الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الأحد، 6 يناير 2013

الخوف من الله عزوجل .. صرخة هاني خليفة




إن الخوف من الله تعالى من أهم الأمور التي يجب أن نتعظ ونعتبر بها، فقد ترجم البخاري رحمه الله لهذا الباب: (باب الخوف من الله)، فلابد أن نكون خائفين من الله.. خائفين من ذنوبنا، فإن هذا الرجل قد بلغ به الخوف حداً بعيداً، أذهله وأنساه قدرة الله سبحانه وتعالى على الإعادة وعلى الخلق، ونحن لا نصل إلى هذا الحد، لكن لابد من الخوف من الله عز وجل،  ولهذا يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله في الفتح "هو من المقامات العلية، وهو من لوازم الإيمان، قال الله تعالى: وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ [آل عمران:175]، وقال تعالى: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ [المائدة:44]، وقال تعالى: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]، وتقدم حديث: {أنا أعلمكم بالله، وأشدكم له خشية   }"، فلا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم هو أشد الناس خشية لله وتعظيماً له، قال: "وجمع بين العلم والخشية، وهما متلازمان في الحديث كما هما في الآية"، فأشد الناس خشية لله هم أعلمهم بالله وبصفاته، وقدرته وعذابه، كما قال تعالى: نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ [الحجر:49-50] فإذا عرفوا ذلك فإنهم سوف يتقون ويخافون ويرجون.

خوف المقربين
 يقول الحافظ رحمه الله: "وكلما كان العبد أقرب إلى ربه كان أشد له خشية ممن دونه"، أي: كلما كان الإنسان أقرب إلى الله وأحرص على طاعة الله، فإنه يكون أشد خوفاً من غيره، ولذلك فإن المسرفين على أنفسهم بالمعاصي، والمجاهرين بما حرم الله، والمرتكبين للموبقات، نجد أن الخوف من الله في قلوبهم مفقوداً أو شبه مفقود، وبالعكس؛ فإن العباد الأتقياء الصالحين الورعين الزاهدين، هم أكثر الناس خوفاً من ربهم، كما قال تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60]، ولهذا لما سألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: {أهؤلاء هم الذين يسرقون ويزنون ويسرفون على أنفسهم بالمعاصي؟ قال: لا يا ابنة الصديق . هؤلاء الذين يصومون ويصلون ويزكون، ولكنهم يخافون ألا يتقبل منهم   }، فهم يُؤْتُونَ مَا آتَوا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ [المؤمنون:60]، والوجل: هو الخوف أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ [المؤمنون:60]، فيأتون بالطاعات، ويفعلون الواجبات، ويتركون المحرمات، ويتقربون إلى الله سبحانه وتعالى بما شرع من النوافل بعد الفرائض، ومع ذلك (قلوبهم وجلة) أي: خائفة؛ إذ لا يدرون هل يتقبل منهم أم لا؟ يقول الحافظ : "وكلما كان العبد أقرب إلى ربه كان أشد له خشيةً ممن دونه، وقد وصف الله تعالى الملائكة بقوله: يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ [النحل:50]، والأنبياء بقوله: الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ [الأحزاب:39]"، وكلما عظمت خشية الله سبحانه وتعالى في قلب عبدٍ من العباد هانت عليه خشية الناس حتى لا يكاد يخافهم، وقد ذُكر عن بعض السلف -قيل هو العز بن عبد السلام ، وقيل: غيره من العلماء- أنه دخل على أحد سلاطين المماليك وكان بطاشاً جباراً، فقالوا له: لِمَ لمْ تخف منه؟ قال: لما دخلتُ على السلطان ورأيت عظمته وهيبته تذكرت عظمة الله، فإذا هو عندي -أي: السلطان- مثل الهر. إن هؤلاء بالنسبة إلى الله عز وجل لا شيء، فلا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً، ومثل هذا لو شاء الله لأسكته وأماته وأهلكه في تلك اللحظة، ولو شاء الله لكان أول من يقتله جنده الذين يفتخر ويعتز بهم، ولكان أول ما يدمره ماله الذي يظن أنه هو الذي جمعه، كما قال قارون : إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي [القصص:78] فقد تقتضي مشيئة الله أن يكون مالك أو جاهك أو غيره سبب هلاكك؛ إذ الكل بيد الله سبحانه وتعالى. فكلما كان الإنسان أخشى لله سبحانه وأخوف منه، فإنه يكون أقل خوفاً وخشيةً ممن دونه؛ لأنه يكون على يقين بأن الرازق والخالق والمدبر لكل شيء هو الله، وأن الناس لو اجتمعوا على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه، وكذلك لو أرادوا أن ينفعوه، فالكل منه سبحانه وتعالى، فالفضل له وحده، والخوف يكون منه وحده سبحانه وتعالى.يقول الحافظ ابن حجر رحمه الله: "وإنما كان خوف المقربين أشد؛ لأنهم يطالَبون بما لا يطالَب به غيرهم، فيراعون تلك المنزلة"، فالمقربون مع قربهم من الله وعلمهم به، ومعرفتهم لدين الله، إذا أخطئوا خطأً صغيراً فإنه يكون كالخطأ الكبير من غيرهم، فقد تكون النظرة من طالب العلم أو من العالم أشد أو مثل الزنية من الفاجر، ذلك لأن الفاجر ليس عنده علم بالله عز وجل، وكذلك لخلو قلبه وفراغه من خشية الله، فلهذا يخاف المقرب من الذنب وإن كان صغيراً بالنسبة إلى ما يرتكبه أصحاب الكبائر، وهذا -مع الأسف- عكس ما هو سائد في حياتنا الآن، فإن خطابنا وكلامنا دائماً إنما هو ( نحن أحسن من غيرنا) وهذه مصيبة، فقد أصبحنا عكس ما أمر الله به ونبيه صلى الله عليه وسلم، وعكس ما كان عليه السلف الصالح والمقربون، فشعارنا أمام كل فحشاء وكل منكر ومصيبة وداهية تحصل منا (أننا أحسن من غيرنا)، حتى تارك الصلاة إذا قيل له: اتق الله، أقم الصلاة، فإنه لا حظَّ في الإسلام لمن ترك الصلاة، قال: أنا أحسن من غيري! هناك أناس يشربون الخمر، ويذهبون إلى بانكوك ويفعلون.. ويفعلون.. وهل هناك شيء أشد من ترك الصلاة يقول النبي صلى الله عليه وسلم: {أو تترك أمتي الصلاة؟!   } لقد استغرب النبي صلى الله عليه وسلم أن تترك أمته الصلاة! ولكن مع الأسف هذا هو الحاصل من بعض من ينتسب إلى الإسلام، كما ذكر الله تعالى عن بني إسرائيل: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ [مريم:59]، فإذا كان تارك الصلاة يرى أنه أحسن من غيره، فإن شارب الخمر يرى أنه أحسن من غيره، فيقول: هناك أناس يتعاطون المخدرات ويزنون! وآكل الربا يرى أنه أحسن من غيره ... وهكذا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.فهل هذا شعار الصالحين المؤمنين، إن المؤمنين هم الذين يخافون إذا أطاعوا واستقاموا .. يجاهدون في سبيل الله ويخافون ألا يتقبل الله منهم الجهاد، ويصلون جماعة بإقامة الأركان والواجبات والسنن، ويخافون أن لا تقبل منهم، وينفقون في السر من طيب أموالهم وكسبهم، ويخافون أن لا يقبل منهم، فما أبعد حالنا عن حال السلف الصالح والله المستعان!يقول: "لأنهم يطالبون بما لا يطالب به غيرهم".فالمجتمع الذي يعرف دين الله تعالى وأمره، ويعرف الحلال والحرام، مطالب بما لا يطالب به غيره، والإنسان وإن كان مقرباً أو صالحاً أو فيه خير، فهو مطالب بما لا يطالب به غيره.إذاً: اعرف منزلتك، واعرف قدرك، واستقم على أمر الله.يقول رحمه الله: "ولأن الواجب لله منه الشكر على المنزلة؛ فيضاعف بالنسبة لعلو تلك المنزلة، فالعبد إن كان مستقيماً فخوفه من سوء العاقبة؛ لقوله تعالى: يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ [الأنفال:24]"، إذاً: الواجب على الإنسان إذا كان من المقربين أن يشكر الله سبحانه وتعالى، ويضاعف الخوف منه سبحانه، فإن هذا من شكر النعمة، فإذا رزق العبد الخوف من الله فمن شكر النعمة أن يخاف الله أكثر، وإذا رزق التقوى فمن شكرها أن يتقي أكثر، وإذا رزق الاستقامة فمن شكرها أن يستقيم أكثر.. وهكذا، فكل عمل من أعمال الخير من شكر الله عز وجل عليه أن يزيد العبد منه، هذا هو معنى كلامه رحمه الله كما يبدو.يقول رحمه الله: "فالعبد إن كان مستقيماً فخوفه من سوء العاقبة"، وما أكثر من تكون حياته كما أخبر الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: {يعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها   }. إذاً: الخوف من سوء العاقبة والخاتمة، هو ديدن الصالحين، وعباد الله المتقين، وما من أحد إلا وهو يخاف على نفسه من ذلك حتى الأنبياء، ولذلك كان دعاء يوسف عليه السلام: تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [يوسف:101] فلابد أن يدعو العبد ربه أن يحييه مؤمناً ويتوفاه على الإيمان، فإنه لا يضمن ذلك مهما استقام في حياته، والكلام في هذا يطول.يقول الحافظ : "أو نقصان الدرجة بالنسبة" فالعبد إما أن يحال بينه وبين قلبه فيحبط عمله بالكلية -عياذاً بالله- كما مر معنا في قصة الرجل الذي قال: (والله لا يغفر الله لفلان)، أو تنقص درجته؛ إذْ ربما يكون في شبابه على استقامة، ودعوة، وجهاد، وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر، ثم يختم له في آخر عمره بضعف وفتور ونقص في ذلك، وإن لم ينقطع بالكلية.يقول: "وإن كان مائلاً فخوفه من سوء فعله"، أي: إن كان مذنباً فخوفه من سوء فعله، ولذلك ضرب النبي صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن والمنافق مع ذنوبهما، فقال: "المؤمن يرى ذنوبه كأنه قاعد تحت جبل يخاف أن يقع عليه، والمنافق يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه، فقال به هكذا" أي: أطاره بيده، فمهما افترى، أو كذب، أو زنى، أو سرق، أو أكل الحرام، أو ترك الصلاة، كلها عنده كذباب وقع على أنفه ثم طار وذهب، وكأن لم يكن شيء، لكن المؤمن الذي يخاف الله ويشعر بخطر الذنوب، لو فعل ذنباً واحداً لرآه كالجبل يخاف أن يقع عليه.يقول الحافظ : "وينفعه ذلك مع الندم والإقلاع،  فإن الخوف ينشأ من معرفة قبح الجناية والتصديق بالوعيد عليها، وأن يحرم التوبة، أو لا يكون ممن شاء الله أن يغفر له، فهو مشفق من ذنبه، طالب من ربه أن يدخله فيمن يغفر له"، ثم ذكر رحمه الله أحاديث كثيرة في الدلالة على هذا الموضوع، والمقصود هنا هو دلالة الحديث، وما يتعلق بموضوع العقيدة، وهو الحكم على المعين، وأن المعين قد لا يندرج تحت الوعيد.
اللهم انك كريم تحب العفو فاعفو عنا .. هاني خليفة وبالله التوفيق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق