الشريط


counter map
المظهر: نافذة الصورة. صور المظاهر بواسطة merrymoonmary. يتم التشغيل بواسطة Blogger.

تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع
تنشيط اخر المواضيع

تنشيط اخر المواضيع

الأحد، 2 يونيو 2013

صرخة هاني خليفة .. دخلت الأشهر الحرم فهل نعظم حرمات الله

دخلت الأشهر الحرم، ولم ينتبه المسلمون لها، فما زالت الحروب مشتعلة في عدة بلاد، ومازالت ترتكب جرائم القتل في بعض الدول الإسلامية من بعض الحكام ضد شعوبها (كما في ليبيا و اليمن و سورية) ولا زلنا نسمع دوي الانفجارات في أماكن عديدة (كما في العراق)، وتستمر أيضا المظاهرات والاضطرابات التي وقع فيها القتل والإصابات(كما في مصر).

ولم ينتبه المسلمون لحرمة سفك الدماء في الأشهر الحرم، ولم يشعروا بدخول شهر ذي القعدة، ولم يقتد الناس حتى بأهل الجاهلية الذي كانوا يتوقفون عن الاعتداء والحرب إذا دخلت الأشهر الحرم؛ تعظيما لحرمات الله.

فماذا أصاب المسلمون؟ وكيف لا يعظمون شعائر الله؟ ولا يحترمون الأشهر الحرم!

هل ضعف تعظيم الله تعالى في نفوسهم؟ أم هل أصيبوا بالنسيان فلا يتذكرون الأشهر والأيام، ولا يميزون بين الأيام التي يجوز فيها القتال، وبين الأشهر التي يحرم فيها الاعتداء! أم انشغلوا بالدنيا أو بالسعي وراء الرزق الذي تكفل الله تعالى به، و يتذكرون فقط ما يتصل بالمال والاقتصاد والسياسة وبمتع الحياة الدنيا.

أم هل الموضوع فيه خلاف بين أهل العلم، وبعض المسلمين علم أن هناك رأيا يجيز الحرب في الأشهر الحرم، وإذا كان ذلك صحيحا، فهل أجاز العلماء الظلم، وهل لم يحرم الإسلام الاعتداء و الطغيان والقتل بدون وجه حق طوال العام!

ولذلك نذكر أنفسنا بحرمة هذه الأشهر ونتعرف على كيفية تعظيمها.

أهل الجاهلية وتعظيم الأشهر الحرم
فقد دخلت الأشهر الحرم الثلاثة ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ومن المعروف أن لها منزلة عالية، و مكانة خاصة عند أهل الجاهلية قبل الإسلام، وأيضا عظمها القرآن وجعلها حراما.

فكان أهل الجاهلية يعرفون بقايا من دين أبي الأنبياء إبراهيم عليه السلام، ومنها حج بيت الله الحرام، وتعظيم حرمة بلد الله الآمن- مكة المكرمة- وكذلك كانوا يعرفون حرمة تلك الأشهر الحرم الأربعة، فقد كانوا يُعظِّمونها ويُعيِّر بعضهم بعضًا إذا انتُهكت حرمتها، ويظهر ذلك واضحًا في تعظيمهم للأشهر الثلاثة المتوالية، وتعظيمهم لشهر رجب بالذبح والصيام، فيحرمون القتال في هذه الأزمنة، إضافة للتوقف عن القتال مكة المكرمة، أو في الأماكن الحرام، وكان الرجل من أهل الجاهلية إذا وجد قاتل أبيه في الحرم، فلا يعتدي عليه تعظيما لهذه الأماكن المقدسة، على الرغم من أنه الرجل الذي يبحث عنه ليأخذ الثأر منه.

وأما تعظيم القرآن الكريم لهذه الأشهر، فقدقال الله تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌسورة التوبة: من الآية36. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم حينما خطب في حجة الوداع: "إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حرم، ثلاث متواليات: ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان" متفق عليه من حديث أبي بكرة رضي الله عنه.

وقد بيَّن الحديث الشريف السابق هذه الأشهر الأربعة، أنها ثلاثة أشهر متوالية وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، وشهر رجب الذي يقع بين جمادى وشعبان، وهو الشهر الذي كانت تحرمه قبيلة مضر في الجاهلية وتسميه باسمه، وليس الشهر الذي كانت تحرمه قبيلة ربيعة بدلاً منه وهو شهر رمضان؛ حيث إنهم كانوا يبدلون الأشهر الحرم حسب أهوائهم، حتى جاء الإسلام فردَّ الأمورَ إلى نصابها، وذلك كما في قوله تعالى:" .


السبب في تحريم الاقتتال في هذه الأشهر الحرم
فقد بيَّن القرآن الكريم أن السَّنَة القمرية تقسم إلى اثني عشر شهرًا، وقد اختار الله من بينها أربعة أشهر جعلها حرامًا، وبين أئمة التفسير السبب في تعظيم هذه الأشهر وجعلها حراما، يحرم الاعتداء والاقتتال فيها، ومنهم ابن كثير، فقد أوضح السبب في ذلك حتى يتمكن الحجاج من السفر وأداء شعائر الله، والعودة بعد تأدية مناسك الحج في أمان. وأما شهر رجب ليتمكن المعتمرون من أداء العمرة في شهر رجب بأمان.


كيف عظم الإسلام الأشهر الحرم:
عظَّم القرآن الكريم حرمة هذه الأشهر، كما نبَّهت السنة على ذلك، قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ (التوبة: من الآية 36).. أي أنه تعالى جعل العام اثنا عشر شهرًا، واختص من هذه الشهور أربعةً جعلها حرامًا، فهذا شرع الله المستقيم.. قال ابن عباس: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ (التوبة: من الآية 36) في الشهور كلها، ثم اختص من ذلك أربعة أشهر، فجعلهن حرامًا وعظَّم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم، كما قال قتادة (التابعي المفسر) : "إن الظلم في الأشهر الحرم أعظم خطيئةً ووزْرًا من الظلم فيما سواهن - وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا- ولكن الله يعظِّم أمره ما شاء، وأضاف قتادة أيضا: "إن الله اصطفى صفايا من خلقه، اصطفى من الملائكة رسلاً ومن الناس، واصطفى من الكلام ذكره، واصطفى من الأرض المساجد، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحُرُم، واصطفى من الأيام يوم الجمعة، واصطفى من الليالي ليلة القدر، فعظِّموا ما عظَّم الله، فإنما تعظم الأمور بما عظمها الله به عند أهل الفهم وأهل العقل". (راجع تفسير آية التوبة في تفسير ابن كثير).

وقال الإمام ابن كثير أيضا عن معنى الآية: ﴿فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ﴾ (التوبة: من الآية 36) أي في هذه الأشهر المحرمة؛ لأنها آكد وأبلغ في الإثم من غيرها، كما أن المعاصي في البلد الحرام تُضاعَف لقوله تعالى ﴿وَمَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ﴾ (سورة الحج: من الآية 25) وكذلك الشهر الحرام تُغلظ فيه الآثام؛ ولهذا تغلظ فيه الدية في مذهب الإمام الشافعي وطائفة كثيرة من العلماء.

كيف نعظِّم حرمة هذه الأشهر:
تشترك الأشهر الحُرُم الأربعة في أحكام ينبغي للمسلم أن يتعلمها ويعرف كيف يعظم هذه الأشهر الحرم؛ حتى يكون من الذين يعظِّمون حرمات الله ﴿ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ (سورة الحج: من الآية 30)، ﴿وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ﴾ (الحج: من الآية 32).

ومعنى تعظيم حرمات الله: أي اجتناب ما حرمه الله تعالى تعظيما لحدود الله. فالمؤمن الحق هو الذي يعظم حرمات الله، ويستشعر هيبته وخشيته، ويذعن لجلاله، ويخاف غيرته تعالى على حرماته، ويخاف من معصيته وغضبه ويخشى عذابه ويرجو رحمته.
ولا يتهاون بالمعصية ولا يسارع إلى الخطيئة، فمن يعظم الله تعالى؛ يعظم حرماته، ويستشعر عظمة الذنب، يقول ابن مسعود رضي الله عنه: (إنَّ الْمُؤْمِنَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَأَنَّهُ قَاعِدٌ تَحْتَ جَبَلٍ يَخَافُ أَنْ يَقَعَ عَلَيْهِ, وَإِنَّ الْفَاجِرَ يَرَى ذُنُوبَهُ كَذُبَابٍ مَرَّ عَلَى أَنْفِهِ فَقَالَ بِهِ هَكَذَا) رواه البخاري.
ويقول بلال بن سعد: "لَا تَنْظُرْ إلَى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ وَلَكِنْ اُنْظُرْ إلَى مَنْ عَصَيْتَ"أخرجه الذهبي في تلخيص العلل المتناهية.


· ومن موجبات تعظيم الله تعالى: تعظيم حرماته، وهي كل ما يجب احترامه وحفظه وصيانته ورعايته، وتشتمل جميع ما أوصى الله بتعظيمه وأمر بأدائه.

· ومن تعظيم حرمات الله تعالى: تعظيم كتابه الكريم، وتعظيم حرمة المؤمن، وحفظ دمه، وماله وعرضه، واحترام حقوقه، وعدم النيل من كرامته والتعدي عليه. قَالَ صلى الله عليه وسلم إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ بَيْنَكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا).
ويقول عبد الله بن عمر رضي الله عنه يوماً بعد ما نظر إلى الكعبة: (ما أعظمك وأعظم حرمتك، والمؤمنون عند الله أعظم حرمة منك)رواه ابن ماجه وحسنه الألباني.

· ومن تعظيم حرمات الله تعالى: تعظيم المقدسات الإسلامية، كالمسجد الحرام ومعرفة مكانته ومنزلته، وأنه أشرف البقاع على وجه الأرض وتعظيم مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، والأدب مع صاحبه وعدم رفع الصوت على سنته أو تقديم قول أحد من البشر على قوله.
· إن تعظيم حرمات الله تعالى واحترام أوامره وامتثالها ومعرفة نواهيه واجتنابها لهو طريق إلى الفلاح، وسبيل للنجاح، ودليل على الإيمان، وبرهان على الإحسان، وسبب للغفران.

فلا بد إذن من تعظيم الأشهر الحرم، والتوقف فيها عن الاعتداء والاقتتال وظلم النفس، حتى يسود السلام ويتوفر الأمن، وتنتشر السكينة في هذه الأشهر المحددة، فهي مدة زمنية يسيرة للراحة من الاقتتال، وتعظيم حرمات الله تعالى، ويكفي أن العام كله فيه أزمات واعتداءات وسفك للدماء. فلماذا نبخل على المسلمين بأن يعيشوا حياة هادئة في الأشهر الحرم، وليتمكن الحجاج من أداء المناسك ولنعظم جميعا حرمات الله. ... هاني خليفة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق