الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الجمعة، 28 ديسمبر 2012

أختي التي أحبها.. وأكرهها... صرخة هاني خليفة

الغيرة بين الإخوة.. بذورها تزرع في الصغر وتتجلى في الكبر
بيروت: كارولين عاكوم
«أنصر أخاك ظالما كان أو مظلوما»، «أنا وأخي على ابن عمي وأنا وابن عمي على الغريب»، «أخوك من صدقك النصيحة».. أقوال يعكس كل منها طبيعة العلاقة التي يفترض أن تربط الإخوة والأخوات، الذين يترعرعون تحت سقف واحد وتجمعهم تفاصيل الحياة اليومية بحلوها ومرها. فالمعروف ان الواقع العائلي يولّد محبة خاصة لا يمكن أن تقارن بأي عاطفة أو علاقة أخرى قد تجمع بين أي شخصين.
لكن واقع الحال قد يناقض المنطق إذا أمعنا النظر في تعقيدات الخفايا النفسية للبشر التي تنعكس في حالات كثيرة بطرق غريبة، لا سيما بين الأخوات بعد بلوغهن سنا معينة. وبدل أن تتزايد محبتهن لبعض، نجد أن العاطفة الأخوية تنقلب الى مشاعر عدائية كامنة او ظاهرة تغذيها الغيرة والحقد وتهدّد ليس فقط العلاقة بين الأخوات، بل تسمم علاقات كل أفراد العائلة. والشواهد على ذلك لا تعدّ ولا تحصى. ولعل ما نشهده بين الأخوات الشهيرات اللواتي يزاولن مهنا تضعهن تحت مجهر الجمهور وأضواء الإعلام، فتشتعل في قلوبهن نار الغيرة لتحرق أقرب الناس إليهن، أكبر دليل. مثال على ذلك العلاقة المتوترة بين السندريلا سعاد حسني وأختها نجاة الصغيرة، إذ يقال إن هذه الأخيرة كانت تشعر أن أختها تفوقها حسنا وجمالا ودلالا وخفة دم، مما ولد لديها شعورا بالخوف من أن تتحول سعاد إلى مطربة تنافسها، خاصة أنها تمتلك موهبة مميزة وصوتا جميلا. وبرز ذلك من خلال اعتراضها على عمل أختها عندما غنّت في فيلمي «صغيرة على الحب» و«خلي بالك من زوزو». في نفس السياق، لم تعد قصة الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وشقيقتها رلى، خافية على أحد. أخبار من هنا وردود مضادة من هناك تحولت إلى مادة دسمة تناقلتها وسائل الإعلام التي لعبت دورا أساسيا في تفاقم المشكلة وشرعّت أبواب البيت الواحد على مصراعيه لتبادل الاتهامات المسيئة من دون احترام للخصوصية العائلية وللعاطفة الأخوية. واتهمت هيفاء رلى بأنها تحاول دخول عالم الشهرة عن طريق تشويه سمعتها ووصفتها بأنها مريضة نفسيا. في المقابل اتهمت رلى هيفاء بأنها إنسانة غيورة وتكره حتى سماع أسماء فنانات مثل نانسي عجرم ورولا سعد، وهي تغضب وتسبب مشكلة في البيت إذا شاهد أحد من أفراد العائلة الكليبات أو استمعوا إلى الأغنيات التي تعود الى غيرها من الفنانات. كذلك لم تخف الفنانة السورية أصالة نصري غضبها وعبّرت بانفعال شديد عن معارضتها دخول أختها الصغرى ريم مجال الغناء، ما أدى إلى انزعاج الأخيرة. وعزت وسائل الإعلام ردة فعل أصالة الى إصابتها بالغرور والأنانية والخوف على شهرتها من نجاح أختها. كل هذه المشكلات الأخوية ليست سوى غيض من فيض مما يصيب الأخوات من الغيرة التي تصل في أحيان كثيرة إلى جرح عميق لا يمكن لنتائجه المأساوية أن تصل الى تسوية بين الطرفين. ويوما بعد يوم نجد أن كل أخت تتمسّك بحجتها وبدوافعها من دون أي تنازل أو تضحية من الممكن أن تترك للصلح مكانا لها بين شخصين ولدا في عائلة واحدة وأكلا من الطبق نفسه وناما في السرير نفسه. ويجمع العديد من الناس على أن هذه النتائج الكارثية اسريا، لا يمكن أن تظهر فجأة من دون أن ترافقها إشارات من مرحلة الطفولة تغذيها تربية الأهل وتتحكّم فيها مشاعرهم المنحازة نحو ابنة دون أخرى، الأمر الذي يتزايد بل ويتراكم على مدى سنوات العمر إلى أن يأتي يوم وينفجر في مكان ما.
اعتبرت الأستاذة في كلية العلوم الاجتماعية في الجامعة اللبنانية، الدكتورة إلهام كلاب البساط، أن الغيرة بين الأخوات هو أمر طبيعي لأن الطبيعة لا تعطي كل الناس بطريقة متساوية، وتضيف «لكنها تصبح مرضية عندما تتحوّل إلى عراك نفسي داخلي يتأرجح بين مشاعر الحب والكراهية في الوقت نفسه، وتصبح أختي شخصا أحبه وأكرهه».
تعزو البساط أسباب الغيرة الى أمرين مهمين، وتقول «يلعب الأهل دورا مهما في إرساء طبيعة العلاقة التي تربط بين الأخوات، فالمعاملة العادلة والمساواة، خصوصا في مرحلة الطفولة، تولد علاقة محبة ومودة بين أفراد العائلة الواحدة، كما أن المعاملة المبنية على التمييز من خلال المدح المتواصل والتركيز على فضائل بنت دون أخرى، تنمّي الغيرة في نفس أختها وقد تتحول في ما بعد الى حقد. كما أن المقارنة الشخصية التي تعتمدها الفتاة نفسها تجعلها تشعر أن أختها أجمل منها وأفضل أو أذكى منها ومتفوّقة علميا أو اجتماعيا أكثر منها مما يؤدي بها في النهاية إلى الغيرة المرضية».
تعترف سوزان (35 عاما) أن سبب العلاقة المضطربة التي تطبع علاقتها بأختها منال (31 عاما)، هو معاملة أهلها، خصوصا والدها، بانحياز واضح نحوها، الأمر الذي ترك آثارا سلبية في نفسية منال وظهر بطريقة مزعجة في سلوكها الذي تحوّل الى نوع من الكراهية والحقد في أحيان كثيرة.
تقول سوزان: «إدراكي لهذه المشكلة جعلني أحاول مرات عدة التقرّب منها، لكن لسوء الحظ محاولاتي كانت دائما تبوء بالفشل، فاستسلمت أخيرا للأمر الواقع». وتتذكّر سوزان أشكالا مختلفة من هذا الجفاء من أختها منذ أن كانتا في سن المراهقة «لا تكفّ عن نعتي بالمتسلّطة والمسيطرة التي تحرّض أبي عليها. وإذا اعترض أحد اخوتي أو والدي على أمر ما قامت به، تعتبر ان هذا الاعتراض نتيجة قرار مني. وهذا ما لم يكن صحيحا أبدا»، وتضيف «لا تزال الصراعات مستمرة حتى الآن. وظهرت جلية بعدما مرّت سنوات على زواجها من دون أن ترزق أولاداً، في حين أنني رزقت ولداً يلقى محبة ودلالا من أبي وإخوتي. كثيرا ما طلبت منهم ألا يبالغوا في تدليله أمامها لكي لا تنزعج، مع العلم أن شعورها تجاهي لم ينسحب على ابني الذي تكن له كل محبة. في الكثير من الأحيان أيضا، كنت أتجنب زيارة بيت أهلي إذا كانت هي هناك، كي لا أتصادم معها. وبذلك استطيع القول إن علاقتي بها لا تتجاوز العلاقة الرسمية التي تربط أي شخصين بعيدين».
وفي حين لا تنفي البساط طبيعة ميول الأهل العاطفية تجاه ابنة دون أخرى، ربما لأنها تشبههم أو تحقّق طموحاتهم، فإنها تؤكد ضرورة التحكّم في إظهار هذه العواطف بمعاملة بناتهم معاملة عادلة ومتساوية قدر الإمكان، لأن المعاملة السيئة تولد لدى الأطفال مشكلات وعقدا نفسية وموقفا سلبيا من الحياة، وإن كانت هناك حالات، يتحول فيها هذا التجاهل إلى حافز للتقدم وتحقيق النجاح لإبراز الذات. وتشير إلى أنه «لزاما على الأهل أن يدركوا خطورة الوضع على المدى البعيد، ويحاولوا البحث عن نقاط قوة معينة تتميّز بها كل فتاة والابتعاد عن كل إشارات التمييز التي قد تصدر أيضا على لسان الأقارب والجيران أو سلوكهم».
وتضيف البساط: «إن الغيرة التي تظهر في سلوك إحدى الأخوات بعد سن النضج، أو تبقى مستمرة منذ مرحلة الطفولة، دليل على عدم اقتناع الفتاة بنفسها وبشخصيتها وعدم قدرتها على تحقيق ذاتها فترى في تفوّق أختها استفزازا شخصيا لها».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق