرائيلي"؛ لإجبار الاحتلال على وقف عدوانه وجرائم حربه بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته.
وأكدت حماس - خلال مؤتمر نظمته اليوم حول الانتهاكات "الإسرائيلية" في القدس - أن المدينة المقدسة تتعرض لأخطر مراحل التهويد "الإسرائيلي" منذ احتلالها، داعية المقدسيين للاستمرار في صمودهم في مواجهة المخططات "الإسرائيلية" الهادفة إلى تدنيس المسجد الأقصى المبارك، وهدم منازلهم والاستيلاء عليها وتهجيرهم منها، وتهويد المدينة وطمس آثارها الإسلامية و"المسيحية".
ومن جهته، وصف الدكتور أحمد أبوحلبية رئيس لجنة القدس في التشريعي الفلسطيني النائب عن حماس ما تتعرض له المدينة ومسجدها الأقصى بأنها جرائم حرب "إسرائيلية" تستهدف الوجود الفلسطيني فيها، وهويتها وثقافتها العربية والإسلامية.
وطالبت حماس - على لسان نائبها - الفلسطينيين في الداخل والخارج والجماهير العربية والإسلامية بإعلان النفير العام والاحتشاد في مسيرات وتظاهرات حاشدة يوم الجمعة القادم نصرة للمسجد الأقصى والقدس.
ودعا أبوحلبية العرب والمسلمين وأحرار العالم على كل المستويات الرسمي والمؤسساتي ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمة اليونسكو والمحاكم الجنائية الدولية والوطنية - إلى ضرورة العمل على توفير حماية دولية للقدس وأهلها والمقدسات والآثار من جرائم الحرب الصهيونية.
وقال: "إن الهجمة "الإسرائيلية" الهمجية والبربرية والمسعورة تشتد على كل ما في المدينة المقدسة بهدف سلخها عن هويتها وإرثها الديني والإنساني والتاريخي والحضاري"، مستنكرًا قيام قوات الاحتلال بالاقتحامات المتكررة للأقصى ولأحياء وقرى القدس والاعتقالات والاعتداءات على المقدسيين بالضرب ونزع الحجاب.
وحذر من المخططات المستمرة ضد الأقصى وساحاته من حفريات وافتتاح أنفاق جديدة أسفله وفي محيطه، وكذلك المخططات الهادفة لتكثيف الاستيطان في القدس، وتغيير المعادلة الديموجرافية في هذه المدينة لصالح الاحتلال.
هاني خليفة

صرخة هاني خليفة .. وفاة الرئيس الفنزويلي «هوغو شافيز» بعد صراع مع مرض السرطان.. والجيش والشرطة تنتشر بالبلاد

وفاة الرئيس الفنزويلي «هوغو شافيز» بعد صراع مع مرض السرطان.. والجيش والشرطة تنتشر بالبلاد
توفى مساء الثلاثاء الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز عن عمر ناهز 58 عاما بعد صراع مع المرض، ليدخل التاريخ كأحد أكثر زعماء أمريكا اللاتينية إثارة للجدل، فمؤيدوه كانوا يلقبونه ببطل الفقراء في حين اعتبره خصومه مستبدا، أما هو فقد كان يفضل تسمية الجندي الثائر، بطل حركات الاستقلال في أمريكا الجنوبية.

وانتشرت قوات الجيش والشرطة بالبلاد في أعقاب وفاة الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز، والتي أثارت جدل كبير حيث خلف مرضه أزمة دستورية عنيفة سعت معها المعارضة إلى الإطاحة به.

ولد هوغو شافيز في 28 يوليو 1954، وعاش طفولة سعيدة في سابانيتا وهي قرية تقع في جنوب فنزويلا. كان والداه مدرسين وعاش مع أشقائه وجدته. اهتم شافيز طيلة فترة المراهقة بفنون الرسم قبل أن يغرم برياضة كرة القدم الأمريكية.
لم يستطع شافيز إكمال دراسته في العاصمة الفنزويلية كاراكاس لأسباب مادية، فاختار في السابعة عشر من عمره الالتحاق بالأكاديمية العسكرية ليتخرج منها بعد أربع سنوات برتبة ملازم، متأبطا بندقية وكتابا لتشي غيفارا كما يقول

شافيز نفسه.
ثم التحق شافيز بجامعة سيمون بوليفار في العاصمة الفنزويلية كاراكاس لنيل إجازة في العلوم السياسية إلا أنه لم يحصل على هذه الشهادة.
نضج وعي هوغو شافيز السياسي خلال فترة المراهقة بفضل لقاءاته السياسية –شقيقه أسس في 1972 الحركة البوليفارية الثورية- وبفضل قراءاته لكارل ماركس وسيمون بوليفار، وخلال أدائه للخدمة العسكرية، كون شافيز في 1982 الحركة البوليفارية الثورية 200، ذات التوجه الاشتراكي.
شهدت فنزويلا في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي أزمة اقتصادية خانقة. وأدت سياسة التقشف في فبراير 1989 إلى ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل حاد وإلى خروج مظاهرات في كاراكاس وامتناع عدد كبير من الناخبين عن المشاركة في الانتخابات المحلية. وحاول هوغو شافيز في هذا السياق وعلى رأس حزبه القيام بانقلاب في 4 فبراير/شباط 1992 وكان على رئيس فنزويلا آنذاك كارلوس أندريس بيريز إلا أن محاولته باءت بالفشل وسجن على إثرها لمدة سنتين، ودعا من زنزانته إلى انتفاضة جديدة لقيت نفس المصير.
12 عاما من الحكم
في 1994، حصل هوغو شافيز على عفو رئاسي منحه له الرئيس رافاييل كالديرا فور وصوله إلى السلطة، وبعد ثلاث سنوات أسس شافيز نسخة سياسية من حزبه "الحركة البوليفارية الثورية" سماه حركة الجمهورية الخامسة"، ما أعطى هذا الحزب طابعا سياسيا بعد أن كان عسكريا.
وفي 1998 فاز شافيز في الانتخابات الرئاسية الفنزويلية بـ56 بالمائة من الأصوات ورفع خلال حملته الرئاسية شعارا يساريا "عدو الأغنياء بطل الفقراء"، وكان انتخاب شافيز بداية لصعود الأحزاب اليسارية في أمريكا اللاتينية
ومنذ وصول شافيز إلى سدة الحكم في بلده، لم يغادرها أبدا. حيث أعيد انتخابه بنسبة تفوق 60 بالمائة من الأصوات عامي  2000 و2006، إلا أنه واجه خطر الإزاحة من الحكم بفعل انقلاب كاد يقصيه من رئاسة البلاد، حين قام رئيس غرفة التجارة بيدرو كارمونا باستغلال الأوضاع الاقتصادية المأساوية في البلاد بعد انهيار أسعار البترول مدفوعا بدعم من خصوم شافيز للانقلاب على الرئيس، ففي 11 أبريل/نيسان 2002 وخلال مظاهرة للمعارضة تم قمعها وقتل خلالها 15 شخصا، تم اعتقال هوغو شافيز من قبل عسكريين، كما تم تعيين حكومة جديدة واستلم بيدرو كارمونا مقاليد الحكم لمدة 48 ساعة فقط قام خلالها أنصار شافيز بمساعدة الحرس الجمهوري بالانقلاب عليه وإعادة شافيز إلى الحكم. وتمكن هوغو شافيز من النجاة من سيناريو الانقلاب وثبت نفسه في منصب رئيس الجمهورية خلال استفتاء في 15 أغسطس 2004.
منذ بداية حكمه قام شافيز بثورة ذات توجه اشتراكي وحقق إصلاحات مؤسساتية، وقام بتمرير استفتاء لتغيير الدستور، قبل إعادة في يوليو/تموز 2000. وبعد ذلك بست سنوات أعلن شافيز عن تنظيم استفتاء دستوري لرفع عدد الولايات الرئاسية والنص على الاشتراكية في الدستور وبتعليق حرية الصحافة في حالة الطوارئ. إلا أن هذه القرارات رفضها الفنزويليين بنسبة 50.7 بالمائة.
وفي 2007 كوّن شافيز حزبا اشتراكيا موحدا يضم كل الهياكل السياسية التي تساند الثورة البوليفارية أطلق عليه "الحزب الاشتراكي الموحد لفنزويلا".
معاداة اولايات المتحدة الأمريكية
خلال 12 عاما من الحكم قام هوغو شافيز بانتهاج سياسة التأميم (مؤسسات الكهرباء والاتصالات وحقول النفط)، وإعادة توزيع الأراضي على المزارعين ووضع برامج اجتماعية خاصة في التعليم (حيث اندثرت الأمية في فنزويلا بحسب اليونسكو) والصحة (شحنات البترول مقابل 20000 طبيب كوبي). إلا أنه خلال صيف 2009 قام شافيز بإغلاق 34 إذاعة وتلفزيون في فنزويلا.
واستغل شافيز كل الفرص للتوجه بخطابات إلى الشعب الفنزويلي، وكل أسبوع كان يخاطب الشعب خلال برنامج اسمه "ألو يا رئيس" وأحيانا كان يقوم خلال هذا البرنامج بالرقص والغناء. وصمم شافيز على الترويج لرؤيته الثورية التي كان يتقاسمها مع الرئيس الكوبي فيدل كاسترو الذي اعتبره "الأب الروحي" كما كان يحرص على ذم السياسية الليبرالية الجديدة التي تنتهجها الولايات المتحدة الأمريكية، وكان صرح خلال حكم جورج بوش الابن "دعوا كلاب الإمبراطورية تنبح، فهذه مهمتهم، أما نحن فنقاوم لتحرير شعبنا".
واستغل قائد اليسار في أمريكا اللاتينية الراحل والمناهض للولايات المتحدة كل فرصة للتعبير عن معاداته لحلفاء الولايات المتحدة. وكان قد صرح في 2009 غداة الحرب الإسرائيلية على غزة، بأن إسرائيل قامت بـ"محرقة" في غزة وطالب "بمحاكمة الرئيس الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية وكذلك الرئيس الأمريكي". كما أعلن شافيز صراحة تقاربه مع أعداء الأعداء، كالرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الذي كان يعتبره بمثابة "الأخ". وفي أغسطس 2011 أدان عمليات الناتو في ليبيا ودعم القائد الليبي السابق معمر القذافي.
ومنذ يونيو/حزيران الماضي بدأ شافيز بمصراعه مرض السرطان وخضع لسلسلة من العلاج الكيمياوي في كوبا وتدهورت صحته مؤخرا بعد عودته إلى بلاده حتى وافته المنية الثلاثاء 5 مارس 2013... هاني خليفة

صرخة هاني خليفة .. وكالة إم بي آند سيلفا تخطف حقوق الدوري الإنجليزي الممتاز من الجزيرة وأبو ظبي

وكالة إم بي آند سيلفا تخطف حقوق الدوري الإنجليزي الممتاز من الجزيرة وأبو ظبي
في مفاجأة غير متوقعة، نجحت وكالة "إم بي آند سيلفا" التلفزيونية في الفوز بحقوق بث مباريات الدوري الإنجليزي الممتاز في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للسنوات الثلاث المقبلة حسبما أعلنت رابطة الدوري الإنجليزي اليوم الخميس. وأشار مصدر داخل الوكالة أن قيمة الصفقة اقتربت من 300 مليون دولار، وهو نفس المبلغ التي حصلت به شركة أبو ظبي على حقوق بث البطولة قبل ثلاثة أعوام، في الوقت الذي أعلنت فيه رابطة البريميير ليغ احتفاظ قناة "كانال بلوس" بحقوق بث البطولة في فرنسا. وكانت كل المؤشرات تُشير إلى أن المنافسة على حقوق بطولة الدوري الأكثر إثارة في العالم منحصرة بين شبكتي الجزيرة الرياضية القطرية وشركة أبو ظبي للإعلام الإماراتية صاحبة الحقوق والتي تبث حالياً الموسم الأخير لها. وسعت الجزيرة وبقوة للحصول على هذه الحقوق لتُكمل هيمنتها على أبرز البطولات الأوروبية والعالمية، وترددت الفترة الاخيرة أنباء عن فوزها بالصفقة خصوصاً بعد أن افتتحت قنوات تلفزيونية جديدة في فرنسا والولايات المتحدة، لكن وكالة إم بي آند سيلفا فازت بالصفقة في نهاية المطاف. وصرح أندريا رادريتساني الرئيس التنفيذي لوكالة إم بي آند سيلفا لوكالة رويترز قائلاً: "أبو ظبي والجزيرة لم ينافسا بالقوة المتوقعة، سعرنا كان قريباً من المبلغ الذي دفعته أبو ظبي للإعلام في الدورة السابقة". لكن فشل شبكتي الجزيرة وأبو ظبي في الفوز بحقوق الدوري الإنجليزي لا يُعني أنهما لن يبثا مباريات البطولة، حيث أن وكالة إم بي آند سيلفا تتطلع إلى عقد اتفاقات مع المحطات التلفزيونية في المنطقة لبث مباريات البريمير ليغ الـ 380 كل موسم... هاني خليفة

صرخة هاني خليفة ..نظرة كونية للحب

قرأت الكثير عن قصص الحب وحكاياته والتى طالما تمنيت أن أكون البطل وكم اعجبنى كثيرا بالقصص الرومانسية التى تخطف مشاعرنا إلى عالم رومانسى جميل أتمنى ألا أغادره أبدآ . فسمعناعن روميو وجوليت – قيس وليلي وطالما تساءلت هل هى مجرد كلمات أو حقائق ....؟ ولم أجد أجمل من حقيقة هذا الكون آدم وحواء فعندما أراد الله أن يجعل لآدم وينسآ له فى الجنة اختار له حواء وسميت بذلك لانها خلقت من كل شىء حى فخلقت من ضلع آدم عليه السلام ليسكن إليها فكانت حواء هى من شاركته حياته فكانت امرأته الوحيدة ويقول عز وجل" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزوجآ لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة " وكلمة آية تعنى معجزة والمعجزات لا تأتى إلا من عند الله عزوجل فهذه النظرة الربانية إلى من تحب على أنه جزء منك من نفسك إنه نصفك الآخر الذى معه لا تحس بغربة وتشعر بالأمان والطمأنينة, وهذا الإحساس هو الذى يجلب لنا المودة والرحمة.... فالنفس هى الروح والروح لا تأتى من قلب فقط بل هى تأتى من كل ذرة فى كيانك فنصفك الآخر تحبه بقلبك وعقلك وروحك وبدونه تشعربأنك مجهول فى إنتظار لقاء فإذا وجدته هل ستتنازل عنه؟ وقبل أن تجيب على هذا السؤال فليسأل كل منا نفسه كيف ستحافظ عليه ؟ كيف ستكونين شريكآ مخلصا وسندآ له فى الحياة . فبالرغم من الصعاب التى نمر بها فى الحياة نجد قصص حب ناجحة تساءلت عن سبب النجاح وحاولت أن أعرف السر وراء هذا النجاح فوجدت أن كل طرف منهم على إستعداد أن يتنازل عن أشياء كثيرة أمام من يحب من أجل البقاء معآ ومشاركة الحياة سويا وليس من طرف واحد فقط وأن العند يكسر ويحطم هذا الحب فالحب المتبادل هو أسمى وأعلى درجات الحب الإنسانى وكل طرف مقتنع تماما بأن من يحبه هو نصفه الآخر الذى تعب فى العثور عليه وعلى استعداد أن يتعب أكثر وأكثر للحفاظ على بقائه معه ... إذن على كل منا أن يؤمن منذ البداية أن شريكه الذى اختاره هو عمره ولن يجد له بديلا آخر وإذا كنت على صواب فى اختيارك فاعلم أنه يحبك مثلما تحبه فلا تتنازل أبدآ عن نصفك الآخر فالحب حياة والحياة حق ومن حقك "أن تعيش مع من تحب ... هاني خليفة

صرخة هاني خليفة.. الحداثة والتقاليد المبتدعة : رؤية لقضايا الثبات والتغير وإعادة التشكل

لعل المحافظة على التقاليد وصيانتها من العبث تعدّ إحدى المشكلات التي تواجه كافة المجتمعات في تطورها الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، فكل جيل يعمل على نقل ما تعلمه من تراث الأسلاف إلى الجيل التالي، فإذا ما حاول أحد الخروج عن دائرة التقاليد الموروثة فإنه يتهم بالمروق والعصيان والكفر بتراث الأجداد، وبهذا المعنى أصبحت التقاليد الموروثة تمثل قيداً على حريات الأفراد وإبداعاتهم الفكرية، وهو الصراع الذي أخذ عنوان الصراع بين الأصالة والمعاصرة قضية أساسية. ففي ظل التحولات الثقافية الواسعة التي تميز عصر الثقافة العالمية تواجه الثقافة الشعبية تحديات خطيرة، وتحولت نظم اجتماعية واقتصادية لتكتسب سمات تُميِّز نظم الغرب، كما طرأت تبدلات واضحة على إبداع وتذوق الآداب والفنون في تلك المجتمعات. وبناء على ماسبق تبرز الحاجة إلى إعادة قراءة قضايا الحداثة، وكذلك إعادة قراءة بعض قضايا التراث والتفرقة بينه وبين التقاليد الموروثة لإبراز الجوانب المضيئة به ومعالجته بفكر متفتح ومفتوح وكذلك متواءم مع متطلبات العصر في مجتمعاتنا العربية.
1
لم يختلف علماء الأنثروبولوجيا حول مصطلح من المصطلحات قدر اختلافهم حول مفهوم الحداثة وعلاقته بمفهوم التراث، حيث تضاربت وجهات النظر والمنطلقات النظرية والخلفيات الأيديولوجية التي تم تحليل المفهوم في ضوئها. وفي إطار ذلك اضطلع علم الاجتماع والأنثروبولوجيا في الفترة الأخيرة بمحاولة الإجابة عن بعض التساؤلات، كالتساؤل عن آليات الحداثة، وعن الأسباب الرئيسية التي تدعو إلى القول: بأن الحداثةهي الطريق الموصل للعالمية في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، فضلا عن التساؤل عن إمكانية احتفاظ المجتمعات المحلية بهويتها، وذاتيتها الثقافية، وتراثها الديني، كنظمٍ ثقافية في ظل محاولات الهيمنة وفرض السيطرة الثقافية والاجتماعية التي تمارسها المجتمعات المتقدمة على بعض دول العالم الثالث. وثمة بعض المحاولات المعاصرة التي ناقشت تأثيرات ثقافة التحديث على الثقافات الموروثة لبعض المجتمعات والتي قد تتضمن ليس فقط تغيير بعض العناصر الثقافية أو تحويلها لعناصر تستمد قيمها من ثقافة التحديث، وإنما أيضا تحويرها وإعادة إنتاجها من جديد كى تتماشى مع ثقافة التحديث، وما يعنيه ذلك من تشويه لبعض التقاليد الموروثة في الملامح العامة أو في الأدوار المنوطة بها.
وقد طور بيار بورديو PIEERE BOURDIE (1) هذه التحليلات في معرض نظريته عن صناعة الثقافة، فقد اعتمد على ربط أفكاره النظرية بالأبحاث الأمبريقية التي تستمد وجودها من الحياة اليومية، وتصنف أعمال بورديو من جانب علماء الاجتماع ضمن فرع علم الاجتماع الثقافي، أو كنظرية متخصصة في الممارسات الثقافية نظراً لما انطوت عليه من قضايا متشابكة تتصل بثقافة المجتمعات، وكيفية استخدامها لتبرير بعض الأوضاع داخل المجتمعات الرأسمالية. ومفتاح النظرية الثقافية عند بورديو هو مصطلح الـ HABITUS أي العادة أو الاعتياد على فعل شئ ما، ويقصد بها مجموعة الأبنية المنتظمة من العادات التي تساعد على خلق وسائل، وأدوات متجددة، تساعد الأفراد الفاعلين عى القيام بممارستهم الثقافية المختلفة، لتحقيق بعض الوظائف التقليدية، وقد يحدث في هذه الحالة أن تنشأ حالة من التكيف الثقافي بين الوظائف القديمة للعادات، وبعض العناصر الجديدة الداخلة على العادة، دون إخلال بالـ Habitus، ويرتبط بهذا المفهوم مفهوم أخر وهو الاستدماج أو التطبيع الاجتماعي لعادات الإنسان التي يقوم بممارستها في حياته اليومية، وتتيح له التصرف سواء عن وعي أو دون وعى، ومن ثم فإن الـ HABITUS يتكون من خلال الاستدماج الجمعى للمعايير والتعبيرات الرمزية الخاصة بكل فئة أو طبقة أو جماعة اجتماعية، ويقوم مثل هذا الاعتياد على نقل هذه الممارسات إلى الأجيال الللاحقة(2). وينتقل بورديو بعد ذلك لطرح مفهومين كانا لهما الصدارة في نظريته هما مفهومي المجالField ومفهوم الممارسة Practice، ويشرح ذلك بقوله أن هناك العديد من المجالات المفضلة لدى الناس والتي تعبر عن وجود اختلافات وفروق في وظائف الممارسات وكذلك ملامحها العامة، ويمكن ملاحظة ذلك بصورة أدق داخل الأعمال الفنية، لذا فقد تتنوع الممارسات الثقافية وفقا للفروق الفردية بين الأفراد مما قد يسهل حدوث مرونة أثناء القيام بالممارسة ذاتها. ويجدر التأكيد هنا أن الممارسة لا تنحصر في نشاط بعينه فقد تكون حرفية أو فنية أو رياضية أو غير ذلك، ويعد هذا المفهوم جوهرياًّ أثناء تفسير عمليات التغير الثقافي داخل المجتمعات الرأسمالية(3).
وجدير بالذكر أن تحليلات بورديو للممارسات الرمزية جاءت متوافقة مع تحليلاته عن تغير الثقافة بما تشمل من معتقدات وعادات وممارسات وبصفة خاصة تلك الممارسات التقليدية، ففي ظل اقتصاد السوق وهيمنة ثقافة الحداثة الذي تشهده العالم الحديث وسيادة معاييرها على كافة العلاقات الاجتماعية، بدأت تندثر بعض القيم التقليدية أوالتراثية التي كانت تحبذ فعل العطاء المجاني والتضامن الاجتماعي والتكافل الاجتماعي، وحلت محلها قيم أخرى تعظم المنفعة والأنانية والمصلحة المادية لتعبر عن أخلاق السوق والقيم المادية التي تتنافي بطبيعة الحال مع أخلاق النية الصافية حتى أصبحنا نعيش في جزيرة من المصالح، وصار أحاديث الناس وسمرهم في المجالس هو التفاخر والمباهاه بما يمتلكونه وما يجودون به، فضلا عن تداخل سمة الإزدواجية مع السمات السابقة وسيطرتها على عقول الأفراد بين الحقيقة الذاتية والحقيقة الواقعية لعلاقة الأفراد بعضهم ببعض(4).
وقد استخدم بورديو، هذه المفاهيم في معرض تناوله لميكانيزمات ابتداع التقاليد أو إعادة تشكلها، محاولا ربطها بالتغيرات الاجتماعية والاقتصادية في العالم الحديث، ففي ظل التغيرات الاجتماعية والاقتصادية المصاحبة لتطور نظم الرأسمالية العالمية، انطوت الممارسات التراثية على عدة أبعاد تعكس الملامح المميزة للثقافة في المجتمعات الرأسمالية، فضلا عن تغير السلوك الاجتماعي المصاحب للممارسة ذاتها. وبناء على هذا الطرح النظرى فإن كافة الممارسات الثقافية والتراثية تتحدد وفقا للطبقة الاجتماعية المسيطرة في المجتمع، لذا تعد نظرية بورديو واحدة من أهم إعادة انتاج الطبقة من خلال الرأسمالية الثقافية والرمزية(5).
كما يعد تيودور أدورنو ODORNO واحدا من الذين اهتموا بالتغير الثقافي، في ظل المجتمعات الرأسمالية، وقد استخدم أدورنو مفهوم صناعة الثقافة، وكذلك مفهوم إعادة الانتاج الثقافي ليوضح الدور الذي تلعبه الممارسات والنظم الثقافية المختلفة، في تأمين السيادة الاقتصادية، والسياسة للرأسمالية الحديثة، فمن خلال عمليات صناعة الثقافة تسيطر قيم إعادة الانتاج في المجتمعات الرأسمالية على المنتجات الثقافية، ولا يقتصر الأمر هنا على السيطرة فحسب، بل يمتد ليشمل عمليات تغيير وتحوير من المنتجات الثقافية واعادة تنظيمه من جديد كي يتلاءم مع القيم النفعية للسوق. وقد تناول "أدورنو" هنا إشكالية تغير صناعة الموسيقى بوصفها أحد الأشكال الثقافية، وخلص منها إلى بعض النتائج التي استطاع أن يعممها على الكثير من المنتجات الثقافية الأخرى ولا سيما الفنية منها، فقد فرق بين كلا من الموسيقى التقليدية أو التراثية والموسيقى الحديثة، فالموسيقى التقليدية تقوم على محورين أساسيين هما التأسيس الفردي والتأسيس المتوارث، كما أنها تتطلب الاهتمام بتفاصيل العمل الفني ككل، ووظيفة كل قطعة موسيقية داخل الكل. ويتمثل التأسيس الفردي هنا في اعتقاد الفرد أنه يسمع شئ جديد ومختلف، فضلا عن وعيه بشكل مختلف عن وعي الأخر مما يعطي للقطعة الفنية جمالها الفردي الخلاق. وفي مقابل ذلك ظهر اتجاه آخر يدعو لاستخدام الالات والتقنية الحديثة في مجال الموسيقى، الأمر الذي أدى إلى وجود أعمال موسيقية حديثة مأخوذة من بعض القطع التقليدية بشكل متناثر، يفتقد من المعنى والوظيفة، ويهتم فقط بكيفية استخدام التكنولوجيا المتطورة دون الاهتمام بالحس الجمالي والذوقي للقطع الموسيقية التقليدية(6).
ويعزز "أدورونو" مقولاته بتحليل، ما أسماه بالطابع المزدوج للممارسات التراثية كالفنون التراثية على سبيل المثال، أو الوظيفة المزدوجة للأشكال الفنية التقليدية، فقد نظر إلى منتجات الصناعة الثقافية بما يندرج تحتها من أشكال فنية، على أنها انعكاسا لهيمنة بعض المؤسسات السياسية والاقتصادية في العالم المعاصر، أكثر من كونها وظيفة جمالية فنية، فضلا عن كونها وسيلة للتبادل الاقتصادى أكثر من كونها إشباعا لاحتياجات حقيقية أو استجابة لمعان عاطفية ووجدانية، وأحيانا نجد "أدورونو" يشدد على عملية إختزال الكثير من الرموز والمعاني الجمالية والاجتماعية للأعمال الفنية المتوارثة وتشوهها وكذلك افتقارها للمعاني الإبداعية، ويقول في هذا الصدد "لا تنكر الحداثة مثلما تفعل ذلك الأساليب والممارسات الفنية السابقة، وإنما تنكر التقليد بوصفه تقليدا، وهي في ذلك لا تفعل سوى تأييد المبادئ البرجوازية والتي ترتبط بالطابع البضائعى للمجتمع البرجوازي، كما تؤيد وترسخ النموذج الغربي كأسلوب في الحياة القائمة على العصرية والمتمتعة بمنجزات التكنولوجيا داخل العمل الفني التقليدي، الأمر الذي أدى إلى وجود أعمال فنية حديثة مأخوذة من الأساليب السابقة عليها وتنطوي على أجزاء غير مترابطة تخلو من المعنى والوظيفة نظرا للإهتمام الزائد بالتفاصيل التقنية على حساب القيمة الفنية"(7).
كما دعى "أدورنو" إلى تحليل ما يسمى ممارسات المجتمعات الصناعية المتقدمة والتي تحاول نشر وسائل اجتماعية وممارسات حديثة للسيطرة بها على الدول الأضعف، وبناء عليه فمن الضروري أن نبحث في تنظير التأثيرات الثقافية للتكنولوجيا الحديث على الأعمال الفنية، فقد أفرزت لنا تلك المجتمعات الصناعية أخلاقا برجماتية تنظر إلى الفن والفنون التراثية بصفة خاصة على أنها وسيلة للسيطرة السياسية، ومن ثم فقد اندمج الفن بالسياسة وأحيانا يتم توجيهه وفقا لمعطيات السياسة وقوانينها المتغيرة، ومع ذلك فما زالت بعض الأعمال الفنية محتفظة بروحانيتها وطبيعتها وعموميتها بين الناس على الرغم من عمليات التغير وإعادة التشكل(8).
كما جاءت نظرية أنتونى جيدنز ANTONY GIDDENS أكثر تحديدا في نظرته إلى الممارسات التراثية أو التقليدية وعلاقتها بكل من العولمة والتحديث، فالعولمة في رأيه تتمثل في مجموعة معقدة من العمليات التي يحركها مزيج من التأثيرات السياسية والاقتصادية، إنها تغير من الحياة اليومية خاصة في الدول النامية من خلال ما تخلفه من نظم وقوة عالمية، كما أنها تعمل على تغيير المؤسسات في المجتمعات التي نعيش فيها. أما الحداثة التي ظهرت في بيئتها الطبيعية في الغرب فقد شكلت انقطاعا مع تقاليد الماضي ونماذج فكره وتراثه إلى درجة أن أصبحت علاقة الانقطاع مع التراث أحد الملامح البارزة في مفهوم الحداثة، فكل الممارسات التي تجري في حياتنا تكون في الغالب عالمية في دلالاتها حتى عادات الطعام نجدها ترتبط ارتباطا وثيقا بمنتجي الطعام الذين يعيشون في العالم الرأسمالي. وهكذا تجذبنا قوى التحديث إلى أسفل بحيث تخلق أشكالا جديدة للطلب وامكانيات مستحدثة لتجديد الهويات المحلية(9).
أما عن موقف "جيدنز" من التقاليد الموروثة في الوضع الحالي من اختراق العولمة لكافة النظم الاجتماعية، فهو يرى أن تراجع قوة التقاليد قد ارتبط ارتباطا وثيقا بالتجديد التكنولوجي، فقد كانت التقاليد تحصر الحاضر في الماضي، وتعظـم من قيمة الخبرة المكتسبة عبر الزمن، ومع حدوث التغيرات الاجتماعية والاقتصادية تداعت هذه الخبرة وانحسرت التقاليد والعادات من حياتنا، وتحرر الأفراد من ثوابت الماضي. وقد تمخض عن ذلك أن ظهرت النزعة الفردية الجديدة التي ارتبطت بتأثير العولمة بمفهومها الشامل أكثر من كونها أثر من أثار نظام السوق، وبدلا من النظر إلى عصرنا على أنه عصر تحلل أخلاقي فأنه من الأفضل أن ننظر إليه على أنه عصر تحول أخلاقي، وإذا كانت النزعة الفردية ليست هي النزعة الأنانية فليس لها نفس الخطر على التضامن الاجتماعي، ولكنها تعني أننا يجب أن ننظر إلى أساليب جديدة لخلق هذا التضامن، وذلك من خلال تأسيس حياتنا بشكل أكثر نشاطا مما كان لدى الأجيال السابقة(10).
وينتقل "جيدنز" بعد ذلك إلى مناقشة العلاقة بين التقليدية والحداثة، ففي مقاله المعنون بـ"الحياة في المجتمع التقليدي" 1994م قـام "أنتونى جيدنز" بتحليل طبيعة التراث وكيفية ابتداعه في المجتمعات الحديثة حيث يذكر أن التراث له مضمون مزدوج أخلاقي وعاطفي، ومن خصائصه أنه يتعلق بتنظيم الماضي في علاقته بالحاضر، وبالرغم من ذلك نجد أن لقوى التحديث تأثيرا مباشرا وفعالا على المجتمعات المحلية وتقاليدها الراسخة حيث تقوم بعمليتين أساسيتين أحدهما تفريغ المجتمعات المحلية من تراثها الراسخ والذي يمثل عناصر ثقافية أصيلة، والأخرى إضفاء الطابع السلعي والتجاري على أشكالها وتقاليدها التراثية، وقد لا تقتصر عملية الإضفاء هنا على السلع والمنتجات التراثية فقط بل تمتد لتشمل الحيز العمراني أو البيئة التي يعيش فيها هذا التراث بحيث أضحت هذه البيئة العمرانية مفرغة من الشكل الجمالي لها، فضلا عن مصادرة كافة أشكال الخبرات الإنسانية التي كانت متأصلة في نسيج الحياة الاجتماعية، وبفضل تلك العمليات الديناميكية تتغلب الأنشطة الاقتصادية والجوانب التقنية على كافة الأشياء المتعلقة بالتراث بدءا من الأدب والفن ووصولا إلى كافة الأساليب الشاعرية في الوجود الإنساني. وينتقل "جيدنز" بعد ذلك إلى مناقشة ميكانيزمات ثبات الموروثات الثقافية في ظل تعاظم قوى التحديث والعولمة، ومن ثم يدعو إلى إعادة صياغة مفهوم الاستمرارية وتطوير التماسك الاجتماعي في عالم يتسم بالتحول المقلق، وتلعب فيه طاقات التجديد العلمي والتكنولوجي غير القابلة للتنبؤ الدور الأهم. ثم يختتم "جيدنز" مقولاته بأن قوى التحديث قد تلعب دورا رئيسيا في عمليات إبتداع التقاليد وإعادة تشكيلها وفقا لمقتضيات الحداثة ومتغيراتها(11).
2
وتمتاز المجتمعات العربية، عن غيرها من المجتمعات الأخرى، بأنها مجتمعات تراثية، تحتفظ بتاريخها الماضي، وتدون آثاره، أو تحفظه شفاهة لتنقله إلى الأجيال اللاحقة. ويعد التراث عنصر أساسي في الحفاظ على كيان العالم العربى وهويته الثقافية والاجتماعية خلال التاريخ العربى والإسلامى وذلك عن طريق إبداع ذلك الإنتاج الفكري الضخم المتنوع، الذي يعرف باسم التراث. ويشمل الفلسفة وعلم الكلام والأدب والفن وغيرها، فهو مقوم أساسى من المقومات الثقافية الأساسية للعالم العربي، كما أنه يعكس البعد التاريخي أو الزمني للثقافة باعتباره تسجيلا للحياة الثقافية والفكرية والاجتماعية والسياسية خلال التاريخ، فهو بذلك حافظة الماضي ووعيه وذاكرته كما سجلته عقول هذا الماضي من فلاسفة ومفكرين وأدباء وعلماء وفنانين وغيرهم.
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر وحتى اليوم يعيش الوطن العربى والإسلامي أزمة تدور حول الحداثة والتراث أو المعاصرة والأصالة في إطار تدفق موجات الحضارة الغربية وإفرازاتها في شتى المناحي الفكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية. إن دعاوى العولمة، وسيطرة الرؤية العالمية، والتقييم العالمى للواقع اليومى المعاش، يخضع الدولة المعاصرة لقوى الضغط من الداخل ومن الخارج، فقوى العولمة الخارجية تفرض عليها نظاما اقتصاديا معينا(يقوم على فتح الحدود وإسقاط الحواجز وحرية التجارة) وبديهي أنها تعمل على فرض نظام سياسى معين، وتتخذ في ذلك أساليب صريحة قليلة وأساليب ضغط مقنعة لا تقع تحت حصر، ومن ضمن ذلك التغلغل بعناصرها الاقتصادية في ثقافة دول العالم الثالث وفنونها التراثية متطلعة إلى الإنتشار وتنميط العالم وتوحيده والهيمنة عليه ثقافيا واقتصاديا مما أوجد معه عدة أنماط استهلاكية تحبذ الاستهلاك وتشجعه، وقد تمخّض عن ذلك أن انقطع الشعب عن تراثه، وأصبحت الثقافة أرضا خصبة للغزو الثقافي، فعلى سبيل المثال برعت الصين وكوريا وغيرهما في تصدير بعض السلع التراثية المميزة، لمجتمعاتنا العربية كالفوانيس وسجاجيد الصلاة والسبح وغيرها، لقد تحولنا إلى مستهلكين فقط، بينما الأصالة الحقيقية أن نؤسس قاعدة اقتصادية انتاجية وفي الوقت ذاته إبداعية.
إنّ ردود فعل الأفراد والجماعات في الحياة اليومية تجاه الحداثة يختلف إلى حد كبير، وهذه خاصية جوهرية في نمط الحداثة البرانية، فهي لم تنجح في استيعاب كل أفراد المجتمع وجماعاته تحت مفهومات متقاربة بحيث أصبحت أفكارا مثل فكرة الاتفاق العام أو الاجماع أو التجانس أو الهوية المشتركة، أصبحت مثل هذه الأفكار أفكارا معيارية لا علاقة لها بالواقع.
ففي ظل تلك الظروف، من عمليات استيراد الحداثة، أصبحت ذات طبيعة خاصة تولد تناقضاتها وجدلها الخاص، مما ينقلنا إلى مستوى آخر من التحليل يختص بالجدل الداخلى للحداثة، لقد شكلت الحداثة عندما ظهرت في بيئتها الطبيعية في الغرب انقطاعا مع تقاليد الماضي ونماذج فكره إلى درجة أن علاقة الانقطاع مع التراث أصبحت أحد الملامح البارزة في مفهوم الحداثة، أما الحداثة التي عرفناها في الحضارات غير الغربية فإنها تفاعلت مع التقاليد والتراث على نحو مغاير، لقد كونت مع التراث علاقة معقدة وكوّن التراث معها علاقة معقدة، واستطاع كل منهما أن يكيف الآخر ويخضعه في نفس الوقت الذي يستطيع كل منهما أن يرفض الآخر ويتصارع معه في عملية معقدة يعاد فيها دائما صياغة أو تشكيل كل من الثقافة الحديثة والثقافة التراثية، فهما يعيشان في حالة إعادة بنينة، أو إعادة تشكيل مستمر، تندمج فيهما الثقافتان اندماجا خاصا. ولأن الحداثة بذرت في أرض غير ممهدة، وفي تربة غير تربتها، وبأسلوب مختلف فإنها قد استقبلت على نحو خاص. لقد طورت الحداثة الوافدة آلية استقبالها، ففي ضوء الظروف التي نقلت بها فإن استقبالها لم يعتمد على انتقائية عقلانية، بمعنى انتقاء العناصر الضرورية اللازمة لتطوير المجتمعات ونقلها نقلة حضارية نوعية، ولكنها اعتمدت على الانتقائية العشوائية التي تخضع على مستوى الفكر لاعتبارات الشهرة أو الترف الفكري، وعلى مستوى السياسة لاعتبارات المصلحة والهوى، وعلى مستوى الحياة اليومية لاعتبارات التميز والمظهرية. لقد كان مبدأ الانتقائية العشوائية هو المبدأ الحاكم لتحديث الثقافة التقليدية على مستويات عديدة بدءا من الاقتصاد ومرورا بالنظم السياسية وحتى الممارسات الحياتية، ومع استمرار هذا المبدأ عبر فترات تاريخية مختلفة ذات توجهات سياسية مختلفة، تضاعفت التناقضات التي يخلقها. وإذا كانت الحداثة حالة خاصة فإن انتقالها إلى المجتمعات غير الغربية حالة خاصة أيضا، فرغم أن الحداثة قد حققت كونيتها عبر صور وصيغ موحدة: نظم الدولة والايديولوجيا والنظم الإعلامية والثقافية وأساليب الحياة، فإن ظروف انتقالها إلى الحضارات غير الغربية قد حولت هذه الصيغ الشكلية بحيث بدت الحداثة في صيغها غير الغربية مختلفة عن أصلها المنشئ. لقد أدت الآليات المتحكمة في نقل نظم الحداثة إلى تخليق حداثة من نوع خاص، وهي ما يسمى الحداثة البرانية. وللحداثة البرانية بعض السمات منها أنها تتصل بالاستهلاك دون الانتاج، وبالمظاهر الخارجية دون الاستعدادات الداخلية، وبالشكل دون المضمون، وبالانفعالات والمشاعر الطرية دون العقل، ومن ثم تبرز عملية التحول الاستهلاكي، كآلية من آليات نقل الحداثة واستدماجها في الثقافات المحلية، وهكذا فإن الشعوب لم تخلق حداثيتها، وإنما كان عليها أن تتلقى تاريخا صنعه الآخرون في الداخل والخارج، ومن ثم تعانقت تلك اللاعقلانية المصدرة من الغرب مع اللاعقلانية الكامنة في التراث الداخلي للحضارات غير الغربية، فكانت النتيجة حداثة لاعقلانية، وهي الحالة التي يطلق عليها أحمد زايد مفهوم الحداثة الزائفة أو الحداثة البرانية، ويقصد بها أساليب الحياة والتصورات العامة وأنماط السلوك التي لا توصف بأنها تقليدية أو حداثية، وإنما هي مزيج مشوه من كليهما، إنها ثقافة ثالثة تقوم على مبادئ معاكسة للمبادئ التي نهضت عليها الحداثة بالمعنى الذي وجد في الغرب، وهذه المبادئ المعاكسة ليست بالضرورة مشتقة من التقاليد أو التراث، فالحداثة البرانية تشوه التقاليد والتراث بنفس القدر الذي تشوه به المظاهر الحداثية الأصيلة، وليس أدل على ذلك من أنها ترفض العقل في كليهما، العقل الذي تأسست عليه الحداثة في الغرب، كما تأسس عليه التراث الإسلامى وحضارته، وفي مقابل ذلك تميل إلى الركون إلى متاهات اللاعقلانية والإعلاء من المشاعر الفطرية أو الغريزية، وتعيد هذه الثقافة الثالثة لبرانية إنتاج نفسها من خلال مزيد من التناقضات التي تتولد على مستوى مكوّناتها الأساسية، أي التراث والحداثة الوافدة، ويعني هذا ضمنيا أنه كلما تقادم العهد بهذه الثقافة ازدادت حدة تناقضاتها(12).
وتبدو إشكالية الصراع حول التقاليد الموروثة واضحة في البلاد التي خضعت للغزو أو الإستعمار أو الهجرة، وذلك باندماج الثقافة الأصلية مع الثقافات الدخيلة، وفي هذا المنعطف من التغيير الثقافي تتبلور أزمة التمسك بالتراث والعمل على استحضاره، وقد وصف المؤرخ الإنجليزي هذه العملية بعملية التحدي والإستجابة، حيث تنقسم الجماعات الاجتماعية الى قسمين أو اتجاهين: إتجاه يرى أن التحصن في صدقية الموروث الثقافي حماية للذات وهو ما يعرف بالسلفية، واتجاه يرى التكيف مع الوافد بالتثاقف معه، ولكن كلا الاتجاهين يعد قفزا على الحاضر نظرا لأن الاتجاه الأول يهرب باصحابه إلى الماضي ويرى فيه المخرج، والثاني يقفز بهم إلى ثقافة مجتمع أخر خوفاً من خطر الفناء والتهميش. وتعتمد القوة الغازية على بعض العناصر التي اقتنعت بمنهج التكيف والتثاقف معها وهم في الغالب صفوة أصحاب المصالح الاقتصادية والسياسية والذين يعمدون إلى استزراع قيما ثقافية وافدة وتحويل المظاهر الثقافية إلى صور متشابهة في المأكل والمشرب والملبس، وهذا يعنى في التحليل الأخير اختراع ثقافة جديدة مستزرعة في الأساس تتحول بمرور الزمن إلى قيم ثقافية، تدعى لنفسها العراقة وتفرض احترامها والمحافظة عليها وينشأالصراع بين جيلها والأجيال التالية، أو بين ذاك وبين معاصريه ممن تمسكوا بالموروث في مواجهة تقليد الغرب ومحاكاته، وحيث إن الصفوة هي التي تتثاقف مع الثقافة الغازية فقد أصبح التراث عنواناً لكل ما هو شعبى فولكلوري(13).
لقد خضعت عمليات التحديث إلى أهواء الجماعات المسيطرة والنخب السياسية، واعتمدت على ضرب من التحديث القسري والانتقاء المتعسف، واهتمت بالجوانب التي تغذي الغريزة أكثر من اهتمامها بالجوانب التي تغذي العقل والروح، وفي ضوء ذلك فإن ما نقل من الحداثة ليس أفضل ما فيها، فجاءت حداثة برانية قشرية لا تؤدي إلى إحداث تغير جوهري بقدر ما تؤدي إلى تغيرات سطحية وتناقضات متعددة المستويات، ومن ثم فقد أدت الحداثة إلى تخليق سمات تختلف عن سماتها في أرض المنشأ، لقد فككت الحداثة علاقات الزمان والمكان فأخرجت البشر من تاريخهم عنوة، كما أخرجت بعض البشر من مكانهم عنوة، فكانت النتيجة مزيدا من التحصن في الزمان والمكان، كما أنها لم تطور معياراً واحداً للمراجعة النظامية بقدر ما خلقت معايير متضاربة تقوم على التسلط الفردي تارة، ومرجعية التراث تارة أخرى، ومرجعية الحضارة الغربية تارة ثالثة(14).
ولا تكتمل الصورة إلا بالنظرة المتأنية على علاقة التراث بالحداثة، فلكونها كانت برانية وغير عقلانية، فإن انصهارها في التراث لم يخلق معه قطيعة، ولكنه أدى إلى احياء مضامينه المختلفة عبر مستويات متعددة بدءا من المستوي السياسي والإيديولوجي، وحتى مستوى التفاعلات اليومية. ويقوم التعايش بين التراث والحداثة على آلية تكشف عن تناقض يطلق عليها "زايد" آلية الرفض والقبول، فالراغبون في الحداثة –سلوكا وفكرا- لا يقطعون صلتهم بالتراث، بل إنهم يعيدون إنتاجه بصور شتى. والراغبون في التراث –سلوكا وفكرا- لا يقطعون صلتهم بالحداثة، بل إنهم يعيدون إنتاجه عبر سلوكهم التراثي، أو عبر أدوات نشر خطابهم التراثي. إن أكثر الفئات الاجتماعية تميزاهيهذه الفئات التي تحافظ على علاقة وثيقة بمركز الثقافة العالمية(المصدر الرئيسي للحداثة) وبالدولة كأنها وسائط نقل هذه الثقافة. ويتحدد هذا الوضع من خلال فرص الحياة المتاحة أمام هذه الفئات وطبيعة الأنشطة الاقتصادية التي تنغمس فيها(15).
وتأسيسا عليه، فإن المحاولات التجديدية لم يلامس عملها بنية التراث بل عملت على إضفاء طابع حداثي على مفاهيم تراثية، وحاولت بإجراء تعسفي تأصيل صيغ حداثية ضمن فضاء التراث وأكسبتها شرعية الممارسة الإسلامية. وإذا كان من الصعب أن تعيش الثقافة المعاصرة بعيداً عن التراث الثقافي العربي الإسلامي فإنها لا تستطيع من باب أولى أن تعيش بمعزل عن الثقافات المعاصرة الأخرى التي توجد الآن في مختلف مجتمعات العالم وبوجه أخص، ثقافات المجتمعات المعاصرة التي تتصل إتصالاً مباشراً بمجتمعات العالم العربى وشعوبه، وإذا كان التراث يمثل البعد التاريخي أو البعد الزمني للثقافة العربية فإن الثقافات الأجنبية أيضا تمثل البعد الجغرافي أو البعد المكاني، وهذان البعدان يسهمان إسهاما قويا في إبراز العالم العربى كمنطقة ثقافية واحدة متمايزة وكمتصل ثقافي متكامل، فالعالم العربي بحكم وضعه الجغرافي وامتداده الواسع بين قارتين من أقدم قارات العالم وبحكم إتصاله المباشر بالشعوب المجاورة يتأثر وبطريقة مباشرة أو غير مباشرة بالثقافات الأسيوية، مثل ثقافات الهند وإيران والثقافات الإفريقية وثقافات البحر المتوسط، كما يتعرض إلى جانب ذلك لكثير من التأثيرات الثقافية التي تفد إليه عن طريق وسائل الإعلام وأساليب الاتصال الجماهيري الحديثة والتي تنقل إليه كل ما يجرى من أحداث وتيارات فكرية واتجاهات أيديولوجية بشكل سريع ومؤثر بحيث يجد المواطن العربي نفسه على صلة بمختلف ألوان الثقافة والمعرفة دون أن يغادر مكانه وتسمى هذه الحالة الإستعارة الثقافية أي تقبل بعض العناصر الثقافية الأجنبية ومحاولة دمجها في الثقافة الأصلية وبخاصة حين يثبت عدم تعارضها مع القيم الثقافية والاجتماعية والأخلاقية السائدة في المجتمع(16). وفي حالة الوطن العربى والإسلامي تباينت مواقف المثقفين أنفسهم تجاه مفهوم الحداثة، ويمكن تلخيص هذه المواقف فيما يلي:
 أ- الانبهار بالحضارة الغربية والدعوة إلى قبول كل ما يرد منها في شتى المجالات التقنية والإنسانية والفكرية.
ب – الرفض المطلق لكل ما يرد من تلك الحضارة.
ج – رفض الفكر الغربي والقبول بالتقنيات والإنجازات الصناعية والعلمية.
د – التوفيقية المرنة في التعاطى مع آفاق الحضارة الغربية في مجالات التقنية والإنجازات المختلفة(17).
وقد أدى اللهاث المتسرع وراء الحداثة الغربية خلال القرن العشرين إلى نتائج كارثية بالنسبة للتراث لأن التيار المنبهر بالحداثة الغربية قد فهم تلك الحداثة إلغاء للماضي بأشكاله المادية والروحية والإنطلاق نحو الرؤية الغربية وقيمها وتقاليدها.
إنّ الوطن العربى يعيش مع بدايات القرن الحادي والعشرين من عدم التوازن وتتمثل في أشكال مختلفة منها:
- التباعد بين مفهومي الزمان والمكان في الإطار الحضاري بحيث أصبحنا نقطع أوصال العهود التاريخية بدلاً من قراءتها كتسلسل حضاري متماسك، كما أصبحنا ندير ظهورنا للجغرافية السياسية والجغرافية والثقافية فنكرس الإقليمية والقطرية في الوقت الذي يتجه فيه الأوروبي إلى وحدته السياسية والاقتصادية.
- وصول مرحلة إلغاء الثقافة الوطنية إلى منعرج خطير نتيجة القوى الخارجية الضاغطة وضعف القوى المحلية المقاومة، وهذا ما نلاحظه من خلال تفكيك الأواصر الثقافية المشتركة بين أقطار الوطن العربي والجوار الجغرافي الإسلامي، بل وتفكيك المجتمعات المحلية على أسس قبلية وعرقية وطائفية.
- فرض ثقافة الاستهلاك واقتصاد السوق ولغة الآخر في مقابل تحقير الثقافة التراثية وتهميش اللغة العربية وإضعافها وإبعادها عن حقول العلوم الحديثة ومحاولة قطع صلة الحاضر بالماضي، وتكوين المستقبل بأجياله الجديدة وفق رؤية غربية منحازة(18).
وإتساقا مع ما سبق، فإذا كنا نرفض الانغلاق على الماضي، ونرفض في الوقت ذاته الغرق في بحيرة الآخر، فما الذي يمكن أن نفعله لاستعادة توازن الأمة العربية؟!
3
هنا يبرز السؤال: كيف نتعامل مع الموروث الثقافي؟ هل نتركه كما هو ليصبح مركزا لبنى تفكيرنا المعاصر؟ أم نحتويه لنجعل منه قوة دافعة لمعايشة الحاضر؟ وليس من شك في أن حق المجتمع العربى أن يدافع عن هويته الثقافية وأن يتمسك بمقومات ثقافته الأصلية وعناصرها ومكوناتها، ولكن من الخطأ أن يكون السبيل إلى ذلك هو الانطواء الثقافي على الذات والانغلاق عن التأثيرات الثقافية الأجنبية، لأن ذلك الإنغلاق سوف يؤدي إلى جمود الثقافة العربية ذاتها وإضعافها وعدم تجديد حيويتها وحرمانها من فرص التطور والتقدم والانطلاق إلى آفاق واسعة جديدة، ومن ثم يجب إخضاع التيارات والاتجاهات الثقافية الوافدة للدراسة النقدية، ثم الأخذ منها بما لا يتعارض مع القيم العربية الأصيلة، وليس ثمة ما يمنع بطبيعة الحال من اتصال الثقافات بعضها ببعض ومن الاستعارات المتبادلة بين الثقافات المختلفة، فكما أن الثقافة لا توجد أبدا في فراغ وإنماهي ترتبط دائما بكل النظم والأنساق الاجتماعية السائدة في المجتمع فإنها لا توجد أبداً في عزلة تامة عن غيرها من الثقافات بل هي العكس من ذلك تماما تقيم صلات وعلاقات قوية ومستمرة مع ثقافات المجتمعات والشعوب الأخرى المجاورة، وهذا الإحتكاك بين الثقافات وما يترتب عليه من استعارات وتأثيرات متبادلة هو مصدر غنى وثراء لكل ثقافة منها على حدة، كما أنه عامل أساسي في تعميق الثقافة وتوسيع أفاقها ما دامت هذه الاتصالات أو الاحتكاكات تتم بطريقة طبيعية ولا تخفي وراءها نزاعات للهيمنة أو السيطرة أو أية أهداف أخرى أو ترمي عمدا إلى مسخ وتشويه معالم الثقافات الأخرى أو القضاء عليها. نحن لن نستطيع ان نقدم هذا الإسهام سواء في الاقتصاد أو في الفن أو في الأخلاق إلا بعد أن ننفتح على العالم انفتاحا تاما لا وصاية فيه ولا حجر على أي فكر أو فن، فالفنان لن يستطيع أن يبدع فنا موسيقيا أو سينمائيا أو أي فن أصيل يمكن أن يتذوقه الآخرون ويصبح فنا عالميا إلا إذا استمع إلى موسيقا العالم كله وهو يملك أذنا مدربة وخيرة بتراثه الموسيقى العربي، وليكن الإبداع الجديد ما يكون. إننى أستطيع أن أتفاعل مع العالم وأنا أملك هويتي، ولكنني أبداً لا أحمل أي إدانة أو تحقير أو تعظيم لهويات الآخرين، أنا أتفاعل معهم دون خوف أو وجل، وليكن نتاج هذا التفاعل ما يكون(19).
وليس من شك في أن الإحتكاك الثقافي أو الإتصال الثقافي يعد من أهم عوامل إثراء الثقافات لأنه يفتح مجالات جديدة من التفكير والإبداع لا تتاح لأي ثقافة إذا ظلت مغلقة على نفسهاوعاشت بمعزل عن غيرها من الثقافات، ولكن هذا الإتصال الثقافي ذاته كثيرا ما يحمل في طياته مصادر الخطر على الثقافة الإصيلة وذلك إذا ازدادت العناصر الثقافية التي يستعيرها المجتمع من الثقافات الأخرى القريبة، وعجز ذلك المجتمع عن أن يطوع تلك العناصر بحيث يتم امتصاصها وتمثلها في ثقافته الخاصة تمثلا كاملا ثم يعيد إفرازها في شكل إبداعى جديد يتلاءم تماما مع قيمه الثقافية والاجتماعية والأخلاقية. ويزيد هذا الخطر حين يأتى التأثير الثقافي الأجنبي من مصدر واحد فقط ويفلح في فرض قيمه وأساليبه وطرق تفكيره على ثقافة المجتمع الذي يتعرض لذلك التاثير مما يعرض هويته الثقافية الخاصة للتغير الجذرى العميق الذي تضيع معه ملامحه ومميزاته وخصائصه الأساسية، أي أن الاتصال الثقافي الذي يحمل عوامل إثراء الثقافات التي يتم بها الاحتكاك كثيراً ما يحمل معه في الوقت ذاته بذور هدم إحدى هذه الثقافات أو على الأقل تغيير معالمها إذا ازداد تعرضها لعناصر ثقافية أكثر قوة وحداثة أو أشد جاذبية، ووقفت في الوقت ذاته من هذه العناصر المؤثرة موقفا سلبيا يتمثل في الانبهار بهذه المؤثرات(20).
وقد حفل تاريخ الفكر العربي بمحاولات شتى للمسلمين في الماضي لإحياء التراث وتجديده، وهذا ما تؤكده التيارات الفكرية المتباينة عبر هذا التاريخ، وما خلفته من نتاج فكري ضخم في مجال الفلسفة وعلم الكلام والفقه. وفي العصر الحديث قد نجد صدى ذلك لدى الحركات السلفية في محاولتها صياغة رؤية جديدة في العودة إلى الأصول، ثم لدى منظّري عصر النهضة العربية وبعد ذلك أنصار الحداثة الغربية، وما أنتجته من صراعات وخلافات مازلنا نعيشها حتى الآن، فالتراث الثقافي هو مجموعة النماذج الثقافية التي يتلقاها جيل عن الأجيال السابقة، وهو من أهم العوامل في تطور المجتمعات البشرية لأنه هو الذي يدفع المجتمع إلى السير خطوة جديدة في سبيل التطور، فعن طريق ذلك الإرث يصل العلماء إلى التجديد والابتكار، فكون الشيء تراثاٍّ لا يعنى مجرد اعتقاد الناس به بسبب وجوده في الماضي فحسب، وإنما لارتباطه المتوهج بنوعية تصور الناس للماضي. ويتناقل الناس جيلا بعد جيل مجموعات مترابطة من الرموز ومجموعات متجانسة أو متآلفة من الصور ويقبلونها ويعدلون فيها، فهذه العناصر تتغير خلال عملية النقل من خلال التفسيرات التي تقدم لهذا التراث المعروض، كما أنها تتغير كذلك في الوقت التي تكون فيه في حوزة متلقيها. ويلاحظ ان سلسلة المتغيرات التي يتم توارثها تسمى هي الأخرى تراثا. وقد يحدث على امتداد أجيال عديدة من المتلقين أن يتعرض الموروث للتغير بالقياس إلى أشكاله الأولى أو الأقدم من نواح عديدة، ولكنها لاتعد نواح جوهرية أو مهمة من وجهة نظر حراس هذا التراث والقائمين عليه.
4
يطرح جيرتس مفهومه عن الثقافة بأنه شبكة أو نظام من المصطلحات التي لها معان أو مدلولات اجتماعية، هذه المعان والمدلولات تنتظم في أشكال رمزية تتيح للفراد التفاعل من خلالها، كما أنها تتيح لهم القدرة على تطويرها واكتسابها دوما معان متجددة، ومن ثم فالفرد محاط بكَمّ هائل من المعان والرموز يتفاعل من خلالها ويقوم بتوريثها للأجيال الجديدة وفقا لاتجاهاته العامة في الحياة، وخلال عملية النقل قد يحدث تطويرا لبعض العناصر الثقافية مما يستلزم معه دراسة وفهم أشكال المعاني المتواجدة داخل حياة الأفراد كما يعيشونها ويتفاعلون من خلالها(21). وفي إطار هذا الإهتمام الحديث يفرض علينا الحديث عن علاقة الحداثة بالتقاليد الموروثة أن نتساءل عن آليات استمرار بعض العناصر الثقافية داخل الجماعات الاجتماعية، وفي هذا الصدد تميل معظم الكتابات الحديثة إلى التأكيد على أهمية الأخذ بالإبداع الثقافي ليس فقط كوسيلة من وسائل تجاوز عمليات إبتداع التقاليد، ولكن أيضا كميكانيزم من ميكانيزمات الحفاظ على العناصر الثقافية من التحوير والتعديل وأحيانا التشويه، وهو ما يسمى بإعادة التشكل. وقد عالج عبد الوهاب المسيرى(22)، في كتابه المعنون بالحداثة وما بعد الحداثة مفهوم الهويه باعتباره ليس حصنا للإنغلاق على الآخر، ولكنه مفهوم يأخذ بعين الاعتبار ثوابت الوجود ومتغيراته ويفتح الوجود على الحياة بتغيراتها ونضالها وتواترها، إن هذا الكتاب يطرح أهمية الذات العربية التي تقر بمبدأ التوافق والإختلاف في التفكير.
وتعدّ ثقافة الحوار إحدى مقومات الإبداع الثقافي الذي دعى إليه الكثير من المحافل الدولية قصد تجنيب العالم كوارث الصدام الحضاري، وردّاً على بعض النظريات والاتجاهات التي نادت بصدام الحضارات كنظرية هانتغون والتي ما لبثت الدول الغربية أن عقدت اتفاقيات لإقامة جسور ثقافية بينها، وبخلاف ذلك فقد اكتفت الدول العربية والإسلامية بإقامة المؤتمرات والمحافل والملتقيات العربية لمناقشة آليات الحوار الحضاري دون الأخذ في الاعتبار أولاً تهيئة الأجواء الملائمة لإجراء هذا الحوار، وتحديد الشروط الكفيلة بتوجيهه الوجهة الصحيحة والتي من أهمها نقد الواقع الثقافي بموضوعية شديدة دون تهويل أو تهوين حتى يتسنى لنا معرفة أوجه الإحتياج إلى ثقافة الآخر، فعدم معرفة هذه الشروط يفضي بنا في النهاية إلى الإنسياق وراء حضارة الغرب وتقنياته العلمية والتكنولوجية وهو طريق التبعية الحضارية الذي يفقدنا هويتنا العربية وخصوصياتنا الحضارية.
إنّ التقاء الحضارات في حد ذاته ضرب من ضروب الإبداع الثقافي لا يمكن تجنبه أو الغض من أهميته، إنه أحد متطلبات العصر ليس فقط من أجل تجاوز الأزمة ولكنه أيضا آلية من آليات الحفاظ على الهوية العربية، وميكانيزم من ميكانيزمات إبداع واقع ثقافي متفاعل مع مستجدات العصر ومتغيراته. إن التفاعل الحضاري سابق لحدوث الإبداع الثقافي وأحد الشروط المحققه لـه، بيد أن هذا التفاعل ليس المقصود منه التفاعل الإيجابي الذي يقتصر على عقد بعض اللقاءات والمؤتمرات التي تعمد إلى تقريب وجهات النظر بين المجتمعات الشرقية والغربية، فليس هذا جديدا ولا يحقق منظومة الإبداع الثقافي العربي، وإنما المقصود هنا هو التفاعل الصراعي الذي يوجه نحو مقاومة التحديات الثقافية الغربية ومحاولات الهيمنة من جهة، ومن جهة أخرى خلق منظومة ثقافية مرنة تتوجه نحو البناء والاستجابة لإشكاليات الواقع الثقافي العربي. ويقتضي هذا التفاعل أيضاً التقارب بين المتفاعلين والتسليم المتبادل باختلاف كل منها عن الآخر. والشرط الآخر من شروط الإبداع الثقافي هو أن يكون دائما ومتجددا ولا يقتصر على مجال بعينه لأن الإحاطة بجوانب التميز والتغاير الثقافي والإفادة منها في التبادل المعرفي والتراكم في الخبرات ووسائل النمو والترقي لا يتم من خلال بعض الجلسات أو المناقشات ولكنه يحتاج إلى تواصل فكري مستمر يتعدد بتعدد الدول المشاركة في الحوار وكذلك بتعدد مجالات الحياة وتشابكها.
وبناء عليه يتركز التفاعل الصراعي في المحاورة المتجددة والمستمرة لمعطيات الحضارات الأخرى، وقبول تعددية الثقافات وتفهم تقاليد الآخر واستيعابه، ومن ثم تجاوزه بعد الأخذ بأسباب التقدم المنشود، ويمكن تبسيط هذه العملية بوصفها أخذاً وعطاءا، تأثراً وتأثيراً دون أن تلغي الخصوصية الثقافية، أو الوعي بأهمية الهوية العربية وكذا التراث العربي.
وعملية الإبداع الثقافي يمكن استنباطها من الحضارات الغربية نفسها التي لم يظهر تقدمها فجأة، وإنما تكونت خلال قرون خلال عملية التفاعل الحضاري مع حضارات أخرى أسهمت في إنضاجها وإكسابها مكونات ثقافية عملت على تطوير ثقافتها المحلية ورفعة شأنها بين الأمم.
وهناك نقطة أخرى مفادها أن الكثير من المثقفين وأصحاب الحركات الإصلاحية وكذلك بعض المتشددين من ينظرون إلـى التراث العربي والثقافة العربية على أنها تمثل الماضي فقط فالتراث هو الماضي ولا ينبغي العبث بماضي الأمة العربية، ولكن في حقيقة الأمر وبنظرة متأنية سوف يتبين أن تطور هذا التراث العربي عبر العصور جاء نتجة تراكم معرفي بما يشمله من عمليات تفاعل وتلاقح وصخب معرفي وأحياناً صراع، فالتراث العربى تكون في جوهره من خلال عمليات إبداعية صاغ فيه الإنسان العربى خلاصة تجاربه الخاصه وتصوراته الفكرية وقام بنقلها إلى الأجيال الجديدة ليمارسوا بها الدور نفسه من الإضافة والإبداع، ومن ثم فالجديد ينمو في سياق الموروث من أجل تجاوز الواقع وتحدياته، وهذا لا يمثل تغييرا لنوعية التراث ومكوناته وإنما يمثل نمواً للحاضر في سياق تاريخي متصل(23).
ويفترض هذا الجزء من البحث أن المطالبة بالحوار الحضاري والإبداع الثقافي ليس ترفا فكريا أو محاولة لتنقيح الموروث الثقافي فحسب، وإنما هو ضرورة أمنية وقومية وعربية، وتتمثل هذه المهام جميعها في مسؤولية الإحتواء لكل تداعيات التحديث التي تعاظمت آليات فرضها ليس ثقافيا فحسب وإنما أيضاً سياسيا واقتصاديا وعسكريا وإعلاميا خاصة بعد التداعيات العالمية وكونها واقعا فعليا يحيط بكافة الشعوب والبلدان، التي من ضمنها الدول العربية على إختلاف توجهاتها وظروفها الاجتماعية. فالمسألة لا تنحصر فقط في الهيمنة الثقافية للشعوب الغنية ومحاولة فرض بعض الأنماط الثقافية على العالم العربي والتي تتعارض بصورة كلية وجزئية عن الخصوصية الثقافية العربية وتراثها الإسلامي العريق ولكنها تمتد إلى تقسيم العالم إلى مراكز ثقافية وهوامش، فهي في حقيقة الأمر لا تعدو أن تكون إلا إحدى آليات فرض الهيمنة الاقتصادية والسياسية على العالم العربي وفرض مصالح الدول الغنية على حساب الدول الفقيرة.
إنّ التوفيق بين التراث الثقافي ومتطلبات الفكر والحياة المعاصرين قد يشكل إحدى المشكلات الأساسية التي تواجهها المجتمعات العربية والإسلامية في وقتنا الحاضر، ولكنها في الوقت ذاته طوق النجاه للشعوب العربية كى تتجاوز أزماتها وتحدياتها، ولا يمكن حل المشكلة بأخذ كافة مظاهر الحداثة والإقتصار على التقليد والمحاكاة والإستعارة من الغرب، كما لا يمكن الإنغلاق على الذات ورفض الآخر تحت ستار الحفاظ على الأصالة. والحقيقة أن المجتمعات العربية تعيش الأن حالة من الصراع المستمر بين القديم والجديد وهو يمثل صراعا مستمرا يمثل إستنزافا فكريا عقيم الجدوى يصرف انتباهنا حول الخطر الحقيقي جراء آليات إنتشار التحديث في العالم العربي دون وجود وسائل وطرقا وقائية من أهداف هذا الإنتشار، كما يحرمنا من فرص استيعاب كلا من الفكر العربي والفكر الغربي.
ومن هنا تبدو أهمية وجود مبادرة حقيقية تعيد تسليط الضوء على أبرز قضايا الحداثة والعولمة في الوطن العربي والتحاور مع كل قضية على حدة لمعرفة كيفية الإستفادة منها إما باستيعابها والتلاقح معها أو بتجاهلها وخلق وسائل دفاعية تحد من انتشارها في الجسم العربى والإسلامي، وتشير هالة مصطفي في هذا الصدد أن هناك العديد من القضايا في الوطن العربى تعرف بأنها قضايا قديمة/ حديثة، في الوقت الذي تطلعت فيه منطقتنا العربية إلى ثقافة حديثة منفتحة متفاعلة مع الثقافة العصرية ظلت الثقافة التقليدية الموروثة على حالها تقريبا دون تجديد، وسارت الثقافتان في خطين متوازيين مخلفين وراءهما نمطين مختلفين، بل أحيانا متناقضين في طرق التفكير والعقلية والسلوك وتناول القضايا الكبرى، وهو ما أفرز لنا ظاهرتين ما زال الوطن العربى يعاني منهما: الأولى تتمثل في الإستغراق في قضايا الماضي. فكثير من قضايا التحديث ما زالت تطرح علينا حتى الأن كقضايا تطوير التعليم، أو تطوير الخطاب الديني، أو وضع المرأة، والثانية تتمثل في الإزدواجية الثقافية أو الإشكالية التي تعالج دائما حول عنوان الأصالة والمعاصرة. إن هذه الثنائية لم تؤد في الغالب إلى التطوير أو التجديد، وإنما على العكس كرست نوعا من الجمود أو كما ذكرنا سلفا إعادة إنتاج أو تشكيل القديم.
***************************
الهوامش:
*) باحثة وأكاديمية من مصر.
1- يعدّ "بورديو" واحداً من علماء الاجتماع الماديين الذين اهتموا بكيفية تشكيل الوعي الإنساني في ممارسة الحياة الاجتماعية، وكذلك كيفية تشكيل الوعي الزائف من خلال عدم الإدراك لعلاقات القوة، وعلى غرار "ماركس" رفض "بورديو" أن يقسم الواقع الاجتماعي إلى بناء اقتصادى وثقافي وسياسي، وإنما أراد أن يجمع بين الوجود المادي والبعد الرمزي، واهتم بمشكلات العلاقة بين الرموز والأشكال المادية من الحياة الاجتماعية، ومن جهة أخرى اهتم بالطريقة التي تنتج بها الرموز الثقافية وكيفية استقبالها. ومفهوم رأسملة الثقافة عند بورديو يغطى مصادر متعددة كالوعي الثقافي العام والسلوك المرن والانجاز الجيد والمعرفة العلمية والتعليم المهاري، فالثقافة عنده بمفهومها الشامل تعنى مصدر قوة.
.. هاني خليفة